مجموع الأصوات: 19
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1212

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

محمد بن أبي بكر

محمد بن أبي بكر، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية ، المرأة المؤمنة الصالحة المجاهدة ، وكانت من المسلمات الأوليات المهاجرات .
وهي أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوجة الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) من أمها ، كما هي شقيقة لبابة أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب ، وأخت سلمى زوجة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب في أحد ، وأخت سلامة الخثعمية ، وهن تسع وقيل عشر أخوات لأم ، ست لأم وأب وأمهن هند بنت عوف ، وقيل خولة بنت عوف .
وأسماء إحدى اللواتي سماهن الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) الأخوات المؤمنات العشر .
هاجرت أسماء بنت عميس مع زوجها الأول جعفر ابن أبي طالب إلى الحبشة قبل الهجرة ، فولدت له عبد الله ، ومحمدا ، وعونا ، وقدم بها جعفر وأولاده إلى المدينة أيام فتح خيبر ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : والله ما أدري بأيهما أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ، وأسهم له من غنائم خيبر ، ثم بعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفرا إلى حرب الروم في مؤتة ، قائدا وبعث زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة خلفا من بعده على القيادة .

فقد عقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لواء الجيش لجعفر بن أبي طالب ، وقال : إذا استشهد جعفر فزيد بن حارثة بعده ، وإن قتل زيد فعبد الله بن رواحة ، فلما خاض جعفر غمار الحرب وأبلى بلاء حسنا وكان حامل لوائها قطعت يمينه فأخذ اللواء بشماله فقطعت ، فوقع اللواء على الأرض وسقط جعفر صريعا شهيدا فسماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكناه جعفر الطيار ، عوضه الله سبحانه جناحين يطير بهما في الجنة .
ثم رفع اللواء من بعده زيد بن حارثة ، وخاض مع الروم المشركين حرب ضارية غير متكافئة العدة والعدد فاستشهد ، فحملها من بعده عبد الله بن رواحة وجاهد جهاد الأبطال ، فاستشهد صريعا في حومة المعركة ، وباستشهادهم تزعزع الجيش ، فطلب من خالد بن الوليد أن يقود الجيش ويخوض غمار المعارك إلا أنه جبن عن مواصلة المعركة والقتال وعاد بالجيش إلى المدينة ، فصار عرضة للوم والسخرية .

ترك جعفر زوجته أسماء وثلاثة أولاد .
روى ابن سعد في طبقاته وعدد من فطاحل العلماء وأصحاب السير ، أن أبا بكر تزوج أسماء بنت عميس بعد شهادة جعفر الطيار بن أبي طالب ، فولدت له محمدا وذلك في حجة الوداع بذي الحليفة [ مسجد الشجرة ميقات أهل المدينة ] وهي خارجة مع زوجها أبا بكر إلى الحج في السنة العاشرة من الهجرة ، لخمس ليالي بقين من ذي القعدة .
ثم توفي عنها أبو بكر وترك محمدا طفلا ، فتزوجها بعده الإمام علي ( عليه السلام ) فولدت له يحيى وعونا .

فعبد الله ، ومحمد ، وعون أبناء جعفر الطيار ، ومحمد بن أبي بكر ، ويحيى وعون أبناء الإمام علي بن أبي طالب ، كلهم أخوان لأم واحدة ، تكفل تربيتهم الإمام علي ( عليه السلام ) .
وعد البرقي محمد بن أبي بكر من شرطة الخميس ، ومن الحواريين للإمام علي ( عليه السلام ) وأصفيائه ومن السابقين المقربين ، وكان ذا فضل وعبادة .
كان مع الإمام خمسة رجال بارزين من قريش محمد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس الخثعمية ، هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال ، جعدة بن هبيرة المخزومي أمه " فاختة " أخت الإمام علي ( عليه السلام ) محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن الربيع ، خالد بن سعيد بن العاص بن ربيعة من بني أمية .
عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) بعد حذف السند قال :
كان عمار بن ياسر ، ومحمد بن أبي بكر لا يرضون أن يعصى الله في الأرض .
ويروى أن محمد بن أبي بكر من المحامدة الأربعة الذين يأبون أن يعصى الله عز وجل ، وهم محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن علي بن أبي طالب ، المعروف بابن الحنفية ، ومحمد بن أبي حذيفة ، ومحمد بن جعفر بن أبي طالب الطيار .

ولد محمد بن أبي بكر في حجة الوداع ، خرجت به أمه حاجة مع زوجها أبي بكر فوضعته بذي حليفة ، " مسجد الشجرة " لخمس بقين من ذي القعدة في حجة الوداع تربى وترعرع في حجر الإمام علي ( عليه السلام ) بعد ما تزوج أمه أسماء بنت عميس بعد وفاة أبي بكر .
شهد محمد بن أبي بكر مع الإمام علي ( عليه السلام ) وقعتي الجمل بالبصرة ، وصفين ، وكان قائدا على الرجالة ، ثم بعثه الإمام إلى مصر واليا من قبله فقتل فيها ، وسيأتي تفصيل ذلك وفي سنة 38 هجرية ، زحفت على مصر جيوش الشام فقاتلهم محمد قتال الأبطال فقتل فيها ، كان يسمى أبا القاسم . ذكر ذلك جملة من الأعلام وأصحاب السير والتاريخ 1.

في حرب الجمل بالبصرة خاض محمد بن أبي بكر حرب ضارية ضد أخته " عائشة بنت أبي بكر " ، وطلحة ، والزبير الناكثين ، وكان على الرجالة في جيش الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ولما اشتد القتال ، واشتعلت نار الحرب ، وحصدت الرؤوس ، وقطعت الأيدي نادى الإمام ( عليه السلام ) ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج اعقروا الجمل فإنه شيطان ، وإلا فنيت العرب ، ولا يزال السيف قائما وراكعا يحصد الرؤوس حتى تقدم عمار بن ياسر ، ومالك الأشتر ، ومحمد بن أبي بكر ، فضربا عجز الجمل فوقع لحينه .

وضرب بجرانه الأرض ، وعج عجيجا لم يسمع بأشد منه ، فما هو إلا وصرع حتى فر الرجال من حوله فرار المعزى من الأسد ، وطار كالجراد في الرياح العاتية الشديدة وسقط الهودج ، فصاح الإمام ( عليه السلام ) إقطعوا البطان ، فقطعه محمد بن أبي بكر " أخو عائشة " وأخرج الهودج .
فقالت عائشة : من أنت ؟
فقال محمد : أبغض أهلك إليك ، فقالت ابن الخثعمية ؟
فقال محمد : نعم ولم تكن دون أمهاتك .
فقالت عائشة : لعمري بل هي شريفة ، دع هذا ، الحمد لله الذي سلمك .
فقال محمد : قد كان ذلك ما تكرهين .
فقالت عائشة : يا أخي لو كرهته ما قلت الذي قلته .
فقال محمد : كنت تحبين الظفر وإني قتلت ؟

فقالت عائشة : قد كنت أحب ذلك ، ولكنه لما صرنا إلى ما صرنا إليه أحببت سلامتك لقرابتي منك ، فاكفف ، ولا تعقب الأمور ، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة .
وجاء الإمام ( عليه السلام ) وقرع الهودج برمحه وقال يا حميراء : بهذا أوصاك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟
فقالت : يا ابن أبي طالب ملكت فاصفح ، وظفرت فاسجع .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : والله ما أدري متى أشفي غيظي ؟
أحين أقدر على الانتقام يقال لي لو غفرت ؟ أم حين أعجز من الانتقام فيقال لي : لو صبرت بلى أصبر ، فإن لكل شئ زكاة ، وزكاة القدرة والمكنة العفو والصفح ، ثم التفت ( عليه السلام ) إلى محمد بن أبي بكر وقال : شأنك بأختك فلا يدن منها أحد سواك ، وأمر الإمام فاحتملت عائشة بهودجها إلى دار عبد الله بن خلف في البصرة ، وأمر الجمل أن يحرق ، ثم يذر رماده في الريح ، وأشار إلى الجمل وقال : لعنه الله من دابة ، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل .

وشهد محمد بن أبي بكر مع الإمام علي ( عليه السلام ) حرب صفين ، ثم ولاه مصر فقتل بها .
وكان ممن حضر دار عثمان بن عفان ، ودخل عليه ليقتله فقال له عثمان لو رآك أبوك لساءه فعلك ، فتركه وخرج .
وفي آخر كتاب بعثه الإمام علي ( عليه السلام ) إلى أهل مصر جاء فيه : ومحمد بن أبي بكر أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمد أميركم ، واثبتوا على طاعته ، تردوا حوض نبيكم ( صلى الله عليه وآله ) أعاننا الله وإياكم على ما يرضيه ، والسلام 2.
ولما ولي محمد بن أبي بكر مصر ، بعث معاوية عمرو بن العاص بجيش جرار من أهل الشام فاقتتلوا قتالا شديدا ، وضاريا ، اندحر جيش محمد بن أبي بكر بعد مقتل قائده كنانة بن بشر ، وانهزم الباقون ، فوجد محمد نفسه وحيدا في الميدان إلا القلة ، فانسحب ودخل في مكمن ، فأخرج منها ، وجيئ به إلى عمرو بن العاص ، فقتل صبرا ووضع جسده في جوف حمار ميت وأحرق ، وقد قتله قائد جيش أهل الشام معاوية بن خديج السكوني بأمر من أميره عمرو بن العاص لعنه الله . وكان ذلك في سنة ثمان وثلاثين هجرية في خلافة الإمام علي ( عليه السلام ) 632 - 658 ميلادية وكان عمره الشريف ثمانية وعشرين سنة وكانت مدة ولايته خمسة أشهر 3 4.

  • 1. السيد الخوئي في معجم الرجال : 14 / 230 ، وابن سعد في طبقات ، والشيخ المفيد في أماليه المجلس 31 حديث 3 ، والزركلي في أعلامه : 6 / 219 ، وفي الولاة والقضاة : 26 - 31 ، وابن الأثير في تاريخه 3 / 140 ، والطبري في تاريخه 6 / 25 ، وابن أياس : 1 / 348 ، وفي الاستيعاب على هامش الإصابة : 3 / 348 .
  • 2. أمالي الشيخ المفيد المجلس 31 حديث 3 .
  • 3. الولاة والقضاة : 26 - 31 ، وابن الأثير في تاريخه : 3 / 140 ، والطبري في تاريخه 6 / 53 .
  • 4. المصدر: كتاب الأعلام من الصحابة والتابعين، تأليف الحاج حسين الشاكري رحمه الله.