الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لا شك في نهج البلاغة

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم سلام عليكم . ما هو الدليل القاطع والجازم على أن نهج البلاغة هو كلام أمير أمراء الفصاحة والبيان ، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ نريد جواباً وافياً لو سمحتم للرد على أحد المخالفين . . ودمتم سالمين . .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
بالنسبة لسؤالكم نقول :
أولاً : إن علماء الأمة الصالحين ، قد تصدوا لرد هذه الشبهة ، التي أطلقها أناس لا يخافون الله . وقد أظهروا رضوان الله تعالى عليهم وقدّس أسرارهم ؛ بما لا يقبل الشك أن ما نقله السيد الشريف الرضي في كتاب « نهج البلاغة » ، قد رواه علماء عاشوا قبل عهده رحمه الله ، في مؤلفاتهم ، ومجاميعهم الحديثية ، والتاريخية ، والأدبية ، وغيرها . .
وكتاب : « مصادر نهج البلاغة » ، للعلامة السيد عبد الزهراء الخطيب ، شاهد صدق على ذلك . .
كما أن نصوص هذه الخطب ، والكتب ، والأقوال ، قد رواها معاصرون ، ولاحقون للشريف الرضي ، بنحو يظهر منه : أنهم أخذوها عن غيره رحمه الله . .
ثانياً : إن المدعى هو أن ما في نهج البلاغة قد اختاره الشريف الرضي من روايات ذكرها العلماء في مؤلفاتهم تذكر هذا الكلام لأمير المؤمنين عليه السلام ، ولم يدَّع أحد أنه عين كلامه عليه السلام ، من دون زيادة حرف أو نقيصة حرف . .
فحال كتاب نهج البلاغة من هذه الناحية ، حال أي كتاب روائي آخر ، فلا يمكن تنزيه الناقل عن السهو ، أو النسيان ، أو الخطأ ، كما لا يمكن تنزيه الراوي أو الرواة الآخرين عن ذلك .
كما أن التعامل معه في مقام الاستدلال إنما يكون وفق الموازين المعمول بها في البحوث العلمية ، في مختلف القضايا المتشابهة . .
ثالثاً : لو صح قولهم إن الشريف الرضي هو الذي أنشأ ما في نهج البلاغة من الخطب التي حاولوا التشكيك فيها ـ أو التشكيك في نهج البلاغة لأجلها ، مثل الخطبة « الشقشقية » وغيرها مما وجدوا فيه إدانة لخلفائهم ، ولنهجهم ، وله مساس بعقائدهم فيهم ـ لو صح ذلك ـ فلا بد من اعتبار الشريف أعظم من خلقه الله من عمالقة البلاغة في التاريخ ، وأنه حالة فريدة لا يدانيها في مزاياها مخلوق ، فيما عدا الأنبياء ، والأئمة الأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم . .
ولكان من المتوقع أن نجده رحمه الله يدَّعي لنفسه مقامات جليلة ، وعظيمة ، تناسب هذا المستوى من الوعي ، وهذه القدرات الهائلة . .
رابعاً : لقد كان يجب أن نجد لتلك الخطب والمقطوعات الرائعة ، نظائر في مؤلفات الشريف الرضي ـ رحمه الله ـ الأخرى ، وأن لا يقتصر ذلك على ما أورده في كتاب « نهج البلاغة » . .
وإذا كانت هذه المنشآت المعجزة ، بمثابة بيضة الديك ، فلماذا آثر الشريف أن ينحلها لغيره ، ولم ينسب منها شيئاً ـ ولو ضئيلاً ـ لنفسه ؟!
وعلى كل حال ، فإننا قد أجبنا على سؤال مشابه لهذا السؤال يمكن مراجعته في كتابنا « مختصر مفيد » . . 1 .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 2 . .

  • 1. راجع : ج 3 ص 129 . .
  • 2. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة السابعة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، السؤال (427) .