حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ندرة حديث الرسول عند الشيعة
نص الشبهة:
يدعي الشيعة: أنهم يعتمدون في الأحاديث «على ما صح من طريق أهل البيت» (أصل الشيعة وأصولها ؛ لمحمد حسين آل كاشف الغطا : ص 83 .) . وهذا فيه تمويه وخداع ؛ لأنهم يعدون الواحد من أئمتهم الاثني عشر كالرسول (صلی الله علیه وسلم) لا ينطق عن الهوى، وقوله كقول الله ورسوله، ولذلك يندر وجود أقوال الرسول في مدوناتهم؛ لأنهم اكتفوا بما جاء عن أئمتهم. أيضاً: ليس بصحيح أنهم يعتمدون على ما جاء عن طريق أهل البيت (كلهم)؛ إنما عن طريق أئمتهم فقط، فهم لا يعتدون بذرية «الحسن» مثلاً.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : إن الأئمة المعصومين « عليهم السلام » هم الذين قالوا لنا على لسان الإمام الصادق « عليه السلام » : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي . . إلى أن قال : وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وحديث رسول الله ، قول الله عز وجل 1 .
وقد ذكرنا شطراً من الروايات الكثيرة الدالة على هذا المعنى في إجابتنا على السؤال رقم 22 .
ثانياً : إن حديث الثقلين قاض ببقاء أهل البيت « عليهم السلام » مع القرآن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . أي أنهم مع القرآن ليكونوا هم المرجع للأمة والحجة لها في دينها ، وشرعها ، ومعارفها ، على حد مرجعية القرآن ، وحجيته ، ولا يكون ذلك إلا إذا كانوا « عليهم السلام » معصومين عن أي خطأ أو زلل . .
ثالثاً : هل يستطيع أحد أن يثبت خطأ أو زلل آصف بن برخيا الذي جاء بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس ؟! وكذلك الحال بالنسبة لغيره من أوصياء الأنبياء ؟!
فما معنى إنكار عصمة الأئمة « عليهم السلام »من دون حجة ، ودليل ؟!
رابعاً : هل هناك مشكلة في أن يشبه الوصي النبي في العصمة ، كما يشبهه في معرفته التامة بأحكام الشرع والدين ؟! وكما يشبهه في بشريته ، وفي غير ذلك ؟!
خامساً : إذا كان علي « عليه السلام » بمنزلة هارون من موسى فمعنى ذلك : أنه بمنزلته في كل شيء باستثناء صفة النبوة ، فيشمل معنى العصمة كما يشمل معنى الأخوة ، والوزارة ، والخلافة ، وغير ذلك . .
ولماذا لا تكون آية المباهلة الدالة على أن علياً « عليه السلام » نفس النبي مؤيدة لما استفدناه من حديث الثقلين ؟!
سادساً : إذا كانت آية التطهير دالة على عصمة أصحاب الكساء ، ألا يعني ذلك : أن صفة العصمة يمكن أن تكون لغير النبي « صلى الله عليه وآله » أيضاً ؟!
كما أنه إذا كانت مريم وخديجة ، وآسية بنت مزاحم وفاطمة الزهراء هن اللواتي كملن من النساء ، فذلك يعني : أن فيهن صفة العصمة ، مع أن النساء لا يكنّ من الأنبياء . .
سابعاً : إن المرويات عن رسول الله وعلي « صلوات الله عليهما وعلى آلهما » إنما وردت من حديث الأئمة من أبنائهم بالسند المتصل عنهم ، بحيث رواه إمام عن إمام ، وكذلك الحال بالنسبة للحسنين والسجاد « عليهم السلام » ، فليس للشيعة موقف سلبي من الرواية عنه « صلى الله عليه وآله » ، بل موقفهم هو نفسه الموقف من روايات علي والحسنين « عليهم السلام » . .
ثامناً : ذكرنا : أن غير الشيعة من المسلمين قد اعتبروا سنة الشيخين من الدين كسنة رسول الله « صلى الله عليه وآله » .
قال أبو زهرة : « وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة » 2 .
وقد رأينا : أنهم يعقدون في كتب أصولهم باباً لكون قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحقاً بالنسبة لغير الصحابي بالسنة .
وقيل : « إن ذلك خاص بقول الشيخين أبي بكر وعمر » 3 .
وخطب عثمان حينما بويع ، فقال : إن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه « صلى الله عليه وآله » ثلاثاً : « اتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم ، وسن سنة أهل الخير فيما لم تسنوا عن ملأ . . الخ . . » 4 .
وقال البعض : السنة هي : « ما سنه رسول الله « صلى الله عليه وآله » والصحابة بعده عندنا » 5 .
وأمثال ذلك كثير ، فراجع كتب أصول الفقه ، وكتابنا : (الحياة السياسية للإمام الحسن « عليه السلام ») ص 86 ـ 90 .
لفت نظر
ونعود فنذكر : بأن اليهود يقولون : إن أقوال الحاخامات كالشريعة 6 .
سنة الشيخين والخلفاء سوى علي عليه السلام
قد تقدم : أنهم يعقدون باباً في كتب الأصول يذكرون فيه :
أن قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالسنة ، وقيل : إن ذلك خاص بقول الشيخين أبي بكر وعمر .
وقال عمر بن عبد العزيز : « ألا إن ما سنه أبو بكر وعمر ، فهو دين نأخذ به ، وندعو إليه » .
وزاد المتقي الهندي : « وما سن سواهما ، فإنَّا نرجيه » 7 .
ورووا عن النبي « صلى الله عليه وآله » قوله : « فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين » 8 .
وبهذا استدلَّ الشافعي على حجية قول أبي بكر وعمر 9 .
مع أننا أشرنا : إلى أن هذا الحديث ـ لو صح ـ فالمقصود بالخلفاء الراشدين هم الأئمة الاثنا عشر « عليهم السلام » ، الذين ذكرهم النبي « صلى الله عليه وآله » مرات كثيرة ، كما في صحيحي : مسلم ، والبخاري ، وسنن أبي داود ، وغير ذلك 10 .
والمقصود بسنة الخلفاء : هو ما تلقوه عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، واستفادوه من كتاب الله من أحكام وسنن وتشريعات .
وأما إخراج عثمان ، فلعله لأجل تسهيل إخراج علي « عليه السلام » ، ولعله لأجل ظهور عوار سلوكه ، حتى إن الرعية لم تتحمل سياساته ، فقتلته . .
ويقول عثمان : « إن السنة سنة رسول الله وسنة صاحبيه » 11 .
وفي قضية الشورى يعرض عبد الرحمن بن عوف على أمير المؤمنين علي « عليه السلام » : أن يبايعه على العمل بسنة النبي « صلى الله عليه وآله » ، وسنة الشيخين : أبي بكر وعمر ؛ فأبى « عليه السلام » ذلك ، فحولت البيعة إلى عثمان 12 .
وقد بلغ من تأثير الشيخين على الناس ، ونفوذهما فيهم : أننا نجد ربيعة بن شداد لا يرضى بأن يبايع علياً أمير المؤمنين « عليه السلام » على كتاب الله وسنة رسوله .
وقال : على سنة أبي بكر وعمر .
فقال له « عليه السلام » : « ويلك ، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شيء » 13 .
وهذا الكلام لا يعني أن الشيخين قد عملا بكتاب الله وسنة رسوله ، بل معناه : تعليم ذلك الجاهل ما ينبغي أن يكون بديهياً عنده بغض النظر عن حقيقة سلوك الشيخين في هذا المجال . .
ومهما يكن من أمر ، فقد قال ابن تيمية : « فأحمد بن حنبل وكثير من العلماء يتبعون علياً فيما سنه ، كما يتبعون عمر وعثمان فيما سناه ، وآخرون من العلماء ـ كمالك وغيره ـ لا يتبعون علياً فيما سنه . وكلهم متفقون على اتباع عمر وعثمان فيما سناه » 14 .
سنة كل إمام عادل
ثم لما مست الحاجة إلى فتاوى وتبريرات أخرى اقتضتها سياسات الحكام ، وتصدى الحكام لسن بعض السنن ، جاء المبرر الآخر المنسوب إلى ابن عباس ، ليكون أكثر قبولاً لدى أهل العلم ، وإن كنا لا نوافق على نسبته له ، ليقول : « السنة سنتان : من نبي ، أو من إمام عادل » 15 .
سنة وفتوى كل أمير
وحين زاد تدخل الحكام في شرع الله ، وفي دينه ، واتسع نطاقه ، وتعدى دائرة الخلفاء ، وكان لا بد من تبرير ذلك أيضاً ، قالوا :
إنه بعد موت أبي بكر ، وفتح سائر البلاد في عصر عمر ، وبعده ، تزايد تفرق الصحابة في البلاد . فكان أمير كل بلد يجتهد ، لو لم يكن فيها صحابي 16 .
وكأنهم يريدون بصياغة الأمور على هذا النحو الإيحاء : بأن ذلك قد كان بسبب الضرورة ، حيث لم يكن ثمة مخرج إلا ذلك ، مع أن المخرج موجود ، بمرأى منهم ومسمع وهو الأخذ بقول النبي « صلى الله عليه وآله » فيما يرتبط بالتمسك بالعترة .
فإنهم سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وهم أحد الثقلين ، اللذين لن يضل من تمسك بهما .
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 17 .
- 1. الكافي ج1 ص53 وروضة الواعظين ص211 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج27 ص83 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص58 والإرشاد للمفيد ج2 ص186 والخرائج والجرائح ج2 ص895 ومنية المريد للشهيد الثاني ص373 و وصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص153 وبحار الأنوار ج2 ص178 و 179 وتفسير نور الثقلين ج5 ص148 وتفسير الميزان ج19 ص33 وإعلام الورى ج1 ص536 وج2 ص384 .
- 2. ابن حنبل ص251 ـ 252 ومالك لأبي زهرة ص290 .
- 3. راجع على سبيل المثال : فواتح الرحموت ج2 ص186 والتراتيب الإدارية ج2 ص366 ـ 367 وسلم الوصول في شرح نهاية السؤل ج4 ص410 وراجع نهاية السؤل ج4 ص410 وأصول السرخسي ج2 ص114ـ 115 .
- 4. الفتنة ووقعة الجمل ص86 وتاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص446 وحياة الصحابة ج3 ص505 عنه .
- 5. أصول السرخسي ج1 ص113 وراجع : نهاية السؤل ج4 ص416 .
- 6. مقارنة الأديان (اليهودية) تأليف الدكتور أحمد شلبي ص222 و (ط مكتبة النهضة المصرية) ص219 .
- 7. تاريخ مدينة دمشق ج11 ص385 وكنز العمال ج1 ص332 و (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص370 عن ابن عساكر ، وكشف الغمة للشعراني ج1 ص6 والنص له .
- 8. راجع : الثقات لابن حبان ج1 ص4 و ج2 ص151 وكتاب المجروحين لابن حبان ج1 ص10 وكتاب الضعفاء لأبي نعيم ص46 ونهاية السؤل ج3 ص266 و 267 وسلم الوصول في شرح نهاية السؤل ج4 ص410 وأصول السرخسي ج1 ص114 و 317 و 380 وج2 ص106 و 116 والمحصول للرازي ج4 ص175 وج6 ص131 وإرشاد الفحول ص33 والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ج1 ص232 و 241 و 248 و 249 وج2 ص98 وج4 ص207 و 237 والعلل لابن حنبل ج1 ص21 وحياة الصحابة ج1 ص12 وعن كشف الغمة للشعراني ج1 ص6 .
وراجع : ومسند أحمد ج4 ص126 و 127 وسنن الدارمي ج1 ص45 وسنن ابن ماجة ج1 ص16 وسنن أبي داود ج2 ص393 وسنن الترمذي ج4 ص150 والمستدرك للحاكم ج1 ص96 و 97 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص114 وجزء ابن عاصم ص10 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص29 و 30 وشرح معاني الآثار ج1 ص81 و 258 وصحيح ابن حبان ج1 ص179 والمعجم الأوسط ج1 ص28 والمعجم الكبير ج18 ص246 و 247 و 248 و 257 ومسند الشاميين ج1 ص254 و 402 و 446 وج2 ص197 و 299 والإستذكار لابن عبد البر ج1 ص288 وج2 ص71 وج8 ص8 و 13 والتمهيد لابن عبد البر ج8 ص66 و 117 وج21 ص279 والكافي لابن عبد البر ص74 وجامع بيان العلم وفضله ج2 ص90 و 182 و 183 والأربعين البلدانية لابن عساكر ص121 وموارد الظمآن ج1 ص205 والعهود المحمدية ص17 و 635 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص173 وشرح مسند أبي حنيفة ص245 وكشف الخفاء ج2 ص206 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص530 وج3 ص82 وتفسير البغوي ج2 ص145 والتفسير الكبير للرازي ج1 ص189 و 209 و 270 وج12 ص216 و 217 وتاريخ مدينة دمشق ج31 ص28 وج40 ص178 و 180 وج64 ص375 وأسد الغابة ج3 ص399 وتهذيب الكمال ج5 ص473 وج17 ص306 وج31 ص539 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص1150 و 420 ومصادر كثيرة أخرى . - 9. راجع المصادر التي في الهامش السابق .
- 10. راجع كتابنا : الغدير والمعارضون ص61 ـ 70 .
- 11. السنن الكبرى للبيهقي ج3 ص144 ومعرفة السنن والآثار ج2 ص429 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج8 ص234 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص255 والغدير ج8 ص100 وراجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 قسم 2 ص135 . وراجع رواية صالح بن كيسان ، والزهري في تقييد العلم ص106 و 107 وفي هامشه عن العديد من المصادر .
- 12. راجع قصة الشورى في أي كتاب تاريخي شئت . وراجع : أصول السرخسي ج2 ص114 والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص133 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص188 وأسد الغابة ج4 ص32 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص162 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص125 و (تحقيق الشيري) ج1 ص166 .
وراجع : مسند أحمد ج1 ص75 ومجمع الزوائد ج5 ص185 وفتح الباري ج13 ص170 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص202 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص304 . - 13. بهج الصباغة ج12 ص203 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص56 والكامل في التاريخ ج3 ص337 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص207 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص6 عن أيام العرب في الاسلام (طبع دار إحياء الكتب العربية) ص390 .
- 14. منهاج السنة ج3 ص205 وقواعد في علوم الحديث ص446 .
- 15. كنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص180 وج6 ص11 عن الديلمي في الفردوس ، والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص71 وفيض القدير ج4 ص192 .
- 16. راجع : الخطط والآثار للمقريزي ج2 ص332 وتاريخ حصر الاجتهاد ص90 و 92 و 93 .
- 17. ميزان الحق . . ( شبهات . . وردود ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م ، الجزء الرابع ، السؤال رقم (158) .