السائل:
العمر:
المستوى الدراسي:
الدولة:
المدينة:
لماذا لم يتم الاجابة على سؤالي سماحة الشيخ لقد طرحته اكثر من مرة ولكن لا ارى الجواب ، كيف نختار الصديق ؟
السوال:
لماذا لم يتم الاجابة على سؤالي سماحة الشيخ لقد طرحته اكثر من مرة ولكن لا ارى الجواب ، كيف نختار الصديق ؟
ارجوا الاجابة خادمكم: جعفر محسن حميد
الجواب:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :
لقد أولى الإسلامُ الصداقةَ و معايير إختيار الصديق إهتماماً كبيراً و مميَّزاً ، و ذلك لأن الصداقات سرعان ما تترك تأثيراتها الإيجابية أو السلبية الكبيرة على حياة الفرد و المجتمع .
و لهذا السبب فنحن نجد أن الإسلام قد رسم المنهاج الصحيح لإختيار الصديق و إنتخابه و بيَّنَ المعايير الكفيلة بنجاح هذا الانتخاب ، و في ما يلي نُشير إلى هذه المعايير على وجه الاختصار .
إن من أهم الصفات التي لا بُدَّ أن تكون موجودة في الصديق المراد إختياره ، و التي لا بُدَّ أن تكون الصداقة مبتنية على أساس تلك الصفات هي صفة الإيمان و التقوى ، و لقد أكد الفرآن الكريم في آيات عديدة ضرورة إتصاف الصديق بهاتين الصفتين ، و ذلك لأن الصداقة التي ينقصها الايمان و التقوى و التي قامت على أسس مادية بحته أو غير إيمانية لا يمكن أن يُكتب لها النجاح و التوفيق على المدى الطويل ، بل و حتى على المدى القصير .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } ، ( سورة الزخرف / 67 ) .
و قال جَلَّ جَلالُه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ } ، ( سورة الممتحنة / 1 ) .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ، ( المائدة / 51 } .
و قد بيَّن الله عَزَّ و جَلَّ في ما ذكرنا من الآيات الكريمة من لا يجوز للمؤمنين إتخاذهم أصدقاء و أخلة من الكفار و المنافقين و أعداء الله ، و حذرهم من التصادق مع غير المؤمنين و المتقين ، كما و قد منع الله جَلَّ جَلالُه المؤمنين من إختيار من يسخر من الدين الإسلامي و القيم الإسلامية ، و قال سبحانه و تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ، ( سورة المائدة / 57 ) .
و إلى جانب ذلك نجد أن الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) الذين أخذوا علومهم من جدهم النبي المصطفى محمد ( صلى الله عليه و آله ) قد فَصَّلوا في بيان ما ينبغي و ما لا ينبغي وجوده من الصفات في الصديق ، و إليك بعضاً من أحاديثهم الشريفة :
رُوِيَ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أَنَّهُ قَالَ : لَا تَصْحَبُوا أَهْلَ الْبِدَعِ وَ لَا تُجَالِسُوهُمْ فَتَصِيرُوا عِنْدَ النَّاسِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ وَ قَرِينِهِ . ( الكافي : 2 / 642 ) .
و عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ( عليه السلام ) يَقُولُ صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ . ( الكافي : 1 / 11 ) .
وَ عَنْ الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، عن الإمام عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( صلوات الله عليه ) أنه قال : يَا بُنَيَّ انْظُرْ خَمْسَةً فَلَا تُصَاحِبْهُمْ وَ لَا تُحَادِثْهُمْ وَ لَا تُرَافِقْهُمْ فِي طَرِيقٍ .
فَقُلْتُ : يَا أَبَهْ مَنْ هُمْ ؟
قَالَ : إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّرَابِ يُقَرِّبُ لَكَ الْبَعِيدَ وَ يُبَاعِدُ لَكَ الْقَرِيبَ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفَاسِقِ فَإِنَّهُ بَائِعُكَ بِأُكْلَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَخْذُلُكَ فِي مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ } ، , وَ قَالَ : { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } ، وَ قَالَ : ـ فِي الْبَقَرَةِ ـ { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ } . ( الكافي : 2 / 376 ) .
و عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) قَالَ : كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ قَالَ : يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مُوَاخَاةَ ثَلَاثَةٍ : الْمَاجِنِ ، الْفَاجِرِ ، وَ الْأَحْمَقِ ، وَ الْكَذَّابِ .
فَأَمَّا الْمَاجِنُ الْفَاجِرُ فَيُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ ، وَ يُحِبُّ أَنَّكَ مِثْلُهُ ، وَ لَا يُعِينُكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ وَ مَعَادِكَ ، وَ مُقَارَبَتُهُ جَفَاءٌ وَ قَسْوَةٌ ، وَ مَدْخَلُهُ وَ مَخْرَجُهُ عَارٌ عَلَيْكَ .
وَ أَمَّا الْأَحْمَقُ فَإِنَّهُ لَا يُشِيرُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ ، وَ لَا يُرْجَى لِصَرْفِ السُّوءِ عَنْكَ وَ لَوْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ ، وَ رُبَّمَا أَرَادَ مَنْفَعَتَكَ فَضَرَّكَ ، فَمَوْتُهُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ ، وَ سُكُوتُهُ خَيْرٌ مِنْ نُطْقِهِ ، وَ بُعْدُهُ خَيْرٌ مِنْ قُرْبِهِ .
وَ أَمَّا الْكَذَّابُ فَإِنَّهُ لَا يَهْنِئُكَ مَعَهُ عَيْشٌ يَنْقُلُ حَدِيثَكَ وَ يَنْقُلُ إِلَيْكَ الْحَدِيثَ ، كُلَّمَا أَفْنَى أُحْدُوثَةً مَطَرَهَا بِأُخْرَى مِثْلِهَا ، حَتَّى إِنَّهُ يُحَدِّثُ بِالصِّدْقِ فَمَا يُصَدَّقُ ، وَ يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدَاوَةِ فَيُنْبِتُ السَّخَائِمَ فِي الصُّدُورِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ انْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ . ( الكافي : 2 / 639 ) .
وَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ( عليه السلام ) قَالَ : قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ( عليه السلام ) : إِنَّ صَاحِبَ الشَّرِّ يُعْدِي ، وَ قَرِينَ السَّوْءِ يُرْدِي ، فَانْظُرْ مَنْ تُقَارِنُ . ( الكافي : 2 / 640 ) .
و في الختام ينبغي الإشارة إلى نقطة هامة و هي أنه ينبغي تجنب الافراط في معرفة كوامن الأفراد و خصوصياتهم الخفيَّة ، حيث أن الإنسان لا يخلو من الخطأ و من نقاط الضعف ، فقد رَوى أبو بَصِير عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ : لَا تُفَتِّشِ النَّاسَ فَتَبْقَى بِلَا صَدِيقٍ . ( الكافي : 2 / 651 ) .