نشر قبل 8 سنوات
مجموع الأصوات: 75
القراءات: 11050

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

رجم اليهوديين حقيقة أم خيال ؟!

نص الشبهة: 

ويقولون : إن بعض الآيات القرآنية قد نزلت في مناسبة ترتبط باليهود ، وموقفهم من الرجم في الزنى ، والآيات في سورة المائدة ، وهي التالية : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إلى آخر الآيات رقم 50 .

الجواب: 

وأما القصة التي يقال: إن الآيات نزلت من أجلها ؛ فإن نصوصها شديدة الاختلاف ، بينة التهافت ، ونحن نذكر خلاصات عنها على النحو التالي .

نص الرواية

ذكروا : أنه في ذي القعدة من السنة الرابعة رجم رسول الله «صلى الله عليه وآله» يهودياً ويهودية زنيا ، ونزل في هذه المناسبة قوله تعالى : ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 12 .
وقيل : بل كان ذلك في شوال من السنة الرابعة 3 .
وعن أبي هريرة : أن ذلك كان حين قدوم النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة 4 . وللرواية نصوص متعددة ومختلفة نذكر منها :
1 ـ عن ابن عمر : إن اليهود أتوا النبي «صلى الله عليه وآله» برجل وامرأة منهم قد زنيا ؛ فقال : ما تجدون في كتابكم ؟ . «وحسب نص آخر عنه : كيف تفعلون بمن زنى منكم ؟» .
فقالوا : نسخّم وجوههما ، ويخزيان . .
وفي نص آخر عنه : «نفضحهم ، ويجلدون ، وفي نص ثالث أيضاً : نحممهما ، ونضربهما» ، فسألهم : إن كانوا يجدون الرجم في التوراة ، فأنكروا .
فقال «صلى الله عليه وآله» : كذبتم ، إن فيها الرجم ؛ فأتوا بالتوراة ؛ فاتلوها إن كنتم صادقين .
وفي نص آخر : عن ابن عمر أيضاً : «أن ابن سلام قال لهم ذلك» . فجاؤوا بالتوراة ، وجاؤوا بقارئ لهم أعور ، يقال له : ابن صوريا .
وفي نص آخر عنه : «فدعا ـ أي النبي «صلى الله عليه وآله» ـ ابن صوريا» .
فقرأ ، حتى انتهى إلى موضع منها ، وضع يده عليه ؛ فقيل له : وفي نص آخر «فقال له ابن سلام» ارفع يدك ، فرفع يده ، فإذا هي تلوح ؛ فقال : أو قالوا : إن فيها الرجم ، ولكنا كنا نتكاتمه بيننا ، فأمر بهما رسول الله «صلى الله عليه وآله» فرجما .
وفي نص آخر عنه : «فرجمهما رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، بالبلاط» .
وفي نص ثالث عنه أيضاً : «أنهما رجما قريباً من حيث توضع الجنائز في المسجد» .
قال : فلقد رأيته يجانئ عليها ، يقيها الحجارة بنفسه 5 .
2 ـ وفي نص آخر : إن اليهود دعوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى القف 6 ، فأتاهم في بيت المدارس فقالوا : يا أبا القاسم ، إن رجلاً منا زنى بامرأة فاحكم . فوضعوا للرسول «صلى الله عليه وآله» وسادة فجلس عليها ، ثم قال : ائتوني بالتوراة .
فأتي بها .
فنزع الوسادة من تحته ، فوضع التوراة عليها ، ثم قال : آمنت بك ، وبمن أنزلك .
ثم قال : ائتوني بأعلمكم .
فأتي بفتى شاب .
ثم ذكر قصة الرجم 7 .
3 ـ في نص آخر : عن البراء بن عازب قال : مر النبي «صلى الله عليه وآله» بيهودي محمم مجلود 8 فدعاهم ؛ فقال : هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني ؟
قالوا : نعم .
فدعا رجلاً من علمائهم فقال : أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، أهكذا تجدون حد الزنى ؟
قال : لا ، ولولا أنك نشدتني لم أخبرك ، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد .
ثم تذكر الرواية اختيارهم هذا الحل .
إلى أن تقول الرواية : وأمر به فرجم فأنزل الله : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... 9إلى قوله : ﴿ ... يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ ... 9 إلى قوله : ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ 10.
قال : في اليهود ، إلى قوله : ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 1.
قال : في اليهود وإلى قوله : ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 11 12 .
4 ـ وفي رواية عن جابر : جاءت اليهود برجل منهم وامرأة زنيا ؛ فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ائتوني بأعلم رجلين فيكم ؛ فأتوه بابني صوريا .
ثم تذكر الرواية مناشدته «صلى الله عليه وآله» لهما ، وإقرارهما بالرجم في التوراة ، إذا شهد أربعة أنهم نظروا إليه مثل الميل في المكحلة .
إلى أن قالت الرواية : فدعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالشهود فجاء أربعة فشهدوا ، فأمر برجمهما 13 .
5 ـ وفي نص آخر ، عن الإمام الباقر «عليه السلام» ما ملخصه : أن المرأة كانت من خيبر ، وكانت ذات شرف ، زنت مع آخر من أشرافهم ، وكانا محصنين ، فكرهوا رجمهما ؛ فأرسلوا إلى يهود المدينة ليسألوا النبي «صلى الله عليه وآله» طمعاً في أن يأتيهم برخصة ؛ فانطلق قوم منهم كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد بن عمرو ، وشعبة ومالك بن الصيف ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وغيرهم ، فسألوه ، فنزل جبرئيل بالرجم ، فأخبرهم ، فأبوا ، فقال له جبرئيل : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا . وهو شاب أمرد أبيض أعور يسكن بفدك ، فناشده «صلى الله عليه وآله» أن يخبره عن الرجم في التوراة ، فاعترف به ، إذا شهد أربعة شهداء بالرؤية المباشرة ، ثم كان سؤال وجواب .
ثم أمر النبي «صلى الله عليه وآله» بهما فرجما عند باب مسجده .
فأنزل الله : ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ... 14.
ثم تذكر الرواية طلب ابن صوريا من النبي «صلى الله عليه وآله» أن لا يذكر الكثير الذي عفا عنه في الآية ، فاستجاب لطلبهم ، ثم سأله ابن صوريا بعض الأسئلة ، ثم أسلم ، فوقعت فيه اليهود ، وشتموه ، فلما أرادوا أن ينهضوا تعلقت بنو قريظة ببني النضير .
ثم تذكر الرواية ما سيأتي من قضية القود والدية والتحميم والتجبيه عند قتل واحد من هذه القبيلة أو تلك ، فانتظر 15 .
6 ـ وعن ابن عباس : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أمر برجمهما عند باب المسجد ؛ فلما وجد اليهودي مس الحجارة أقام على صاحبته ، فحنى عليها يقيها الحجارة حتى قتلا جميعاً ؛ فكان مما صنع الله لرسوله «صلى الله عليه وآله» في تحقيق الزنى منهما .
وعند الطبراني : أن النبي «صلى الله عليه وآله» أتي بيهودي ويهودية قد أحصنا ، فسألوه أن يحكم بينهما بالرجم ، فرجمهما في فناء المسجد 16 .
7 ـ وفي نص آخر عنه : أن رهطاً أتوا النبي «صلى الله عليه وآله» ، جاؤوا معهم بامرأة ، فقالوا : يا محمد ، ما أنزل عليك بالزنى ؟
فقال : اذهبوا فائتوني برجلين من علماء بني إسرائيل ، فذهبوا فأتوه برجلين أحدهما شاب فصيح ، والآخر شيخ قد سقط حاجبه على عينيه ، حتى يرفعهما بعصابة ، فناشدهما أن يخبراه بما أنزل الله على موسى في الزاني ، فأخبراه بنزول الرجم . .
إلى أن تقول الرواية :
فقال : اذهبوا بصاحبتكم ؛ فإذا وضعت ما في بطنها فارجموها 17 .
8 ـ وعن أبي هريرة رواية طويلة مفصلة ، وملخصها : أن يهوديين زنيا ، فقرر علماؤهم رفع أمرهما إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» ، فإن حكم بالرجم كما في التوراة خالفوه ، كما لم يزالوا يخالفونها في ذلك ، وإن حكم بما هو أخف من ذلك أخذوا به ، واعتذروا إلى الله بأنهم عملوا بفتيا نبي من أنبيائه .
فأتوه إلى المسجد ، فسألوه ؛ فلم يجبهم ، بل قام ومعه بعض المسلمين حتى أتى مدارس اليهود ، وهم يدرسون التوراة ، فقام «صلى الله عليه وآله» على الباب ، وناشدهم أن يخبروه بحكم التوراة في الزاني المحصن قالوا : يحمم ويجبّه (والتحميم تسويد الوجه ، والتجبيه : أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أقفيتهما ، ويطاف بهما) .
وسكت حبرهم الشاب . ثم اعترف للنبي بالرجم في التوراة ، ثم أمر النبي «صلى الله عليه وآله» برجمهما .
«فبلغنا : أن هذه الآية أنزلت فيه : ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ... 10وكان النبي «صلى الله عليه وآله» منهم 18 .
9 ـ وفي رواية أخرى عنه ، جاء في آخرها : فخير في ذلك ، قال : ﴿ ... فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ... 1920 .
10 ـ وعند البيهقي عنه : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة ، وقد زنى منهم رجل بعد إحصانه بامرأة من اليهود قد أحصنت ، فقالوا : انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد «صلى الله عليه وآله» فسلوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما ، فإن عمل بعملكم فيهما من التجبيه . .
إلى أن قال : فاتبعوه وصدقوه ، فإنما هو ملك ، وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه .
إلى أن تقول الرواية : إنه طلب من اليهود أن يخرجوا إليه أعلمهم ؛ فأخرجوا له ابن صوريا الأعور .
وقد روى بعض بني قريظة : أنهم أخرجوا إليه مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا .
إلى أن تقول الرواية : قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة ؛ فخلا به رسول الله «صلى الله عليه وآله» وكان غلاماً شاباًَ ، من أحدثهم سناً فألظ به المسألة رسول الله «صلى الله عليه وآله» .
ثم تذكر الرواية : «مناشدة النبي «صلى الله عليه وآله» له ، واعترافه بأن التوراة جاءت بالرجم ، فخرج «صلى الله عليه وآله» وأمر بهما ، فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ، فأنزل الله :
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... 9إلى قوله : ﴿ ... سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ... 9يعني الذين لم يأتوه وبعثوا وتخلفوا أو أمروهم بما أمروهم به من تحريف الكلم عن مواضعه ، قال : ﴿ ... يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ ... 9ـ «للتجبيه» ـ ﴿ ... وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ ... 9ـ «أي الرجم» ـ ﴿ ... فَاحْذَرُوا ... 9» 21 .

هذا . . وقد صحح القرطبي نزول الآيات بهذه المناسبة 22 وهو ما اعتمده كثير من المفسرين .
ولكن نصاً آخر ذكر أنهم سألوا النبي «صلى الله عليه وآله» فأفتاهم بالرجم فأنكروه ؛ فناشد أحبارهم فكتموا حكم الرجم إلا رجلاً من أصاغرهم أعور ، فقال : كذبوك يا رسول الله ، إنه في التوراة 23 .
11 ـ وأخيراً . . فقد نقل ابن العربي ، عن الطبري ، والثعلبي عن المفسرين ، قالوا : انطلق قوم من قريظة والنضير ، منهم كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسد ، وسعيد بن عمرو ، ومالك بن الصيف ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وشاس بن قيس ، ويوسف بن عازوراء ، فسألوا النبي «صلى الله عليه وآله» ، وكان رجل وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا ، واسم المرأة «بسرة» وكانت خيبر حينئذٍ حرباً ؛ فقال لهم : اسألوه ، فنزل جبرئيل على النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فقال : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا الخ . . 24 .

مناقشة النص

وبعد ما تقدم : فإننا نسجل على الروايات المتقدمة المؤاخذات التالية :
1 ـ إن مقارنة سريعة فيما بين هاتيك النصوص كافية للتدليل على مدى ما بينها من اختلاف وتناقض ظاهر وصريح حتى في روايات الراوي الواحد ؛ حتى إنك لا تكاد تجد فقرة إلا وثمة ما ينافرها ويناقضها ، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك بأن التصرف والتغيير لم يكن عفوياً ، وإنما ثمة تعمد للتصرف والتزوير في هذه القضية .
فلا يمكن أن تكون الحقيقة هي كل ما تقدم على الإطلاق .
ولئن استطاعت بعض التمحلات للجمع ـ وبعضها ظاهر السخف والتفاهة ـ التخفيف من حدة التنافي في بعض الموارد ؛ فإن ذلك إنما يأتي في موارد محدودة ، وتبقى عشرات الموارد الأخرى على حالها من الاختلاف والتنافر .
2 ـ ذكرت بعض الروايات نزول قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ... 925 .
في ابن صوريا الذي أسلم ، ثم كفر بعد ذلك ، أو في طائفة اليهود التي قامت بهذه اللعبة .
وتقول : إن ذلك لا يمكن أن يصح ؛ فإنه عدا عن أن سورة المائدة قد نزلت قبيل وفاة الرسول «صلى الله عليه وآله» ، فإن هاتين الآيتين لا تنطبقان على المورد ، وذلك لأن مفادهما وجود فريقين :
أحدهما : يسارع في الكفر ، ويظهر الإيمان ويبطن الكفر .
والثاني : فريق يهودي سماع للكذب ، سماع لقوم آخرين .
ويظهر أن الفريق الأول ليس من طائفة اليهود ، وإنما هو من المنافقين بقرينة التنصيص على كون الفريق الثاني كان يهودياً ، المشعر بأن الفريق الأول لم يكن من طائفة اليهود .
مع أن الرواية التي تذكر نزول الآيتين في ابن صوريا أو في طائفة اليهود تجعل الفريقين واحداً ، وهو خلاف ظاهر الايتين .
3 ـ قد جاء في رواية ابن عباس : أن اليهودي لما وجد مس الحجارة ، «حنى على صاحبته يقيها الحجارة ، حتى قتلا جميعاً ، فكان مما صنع الله لرسوله «صلى الله عليه وآله» في تحقيق الزنى منهما» .
لم نفهم كيف يكون حنوّه عليها ليقيها الحجارة دليلاً على تحقيق الزنى منهما ؛ فإن الإنسان قد يعطف حتى على الحيوان ، فضلاً عن الإنسان . فلا يمكن أن يكون حنوه عليها ولا على غيرها دليلاً على شيء من هذا القبيل .
4 ـ لقد نصت رواية أبي هريرة على أنهم يعتذرون إلى الله سبحانه عن ترك الرجم بأنهم قد عملوا بفتيا نبي من أنبيائه (يعني محمداً «صلى الله عليه وآله») .
ومعنى ذلك هو : أنهم يعتقدون بنبوَّته «صلى الله عليه وآله» فلا يكونون من اليهود .
لكن نصاً آخر عن أبي هريرة نفسه يقول : إنه إن أفتى بغير الرجم ، فإنه يكون ملكاً ، وإن أفتى بالرجم ، فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه .
فنبوَّته إذاً توجد لهم الحذر من أن يسلبهم ما في أيديهم ، وليس ثمة اعتذار منهم إلى الله سبحانه وإن أفتاهم بغير الرجم ، فذلك دليل على كونه ملكاً .
ومعنى ذلك هو ترددهم في نبوته وعدمها ، وذلك بعكس النص السابق .
5 ـ إن الآيات التي في سورة المائدة ، والتي يدَّعى نزولها في هذه المناسبة وهي الآيات 41 ـ 50 لم تتعرض لحكم التوراة في الزنى أصلاً ، وإنما تعرضت بالتفصيل لأحكام القتل والجروح ونحوها . مع أنها لو كانت نازلة في هذه المناسبة فإن المفروض هو أن تبين حكم الواقعة المختلف فيها والتي أوجبت نزولها ، والذي يلاحظ الآيات المذكورة ؛ فإنه يجدها مترابطة ومنسجمة مع بعضها البعض ، ويدرك : أنها نزلت في واقعة واحدة ، لا أن كل واحدة منها نزلت في واقعة تختلف عن الواقعة التي نزلت فيها الآية الأخرى .
6 ـ إن بعض الروايات تفيد : أنه «صلى الله عليه وآله» هو الذي عرض نفسه للحكم في هذه المسألة ، حينما رآهم يجرون أحكام دينهم على الزانيين ، فتدخل هو نفسه متبرعاً ، وانجر الأمر إلى الحكم بالرجم .
مع أن الآيات المذكورة تقول : ﴿ ... فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ... 19.
إذاً ، فحكمه «صلى الله عليه وآله» بينهم معلق على مجيئهم إليه ، وترافعهم ﴿ ... فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ ... 19.
أضف إلى ذلك : أن الآية تقول : ﴿ ... فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ... 19الظاهر بحدوث خلاف بين المترافعين والمتنازعين يحتاج إلى الحكم ، وفصل الخصومة فيه ، وليس في النصوص المتقدمة ما يشير إلى حدوث خلاف في أمر الزانيين المرجومين ، بل في بعضها تلويح ، بل تصريح بعدمه .
7 ـ ويلاحظ على بعض الروايات أيضاً : محاولة إظهار تعظيم النبي «صلى الله عليه وآله» للتوراة ، التي كانت لديهم ، وإيمانه «صلى الله عليه وآله» بما جاء فيها .
وهذا هو ما دعا البعض إلى القول بأن التوراة لم تتعرض للتحريف ، حيث استدل بالروايات المتقدمة على ذلك 26 .
ولعل مما يزيد في تأكيد ذلك وتثبيته قولهم بنزول آية : ﴿ ... رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ 27في هذه المناسبة .
على أساس أن مراد الآية ـ والحالة هذه ـ بالتوراة التي لها هذه المواصفات : هو نفس هذه التوراة التي عظمها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وقرأها ابن صوريا ، وعليه فإن التوراة التي كانت بحوزة اليهود كانت سليمة عن التحريف ، بنص الآية الشريفة .
مع أن تحريف التوراة كالنار على المنار ، وكالشمس في رابعة النهار .
وقد حاول العسقلاني دفع هذه الغائلة بطرح فكرة : أن المراد : أنه «صلى الله عليه وآله» مؤمن بما جاء في أصل التوراة ، لا بهذه التوراة المحرفة 26 .
وهو تمحل ظاهر ؛ فإنه «صلى الله عليه وآله» إنما خاطب بكلامه هذا خصوص التوراة الموضوعة أمامه .
واحتمال أن تكون خصوص تلك النسخة غير محرفة ، دون غيرها 26 يدفعه : أن من غير المعقول أن يأتوه بالتوراة الصحيحة ، لأجل التحاكم إليها ، وليس من الممكن لهم تسجيل إدانة ضدهم ، بأنهم يتعاملون بتوراتين : إحداهما محرفة ، والأخرى صحيحة!!
8 ـ وحين قال البعض : إن حكم الرجم لم يكن مشرعاً في الإسلام ، فإنه ادَّعى أنه «صلى الله عليه وآله» إنما رجمهما بحكم التوراة ، فإنه «صلى الله عليه وآله» كان أول قدومه إلى المدينة مأموراً باتباع التوراة والعمل بها حتى يأتي ناسخ ، ثم نسخ حكم التوراة بالرجم بعد ذلك 28 .
وأجابوا عن ذلك : بأن اليهود إنما جاؤوا يسألون النبي «صلى الله عليه وآله» عن الحكم الذي عنده ، وقد قال سبحانه :﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ... 29.
فمراجعته للتوراة إنما كانت من أجل أن يثبت لليهود أن حكم التوراة لا يخالف حكم القرآن 30 .
هذا كله ، عدا عن الأحاديث التي أشرنا إليها في عدة مواضع ، من أنه «صلى الله عليه وآله» كان يخالف اليهود في كل مورد ، حتى قالوا : «إن محمداً يريد أن لا يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه» 31 .
9 ـ وأما أنه «صلى الله عليه وآله» قد رجم اليهوديين في أول قدومه المدينة ، أو في السنة الرابعة ، ويؤيد الأول ذكر كعب بن الأشرف في عدد من النصوص ، مع أن كعباً قد قتل قبل السنة الرابعة بمدة طويلة ، أما ذلك فيرد عليه :
ألف : إنهم يقولون : إن عبد الله بن الحرث بن جزء قد حضر ذلك ، وعبد الله إنما قدم المدينة مسلماً بعد فتح مكة .
ب : إنه يظهر من حديث ابن عباس : أنه هو أيضاً قد شاهد ذلك ، وابن عباس إنما قدم المدينة مع أبيه بعد فتح مكة أيضاً .
ج : إن الآيات التي يدَّعى نزولها في هذه المناسبة قد جاءت في سورة المائدة ، النازلة في أواخر أيام حياته «صلى الله عليه وآله» ، وقد نزلت دفعة واحدة ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى .
د : قال العيني : «وقد وقع الدليل على أن الرجم وقع بعد سورة النور ، لأن نزولها كان في قصة الإفك ، واختلف هل كان سنة أربع ، أو خمس ، أو ست ، والرجم كان بعد ذلك ، وقد حضره أبو هريرة ، وإنما أسلم سنة سبع» 32 .
وبعد ما تقدم ، فكيف يكون رجم اليهوديين في السنة الرابعة ، أو في أول الهجرة ؟!
10 ـ وترد هنا الأسئلة التالية :
لماذا عرف المؤرخون اسم المرأة المرجومة ولم يعرفوا اسم الرجل ؟! 33
ولماذا تعلقت بنو قريظة ببني النضير حينما حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالرجم ؟
ولماذا يستفتي اليهود النبي «صلى الله عليه وآله» حينما كرهوا رجم صاحبيهما ؟
وكيف ذكرت رواية الإمام الباقر «عليه السلام» التحميم والتجبيه عند القتل ، لا عند الزنى ؟ ثم إننا لم نفهم المراد من كونه كان يجانئ (أي ينحني) على المرأة ، يقيها الحجارة بنفسه ، فهل كانا في حفرة واحدة ؟!
أضف إلى ذلك : أن الرواية عن الإمام الباقر «عليه السلام» تفيد : أن الرجم كان معمولاً به عند اليهود حتى ذلك الوقت ، حيث تقول : إن اليهود كرهوا رجم صاحبيهما ، ولذلك استفتوا النبي «صلى الله عليه وآله» .
11 ـ إن نزول الآيات المتقدمة في أول البحث : ﴿ ... فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ... 34، وغير ذلك من آيات تقدمت ، غير معقول ، وذلك للأمور التالية :
ألف : لأن هذه الآيات في سورة المائدة : 41 ـ 47 وسورة المائدة كانت من آخر ما نزل ؛ فلا يعقل أن يحتفظ بهذه الآيات من أول الهجرة إلى قبيل وفاته «صلى الله عليه وآله» ، ثم تنزل سورة المائدة ، فيجعلها فيها 35 .
ب : أضف إلى ذلك أنهم يقولون : إن سورة المائدة قد نزلت كلها ، دفعة واحدة ؛ فراجع 36 .
ج : إنهم قد ذكروا سبباً آخر لنزول الآيات في بني النضير وبني قريظة وهو : أن بني النضير كانوا أكثر مالاً ، وأحسن حالاً من بني قريظة ، وكانوا حلفاء لابن أبي ، وكان من يقتل منهم لا يرضون من بني قريظة بالقود ، بل يلزمونهم بالدية وبالقود من القاتل معاً .
أما لو قتل نضيري قريظياً ؛ فإن القاتل يحمم ويجبه ، ويدفع نصف الدية ، ولا يقاد به ، وكتبوا بذلك كتاباً في الجاهلية ، فلما هاجر «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة ، وضعف أمر اليهود قتل قريظي نضيرياً فطالبوهم بالدية والقود ، فأبوا وطلبوا أن يحكم «صلى الله عليه وآله» بالأمر فطلب بنو النضير من حليفهم ابن أُبي : أن يقنع النبي «صلى الله عليه وآله» بعدم نقض الشرط الذي بينهم وبين القريظيين ، وقال لهم ابن أُبي : إن حكم بنقض الشرط فلا تطيعوه في ذلك ، فنزلت الآيات : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... 9. إلى قوله : ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ 10.
بل في بعض النصوص : أن الحرب كادت تقع بينهما ، ثم ارتضوا بالنبي «صلى الله عليه وآله» 37 .
ولعل هذا أنسب بالآيات وسياقها ، كما أنه هو الأنسب بالمعاهدة التي أبرمت بين المسلمين واليهود حين قدوم النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة (وتقدمت في الجزء الرابع من هذا الكتاب) ؛ حيث قد نصت على : «أن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده ؛ فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد «صلى الله عليه وآله» .
فهذه القصة كاد أن يحدث فيها حدث أو اشتجار يخاف فساده ، فالمرجع فيها إلى الله سبحانه وإلى محمد «صلى الله عليه وآله» .
ويظهر من رواية ابن جريج وغيره : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لما حكم بالرجم في الزنى ، ورأت قريظة : أنه قد جاء بحكم التوراة ، عرفت أن بإمكانها أن تطرح قضيتها عليه «صلى الله عليه وآله» ، وتحصل على حقها ، ففعلت ذلك ؛ فلما حكم النبي «صلى الله عليه وآله» فيها ، غضب بنو النضير ، وقالوا : لا نطيعك بالرجم ، ولكننا نأخذ بحدودنا التي كنا عليها 38 ، وذلك من أجل أن يتخلصوا من حكمه «صلى الله عليه وآله» .
ولكن يبقى في المقام إشكال ، وهو : أن نزول الآيات قد كان بعد محاربته «صلى الله عليه وآله» لهاتين الطائفتين بمدة طويلة ، فلا بد أن يكون سبب نزولها أمراً آخر .
إلا أن يدَّعى : أن بقايا هاتين الطائفتين كانت لا تزال في المنطقة ، ولا سيما أولئك الذين لم يشاركوا في الحرب منهم ـ وإن كانوا ـ فلعل القصة قد حصلت بعد ذلك ، أي في أواخر حياته «صلى الله عليه وآله» .
وأما بالنسبة لعبد الله بن أبي ، فإنهم يقولون : إنه قد توفي في سنة تسع من الهجرة ، فلا إشكال من هذه الناحية .

سر الوضع والاختلاق

ويبقى أن نشير إلى أن سر وضع الرواية المتقدمة ، التي عرفنا عدم إمكان صحتها بوجه ، يمكن أن يكون حسبما يفهم من النصوص ومن تصريحاتهم ما يلي :

  1. ما تقدم من إظهار تعظيم النبي «صلى الله عليه وآله» للتوراة حتى لينزع الوسادة من تحته ليضع التوراة عليها .
  2. النص على إيمانه «صلى الله عليه وآله» بما جاء فيها . إذاً ، فيجب على كل مسلم أن يقتدي برسول الله «صلى الله عليه وآله» ويؤمن بها .
  3. إن ذلك يعني : أنها صحيحة ، وغير محرفة ، فلا يصح ما يدَّعيه المسلمون على اليهود من تحريفهم لها .
  4. إظهار : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يعمل بالتوراة في كل ما لم ينزل فيه عليه شيء ، فلا مانع من العمل بها الآن في كل مورد لا يجد المسلمون حكمه ، أو يرون أنه لم ينزل فيه شيء .
  5. إظهار دور عبد الله بن سلام المتميز ، في تحقيق الحق ، وإظهاره ، حتى إنه ليأتي بنفس التعبير القرآني : 39. ولا بد أن يكون هذا من شدة انسجامه مع القرآن ، ومع آياته ، وعمق إيمانه به ، حتى أصبح كلامه عين الآيات القرآنية ، ونفس عباراتها .
  6. إظهار ورع أحبار اليهود ورؤسائهم ، حتى ليقرون للنبي «صلى الله عليه وآله» بالحقيقة بمجرد مناشداته لهم . ولا ندري كيف يكون هذا الورع والتقوى من أناس يحرفون كتابهم ويستبدلون أحكامه ، أو يسكتون على تبديلها ، ويرضون به ؟
  7. التأكيد ، أو فقل الإلماح إلى جواز أن يفتي الرجل للآخرين بما يخالف دينه وشريعته ، لأنهم يقولون : إن حكم الإسلام لم يكن هو الرجم ، رغم أن الله سبحانه قد أمره «صلى الله عليه وآله» أن يحكم بينهم بما أنزل الله .
  8. إن النبي «صلى الله عليه وآله» يشارك اليهود في كتمانه ما أنزل الله سبحانه ، حيث طلب ابن صوريا من النبي «صلى الله عليه وآله» أن لا يذكر الكثير مما حرفوه ، فاستجاب «صلى الله عليه وآله» لطلبه .
  9. ولعل المقصود أيضاً : إبعاد سورة المائدة عن أن تكون قد نزلت في أواخر أيام حياته «صلى الله عليه وآله» ، وذلك لأن فيها آيتي الولاية النازلتين يوم غدير خم ، الذي كان قبيل وفاته «صلى الله عليه وآله» ، والآيتان هما ، قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... 40.

وقوله تعالى : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... 41.
فإذا كانت سورة المائدة قد نزلت دفعة واحدة ، وثبت نزول آيات في قضية رجم اليهوديين ، التي يصرحون : أنها كانت في أول الهجرة ، أو في السنة الرابعة ، فإن معنى ذلك هو أن الآيتين المتقدمتين لم تنزلا في مناسبة غدير خم قبيل وفاته «صلى الله عليه وآله» ، فيتطرق الشك إلى أصل حديث الغدير .

اليهود في آيات سورة المائدة

إننا إذا راجعنا الآيات الكريمة ، الواردة في سورة المائدة ، أعني قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ 42.
إننا إذا راجعنا هذه الآيات ، وتأملناها ، فلسوف نجد فيها الكثير من الحقائق الهامة ، والمطالب العالية ، التي يهم الإنسان المسلم الوقوف عليها ، والتعرف إليها ، وبما أن المجال لا يتسع لطرح كل ما نجده ـ بفهمنا القاصر ـ في ثنايا هذه الآيات ، فلسوف نقتصر على الإلماح العابر لأمرين فقط ، لربما نجد فيهما بعض الصلة فيما نحن بصدده ، وهذان الأمران هما :
الأول : إننا نلاحظ : أن بعض الأمور تبدو لنا صغيرة وثانوية ، وغير ذات أهمية كالحض على طعام المسكين ، ثم إننا إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجده قد أولاها المزيد من العناية ، واهتم بها اهتماماً بالغاً ، فنزلت بخصوصها الآيات الكثيرة ، ذات الطابع القوي ، والعنيف ، والمركز ، مع إظهار : أن النبي «صلى الله عليه وآله» ، الذي يتصرف من موقع الوالد الرحيم لكل أحد ، والذي تذهب نفسه حسرات ، من أجل هداية الناس ، وإبعادهم عن مزالق الشر والجريمة ـ هذا كله عدا عن موقعه «صلى الله عليه وآله» كقائد مشرع وحكيم ـ نعم إن هذا النبي يهتم ، ويغتم ، ويحزن كثيراً لأجل هذه الأمور بالذات .
ولعل ذلك يرجع إلى أن هذا الذي رأيناه ثانوياً ، وغير ذي أهمية ، بنظرنا القاصر ، إنما يكشف عن خلفيات مرعبة ، وبواعث ومنطلقات خطيرة ، من شأنها أن تقوض كل بناء وتنسف كل جهد ، وتحبط كل مسعى في سبيل إقامة صرح العدل ، وتثبيت الحق وترسيخه .
ولتصبح من ثم كل تلك الجهود ، وهاتيك المنجزات مجرد ظواهر ومظاهر لامعة ، وشكليات خادعة ، ليس لها من الثبات ، والأصالة والرسوخ ، ما يمكنها من الصمود والتصدي في مواقع التحدي ، ولا من مواجهة المحن ، والعوادي ، والأخطار .
وواضح : أن كل جهد وبناء لا يقوم على الركائز العقيدية والإيمانية ، والأخلاقية ، والسلوكية الثابتة ، لا يكون سوى جهد ضائع ، وسراب خادع ، لا حياة له ولا بقاء ، ولسوف ينتهي إلى التلاشي والدمار والفناء .
وهذا هو القرآن نراه في هذا المناسبة يركز على الخصائص الإيمانية والعقيدية ، بالنسبة إلى اليهود والمنافقين على حد سواء .
فهو تعالى يقول عن اليهود : ﴿ ... وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ 43.
ويقول عن المنافقين : ﴿ ... الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ... 9و ﴿ ... يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... 9.
وعنهما معاً يقول : ﴿ ... وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ... 9.
وعن خصائصهم السلوكية والأخلاقية يقول : ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ... 19, ﴿ ... يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ... 9.
أي أنهم رغم كل خبثهم وشيطنتهم ، هم من الحمق ، وقلة العقل إلى حد : أنهم أصبحوا سمَّاعين للكذب ، الذي ينبت النفاق 44 ، وهو فساد كل شيء 45 .
وجعلت الخبائث في بيت ، وجعل مفتاحه الكذب 46 ، إلى غير ذلك مما يوضح : أن الكذب هو أم الخبائث ، وأساس الموبقات .
نعم ، لقد بلغ الحمق وقلة العقل بهم حداً ، أصبحوا معه بحيث يستهويهم الكذب ، وأصبح له دور رئيس في حياتهم وتعاملهم ؛ فهم سمَّاعون له ، بملء إرادتهم ، ومع مزيد من الأنس به ، والإلف له .
كما أنهم قد رضوا بأن يكونوا آلات ودمى طيِّعة بأيدي الآخرين ، الذين يرون : أن الحفاظ على امتيازاتهم الظالمة لن يكون إلا في ظل مقاومة دعوة الإسلام ، التي هي دعوة الحق والعدل والخير والأمن والسلام ، والنعمة ، والبركات .
ويلاحظ هنا : أنه سبحانه وتعالى قد كرر عبارة : ﴿ ... سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ... 9، ولعله ليشير بذلك إلى أن تعاملهم قائم على أساس مواصلة السماع للكذب ، الذي هو أحد أهم مناشئ البلايا والمصائب ، والنكبات ، حينما يكون ثمة من يتخذ الكذب شعاره ، ودثاره ؛ فهو يتحرك ، ويخطط ، ويتعامل على أساسه ، عن سابق إرادة واختيار وسابق معرفة وتصميم ، حيث رضي بأن يكون الكذب رائد انطلاقته في الحياة ؛ بهدف الحصول على الامتيازات الظالمة واللامشروعة ، والحفاظ عليها .
نعم ، لقد كرر سبحانه ذلك ليؤكد على مدى حمقهم وقلة عقلهم ، حتى ليتلذذون بالكذب ، وقد رضوا لأنفسهم أن يصبحوا دمى في أيدي الذين يتعاملون على أساس الكذب ، والدجل فهم : ﴿ ... سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ... 9من دون تعقل وتدبر ، أو تفكير وتأمل .
والصفة الثانية ، التي نعى سبحانه وتعالى عليهم اتصافهم بها هي : حبهم للمال ، وتفانيهم في سبيله ، ولكنه المال الذي لا يحصل عليه الإنسان بالطرق المشرفة والمشروعة ، وإنما يرتكب من أجله ما يسحت دينه ومروءته ، ويلزمه العار ، ليكون «سحتاً» حسبما ورد في تفسير السحت 47 .
وهذا يُدلِّل على مدى الانحطاط والمهانة والرذالة في شخصيتهم ، وفي إنسانيتهم ، حتى ليصح أن يقال : إنهم أصبحوا موجودات ممسوخة ، لا تملك شيئاً من الميزات والخصائص الإنسانية على الإطلاق .
فالمهم لدى هؤلاء هو الدنيا ، والحصول على زخرفها ، من أي طريق كان ، وبأية وسيلة كانت ، حتى ولو كان ثمن ذلك هو دينهم ، ومروءتهم ولزوم العار الدائم لهم .
ولعل هذا هو ما سهل على الآخرين أن يسخروهم لإرادتهم حتى ليصبحون أداوت طيعة في أيديهم ، فإن حبهم العظيم للمال ، وتفانيهم في سبيل الحصول عليه قد أعمى بصائرهم ، وسلبهم عقولهم وأعماهم وأصمهم ، وأصبحوا حمقى وقليلي عقل ، ودمى طيّعة بأيدي الطامعين والمستغلين ، إذ قد أصبح المال والدنيا بالنسبة إليهم كل شيء ، وليس قبلهما ولا بعدهما شيء ، فهما المعيار لهم في كل موقف ، وليست هي المبادئ الإلهية ، والمثل والقيم الإنسانية .
وإن هذين الأمرين أعني : قلة عقولهم ، وصيرورتهم أدوات طيعة مسلوبة الاختيار بأيدي الطامعين والمفسدين .
وأيضاً . . انسلاخهم عن الخصائص الإنسانية ، وعن الالتزام بالمبادئ ، بسبب حبهم للمال ، حتى لو كان ثمنه هو أن يسحت دينهم ومروءتهم ويلزمهم العار .
إن ذلك من أهم العوامل لتبديد كل الجهود الخيرة ، وإحباط كل الأعمال الجهادية والتضحيات الكبيرة في سبيل إعلاء كلمة الحق ، والعدل ، وتعميق جذور شجرة الإسلام المباركة ، لتنمو باسقة وارفة الظلال ، عزيزة الشموخ .
الثاني : إننا نلاحظ : أن القرآن الكريم حين يستنكر تحاكمهم للنبي «صلى الله عليه وآله» ، إنما يستنكر أن يكون قصدهم من ذلك هو الوصول إلى الحق ، والحصول على الحكم العدل ، إذ لو كان الأمر كذلك لما احتاجوا إلى التحاكم إليه «صلى الله عليه وآله» ؛ لأن حكم هذه القضية ـ سواء أكانت هي قضية الرجم ، أو هي قضية القود ؛ التي نميل إلى أنها هي مورد نزول الآية ـ إن حكم هذه القضية واضح وجلي في التوراة التي عندهم ، وهي واضحة الدلالة على هذا الحكم .
وهم إنما يقبلون بالتحاكم إليه «صلى الله عليه وآله» من أجل تحقيق مآربهم في الابتعاد عن حكم الله ، حسب ظنهم ، حتى إذا ما أحسوا بأن الحكم سوف يأتي موافقاً لما عرفوه من حكم الله في التوراة نجد لديهم التصميم والتآمر والتمرد سلفاً على هذا الحكم الإلهي ، حتى قبل صدوره .
فتواجههم الإرادة الإلهية بالإصرار على إقامة حكم الله سبحانه ، إن كان لا بد من الحكم ، وإلا فإن الإعراض عنهم ، حيث يكون هذا الحكم في معرض الاغتيال والتآمر هو أيضاً لا حرج فيه ، ما دام أنهم قد تآمروا على هذا الحكم سلفاً ؛ بهدف اغتياله ، بل وحتى التمرد عليه بصورة علنية وفاضحة .
فيكون حكم النبي فيما بينهم خاضعاً لما يراه مفيداً للإسلام ، وللمسلمين ، ويساهم بشكل أو بآخر في فضيحتهم وخزيهم ، وإبطال تآمرهم في الدنيا ، ثم لهم في الآخرة عذاب عظيم ، تماماً كما قال تعالى : ﴿ ... لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 48.
وبعد كل ما تقدم فإن هذه الآيات تفيدنا : أنه لا مجال للمهادنة ولا للمساومة مع أحد أياً كان على حساب الدين ، والحق ، وأنه لا يمكن التنازل عن الأحكام الإلهية في مجال التشريع ، استجابة لحالات طارئة ، ولضغوطات معينة . وإن كان قد الواقع يفرض عدم التوسل ببعض الوسائل العنيفة لفرض الحكم الإلهي وتطبيقه أو انتظار الفرصة المناسبة من أجل ذلك .
وفقنا الله للسير على هدى القرآن ، والالتزام بتعاليمه ، والاهتداء بنوره ، إنه ولي قدير ، وبالإجابة جدير 49 .

  • 1. a. b. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 45، الصفحة: 115.
  • 2. تاريخ الخميس ج1 ص467 وراجع : عون المعبود ج12 ص131 عن القسطلاني ، وشرح الموطأ للزرقاني ج5 ص80 والسيرة الحلبية ج2 ص117 أما الذهبي ، فذكر ذلك في السنة الرابعة من دون تحديد الشهر فراجع : تاريخ الإسلام (المغازي) ص210 .
  • 3. التنبيه والإشراف ص223 .
  • 4. نصب الراية ج3 ص326 وسنن أبي داود ج4 ص156 وعمدة القاري ج18 147 وفتح الباري ج12 ص151 و 152 .
  • 5. راجع في النصوص المختلفة لرواية ابن عمر ، المصادر التالية : منحة المعبود ج1 ص301 ومسند الطيالسي ص253 و 254 وسنن ابن ماجة ج2 ص854 ومسند أحمد ج2 ص5 وأشار إلى ذلك بصورة مجملة أو مفصلة في ص7 و 62 و 63 و 76 و 126 و 280 وج 4 ص355 وج 5 ص91 و 97 و 94 و 104 وراجع : المسند للحميدي ج2 ص306 والجامع الصحيح ج4 ص43 والمنتقى ج2 ص706 وكنز العمال ج5 ص244 و 245 وعمدة القاري ج24 ص19 و 18 وج 23 ص294 والمصنف للصنعاني ج7 ص318 و 319 وجامع البيان ج6 ص103 و 163 و 152 و 156 و 157 والمغني ج10 ص129 و 130 والشرح الكبير بهامشه ج10 ص162 وعون المعبود ج12 ص138 ـ 145 والسيرة الحلبية ج2 ص116 و 117 والدر المنثور ج2 ص282 ونصب الراية ج3 ص326 عن الستة وعن ابن حبان في صحيحه وصحيح البخاري ج4 ص117 وراجع ص114 وج 3 ص74 وتاريخ الخميس ج1 ص467 وسنن الدارمي ج2 ص178 و 179 والسنن الكبرى ج8 ص246 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص58 وراجع : فتح الباري ج12 ص114 و 115 و 148 ـ 153 والموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج3 ص38 وسنن أبي داود ج4 ص153 وراجع : صحيح مسلم ج5 ص122 وأعلام الموقعين ج4 ص467 و 368 وفتح القدير ج2 ص44 وتفسير الخازن ج1 ص464 وفي ظلال القرآن ج2 ص894 .
  • 6. القف ـ بالضم ـ : اسم واد بالمدينة . وفي بعض المصادر : الأسقف : بدل القف .
  • 7. سنن أبي داود ج4 ص155 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص58 ، والجامع لأحكام القـرآن ج6 ص178 وعمدة القاري ج23 ص294 وفتح الباري ج12 ص149 .
  • 8. محمم ، أي مسود الوجه بالحمم ، وهو ما أحرق من خشب ونحوه .
  • 9. a. b. c. d. e. f. g. h. i. j. k. l. m. n. o. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 41، الصفحة: 114.
  • 10. a. b. c. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 44، الصفحة: 115.
  • 11. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 47، الصفحة: 116.
  • 12. وراجع في الحديث : سنن البيهقي ج8 ص246 وسنن ابن ماجة ج2 ص855 والنص لهما وصحيح مسلم ج5 ص122 و 123 وسنن أبي داود ج4 ص154 والمنتقى من أخبار المصطفى ج2 ص706 و 707 ومسند أحمد ج4 ص286 وجامع البيان للطبري ج6 ص150 و 164 .
    وراجع : تفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص141 وتفسير القرآن ج2 ص59 والدر المنثور ج2 ص282 و 285 عن أحمد ومسلم وابن داود والنسائي ، والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ ، وابن مردويه والجامع لأحكام القرآن ج6 ص177 وراجع : فتح الباري ج12 ص150 .
  • 13. راجع : مجمع الزوائد ج6 ص271 و 272 وكشف الأستار ج2 ص219 وسنن أبي داود ج4 ص156 وتفسير الخازن ج1 ص464 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص59 والدر المنثور ج2 ص282 و 283 عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم وأبي الشيخ ، وابن المنذر والحميدي في مسنده ، وأبي داود وابن ماجة ، وابن مردويه وتفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص177 وفتح الباري ج12 ص150 .
  • 14. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 15، الصفحة: 110.
  • 15. راجع : تفسير البرهان ج1 ص472 و 473 وتفسير نور الثقلين ج1 ص522 ومجمع البيان ج3 ص193 وروي عن غيره نظيره فراجع : تفسير الخازن ج1 ص463 و 464 والسيرة الحلبية ج2 ص116 و 117 و 118 .
    وراجع : شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص80 و83 والتفسير الكبير ج11 ص232 و 233 وفتح القدير ج2 ص23 وتفسير النسفي بهامش الخازن ج1 ص465 وتفسير الطبري ج6 ص103 و 104 و 157 وتفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص142 وتفسير التبيان ج3 ص520 .
  • 16. مجمع الزوائد ج6 ص271 عن أحمد والطبراني ومسند أحمد ج1 ص261 وراجع : فتح الباري ج12 ص151 .
  • 17. راجع : مجمع الزوائد ج6 ص271 عن الطبراني وراجع تفسير جامع البيان للطبري ج6 ص153 وراجع الدر المنثور ج2 ص282 عن ابن جرير ، والطبري ، وابن مردويه ، وراجع فتح الباري ج12 ص149 .
  • 18. الآية 41 من سورة المائدة . راجع : كنز العمال ج5 ص245 ـ 247 والمصنف ج7 ص316 ـ 318 وليراجع : سنن أبي داود ج4 ص155 و 156 وأعلام الموقعين ج4 ص368 وفتح القدير ج2 ص43 وعن عبد الرزاق وأحمد ، وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل والسنن وابن إسحاق وابن المنذر وتفسير الطبري ج6 ص151 و 161 .
    وراجع : شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص81 وتفسير ابن كثير ج2 ص58 و 59 والدر المنثور ج2 ص282 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل وتفسير القرطبي ج6 ص178 وراجع : فتح الباري ج12 ص148 .
  • 19. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 42، الصفحة: 115.
  • 20. راجع : كنز العمال ج5 ص245 ـ 247 والمصنف ج7 ص316 ـ 318 وليراجع سنن أبي داود ج4 ص155 و 156 وأعلام الموقعين ج4 ص368 وفتح القدير ج2 ص43 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل والسنن وابن إسحاق وابن المنذر وتفسير الطبري ج6 ص151 و 161 وراجع : شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص81 وتفسير ابن كثير ج2 ص58 و 59 والدر المنثور ج2 ص282 عن عبد الرزاق وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل وتفسير القرطبي ج6 ص178 وراجع : فتح الباري ج12 ص156 .
  • 21. راجع : السنن الكبرى ج8 ص246 و 247 ، وتفسير جامع البيان ج6 ص150 والسيرة الحلبية ج2 ص117 والدر المنثور ج2 عن 281 عن ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي وراجع : فتح الباري ج12 ص150 وراجع في النصوص المتقدمة : عمدة القاري ج23 وج 24 وفتح الباري ج12 ص148 ـ 155 وإرشاد الساري ، وغير ذلك .
  • 22. الجامع لأحكام القرآن ج6 ص176 .
  • 23. فتح الباري ج12 ص150 .
  • 24. فتح الباري ج12 ص148 وتسمية المرأة ب‍ «بسرة» ذكره السهيلي وغيره أيضاً فراجع : عمدة القاري ج18 ص147 وعون المعبود ج12 ص131 وكذا في جامع البيان للطبري أيضاً .
  • 25. الآيات 41 ـ 43 من سورة المائدة .
  • 26. a. b. c. راجع : فتح الباري ج12 ص153 .
  • 27. القران الكريم: سورة الفاتحة (1)، الآيات: 2 - 4، الصفحة: 1.
  • 28. فتح الباري ج12 ص151 وراجع المصادر الآتية في الهامش التالي أيضاً .
  • 29. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 49، الصفحة: 116.
  • 30. فتح الباري ج12 ص152 وراجع : المغني لابن قدامة ج10 ص130 والشرح الكبير بهامشه ج10 ص162 و 163 ، وراجع أيضاً : عون المعبود ج12 ص133 .
  • 31. قد تحدثنا عن إصرار النبي «صلى الله عليه وآله» على مخالفة اليهود في الجزء الخامس من هذا الكتاب فراجع .
  • 32. عمدة القاري ج23 ص291 .
  • 33. راجع : عون المعبود ج12 ص131 .
  • 34. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 48، الصفحة: 116.
  • 35. راجع : الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد ، وأبي عبيد في فضائله ، والنحاس في ناسخه ، والنسائي ، وابن المنذر ، والحاكم ، وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، والترمذي ، وحسنه ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير .
  • 36. الدر المنثور ج2 ص252 عمن تقدم ، حيث صرحوا بتاريخ نزول السورة ، وصرح بأنها نزلت دفعة واحدة كل من : أحمد ، وعبد بن حميد ، والطبراني ، وابن جرير ، ومحمد بن نصر في الصلاة ، وأبي نعيم في الدلائل ، والبيهقي في شعب الإيمان .
  • 37. إنتهى ملخصاً عن : البرهان ج1 ص472 وص473 و 478 وتفسير نور الثقلين ج1 ص523 و 524 وعون المعبود ج12 ، ص136 والدر المنثور ج2 ص281 و 283 و 284 و 285 و 287 و 288 و 290 عن أحمد ، وأبي داود ، وابن المنذر ، والطبراني ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه وعبد بن حميد ، وابن إسحاق ، وابن أبي شيبة ، والحاكم وصححه ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه وفتح القدير ج2 ص43 و 44 وتفسير القرطبي ج6 ص176 و 187 و 191 وتفسير ابن كثير ج2 ص58 و 60 و 61 وتفسير القمي ج1 ص168 و 169 وتفسير التبيان ج3 ص521 و 524 و 525 و 518 والتفسير الحديث ج11 ص107 و 108 ومجمع البيان ج3 ص194 و 196 وفي ظلال القرآن ج2 ص894 وتفسير الرازي ج11 ص235 وج12 ص6 وتفسير الخازن ج1 ص468 وتفسير الطبري ج6 ص149 و 150 و 154 و 157 و 164 و 165 و 167 وتفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص45 والكشاف ج1 ص633 .
  • 38. راجع المصادر السابقة .
  • 39. القران الكريم: سورة (3)، الآيات: 93 - 4، الصفحة: -1.
  • 40. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 67، الصفحة: 119.
  • 41. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 3، الصفحة: 107.
  • 42. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآيات: 41 - 43، الصفحة: 114.
  • 43. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 43، الصفحة: 115.
  • 44. راجع : ميزان الحكمة ، حرف الكاف ، مادة : كذب .
  • 45. غرر الحكم ودرر الكلم .
  • 46. راجع : بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج72 ص263 ، وراجع ج78 ص377 وميزان الحكمة حرف الكاف ، مادة : كذب .
  • 47. راجع : مفردات الراغب مادة السحت .
  • 48. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 33، الصفحة: 113.
  • 49. الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء الثامن .