أحد أعلام المجتهدين في القرنَين : الثاني عشر و الثالث عشر من الهجرة المباركة ، و من أصحاب التآليف القيّمة .
وُلد في قرية " نَراق " و هي من قرى مدينة كاشان الايرانية ، و يُظَنّ أن يكون مولده بحدود عام 1128 ه .
نشأت حياته العلمية في الحوزة العلميلة بمدينة كاشان ، ثم انتقل إلى مدينة أصفهان لينهل من علوم أعلامها ، ثم هاجر إلى مدينة كربلاء ثم إلى النجف الأشرف ليتابع مسيرته العلمية ، ثم عاد إلى مدينة كاشان و استقر بها .
من اساتذته :
آية الله العظمى الوحيد البهبهانيّ .
آية الله العظمى الشيخ يوسف البحرانيّ صاحب كتاب الحدائق الناضرة .
آية الله المحقّق الشيخ مهدي الفتّونيّ .
من مؤلفاته :
لَوامع الأحكام في فقه شريعة الإسلام .
مُعتَمد الشيعة في أحكام الشريعة .
التحفة الرضويّة في المسائل الدينيّة .
أنيس التجّار، في المعاملات .
أنيس الحُجّاج ، في مسائل الحجّ و الزيارة .
المناسك المكيّة .
رسالة في صلاة الجمعة .
تجريد الأصول .
رسالة في الإجماع .
جامع الأفكار، في الإلهيّات .
الشهاب الثاقب ، في الإمامة .
المستقصى ، في علم النجوم .
جامع السعادات ، في علم الاخلاق ، ثلاثة أجزاء .
محرِّق القلوب ، في مصائب آل البيت عليهم السلام .
توفي سنة 1209 هجريّة في مدينة النجف الأشرف، و دُفن فيها .
قد صرح علماء الأخلاق بأن صاحب الفضائل الأربع لا يستحق المدح ما لم تتعد فضائلها إلى الغير، ولذا لا يسمى صاحب ملكة السخاء بدون البذل سخيا بل منفاقا، ولا صاحب ملكة الشجاعة بدون ظهور آثارها شجاعا بل غيورا، ولا صاحب ملكة الحكمة بدونها حكيما بل مستبصرا.
قد تبين في العلم الطبيعي أن للنفس الناطقة قوتين: " أولاهما ": قوة الإدراك و " ثانيتهما ": قوة التحريك، ولكل منهما شعبتان: (الشعبة الأولى) للأولى العقل النظري، وهو مبدأ التأثر عن المبادئ العالية بقبول الصور العلمية، و (الشعبة الثانية) لها العقل العملي، وهو مبدأ تحريك البدن في الأعمال الجزئية بالرؤية.
لما عرفت أن القوى في الإنسان أربع: قوة نظرية عقلية، وقوة وهمية خيالية، وقوة سبعية غضبية، وقوة بهيمية شهوية - فاعلم أنه بإزاء كل واحدة منها لذة وألم، لأن اللذة إدراك الملائم، والألم إدراك غير الملائم...
لا تحصل السعادة إلا بإصلاح جميع الصفات والقوى دائما، فلا تحصل بإصلاحها بعضا دون بعض، ووقتا دون وقت، كما أن الصحة الجسمية، وتدبير المنزل، وسياسة المدن لا تحصل إلا بإصلاح جميع الأعضاء والأشخاص والطوائف في جميع الأوقات.
إعلم أن الغاية في تهذيب النفس عن الرذائل وتكميلها بالفضائل هو الوصول إلى الخير والسعادة. والسلف من الحكماء قالوا: إن " الخير " على قسمين مطلق ومضاف، والمطلق هو المقصود من إيجاد الكل، إذ الكل يتشوقه وهو غاية الغايات، والمضاف ما يتوصل به إلى المطلق. و " السعادة " هو وصول كل شخص بحركته الإرادية النفسانية إلى كماله الكامن في جبلته.
ما عرفت من تجرد النفس إنما هو التجرد في الذات دون الفعل لافتقارها فعلا إلى الجسم والآلة، فحدها أنها جوهر ملكوتي يستخدم البدن في حاجاته، وهو حقيقة الإنسان وذاته، والأعضاء والقوى آلاته التي يتوقف فعله عليها، وله أسماء مختلفة بحسب اختلاف الاعتبارات...
لما عرفت أن الحياة الحقيقية للانسان تتوقف على تهذيب الأخلاق الممكن بالمعالجات المقررة في هذه الصناعة، تعرف أنها أشرف العلوم وأنفعها لأن شرف كل علم إنما هو بشرف موضوعه أو غايته.
الخلق عبارة عن " ملكة للنفس مقتضية لصدور الأفعال بسهولة من دون احتياج إلى فكر وروية " والملكة: كيفية نفسانية بطيئة الزوال. وبالقيد الأخير خرج الحال لأنها كيفية نفسانية سريعة الزوال، وسبب وجود الخلق إما المزاج كما مر، أو العادة بأن يفعل فعلا بالرؤية، أو التكلف ويصبر عليه إلى أن يصير ملكة له ويصدر عنه بسهولة وإن كان مخالفا لمقتضى المزاج.
للمزاج مدخلية تامة في الصفات: فبعض الأمزجة في أصل الخلقة مستعد لبعض الأخلاق، وبعضها مقتض لخلافه، فإنا نقطع بأن بعض الأشخاص بحسب جبلته، ولو خلي عن الأسباب الخارجية، بحيث يغضب ويخاف ويحزن بأدنى سبب، ويضحك بأدنى تعجب، وبعضهم بخلاف ذلك.
هذا المذهب يرجع إلى القول بتجسد الأعمال بصورة مأنوسة مفرحة أو صورة موحشة معذبة، وقد ورد بذلك أخبار كثيرة: منها: ما روى أصحابنا عن قيس بن عاصم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يا قيس " إن مع العز ذلا ومع الحياة موتا ومع الدنيا آخرة، وإن لكل شئ رقيبا وعلى كل شئ حسيبا...
الأخلاق المذمومة هي الحجب المانعة عن المعارف الإلهية، والنفحات القدسية إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس فما لم يرتفع عنها لم تتضح لها جلية الحال اتضاحا، كيف والقلوب كالأواني فإذا كانت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء، فالقلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها معرفة الله.
فضائل الأخلاق من المنجيات الموصلة إلى السعادة الأبدية، ورذائلها من المهلكات الموجبة للشقاوة السرمدية، فالتخلي عن الثانية والتحلي بالأولى من أهم الواجبات والوصول إلى الحياة الحقيقية بدونهما من المحالات.
إن قلت: الإدراك وسائر الصفات الكمالية للنفس يضعف أو يختل بضعف البدن أو اختلاله كما نشاهد في المشايخ والمرضى وتجردها ينافي ذلك. قلنا: الضعف أو الاختلال إنما يحدث في الإدراك والأفعال المتعلقة بالقوى الجسمية، وأما ما يحصل للنفس بجوهرها أو بواسطة القوى الجسمية بعد صيرورته ملكة لها يحصل فيه اختلال وضعف، يصير ظهوره أشد وتأثيره أقوى.
ينبغي للصائم ان يغض بصره عن كل ما يحرم النظر إليه، أو يكره، أو يشغل القلب ويلهيه عن ذكر الله تعالى، ويحفظ اللسان عن جميع آفاته المتقدمة، ويكف السمع عن كل ما يحرم أو يكره استماعه، ويكف بطنه عن الحرام والشبهات، ويكف سائر جوارحه عن المكاره. وقد ورد في اشتراط جميع ذلك في الصوم في ترتب كمال الثواب عليه أخبار كثيرة.