فالتشنيع على الشيعة بمثل هذه الأحاديث لا يضرهم، لأن الشيعة لا يعتقدون بأن جميع ما في كتاب سليم، أو البحار، أو الكافي صحيح.. بل كل حديث لا بد أن يخضع للبحث والتمحيص..
إن كلام هذا الأستاذ الجامعي في غير محله، إذ أنه قد اتهم الفقهاء بأنهم هم وراء إصدار الأحكام على النصاب، من خلال ردات الفعل على ما يتعرض له أتباع أهل البيت من إجراءات هجومية.. و نلاحظ على هذا الكلام ما يلي: أولاً: إن عليه أن يثبت: أن تلك الأحكام قد نشأت عن ردات فعل، فهل اطلع على نفوس الناس، ولمس وعاين دوافعهم؟!..
أما بالنسبة للنصوص التي أوردها عن الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام في وصفه لأهل العراق، فإنها ليس فقط لا تفيد هذا المتحامل في شيء مما يريد أن يقرره، بل هي واضحة الدلالة على إبطال مدَّعاه وإدانة الخط الذي يتبناه، ولسوف يوقع نفسه في هذا المأزق، الذي سيتعذر عليه الخلاص منه.
إن نطق الصغير بالكلام، وظهور رجاحة عقله، وإقراره بالإيمان، وبالإسلام، وبغير ذلك.. وإن كان مخالفاً للعادة، لكنه ليس من المحالات في نفسه، ونحن نشهد تفاوتاً ظاهراً في وعي الأطفال في صغرهم.
وفي اليوم الثاني من أحد: «خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأمر من الوحي ـ كما في الرواية ـ إلى حمراء الأسد، موضع على ثمانية أو عشرة أميال من المدينة، حيث ندب أصحابه، قائلاً: «ألا عصابة تشد لأمر الله، تطلب عدوها ؟ فإنها أنكأ للعدو، وأبعد للسمع».
ولكن الصحيح هو: أن ما قاله «صلى الله عليه وآله» إنما كان بالنسبة لأموال خديجة: «ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال خديجة» ـ كما تقدم ـ وقد حور لصالح أبي بكر، وصيغ بصيغ مختلفة.
إن كان المنكر لقضية «كسر الضلع» جاهلاً بالأمر، فإنه لا يكون بإنكاره هذا ناصبياً.. وأما إذا كان عالماً بوقوع هذا الظلم على السيدة الزهراء (عليها السلام)، ولكنه ينكره بهدف الدفاع عن ظالميها، وسعياً منه في تضييع حقها، فهو ناصب للعداوة لها.
لا يصح ما ادعوه من أن اللواء كان مع مصعب بن عمير، أو أنه أخذه من علي، وأعطاه لمصعب. والصحيح هو: أنه كان مع علي «عليه السلام» في أحد، وبدر، وفي كل مشهد.
إن الأنبياء، ثم الأئمة (عليهم السلام)، بسبب التوفيقات والعنايات الإلهية وفوق كل ذلك بسبب الوحي والاتصال بالسماء، وبسبب أنهم إنما انتقلوا من الأصلاب الشامخة إلى الأرحام المطهرة، فلم يرثوا إلا الصفات الحميدة والكمالات الفريدة.
فقد كان المشركون ـ في ذلك الوقت ـ يعملون على إثارة الضوضاء واللغو عند قراءة النبي للقرآن، ليمنعوا الآخرين من الاستماع إليه فجاءت هذه الكلمات غير المألوفة لديهم لتؤدي دورها في إثارة الانتباه من خلال غرابتها على أسماعهم لأنها ليست من نوع الكلمات التي تعارفوا عليها، فليس لها مدلول معين ومضمون واضح.
ونسجل هنا: أن أكثر، إن لم يكن كل ما يقال عن جمال عائشة، وعن حظوتها، وحب النبي «صلى الله عليه وآله» لها، إنما هو مروي عنها نفسها، أو عن ابن أختها عروة، ونحن نقطع بعدم صحة ذلك كله من الأساس.
وبعدما تقدم نقول: إن شراء الرسول للراحلتين، أو شراء أمير المؤمنين للرواحل يبين: أن أبا بكر قد هاجر على نفقة الرسول «صلى الله عليه وآله»، وليس على نفقة نفسه.
إنه لا سنة إلا سنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسنة الخلفاء الراشدين، وهم خصوص الخلفاء الاثني عشر من أهل بيته الأطهار، الذين أخبر «صلى الله عليه وآله» عنهم ـ كما رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود وأحمد وغيرهم.
إن آية استخلاف داود، وتفريع الحكم بين الناس بالحق على هذه الخلافة، التي لا بد أن يكون معناها الحكم والسلطان، لا تدل على جعل الخلافة لكل البشر؛ فلعل كونه نبياً لم يتلبس بشيء من الظلم أبداً.