ربما عندما نقرأ عن الصوم وعن شهر رمضان في آيات الذكر الحكيم وفي الأحاديث الشريفة، لا نركِّز إلَّا على الجوانب الفردية في هذا الشهر المبارك وفي هذه العبادة العظيمة، بينما الرسول الأعظم (ص) وأئمة الهدى يذهبون الى أبعد مدى من هذا، حيث يؤكدون - الى جانب تزكية النفس بالصوم، والتوبة الى الله، وغفران الذنوب - يؤكدون أيضاً على المسؤولية الإجتماعية والتكافل والإهتمام بشؤون الآخرين ممن حولنا.
عندما يهلّ محرم الحرام، يتغيّر كل شيء.. نلبس ثياباً سوداء، وتتوشّح جدران المساجد والحسينيات والمدارس، بل والبيوت والأسواق بالسواد، وتتغيَّر برامج الحياة العادية.. فالمجالس الحسينية تعم كل مكان، صباحاً، عصراً، وليلاً، الجميع يسعى لحضور مجلسٍ ما والبكاء على الحسين وأهل بيته عليهم السلام، الشعائر الحسينية تتصاعد وتيرتها حتى يوم عاشوراء حيث تملأ معالم الحزن كل مكان وتتعطل برامج الناس العادية ليوم أو يومين، ويشتغل الجميع بإظهار الحزن والأسى على حادثة الطف الأليمة، كلٌّ بطريقته الخاصة، وهكذا تستمر الشعائر الحسينية حتى تصل ذروتها مرة أخرى في يوم الأربعين (20 صفر) حيث يجتمع الملايين من داخل العراق وخارجه لزيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام .