مركز الإشعاع الإسلامي

وقد قال المجلسي (رحمه الله): «ثم اعلم أن هذه القصة من المشهورات بين الخاصة والعامة، وإن أنكره بعض المخالفين».

فقد روى الكليني رحمه الله، حديث آية الولاية، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود، عن أبي جعفر.. الخ..

ألف: قد ذكر: أن علياً (عليه السلام) قال لعثمان: «أنت أولى من الخلفاء بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وسنته، لقرابتك ولصهرك الخ.. وهو قوله عليه السلام: وقد نلت من صهره ما لم ينالا..» 1.
وذلك معناه: أن عثمان قد صاهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ابنتيه..

قلنا أما الكلام على ما تضمنه هذا السؤال فهو مما يخص الكلام في الإمامة، وقد استقصيناه في كتابنا المعروف بالشافي في الإمامة، وبسطنا القول فيه في هذه الأبواب ونظائرها بسطا يزيل الشبهة ويوضح الحجة، لكنا لا نخلي هذا الكتاب من حيث تعلق غرضه بهذه المواضع من إشارة إلى طريقة الكلام فيها.

قلنا: لم يظهر أمير المؤمنين عليه السلام في أحكام الشريعة خلافا للقوم إلا بحيث كان له موافق وان قل عدده، أو بحيث علم ان الخلاف لا يؤول إلى فساد ولا يقتضي إلى مجاهرة ولا مظاهرة.

وثانياً: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما يتعامل مع الناس بعلم الظاهر، لا بعلم الغيب الذي هو علم الإمامة، وقد أوضحنا هذا النقطة في الكثير من الموارد.

قلنا ان أمير المؤمنين عليه السلام لفرط احتياطه بالدين وتخشنه فيه وعلمه بأن المخبر ربما دعته الضرورة إلى ترك التصريح واستعمال التعريض، أراد أن يميز للسامعين بين الأمرين ويفصل لهم بين ما لا يدخل فيه التعريض من كلامه مما باطنه كظاهره، وبين ما يجوز ان يعرض فيه للضرورة، وهذا نهاية الحكمة منه وإزالة اللبس والشبهة، ويجري البيان والإيضاح بالضد فيما يوهمه النظام من دخوله في باب التدليس في الحديث، لان المدلس يقصد إلى الإبهام ويعدل عن البيان والإيضاح طلبا لتمام غرضه. وهو عليه السلام ميز بين كلامه وفرق بين أنواعه حتى لا تدخل الشبهة فيه على احد.

اقول: بل الذي يفسر احجام علي (عليه السلام) عن اخذ البيعة من العباس او ابي سفيان هو انهما عرضا البيعة على أساس قبلي مضافا إلى ان عليا ينظر إلى بيعة من به الكفاية من أهل السابقة والجهاد ممن عرف النص ووعاه ولم يكن أبو سفيان أو العباس كذلك.