الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ماذا يجب أن تكون إستراتيجية العالم الإسلامي تجاه فلسطين اليوم؟

قضيّة فلسطين ليست مجرّد قضيّة إسلاميّة، بل هي إنسانيّة أيضاً. أي أن كلّ شخص في العالم، مسلم أو غير مسلم، يعلم بحقائق الأحداث في فلسطين، سيتصدى للكيان الغاصب ويواجهه. انكشف هذا العام للعالم بعضُ جرائم الكيان المغتصب لفلسطين، أي الكيان الإسرائيلي، وبعضُ المآسي التي تسبب فيها. شاهدتم أن التجمّعات الشعبيّة ومسيرات الناس في «يوم القدس» لم تكن محصورة بالعالم الإسلاميّ، فكثيرون تظاهروا أيضاً في غير العالم الإسلاميّ، وحتى في أوروبا وأمريكا نفسها، ودعموا الفلسطينيّين. [إذاً] هكذا هي القضية: قضية إنسانية. كيف يمكن لشخص أوروبي، لدى حكوماته توْق وتعلّق بالكيان الصهيوني، أن يردد شعارات في الشارع لمصلحة الشعب الفلسطيني ومناهضة للكيان الصهيوني؟ هذه مسألة مهمة جداً.

لماذا غدت الحال كذلك؟ أقول لكم: [إنها] ببركة مقاومة الشعب الفلسطيني. إن هذه المقاومة للشعب الفلسطيني في الداخل هي عامل رئيسي لهذا التقدم. كلّما ازدادت هذه المقاومة، زاد ضعفُ الكيان الصهيوني وغدت كوارثه أكثر تجلياً. إن الوضع البائس الذي يعيشه الكيان الصهيوني اليوم، إذْ إن وضع الكيان الصهيوني اليوم بائس حقاً، ناشئ من صمود الشباب الفلسطينيين؛ يشترون الصعوبات والأخطار لأنفسهم. يعتكف في القدس ذلك الحشد العظيم، ويقف الشباب في مختلف مدن الضفة الغربية أمام الجنود الصهاينة المسلحين والخبيثين، ويقدمون التضحيات لكنهم يتقدمون. لقد فعلوا ذلك حتى الآن، وسيتواصل الأمر نفسه بعد الآن أيضاً. في رأيي، إن قوة الردع لدى الكيان الصهيوني قد انتهت اليوم. ذلك الأمر نفسه الذي حذّر منه [ديفيد] بن غوريون هذا - أحد مؤسسي الكيان الصهيوني و[أول] رئيس وزراء لهذا الكيان - قبل عقود، ربما منذ نحو ستين سنة من الآن، عندما قال: حين تنتهي قوتنا الرادعة، سوف نضمحل. إن قوة الردع الآن انتهت أو شارفت على النهاية. هم أنفسهم يدركون أيضاً أن اضمحلالهم وانحلالهم باتا وشيكين إذا لم يحدث شيء [آخر]. هذا أيضاً ببركة المقاومة. إن هذا ببركة أنّ الشاب الفلسطيني استطاع أن يُضعف قوة ردع العدو بصورة متواصلة، ويقللها ويحدّ منها ويقضي عليها.

وعليه، ماذا يجب أن تكون إستراتيجية العالم الإسلامي تجاه فلسطين اليوم؟ يجب أن تكون إستراتيجية العالم الإسلامي اليوم تجاه فلسطين مساعدة تلك القوة داخل فلسطين. جبهة المقاومة أين ما كانوا جهودهم قيّمة بالطبع، مثلنا نحن الثابتين على قضية فلسطين. جهود جبهة المقاومة قيّمة، و[لكن] يجب أن تتركز هذه الجهود على تقوية العناصر المناضلة الذين يناضلون داخل فلسطين ويخاطرون بحياتهم ويتحمّلون المخاطر.

النقطة الأخيرة هي هذه، ويجب أن نلتفت إليها حقاً: ما هو سبب تصاعد النضال داخل فلسطين؟ [إنه] التوجّه نحو الإسلام. لقد رأينا من قبل أيضاً أن هذا التقدّم لم يكن مشهوداً عندما لم تكن التوجّهات الإسلاميّة مطروحة بين الفصائل الفلسطينيّة، فقد كانت بعضها شيوعية وبعضها لم تكن كذلك، لكنها لم تكن إسلامية. منذ ظهور التوجه الإسلامي في أوساط المناضلين الفلسطينيين، ومنذ تصاعد هذا التوجه يوماً بعد يوم حتى اليوم، أُحرز تقدم في نضال الفلسطينيين على هذا النحو. إذاً، إن عامل النجاح هو الإسلام. الإسلام! لقد أدرك العدو هذا أيضاً، ولذلك، ترون أنهم يناهضون الإسلام في العالم. الجميع يناهضون الإسلام بأنواع الممارسات وأشكالها. طبعاً لن تصل مناهضة الإسلام إلى نتيجة؛ ﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ﴾ 1. إنهم يسعون لكن الله المتعالي سوف يُبطل مساعيهم. هذه هي المسؤولية اليوم. لقد شخّصت الجمهورية الإسلامية هذه المسؤولية منذ البداية، وكان الإمام الخميني الجليل المبادر والرائد في هذا المسار. لقد كان الإمام الجليل يعُدّ قضية فلسطين القضية الأولى، أو بين أولى قضايا العالم الإسلامي. بدأت هذه الحركة في الجمهورية الإسلامية منذ بداية تأسيسها واستمرت، بحمد الله. ونأمل أن يشهد شعبنا العزيز وأناسنا وشبابنا اليومَ الذي سوف يتمكن فيه المسلمون من أنحاء الدول الإسلاميّة كافة من الصلاة في القدس بحريّة 2 3.

 

 

  • 1. القران الكريم: سورة الطور (52)، الآية: 42، الصفحة: 525.
  • 2. مقتبس من كلمة الإمام الخامنئي بتاريخ 22/4/2023 في لقاء مع مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّة.
  • 3. المصدر: موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي دامت بركاته.