حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ما نزل في سورة البقرة في شأن فاطمة عليها السلام
قوله تعالى:
﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ 1
في تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ فخلق خمسة من نور جلاله، وجعل لكل واحد منهم اسما من أسمائه للمنزلة، فهو الحميد وسمي النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الأعلى وسمي أمير المؤمنين عليا، وله الأسماء الحسنى فاشتق حسنا وحسينا، وهو فاطر فاشتق لفاطمة من أسمائه اسما، فلما خلقهم جعلهم في الميثاق فإنهم عن يمين العرش، وخلق الملائكة من نور، فلما أن نظروا إليهم عظموا أمرهم وشأنهم، ولقنوا التسبيح فذلك قوله: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ 2 فلما خلق الله تعالى آدم صلواته وسلامه عليه نظر إليهم عن يمين العرش فقال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هؤلاء صفوتي وخاصتي خلقتهم من نور جلالي، وشققت لهم اسما من أسمائي، قال:
يا رب فبحقك عليهم علمني أسماءهم، قال: يا آدم فهم عندك أمانة، سر من سري لا يطلع عليه غيرك إلا بأذني، قال: نعم يا رب، قال: يا آدم أعطني على ذلك العهد فأخذ عليه العهد، ثم علمهم أسماءهم، ثم عرضهم على الملائكة ولم يكن علمهم بأسمائهم ﴿ ... فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ... ﴾ 3... الحديث 4.
ورواه الصدوق في معاني الأخبار بألفاظ مختلفة عن أبي عبد الله (عليه السلام)5. بيان:
والآية في مقام الاستخلاف، وبيان قصة الخلق، إذ كان لخلق آدم استنكار من قبل الملائكة، لا على سبيل الاعتراض، بل على سبيل استنكار وجود من يكون سببا للإفساد وسفك الدماء، حرصا منهم على أن لا يكون ذلك، فخفاء مصلحة الخلقة جعلهم في معرض الامتحان بعد ما صدر عنهم ذلك، ولغرض بيان كرامة آدم (عليه السلام)، أطلعه الله على سره المصون الذي أخفاه عن ملائكته، ولمقتضيات استخلاف آدم في الأرض فله أن يعلم خلفاءه من ذريته وشؤون ما يتعلق بهذه الخلافة الإلهية، فلما اطلع آدم على ما رآه من الأنوار المحدقة بالعرش، سأل الله تعالى أن يعلمه أسماءهم، فلما أعلمه ذلك عرضهم على الملائكة فتحيروا ولم يجيبوا، وأرجعوا أمر ذلك إلى الله تعالى اعترافا منهم بربوبيته وعظمته، ومن جهة أخرى اعترافا منهم بعجزهم وجهلهم إلا ما أطلعهم عليه تعالى.
إذن فقد كانت لمعرفة " هؤلاء " تشريفا لآدم على الملائكة الذين جهلوا أمرهم فضلا عن أسمائهم، فمعرفة الأسماء كان سببا لشرف الاستخلاف وتميزا لآدم (عليه السلام) على الملائكة، مما يعني شدة العناية الإلهية بأسماء من كانت معرفتهم سببا لنيل شرف الخلافة في الأرض، ولا يراد من أسماء هؤلاء الذين اطلع عليهم آدم، الأودية والجبال والأنهار والطيور وغيرها كما ذهب إليه أكثرهم، بل أراد تعالى أن يطلع أكرم خلقه على أكرم خلقه، أي أن يطلع آدم الذي كرمه على الملائكة في المعرفة لاستحقاق الاستخلاف في الأرض على أكرم ما خلقه الله تعالى ممن كانت معرفتهم سببا في تشريف آدم على الملائكة، وهم الأنوار المحدقة بالعرش " محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين " عليهم صلوات الله أجمعين، إذ مقتضى التكريم لآدم أن يكون قد اطلع على مكنون خلقه تعالى وأشرفهم عنده، فضلا عن مقتضى الاستخلاف ليطلع على شؤون الأرض وما يجري عليها من أمر الخلافة الإلهية المقدسة. ومما يؤيد ذلك استخدام كلمة " هؤلاء " التي تفيد الإشارة إلى العاقل، إذ استخدامها لغير العاقل شاذ نادر، والقرآن حافل باستخدامه
كلمة هؤلاء للعاقل، منها قوله تعالى: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ... ﴾ 6 وقوله تعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ 7، وقوله تعالى: ﴿ قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ 8، وقوله تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ 9، إلى غيرها من الآيات التي كانت قاعدة في استخدام " هؤلاء " للعاقل، ولا يصار إلى الشاذ النادر، مما يعني أن " أسماء هؤلاء " إشارة إلى هؤلاء الخمسة المحدقين بالعرش، ويؤيده ما ورد من الأحاديث النورانية عنهم صلوات الله عليهم.
منها ما ورد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخاطب عليا (عليه السلام) ويقول: يا علي إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه، فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله... الحديث 10.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله تعالى خلق أربعة عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام فقيل له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدهم بأسمائهم فمن هؤلاء الأربعة عشر نورا؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين وتاسعهم قائمهم ثم عدهم بأسمائهم... الحديث 11 إلى غير ذلك من الصحاح الحاكية عن نورانيتهم صلوات الله عليهم أجمعين.
ولا ينافي ما ورد في بعض الأخبار من أن الأسماء التي اطلع عليها آدم هي أسماء الأودية والأنهار والجبال والأشجار وما خلق الله من الأنبياء، فلعل معرفة ذلك بعد اطلاعه على أسماء الخمسة، وإشارة القرآن الكريم إليهم من باب التعظيم، وكونهم أشرف مصاديق الاستخلاف.
قوله تعالى:
﴿ فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ... ﴾ 12
في تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي، أخرج عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من الجنة أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا آدم ادع ربك.
فقال: حبيبي جبرئيل ما أدعو؟
قال: قل ربي أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلا ما تبت علي ورحمتني.
فقال له آدم (عليه السلام): يا جبرئيل سمهم لي.
قال: قل ربي أسألك بحق محمد نبيك وبحق علي وصي نبيك وبحق فاطمة بنت نبيك، وبحق الحسن والحسين سبطي نبيك، إلا ما تبت علي ورحمتني.
فدعا بهن آدم فتاب الله عليه.
وذلك قوله تعالى: ﴿ فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ... ﴾ 12.
وما من عبد مكروب يخلص النية ويدعو بهن إلا استجاب الله له 13. وقد مر تحقيق في الكلمات الخمسة، وسيأتي تحقيق آخر في معنى الكلمات التي امتحن الله إبراهيم بها.
قوله تعالى:
﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ... ﴾ 14
في ينابيع المودة للقندوزي الحنفي عن المفضل قال: سألت جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن قوله عز وجل: *﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ... ﴾ 14*.
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال:
يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم.
فقلت: بابن رسول الله، ما يعني بقوله: " فأتمهن "؟
قال: يعني أتمهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماما تسعة من الحسين 15.
وأخرجه الصدوق في الخصال عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)16. بيان:
والابتلاء هو الامتحان والاختبار، إذ امتحن الله تعالى إبراهيم بعهود ومواثيق وأوامر، كالنار، والهجرة، والتضحية بابنه إسماعيل إلى غير ذلك من الأمور، والرواية هنا ناظرة إلى أشرف ما أخذ على إبراهيم من العهد بمعرفة مقام خاتم النبوة وأوصيائه (عليهم السلام)، إذ مقتضى مقام الآية الإخبار عما وقع لإبراهيم من شرف الاختبار على سبيل التسليم لما سيأتي من حجج الله تعالى، الذين كانوا مدخرين في غيبه تعالى، فتسليم إبراهيم لهؤلاء الحجج هو تسليمه لغيبه تعالى، وهذا من أعظم ما ابتلي به إبراهيم من أخذ الميثاق لهم (عليهم السلام)، فالآية في مقام جعل الإمامة لإبراهيم (عليه السلام)، والأنسب في الاختبار ما تعلق بشؤون الإمامة، والتي أشرف مصاديقها وأكرمها عند الله تعالى هم محمد وآل بيته الطاهرون عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، وقد دلت على ذلك بعض أخبار الميثاق.
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية ولك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالولاية...17 والكلمة وإن تطلق على لفظ يفيد معنى إلا أن إطلاقها على الوجود الخارجي ليس بعزيز، فقد أطلق تعالى على المسيح بن مريم بأنه " كلمة " كما في قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ 18 .
فإمكان إطلاق الكلمة عليه لعله لمناسبة إمكانية الاهتداء به، كما يهدي الله تعالى بكلماته، وكذلك إطلاق الكلمات على حجج الله تعالى من باب تشبيههم بكلمات الله التي يهتدي بها المهتدون، وقد أطلق عليهم كلمات الله التامة في كثير من الأخبار والزيارات الخاصة بهم عليهم صلوات الله وسلامه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ... ﴾ 19 فظاهر استخدام " الكلمة " هنا هي الإمامة، إذ لا يناسب أن يكون الضمير راجعا إلى إبراهيم - كما أرجع بعضهم الضمير بعناية التوحيد - أي جعل إبراهيم التوحيد باقيا في عقبه، وهذا مما ينافي الجعل المقصود في الآية، إذ الجعل الذي جعله الله تعالى في عقب إبراهيم هو التشريف الذي استحقه بتوحيده، وهي الإمامة التي كانت جزاء على توحيده لله تعالى واستنكارا على قومه وما يعبدون من دون الله الواحد الأحد، فكان حقا محلا كريما لكون الإمامة وهي أشرف الأشياء في عقب إبراهيم (عليه السلام).
وقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة.
ولا منافاة فيمن التزم بأن الكلمات هي الحنيفية، وهي الطهارة كأخذ الشارب وإعفاء اللحى والسواك والخلال إلى آخره، إذ أن ذلك بيان لسير الكمال الذي سلكه إبراهيم (عليه السلام)، ومعرفته لحجج الله تعالى من أوضح مصاديق كماله الذي خصه به الله تعالى.
قوله تعالى:
﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ 20
في الكافي بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿ ... آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ... ﴾ 21 قال: إنما عنى بذلك عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجرت بعدهم في الأئمة (عليهم السلام) ثم يرجع القول من الله في الناس، فقال: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا ... ﴾ 22 يعني الناس ﴿ ... بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ ... ﴾ 22 يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) فقد اهتدوا، وإن تولوا فإنما هم في شقاق، قال عز من قائل: فإنما هم في شقاق 23. بيان:
جعلت الآية إيمان علي وفاطمة والحسن والحسين بما أنزل إليهم وما أوتي جميع النبيين دالة على صحة إيمان المؤمنين، إذ طاعتهم لله وتسليمهم بما أنزل إليهم مظهرا تاما من مظاهر العبودية لله تعالى والطاعة الحقة له جل وعلا، مما يوجب اتباعهم واقتفاء أثرهم والتمسك بولايتهم، فإن آمنوا بولايتكم فقد اهتدوا، وإن تولوا عنكم فإنهم في شقاقهم يعمهون، ولا يضركم ذلك فأنتم مظاهر طاعة الله وعبوديته فإن الله سيتولى أمر من تولى عنكم فهو سميع بما يقولون، عليم بما يتولون.
قوله تعالى:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ 24
في تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام):
قال: الصلاة رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) والوسطى أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقوموا لله قانتين: طائعين للأئمة (عليهم السلام)25.
وفي البرهان عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله 26. بيان:
لا مشاحة في إطلاق الصلاة في الآية على العمل الاصطلاحي الذي يشمل الأجزاء والأركان لهذا المركب العبادي، وبين الصلاة هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) إذ الصلاة هي الوسيلة المقربة لله تعالى، فإن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها، وكذلك ولايتهم (عليهم السلام) فبها تقبل أعمال المؤمن وترفع بواسطتها إلى الله تعالى.
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد السلام يقرئك السلام، ويقول: خلقت السماوات السبع وما فيهن والأرضين السبع وما عليهن وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدا دعاني هناك منذ خلقت السماوات والأرضين ثم لقيني جاحدا لولاية علي لأكببته في سقر 27. وإذا كانت الصلاة معراج المؤمن فإن ولايتهم هي العروج الذي به تقبل الأعمال من صلاة أو صيام أو حج أو زكاة.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله عن الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض وعن الحج المفروض وعن ولايتنا أهل البيت، فإن أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عز وجل منه شيئا من أعماله 28. وإذا كانت الصلاة عمود الدين، فبولايتهم يستقيم العمل وتقبل الطاعة ويقوم الدين وأمره، وإذا كانت الصلاة لا تترك بحال إذ ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة، فإن ولايتهم لا تترك بحال، فعن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ناصب عليا حارب الله ومن شك في علي فهو كافر 28. فكما أن الصلوات هي الوسائط المقربة إلى الله تعالى والموصلة إليه فكذلك ولايتهم صلوات الله عليهم.
ومادة حفظ تأتي بمعنى المواظبة على الشئ والاقبال عليه، فوجوب المحافظة على ولايتهم كوجوب التعهد والمحافظة على الصلاة.
وقوله (عليه السلام): قوموا لله قانتين أي طائعين للأئمة، فإن مادة " قوم " تدل على الثبوت والعزم والاستقامة، فكما يجب على المؤمن الثبات على صلاته فكذلك يجب عليه ثباته على ولايتهم (عليهم السلام).
والقنوت هو الخشوع والخضوع وتأتي بمعنى التسليم أيضا، أي التسليم لولايتهم والخضوع بالتصديق لهم والأخذ عنهم صلوات الله عليهم أجمعين 29.
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 31 و 32، الصفحة: 6.
- 2. القران الكريم: سورة الصافات (37)، الآية: 165 و 166، الصفحة: 452.
- 3. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآيات: 31 - 33، الصفحة: 6.
- 4. تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: 56، والبرهان في تفسير القرآن للمحدث البحراني 1: 73.
- 5. معاني الأخبار: 55 ط جماعة المدرسين 1379 ه.
- 6. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 143، الصفحة: 101.
- 7. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 53، الصفحة: 134.
- 8. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 71، الصفحة: 266.
- 9. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 20، الصفحة: 284.
- 10. البحار 25: 3.
- 11. البحار 25: 5.
- 12. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 37، الصفحة: 6.
- 13. تفسير فرات الكوفي: 85 وزارة الإرشاد الإسلامي طبعة ثانية 1416 ه.
- 14. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.
- 15. ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 97.
- 16. الخصال للصدوق 1: 304 جماعة المدرسين 1403 ه.
- 17. البحار 15: 18.
- 18. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 45، الصفحة: 55.
- 19. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 28، الصفحة: 491.
- 20. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 136 و 137، الصفحة: 21.
- 21. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 136، الصفحة: 21.
- 22. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 137، الصفحة: 21.
- 23. الكافي 1: 415 حديث 19.
- 24. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 238، الصفحة: 39.
- 25. تفسير العياشي 1: 128.
- 26. البرهان في تفسير القرآن 1: 231.
- 27. البحار 27: 167.
- 28. a. b. نفس المصدر.
- 29. المصدر: کتاب ما نزل من القرآن في شأن فاطمة(ع)ِ لسماحة السيد محمد علي الحلو.