حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
اهل بدر مغفور لهم
نص الشبهة:
ويذكرون : أنه حينما كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتجهز لفتح مكة ، كتب حاطب ابن أبي بلتعة كتاباً إلى أهل مكة يحذرهم ، وأعطاه امرأة لتوصله إليهم . فأخبر جبرائيل النبي «صلى الله عليه وآله» بالأمر ، فأرسل علياً ونفراً معه إلى روضة خاخ (موضع بين مكة والمدينة) ليأخذوا الكتاب منها ، فأدركوها في ذلك المكان ، وفتشوا متاعها فلم يجدوا شيئاً ، فهموا بالرجوع . فقال علي «عليه السلام» : والله ما كَذَبْنَا ولا كُذِّبْنَا ، وسل سيفه ، وقال لها : أخرجي الكتاب وإلا لأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها . فرجعوا بالكتاب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فأرسل إلى حاطب فسأله عنه ، فاعترف به ، وادَّعى : أنه إنما فعل ذلك لأنه خشيهم على أهله ، فأراد أن يتخذ عندهم يداً فصدقه رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعذره . لكن عمر بن الخطاب قد رأى : أن حاطباً قد خان الله ورسوله ، فطلب من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يضرب عنق حاطب ، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله» : أليس من أهل بدر ؟ لعل ـ أو إن ـ الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد وجبت لكم الجنة . أو فقد غفرت لكم (راجع : البخاري ط سنة1309 ج2 ص110 ، وج3 ص39 و129 و... (قد ذكر المؤلف مراجع كثيرة اخرى حذفت لحفظ الاختصار)) . قال الحلبي : «وهو يفيد : أن ما يقع منهم من الكبائر لا يحتاجون إلى التوبة عنه ؛ لأنه إذا وقع يقع مغفوراً . وعبر فيه بالماضي مبالغة في تحققه . وهذا كما لا يخفى بالنسبة للآخرة ، لا بالنسبة لأحكام الدنيا . ومن ثم لما شرب قدامة بن مظعون الخمر في أيام عمر حد ، وكان بدرياً» . وقال الحلبي أيضاً : «وفي الخصائص الصغرى ، نقلاً عن شرح جمع الجوامع : أن الصحابة كلهم لا يفسقون بارتكاب ما يفسق به غيرهم» (السيرة الحلبية ج2 ص203 و 204 ، وراجع : فتح الباري ج7 ص237 و 238 .) . ورووا عنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً قوله : لن يدخل النار أحد شهد بدراً (فتح الباري ج7 ص237 وسنده صحيح على شرط مسلم .) .
الجواب:
ونقول :
إذا كان شرب البدري للخمر لا يضر ، ولا يحتاجون للتوبة من الكبائر ، فليكن الزنى حتى بالمحارم غير مضر لهم أيضاً ، وكذلك تركهم الصلاة ، وسائر الواجبات وغيرها! . وليكن أيضاً قتل النفوس كذلك . ولقد قتلوا عشرات الألوف في وقعتي الجمل وصفين ، وقتلوا العشرات ، سراً وجهراً ، غيلة وصبراً . فإن ذلك كله لا يضر ، ولا يوجب لهم فسقاً ، ولا عقاباً!!
أضف إلى ذلك : أن ابن أُبي مغفور له ، لأنه أيضاً قد شهد بدراً حسبما روي 1 .
وإذا صح ما ذكروه عن أهل بدر ، فلا يبقى معنى لتكليف البدريين بالشرائع والأحكام ، ولماذا يتعبون ويشقون ، ما دام أن دخول الجنة حاصل ومضمون لهم ، فليتنعموا في حياتهم الدنيا ، وليستفيدوا من لذائذها حلالاً أو حراماً!! .
أما دفاع علي «عليه السلام» عن الحق ، وإمعانه في قتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، بعد أن تناسوا أقوال الرسول «صلى الله عليه وآله» وإخباراته الصادقة عن هذه الفئات الضالة ، فقد اعتبروه جرأة منه على الدماء ، وأن سببه هو ما سمعه من أن الله رخص لأهل بدر في أن يفعلوا ما شاؤوا!! 2 .
ثم إننا لا ندري لماذا يعاقب البدري في الدنيا ، إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه قد منع عمر من عقاب حاطب الذي خان الله ورسوله ، وكتب للمشركين بأسرار المسلمين ، واحتج الرسول «صلى الله عليه وآله» لهذا المنع ـ حسبما يدَّعون ـ ببدرية حاطب ؟!
وإذا كان الله قد غفر لهذا البدري ، فلماذا يعاقب في الدنيا ؟!
أليس عقابه حينئذٍ يكون بلا ذنب جناه ؟
ولا خطيئة اقترفها ؟!
والحقيقة هي أن الحلبي : لما رأى عمر قد أقام الحد على قدامة ، اضطر إلى عدم إسقاط العقاب الدنيوي عن أهل بدر ، ولولا ذلك لكنا رأيناه يسقطه أيضاً ، محتجاً بإسقاط النبي «صلى الله عليه وآله» له عن حاطب . ولكن وبعد أن كان المعني هو عمر بالذات ، فلا بد من بناء الفقه والأحكام على أساس فعله ، وعدم الالتفات إلى فعل النبي «صلى الله عليه وآله» وقوله وتقريره!!
نعم ، لقد استنبط الحلبي كل هذه الأحكام من الحديث الشريف الذي عبر بكلمة : « (لعل) فليت شعري : كم كان سوف يستنبط من الأحكام لو أنه ثبت لديه الجزم بالمغفرة لهم كما ذكرته رواية أخرى» ؟! .
ولكن الحقيقة هي أن حديث المغفرة لأهل بدر ـ لو صح ـ فلم يكن فيه كلمة «اعملوا ما شئتم» . والمغفرة إنما هي بالنسبة لما سبق لهم من ذنب ، وإذا كانت هذه الفقرة ثابتة كان المراد بها : فليستأنفوا العمل ، فلسوف يجازون بحسب ما يعملونه فيما يأتي ، لا أن المغفرة تكون بالنسبة لما سوف يقترفونه بعد ذلك أيضاً .
ولو كان قوله : «اعملوا ما شئتم» ثابتاً ويراد به المغفرة للذنوب الآتية أيضاً ، لاحتج به قدامة على عمر ، ليدرأ الحد عن نفسه . ولاحتج أيضاً بموقف النبي «صلى الله عليه وآله» من حاطب ، كما أن من الصعب على عمر نفسه أن يقدم على مخالفة أمر نبوي بهذا الوضوح والمعروفية 3 .
هذا كله بالإضافة إلى أن شيوع هذه الفقرة عن النبي «صلى الله عليه وآله» بما لها من هذا المعنى الذي يدعيه هؤلاء ، يلائم المصالح السياسية في أحيان كثيرة ، الأمر الذي يقوي الظن بأن للسياسة يداً في تأكيد ونشر هذا المعنى .
من هم أفضل من أهل بدر ؟!
ونسجل هنا : أننا نجد سعد بن أبي وقاص يكاد يفضل جيشه في حرب المدائن على أهل بدر ، فيقول : «والله ، إن الجيش لذو أمانة ، ولولا ما سبق لأهل بدر لقلت وأيم الله : على فضل أهل بدر ، لقد تتبعت من أقوام هنات وهنات فيما أحرزوا ، وما أحسبها ولا أسمعها من هؤلاء القوم» 4 .
بل إن كعب بن مالك يفضل ليلة العقبة على بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها 5 .
نعم ، هذا هو شأن بدر عندهم ، وشأن غيرها . ولكنهم لم يحكموا لغير البدريين بالجنة ، لأنه ليس فيهم من يهتمون بالمغفرة له وبإدخاله إلى الجنة . أو تفرض السياسة تبرير أعماله ومواقفه المخالفة للإسلام ، والقرآن ، والإنسانية! رغم أن سعداً حسب النص المذكور آنفاً يرى أن في أهل بدر من صدرت منهم هنات وهنات أنزلت من مقامهم ، وخففت من ميزانهم . وهو على حق في ذلك ، فإن لكثير من أهل بدر مواقف وأفاعيل غريبة وعجيبة ، لسنا هنا في صدد الحديث عنها .
ابن الجوزي وحديث المغفرة للبدريين
ويعجبني هنا ما قاله ابن الجوزي ، في تعليق له على حديث المغفرة لأهل بدر ، فهو يقول : «نعوذ بالله من سوء الفهم ، خصوصاً من المتسمين بالعلم .
روى أحمد في مسنده : أنه تنازع أبو عبد الرحمن السلمي ، وحيان بن عبد الله ، فقال أبو عبد الرحمن لحيان : قد علمت ما الذي حدا صاحبك ـ يعني علياً ـ قال : ما هو ؟
قال : قول النبي «صلى الله عليه وآله» : لعل الله اطلع إلى أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم .
وهذا سوء فهم من أبي عبد الرحمن ، حين ظن أن علياً «عليه السلام» إنما قاتل وقتل اعتماداً على أنه قد غفر له .
وينبغي أن يعلم : أن معنى الحديث : لتكن أعمالكم المتقدمة ما كانت ، فقد غفرت لكم .
فأما غفران ما سيأتي فلا يتضمنه ذلك ، أتراه لو وقع من أهل بدر ـ وحاشاهم ـ الشرك ؛ إذ ليسوا بمعصومين ، أما كانوا يؤاخذون به ؟ فكذلك المعاصي .
ثم لو قلنا : إنه يتضمن غفران ما سيأتي ، فالمعنى : أن مآلكم إلى الغفران .
ثم دعنا من معنى الحديث ، كيف يحل لمسلم أن يظن في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فعل ما لا يجوز اعتماداً على أنه سيغفر له ؟! حوشي من هذا . وإنما قاتل بالدليل المضطر له إلى القتال ، فكان على الحق .
ولا يختلف العلماء : أن علياً رضي الله عنه لم يقاتل أحداً إلا والحق مع علي .
كيف وقد قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : اللهم أدر الحق معه كيفما دار .
فقد غلط أبو عبد الرحمن غلطاً قبيحاً ، حمله عليه أنه كان عثمانياً» 6 إنتهى 7 .
- 1. السيرة الحلبية ج1 ص335 .
- 2. راجع : البخاري ج9 ص23 ط مشكول ، وفتح الباري ج7 ص238 ، والغارات ج2 ص568 و 569 ، وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص100 .
- 3. راجع حول عدالة الصحابة كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج2 .
- 4. حياة الصحابة ج3 ص758 عن تاريخ الطبري ج3 ص138 .
- 5. البداية والنهاية ج5 ص23 عن البخاري ، وأبي داود ، والنسائي ونحوه ، مفرقاً ومختصراً ، وروى الترمذي بعضه ، والبيهقي ج9 ص33 ، وحياة الصحابة ج1 ص475 عمن تقدم ، وعن الترغيب والترهيب ج4 ص366 .
- 6. صيد الخاطر ص385 .
- 7. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء السادس .
تعليق واحد
اذا كان محبي ال البيت
أضافه Sunni Yemen في
اذا كانت الروايات عندكم ان الخمر لا يفسد الدين عندكم بل يفسده محبة ال البيت فكيف تنكرون بمن احب الله ورسوله هل حب الحسين افضل من حب رسول الله