الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

متى عرف الشيعة العقيدة الاثني عشرية ؟

نص الشبهة: 

ان تحديد الأئمة : باثني عشر لم يكن له أثر عند الشيعة في القرن الثالث الهجري إذ لم يشر إليه النوبختي في كتابه فرق الشيعة ولا علي بن بابويه في كتابه الإمامة والتبصرة من الحيرة! أقول : بل أشار إلى ذلك علي بن بابويه في مقدمة كتابه الإمامة والتبصرة وأشار إلى ذلك أيضا إبراهيم بن نوبخت في كتابه ياقوت الكلام وهو معاصر للنوبخـتي ، وفي ضوء ذلك فان العقيدة الاثني عشرية كانت معروفة في القرن الثالث الهجري بل قبل ذلك نص الشبهة قال : وهذا ( أي الاستدلال بحديث الإثني عشر إماماً ) دليل متأخر . . بدأ المتكلمون يستخدمونه بعد اكثر من نصف قرن من الحيرة ، أي في القرن الرابع الهجري ، ولم يكن له أثر في القرن الثالث عند الشيعة الإمامية حيث لم يشر إليه الشيخ علي بن بابويه الصدوق في كتابه ( الإمامة والتبصرة من الحيرة ) كما لم يشر إليه النوبختي في كتابه ( فرق الشيعة ) ولا سعد بن عبد الله الاشعري في ( المقالات والفرق ) . من هنا لم يكن الإماميون يقولون بالعدد المحدود في الأئمة ، ولم يكن حتى الذين قالوا بوجود ( الإمام محمد بن الحسن العسكري ) يعتقدون في البداية انه خاتم الأئمة ، وهذا هو النوبختي يقول في كتابه ( فرق الشيعة ) : ( ان الإمامة ستستمر في أعقاب الإمام الثاني عشر إلى يوم القيامة ) ( انظر : المصدر : الفرقة التي قالت بوجود ولد للعسكري ) . ونقل الكفعمي في ( المصباح ) عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) الدعاء التالي حول ( صاحب الزمان ) : ( . . اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده ) ( القمي : مفاتيح الجنان ص 542 ) ( الشورى العدد العاشر ص 10 ـ 12 . ) .

الجواب: 

قال أحمد الكاتب: ان تحديد الأئمة : باثني عشر لم يكن له أثر عند الشيعة في القرن الثالث الهجري إذ لم يشر إليه النوبختي في كتابه فرق الشيعة ولا علي بن بابويه في كتابه الإمامة والتبصرة من الحيرة!
أقول : بل أشار إلى ذلك علي بن بابويه في مقدمة كتابه الإمامة والتبصرة وأشار إلى ذلك أيضا إبراهيم بن نوبخت في كتابه ياقوت الكلام وهو معاصر للنوبخـتي ، وفي ضوء ذلك فان العقيدة الاثني عشرية كانت معروفة في القرن الثالث الهجري بل قبل ذلك
نص الشبهة
قال : وهذا ( أي الاستدلال بحديث الإثني عشر إماماً ) دليل متأخر . . بدأ المتكلمون يستخدمونه بعد اكثر من نصف قرن من الحيرة ، أي في القرن الرابع الهجري ، ولم يكن له أثر في القرن الثالث عند الشيعة الإمامية حيث لم يشر إليه الشيخ علي بن بابويه الصدوق في كتابه ( الإمامة والتبصرة من الحيرة ) كما لم يشر إليه النوبختي في كتابه ( فرق الشيعة ) ولا سعد بن عبد الله الاشعري في ( المقالات والفرق ) .
من هنا لم يكن الإماميون يقولون بالعدد المحدود في الأئمة ، ولم يكن حتى الذين قالوا بوجود ( الإمام محمد بن الحسن العسكري ) يعتقدون في البداية انه خاتم الأئمة ، وهذا هو النوبختي يقول في كتابه ( فرق الشيعة ) : ( ان الإمامة ستستمر في أعقاب الإمام الثاني عشر إلى يوم القيامة ) ( انظر : المصدر : الفرقة التي قالت بوجود ولد للعسكري ) . ونقل الكفعمي في ( المصباح ) عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) الدعاء التالي حول ( صاحب الزمان ) : ( . . اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده ) ( القمي : مفاتيح الجنان ص 542 ) ( الشورى العدد العاشر ص 10 ـ 12 . ) .
أقول : في كلامه الانف الذكر عدة مواضع للتعليق :
أولا :
قوله : ( ان علي بن بابويه الصدوق ( ت 329هـ ) لم يشر إلى دليل الاثني عشرية في كتابه الإمامة والتبصرة ) .
غير صحيح . .
إذ ان علي بن بابويه أشار إلى دليل الاثني عشرية في مقدمة كتابه وهي الطبعة التي نقل منها صاحب النشرة بعض النصوص فهو إما لم يقرأها أو تغافل عنها وأحال القارىء إلى متن الكتاب وهو ناقص إذ المخطوطة التي عثر عليها ثم طبعت كانت قد انتهت أحاديثها إلى إمامة الرضا ( عليه السلام ) . وقد حاول محقق الكتاب إكمالها ببعض الروايات من كتب الصدوق بروايته عن أبيه وإلى القارىء الكريم نص كلام علي بن بابويه في مقدمة كتابه .
قال ( رحمه الله ) : ولو كان أمرهم ( أي الأئمة ( عليهم السلام ) مهملاً عن العدد وغفلاً لما وردت الأخبار الوافرة بأخذ الله ميثاقهم على الأنبياء وسالف الصالحين من الامة . ويدلك على ذلك قول أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن نوح عليه السلام لما ذكر ( استوت سفينته على الجودي بهم ) : هل عرف نوح عددهم فقال : نعم و آدم ( عليه السلام ) .
وكيف يختلف عدد يعرفه أبو البشر ومن درج من عترته والأنبياء من عقبه . . . وأي تأويل يدخل على حديث اللوح وحديث الصحيفة المختومة والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة عليها السلام 1 .
فقوله ( رحمه الله ) « ولو كان أمرهم مهملاً عن العدد يردُّ فيه على الزيدية الذين قالوا ان حديث الإثني عشر موضوع وان عدد الأئمة لا حصر له » .
واستدلاله ( رحمه الله ) بحديث اللوح 2 وحديث الصحيفة المختومة والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة ( عليها السلام ) يؤكد اعتقاده بصحتها وانه أوردها في متن كتابه وان خلت منها النسخة المطبوعة بسبب نقص المخطوطة التي عُثِرَ عليها .
ثانيا :
لقد أشار إلى العقيدة الإثني عشرية أيضاً إبراهيم بن نوبخت ( ت 320هـ ) في كتابه ( ياقوت الكلام ) وهو اقدم كتاب كلامي عند الشيعة ومؤلفه من أعلام القرن الثالث الهجري وهو معاصر لعلي بن بابويه وقد تلقاه الشيعة عنه بالقبول جيلاً بعد جيل حتى وصل إلى العلامة الحلي فافرد كتاباً في شرحه سماه أنوار الملكوت في شرح الياقوت وإلى القارىء الكريم نص كلام صاحب ياقوت الكلام وشرح العلامة الحلي له .
قال إبراهيم بن نوبخت : « القول في إمامة الاحد عشر بعده ( اي بعد علي ( عليه السلام ) نَقْلُ أصحابنا متواتراً النص عليهم بأسمائهم من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يدل على إمامتهم ، وكذلك نقل النص من إمام على إمام وكتب الأنبياء سالفاً يدل عليهم وخصوصاً خبر مسروق يعترفون به » .
وقال العلامة الحلي في شرح هذا الكلام :
« أما إمامة باقي الأئمة ( عليهم السلام ) فهي ظاهرة بعد إمامة علي ( عليه السلام ) وذلك من وجوه :
أحدها : النص المتواتر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) على تعيينهم ، ونصبهم أئمة ، فقد نقل الشيعة بالتواتر ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : للحسين ( عليه السلام ) هذا ابني إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة ، تاسعهم قائمهم ، وغير ذلك من الأخبار المتواترة .
الثاني : ما نُقِل من النص على إمام من إمام يسبِقُه بالتواتر من الشيعة .
الثالث : ان اساميهم والنص على إمامتهم موجودة في كتب الأنبياء السالفة كالتوراة و الإنجيل .
الرابع : ان أخبار الخصوم مشهورة في النص عليهم من النبي ( صلى الله عليه وآله ) لخبر مسروق عن عبد الله بن مسعود انه قال . . . عهد إلينا نبينا ( صلى الله عليه وآله ) ان يكون بعده اثنا عشر خليفة عدد نقباء بني إسرائيل وكذا ما نقل عن غيره » 2 3 .
ثالثا :
ان مؤلِّفَيْ كتاب الفرق وكتاب المقالات على فرض تعددهما 4 كانا بصدد جمع الأقاويل في الفرق وما ينسب إليها ولم يكونا بصدد المناقشة والاستدلال ومن هنا لا ينبغي عد الكتابين مرآة تعكس الفكر الاستدلالي عند الفرق المذكورة وبالتالي فعدم ورود حديث الإثني عشر فيهما لا يعني شيئاً في قبال وروده في كتاب ياقوت الكلام وكتاب الإمامة والتبصرة المعاصرين لهما المعدين للاستدلال على العقيدة الإثني عشرية .
رابعا :
أما ما ينسبه صاحب النشرة إلى النوبختي في فرق الشيعة من انه يقول باستمرار الإمامة في أعقاب الإمام الثاني عشر إلى يوم القيامة .
فهو محض ادعاء . .
وهو مبني على التوهم في فهم عبارة النوبختي ، ونصها : « وقالت الفرقة الثانية عشرة وهم ( الإمامية ) لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وأمر الله بالغ وهو وصي أبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية ولا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ولا يجوز ذلك ولا تكون إلا في عقب الحسن بن علي إلى ان ينقضي الخلق متصلاً ذلك ما اتصلت أمور الله تعالى » .
وقد وضح النوبختي نفسه ما يريد حين قال بعد ذلك : « فنحن مستسلمون بالماضي وإمامته مقرون بوفاته معترفون بان له خلفاً قائماً من صلبه وان خلفه هو الإمام من بعده حتى يظهر ويعلن امره كما ظهر وعلن أمر من مضى قبله من آبائه ويأذن الله في ذلك » ، وفي لفظ الكتاب المنسوب لسعد بن عبد الله الاشعري : « فنحن متمسكون بإمامة الحسن بن علي مقرون بوفاته مؤمنون بان له خلفاً من صلبه متدينون بذلك وانه الإمام من بعد أبيه الحسن بن علي وانه في هذه الحالة مستتر خائف مغمور مأمور بذلك حتى يأذن الله عز وجل له فيظهر ويعلن امره . . . وقوله بعد ذلك وقد رويت الاخبار الكثيرة الصحيحة ان القائم تخفى على الناس ولادته ويخمل ذكره » . . .
ولو فرض صحة قول صاحب النشرة ان يكون للنوبختي صاحب كتاب فرق الشيعة مثل ذلك الرأي الذي افتراه عليه لعُرِف عنه وسُجِّل عليه من قبل علماء الشيعة كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد وهما قريبان من عصر النوبختي وكلاهما كان قد تصدى للشبهات التي أثيرت على العقيدة بالاثني عشر إماماً ، وبخاصة ان الشيخ المفيد قد ذكر في كتابه العيون و المحاسن ( ص321 ) الفرقة التي تقول بأن الإمام بعد الحسن العسكري هو ابنه محمد ولكنه قد مات وسيحيى في آخر الزمان ويقوم بالسيف .
نعم ذكر ابن النديم ان أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي كان يرى ان الإمام هو محمد بن الحسن ثم مات في الغيبة واستمرت في ولده إلى يوم القيامة وذكر ان رأيه هذا لم يسبقه إليه أحد 5 غير ان المحقق التستري « رحمه الله » يبرىء ساحة أبي سهل من ذلك الرأي لعدم اعتبار ابن النديم في ما ينفرد به 6 ، ويؤيد قول التستري عدم ذكر الشيخ الصدوق ذلك عن أبي سهل مع العلم انه كان معاصراً لابن النديم وكان معنياً برد الشبهات حول الغيبة وكذلك الحال في الشيخ المفيد مع أنه كان معنياً بأمثالها .
خامسا :
أما ما نقله صاحب النشرة عن الكفعمي من دعاء منسوب للامام الرضا ( عليه السلام ) فهو دعاء غير محقَّق النسبة للامام الرضا ( عليه السلام ) ، والاصل فيه رواية موضوعة سيأتي الكلام عليها .
الخلاصة :
وهكذا يتضح خطأ دعوى صاحب النشرة من كون العقيدة الاثني عشرية لم يكن لها أثر عند الشيعة في القرن الثالث الهجري ، إذ أغفل أو تغافل عن مقدمة كتاب علي بن بابويه وعن كتاب إبراهيم بن نوبخت وكلا المؤلفين من علماء الشيعة ومن رجال القرن الثالث الهجري ، حيث وردت في هذين الكتابين بشكل صريح وواضح الاشارة إلى العقيدة الاثني عشرية ، هذا مضافاً إلى فهمه لعبارة النوبختي كما يرغب ويشتهي وسيأتي في الفصل السابع والثامن ما يثبت وجود أحاديث الاثني عشر عند الشيعة في عهد الأئمة الاحد عشر ويأتي أيضاً في الفصل التاسع ان تحديد الأئمة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) باثني عشر مما بشرت به الكتب السابقة جنباً الى جنب مع البشارة بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) 7 .

  • 1. الإمامة و التبصرة ص 11 ـ 12 .
  • 2. a. b. سيأتي نصه في الفصل الثامن .
  • 3. انوار الملكوت ص 229 .
  • 4. هناك جدل حول تعدد الكتابين ويرى أكثر من باحث أنهما كتاب واحد فقد ذهب العلامة الشيخ فضل الله الزنجاني إلى ان الكتاب للنوبختي ويرى الاستاذ عباس إقبال الاشتياني انه تأليف سعد بن عبد الله الاشعري المعاصر للنوبختي وذلك قبل العثور على كتاب المقالات والفرق للاشعري الذي نشره الدكتور جواد مشكور وبعد ان انتشر الكتابان كتب السيد محمد رضا الحسيني مقالا نشره في مجلة تراثنا العدد الاول السنة الاولى 1405 ص 29 ـ 51 يؤيد فيه رأي الاشتياني وذهب إلى ان كتاب فرق الشيعة المطبوع باسم النوبختي هونسخة مختصرة من كتاب المقالات والفرق للاشعري . أقول ان كون الكتابين كتابا واحدا أمر لا ينبغي التردد فيه وإنما الكلام حول مؤلفه هل هوالنوبختي أم الاشعري أو شخص آخر .
  • 5. الفهرست لابن النديم ص 225 .
  • 6. انظر قاموس الرجال ج 2 ص87 ترجمة إسماعيل بن علي ( أبي سهل النوبختي ) . وفي الفصل العشرين من مقدمته قال التستري ( رح ) ان فهرست ابن النديم لا يكون بذاك الاعتبار لانه كان وراقا ينقل عن الكتب والكتب يقع فيها التصحيف كثيرا فبدل أبا بكر الجعابي محمد بن عمر بـ عمر بن محمد ، وتوهم في علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم انه علي بن اسماعيل بن ميثم ، وتوهم انه أول متكلمي الشيعة مع انه كان من تلاميذ هشام بن الحكم وتوهم في يقطين والد علي بن يقطين انه كان إماميا يحمل الاموال إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) ونُمَّ خبره إلى المنصور والمهدي فصرف الله كيدهما عنه مع ان ابنه علي بن يقطين إنما كان إماميا يحمل الاموال إلى الكاظم ( عليه السلام ) ونم خبره إلى هارون وأما يقطين فكان من وجوه الدعاة إلى بني العباس ومن الناصبين للصادق ( عليه السلام ) ، وتوهم في الفضل بن شاذان الرازي العامي هو الفضل بن شاذان النيشابوري الإمامي . قاموس الرجال ج1ص51 .
  • 7. من كتاب : شبهات و ردود ـ الرد على شبهات احمد الكاتب حول الإمامة الإلهية لأهل البيت (ع) ووجود المهدي المنتظر (ع) ـ للسيد سامي البدري .