الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ليس الميدان ميدان غزّة وإسرائيل إنّه ميدان الحقّ والباطل

إنّ الفاجعة التي تحدث على يد الصهاينة وبمساعدة الأمريكيين وفي الواقع بأيديهم هي فاجعة قلّ نظيرها. لقد قُتل على أيدي هؤلاء قرابة 4000 طفل في عضون ثلاثة أسابيع! أين تجدون مثل هذا في التاريخ؟

على الأمة الإسلامية أن تعرف ماهية القضية

على الأمة الإسلامية أن تعرف ماهية القضية، وأن تشخّص الميدان. ليس الميدان ميدان غزّة و«إسرائيل»، إنّه ميدان الحقّ والباطل. الميدان ميدانُ الاستكبار والإيمان: في جانبٍ قوّة الإيمان وفي الطرف الآخر قوّة الاستكبار. طبعاً تبرز قوّة الاستكبار بالضغوط العسكريّة والقصف وارتكاب الجرائم والفجائع، [لكن] قوّة الإيمان ستتفوّق على هذه كلّها، بتوفيق من الله.

قلوبنا تعتصر دماً بسبب مصائب شعب فلسطين وبخاصة غزّة، وإننا نتألم، ولكن عندما نمعن النظر، يتبيّن أن المنتصرين في هذا الميدان هم أهالي غزة وفلسطين، هؤلاء الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات عظيمة.

أولاً استطاع أهالي غزّة بصبرهم وصمودهم ورفضهم الاستسلام إزاحة قناع حقوق الإنسان الكاذب عن وجوه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأمثالهم، وفضحوا هؤلاء. استطاع أهالي غزّة بصبرهم تحريك الضمير البشريّ. تلاحظون اليوم ما يجري في العالم، وفي الدول الغربيّة هذه، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا نفسها في مختلف الولايات، حيث يتوافد الناس بحشود غفيرة إلى الشوارع ضدّ «إسرائيل» ويُطلقون في عدد من الحالات الشعارات ضدّ أمريكا. لقد أريق ماء وجه هؤلاء. إنهم لا يملكون أيّ علاج حقّاً، ولا يمكنهم تبرير ذلك. لذا تجدون أنّ أبله يظهر ليقول: «إيران تقف خلف تجمّعات الناس في بريطانيا». لا بدّ أنّ «تعبئة لندن» فعلت هذا! «تعبئة باريس» أقدمت على هذا!.

هل مَن يدافع عن بيته إرهابيّ؟

من جملة الوقاحات التي يمارسها السياسيّون الغربيّون ووسائل الإعلام الغربيّة، وهي وقاحة حقيقيّة، أنّهم يُطلقون على المناضلين الفلسطينيّين اسم الإرهابيّين! هل مَن يدافع عن بيته إرهابيّ؟ هل هو إرهابيّ الذي يدافع عن وطنه؟ يوم جاء الألمان في الحرب العالمية الثانية واحتلوا باريس، وقاتل أهالي باريس ضد الألمان، فهل المقاتلون الفرنسيون كانوا إرهابيين؟ فكيف يكونون مناضلين ومبعث فخرٍ لفرنسا في حين أن شباب «حماس» «الجهاد الإسلامي» إرهابيون؟ وقحون! لقد فضح أهالي غزة والمناضلون الفلسطينيون الكاذبين في العالم.

من الإنجازات المهمة التي حققتها [عملية] «طوفان الأقصى» 1 أنها أثبتت كيف تتمكن مجموعة صغيرة – هؤلاء قلّة مقابل أولئك؛ عددهم أقل - بوسائل وإمكانات قليلة جداً، لكن بإيمان وعزم راسخ من أن تبخّر نتاج سنوات من جهود العدو الإجرامية وتذرها في الهواء في غضون ساعات قليلة، وتستطيع أن تذلّ الحكومات المتكبرة والمستكبرة في العالم. لقد أذلَّ الفلسطينيون الكيان الغاصب وكذلك الحكومات الاستكبارية الداعمة له بعملهم وشجاعتهم ومبادرتهم، واليوم بصبرهم. هذا درس عظيم. وبالطبع، هزت هذه الجرائمُ البشرية. لقد هزت الجميع.

ما يُتوقّع من العالم الإسلامي أكبر

قلت هذا قبل بضعة أيام2 وأكرره الآن أيضاً: ما يُتوقّع من العالم الإسلامي أكبر. فلتعلم الحكومات الإسلامية أنه إذا لم تساعد فلسطين اليوم - كل شخص يستطيع بطريقة ما أن يساعد - فستكون بذلك قد قوّت عدو فلسطين، الذي هو في الواقع عدو الإسلام والإنسانية، وسوف يتهددهم هذا الخطر نفسه غداً. إنّ ما ينبغي للحكومات الإسلاميّة أن تصرّ عليه هو الوقف الفوري لهذه الجرائم التي يرتكبها [الصهاينة] في غزة. يجب أن يتوقّف هذا القصف فوراً. فليُغلقوا مسار تصدير النّفط والبضائع إلى الكيان الصهيوني، ولتمتنع الحكومات الإسلاميّة عن التعاون الاقتصادي مع الكيان، وليستنكروا في المحافل العالميّة كافة وبصوت مرتفع هذه الجريمة وارتكاب الفجائع هذا، دون أيّ تردّد وبلا تلعثم. لا يكوننّ الأمر على هذا النحو: أن ينعقد تجمّع إسلامي أو عربي فيتكلّم بضعة من الذين يتكلّمون بأسلوب موارب أو بتلعثم. ليقولوا كلمتهم بصراحة كيّ يتّضح ما الذي يجري. ينبغي أن يُدان الكيان الصهيوني، ويجب أن يتعبّأ العالم الإسلاميّ بأجمعه ضدّ الكيان الصهيوني.

طبعاً إنّ الضربة التي تلقّاها الكيان الصّهيوني لا تُعوّض. هذا ما قلته في البداية وأؤكّده وأكرره الآن أيضاً. وقد ثبُتَ تدريجيّاً في تصريحات عناصر الكيان الصهيوني أنفسهم أنّ تلك الضربة التي تلقّوها ليست ضربة يُمكن تعويضها، ولا يستطيعون تعويضها. الكيان الصهيوني عاجز الآن ومرتبك، كما يكذب على شعبه، وما يُبديه من قلق بشأن أسراه كذب أيضاً، فالقصف الذي يمارسه يُبيد أسراه كذلك. حقيقة أنّهم يُبدون قلقهم على أسراهم تعني أنّهم يكذبون على شعبهم أيضاً. هذا الكذب ناجم عن العجز، فالكيان الصهيوني مصاب بالارتباك والعجز، ولا يعرف ماذا يفعل، وكل ما يفعله ناجم عن التخبّط، أي لا يُدرك ما عليه فعله. لو لم يكن عون أمريكا ولا يستمر، لكان الكيان الصهيوني سيصاب بالشلل في غضون بضعة أيام حتماً.

يجب ألّا ينسى العالم الإسلاميّ مَن وقف في وجه الإسلام في هذه القضيّة المهمّة

يجب ألّا ينسى العالم الإسلاميّ أنّ مَن وقف في وجه الإسلام في هذه القضيّة المهمّة والمصيريّة، وأمام شعبٍ مسلم، وأمام فلسطين المظلومة، كان أمريكا وفرنسا وبريطانيا. لا بدّ ألّا ينسى العالم الإسلامي هذا الأمر. فليدركوا هذا. ينبغي ألّا ينسوا في علاقاتهم ومعادلاتهم وتحليلاتهم مَن وقف في وجه هذا الشعب المظلوم وهؤلاء الناس المظلومين وكان يمارس الضغط عليهم. ليس الكيان الصهيوني فقط.

طبعاً، ليس لدينا شك في ﴿ ... إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... 3؛ إنه وعد إلهي. ﴿ ... وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ 4؛ احذروا من أن يزعزعكم ويوهنكم من ليسوا متيقّنين من وعد الله بنسجهم الأباطيل، واحذروا أن يوهنوكم. إنّ النصر النهائي وغير البعيد جدّاً سيكون حليف الشعب الفلسطيني وفلسطين، إن شاء الله 5 6.

 

 

  • 1. بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية السبت 2023/10/7 عملية واسعة تحت اسم «طوفان الأقصى» سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى والأسرى الصهاينة في الساعات الأولى.
  • 2. كلمة الإمام الخامنئي في 2023/10/25 خلال لقاء القائمين على المؤتمر الوطني لتكريم شهداء محافظة لرستان.
  • 3. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 5، الصفحة: 435.
  • 4. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 60، الصفحة: 410.
  • 5. مقتبس من كلمة الإمام الخامنئي بتاريخ 2023/11/1 خلال اللقاء مع طلّاب المدارس والجامعات على أعتاب اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار.
  • 6. المصدر: موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي دامت بركاته.