نشر قبل 18 سنة
مجموع الأصوات: 201
القراءات: 14522

السائل: 

ام قاسم عاشقة الحسين

العمر: 

28

المستوى الدراسي: 

الدولة: 

المدينة: 

المنامه

{ وان منكم الا واردها } ، هذه الآية الكريمة ادخلت في نفسي الحيرة هل كل انسان سوف يدخل النار ... ؟

السوال: 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

لقد سبق و ان سالتكم هذا السؤال و لم تردوا على سؤآلي

{ وان منكم الا واردها } ، هذه الآية الكريمة ادخلت في نفسي الحيرة هل كل انسان سوف يدخل النار العاصي و العابد ؟ ارجو الرد على السريع ان امكن .

الجواب: 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :

قال الله عزَّ و جل : { وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } ، ( سورة مريم : 71 و 72 ) .

قال المفسر الكبير العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) في تفسير هذه الآية في كتابه " مجمع البيان " ما نصه :

ثم بين سبحانه أحوالهم يوم الحشر فقال { و إن منكم إلا واردها } أي ما منكم أحد إلا واردها ، و الهاء في واردها راجعة إلى جهنم ، و اختلف العلماء في معنى الورود على قولين :

أحدهما : أن ورودها هو الوصول إليها و الإشراف عليها لا الدخول فيها ، و هو قول ابن مسعود و الحسن و قتادة ، و اختاره أبو مسلم ، و استدلوا على ذلك بقوله تعالى { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ } ، و قوله تعالى : { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ } ، و بأنك تقول : " وردت بلد كذا و ماء كذا " أي أشرفت عليه دخلته أو لم تدخله ، و في أمثال العرب إن ترد الماء بماء أكيس و قال زهير :

فلما وردن الماء زرقا جمامة وضعن عصي الحاضر المتخيم

أراد فلما بلغن الماء أقمن عليه قال الزجاج : و الحجة القاطعة في ذلك قوله سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } فهذا يدل

على أن أهل الحسنى لا يدخلونها ، قالوا فمعناه إنهم واردون حول جهنم للمحاسبة ، و يدل عليه قوله : {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا } ، ثم يدخل النار من هو أهلها ، و قال بعضهم معناه إنهم واردون عرصة القيامة التي تجمع كل بر و فاجر .

و الآخر : أن ورودها بمعنى دخولها بدلالة قوله تعالى : {فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ } ، و قوله : { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } و هو قول ابن عباس و جابر و أكثر المفسرين ، و يدل عليه قوله : { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } و لم يقل و ندخل الظالمين ، و إنما يقال نذر و نترك للشي‏ء الذي قد حصل في مكانه ، ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم إنه للمشركين خاصة و يكون قوله { و إن منكم } المراد به منهم كما قال سبحانه : { و سقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء } أي لهم ، و روي في الشواذ عن ابن عباس أنه قرأ و إن منهم ، و قال الأكثرون إنه خطاب لجميع المكلفين فلا يبقى بر و لا فاجر إلا و يدخلها فيكون بردا و سلاما على المؤمنين و عذابا لازما للكافرين .

قال السدي : سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم فأولهم كلمع البرق ، ثم كمر الريح ، ثم كحضر الفرس ، ثم كالراكب ، ثم كشد الرجل ، ثم كمشيه .

و روى أبو صالح غالب بن سليمان ، عن كثير بن زياد ، عن أبي سمينة قال : اختلفا في الورود ، فقال قوم لا يدخلها مؤمن ، و قال آخرون يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا ، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومى بإصبعيه إلى أذنيه و قال صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول الورود الدخول ، لا يبقى بر و لا فاجر إلا يدخلها فتكون على المؤمنين بردا و سلاما كما كانت على إبراهيم ، حتى أن للنار ـ أو قال لجهنم ـ ضجيجا من بردها { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } .

و روي مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : تقول النار للمؤمن يوم القيامة جُز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي .

و روي عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أنه سئل عن معنى الآية فقال : إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد و يجمع عليها الخلق ثم ينادي المنادي أن خذي أصحابك و ذري أصحابي ، قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : فو الذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها .

و روي عن الحسن أنه رأى رجلا يضحك فقال هل علمت أنك وارد النار ؟!

قال : نعم .

قال : و هل علمت أنك خارج منها ؟

قال : لا .

قال : فبم هذا الضحك ؟!

و كان الحسن لم ير ضاحكا قط حتى مات .

و قيل أن الفائدة في ذلك ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار و ما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه و كمال لطفه و إحسانه إليه فيزداد لذلك فرحا و سرورا بالجنة و نعيمها ، و لا يدخل أحد النار حتى يطلعه على الجنة و ما فيها من أنواع النعيم و الثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له حسرة على ما فاته من الجنة و نعيمها .