حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
متى بدأ تفسير القرآن؟
تفسير القرآن بالمعنى الحقيقي بدأ منذ عصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، بل من بدء نزول الوحي إلّا أنّه ك «علم مدوّن» بدأ من زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام كما تجمع على ذلك أقوال المورّخين و المفسّرين، و رجال هذا العلم يصلون بسلسلة أسانيدهم إليه، و لا عجب في ذلك، فهو باب مدينة علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم.
إنّ مئات التفاسير كتبت لحدّ الآن، و بلغات مختلفة، و بأساليب و مناهج متنوعة، منها الأدبي، و الفلسفي، و الأخلاقي، و الروائي، و التأريخي، و العلمي، و كلّ واحد من المفسّرين تناول القرآن من زاوية تخصّصه.
و في هذا «بستان» مثمر و مزدهر ...، شغف أحدهم بمناظره الشاعريّة الخلّابة.
و آخر عكف على ما فيه من أشكاليات طبيعيّة ترتبط بتكوين النبات و هندسة الأزهار و عمل الجذور.
و ثالث ألفت نظره الى المواد الغذائية المستفادة منه.
و رابع اتّجه إلى دارسة الخواصّ العلاجيّة في نباتاته.
و خامس اهتمّ بكشف أسرار الخلقة في عجائب ثماره اليانعة و أوراده الملوّنة.
و سادس راح يفكّر من أيّ أزهاره يستطيع استخراج أفضل العطور.
و سابع كالنحلة لا تفكّر إلّا بامتصاص رحيق الورد لتهيئة العسل.
و هكذا روّاد طريق التّفسير القرآني، عكس كلّ منهم بما يملكه من مرآة خاصّة، مظهرا من مظاهر جمال القرآن و أسراره.
واضح أنّ كلّ هذه التفاسير في الوقت الذي تعتبر فيه تفسيرا للقرآن، إلّا أنها ليست تفسيرا للقرآن، لأنّ كلّ واحد منها يميط اللثام عن بعد من أبعاد القرآن لا عن كلّ الأبعاد، و حتى لو جمعناها لتجلّى من خلالها بعض أبعاد القرآن لا جميع أبعاده.
ذلك لأنّ القرآن كلام اللّه و فيض من علمه اللامتناهي، و كلامه مظهر لعلمه، و علمه مظهر لذاته، و كلّها لا متناهية.
من هنا، لا ينبغي أن نتوقع استطاعة البشر إدراك جميع أبعاد القرآن، فالكوز لا يسع البحر.
طبعا، ممّا لا شكّ فيه أنّنا نستطيع أن نغرف من هذا البحر الكبير ... الكبير جدا ... بقدر سعة آنية فكرنا، و من هنا كان على العلماء فرض أن لا يتوانوا في كلّ عصر و زمان عن كشف مزيد من حقائق القرآن الكريم، و أن يبذلوا جهودهم المخلصة في هذا المجال ما استطاعوا، عليهم أن يستفيدوا ممّا خلّفه الأسلاف رضوان اللّه عليهم في هذا المجال، و لكن لا يجوز لهم أن يكتفوا به،فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال عن كتاب اللّه العزيز: «لا تحصى عجائبه، و لا تبلى غرائبه»1.
- 1. المصدر: كتاب الامثل في تفسير كتاب الله المنزل، لسماحة آية الله الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.