الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لماذا اخذ الحسين معه النساء والاطفال لكربلاء؟

نص الشبهة: 

لماذا أخذ الحسين معه النساء والأطفال لكربلاء؟

إن قلت: أنه لم يكن (يعلم) ما سيحصل لهم سأقول لك لقد نسفت العصمة المزعومة التي تقول أن الحسين يعلم الغيب.

وإن قلت: أنه يعلم فسأقول لك هل خرج الحسين ليقتل أبناؤه؟

وإن قلت: أن الحسين خرج لينقذ الإسلام كما يردد علمائك (كذا) فسأقول لك: وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد الحسن؟ وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد علي؟

ولماذا لم يخرجا لإعادة الإسلام؟

فأما أن تشهد بعدالة الخلفاء وصدقهم ورضى (كذا) علي بهم أو تشهد بخيانة علي والحسن للإسلام.

الجواب: 

أن الإمام الحسين عليه السلام لم يخرج محارباً حتى يقال: (لماذا اصطحب معه النساء والأطفال)، وإنما دعاه أهل الكوفة للبيعة، وتعهدوا له بالنصرة، فخرج ليستقر في الكوفة خليفة للمسلمين وأميراً للمؤمنين، ولا سيما أن يزيد بن معاوية أمر ولاته بأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام أو قتله في المدينة أو مكة، وهذا كله يقتضي اصطحاب النساء والأطفال.

وقول المخالف: (إن قلت: أنه لم يكن (يعلم) ما سيحصل لهم سأقول لك لقد نسفت العصمة المزعومة التي تقول أن الحسين يعلم الغيب) مردود بأن العصمة ليست متوقفة على علم الغيب، ولا سيما في أمثال هذه الأمور، فإن عدم العلم بالحوادث المستقبلية لا ينافي العصمة، فإن موسى بن عمران عليه السلام لم يطلع على بعض الأمور التي أخبره بها الخضر بعد ذلك، وهذا لا ينافي عصمته. 

وقول المخالف: (وإن قلت: أنه يعلم فسأقول لك هل خرج الحسين ليقتل أبناؤه؟) جوابه: أن الإمام الحسين عليه السلام كما قلنا فيما تقدم خرج إلى كربلاء ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأبناؤه وأصحابه شاركوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أن أعداءه هم الذين قتلوه وقتلوا أبناءه.

وكلام هذا المخالف يشبه ما احتج به معاوية بن أبي سفيان على أنه وأتباعه لم يقتلوا عمار بن ياسر، حيث زعم أن الذي قتل عماراً هو علي بن أبي طالب؛ لأنه ألقى عماراً بين سيوف جيش معاوية ورماحهم، وهذا من المغالطات المكشوفة التي لا تخفى على أحد، ولهذا ردَّ أمير المؤمنين عليه السلام كلام معاوية بأن ذلك يستلزم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قتل حمزة بن عبد المطلب؛ لأنه ألقاه بين سيوف الكفار ورماحهم، وهذا لا يقوله مسلم.

وأما قول المخالف: (وإن قلت: أن الحسين خرج لينقذ الإسلام كما يردد علمائك (كذا) فسأقول لك وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد الحسن؟ وهل كان الإسلام منحرفاً في عهد علي؟ ولماذا لم يخرجا لإعادة الإسلام؟

فأما أن تشهد بعدالة الخلفاء وصدقهم ورضى (كذا) علي بهم أو تشهد بخيانة علي والحسن للإسلام).

فجوابه: أن الإسلام لم ينحرف في أي عصر، وإنما انحرف المسلمون عن الإسلام، وافترقوا عما أمرهم النبي صلى الله عليه وآله بالتمسك به، وهم أهل بيته عليهم السلام.

ونحن قلنا فيما سبق: إن الإمام الحسين عليه السلام لم يخرج محارباً شاهراً سيفه، وإنما خرج لطلب الإصلاح في أمة جدِّه صلى الله عليه وآله، ويزيد وواليه عبيد الله بن زياد خيَّرا الإمام الحسين عليه السلام بين بيعة يزيد أو القتال، وأما الخلفاء السابقون ليزيد فلم يصنعوا ذلك، وإنما قبلوا من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام ألا يشقا عصا الطاعة، وألا ينازعا الخلفاء في سلطانهم، ويزيد بن معاوية لم يرض بذلك، والإمام الحسين عليه السلام عرض على عمر بن سعد أن يتركه يرجع إلى المدينة، أو يتركه يمضي إلى يزيد، أو أن يذهب إلى أحد ثغور المسلمين، ولكن عمر بن سعد وعبيد الله بن زياد رفضا ذلك، فلم يجد الإمام الحسين عليه السلام بدا من القتال، فاختلاف مواقف الخلفاء مع أهل البيت عليهم السلام اقتضى اختلاف مواقفهم عليهم السلام مع خلفاء عصرهم1.

  • 1. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ علي ال محسن حفظه الله.