لا يختص القرآن الكريم في موضوعاته بأمة من الامم كالامة العربية مثلاً ، كما لا يختص بطائفة من الطوائف كالمسلمين ، بل يوجه خطابه الى غير المسلمين كما يتكلم مع المسلمين. ودليلنا على هذا ، الخطابات الكثيرة الموجهة في القرآن الى الكفار والمشركين واهل الكتاب واليهود وبني اسرائيل والنصارى .. احتج مع كل طائفة من هذه الطوائف ودعاهم الى معارفه الحقة والتدبر في آياته الكريمة.
الكلام الإلهي يتضمن أمرين مهمين ، أصول الفكر والمعرفة ، وأسس الحياة الاجتماعية ، والأول مهمته إدارة وتنظيم حركة العقل والتفكير ، وأما الثاني فيهتم بإدارة وتنظيم حركة المجتمع .
فالقرآن الكريم أسس لأمّهات القيم والأفكار بأساليب متعددة ، نظرية كالآيات المختصرة ، وعملية كالتجارب والمقاطع القصصية الموجّهة ، وذلك لتكون سائر الأفكار التفصيلية متولّدة عنها .
توجد في مصادرنا أخبار آحاد بوجود نقص في القرآن ، وقد ردَّها علماؤنا ، لأنا نعتقد بعصمة القرآن وسلامته من التحريف . بل إن مذهبنا كله مبني على إطاعة وصية النبي صلى الله عليه وآله بإتباع القرآن و العترة ومعناه أن القرآن كان موجوداً مجموعاً من عهده صلى الله عليه وآله . لكن المشكلة أنه توجد في مصادر السنيين أخبار أكثر قد تزيد على المئة حديث وأثر ، وفيها الصحيح الصريح بنقص القرآن وزيادته ! فلا بد لهم أيضاً أن يردوها لمخالفتها للمجمع عليه بين الأمة من سلامة القرآن من الزيادة والنقصان . فمن غير الإنصاف أن ينظر إلى ما يوجد في مصادرنا وقد ردَّه علماؤنا ، وتُغمض العيون عما يوجد في مصادر غيرنا ، وهو أكثر منه وأصح عندهم ! ونعتقد بأنه يجب ردها جميعاً .
قال قوم : إنا إذا تلونا القرآن و تأملناه وجدنا معظم كلامه مبنياً و مؤلفاً من ألفاظ قريبة و دارجة في مخاطبات العرب و مستعملة في محاوراتهم ، و حظ الغريب المشكل منه بالإضافة الى الكثير من واضحه قليل ، و عدد الفقر و الغرر من ألفاظه بالقياس الى مباذله و مراسيله عدد يسير ، الأمر الذي لا يشبه شيئاً من كلام البلغاء الأقحاح من خطباء مصاقع و شعراء مفلقين ، كان ملء كلامهم الدرر و الغرر و الغريب الشارد .
أَوّلاً : ليست في الآية صَراحة بمسألة الزوجيّة مِن ذكرٍ وأُنثى ( اللِقاح الجنسي ) حسب المُتبادر إلى الأذهان ، فلعلّ المُراد : التزاوج الصنفي أي المتعدّد من كلّ صنف ، كما في قوله تعالى : ﴿ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴾ أي صِنفان كنايةً عن التعدّد مِن أصناف مُتماثلة ؛ ذلك لأنّ الفاكهة ليس فيها ذكر وأُنثى وليس فيها لِقاح ، إنّما اللِقاح في البذرة لا الثمرة .
زعم ( تسدال ) أنّ قصّة مريم و ابنها المسيح ( عليهما السَّلام ) لم ترد في كتب النصرانية المعتمدة , و اعتبرها خرافة وهمية , و حجّته في ذلك عدّة شبَةٍ في ذهنه :
الجن في تعابير القرآن1 من الغريب أن نرى بعض الكُتّاب الإسلاميّين يلهجون بما لاكه المستشرقون الأجانب من فرض التعابير الواردة في القرآن بشأن الجنّ ، تعابير مستعارة من العرب توافقاً معهم جَدَلاً كعامل تنفيذ في أوساطهم على سبيل المماشاة ، لا على سبيل الحقيقة المعترَف بها . إذ يبعد اعتراف القرآن بما لا يعترف العلم التجربي بوجوده أو سوف ينتهي إلى إنكاره رأساً . لكن ذلك لا يوهن شأن القرآن بعد أن كان تعبيره بذلك ظاهريّاً ومجاراةً مع القوم . و هكذا تعبيره عن السحر و إصابة العين تعبير ظاهري و ليس على حقيقته . قالوا : و هذا نظير تأثّره ظاهراً بالنظام الفلكي البطلميوسي و الطبّ الجالينوسي القديمين ، و قد رفضهما العلم الحديث .
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين . السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون و رحمة الله و بركاته . و بعد.. موضوع البحث ، هو : ( الحروف المقطعة في فواتح السور من وجهة نظر قرآنية ) . فلقد كثر الحديث عن الحروف المقطعة الواردة في فواتح السور القرآنية ، و تعددت ، و تشعبت الأقوال و الآراء حولها . حتى عد المفسرون ما يقرب من عشرين قولاً حول المراد منها.. فقيل: ـ هي من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله سبحانه . ـ هي أسماء للسور التي وقعت في أوائلها . ـ إنها أسماء لمجموع القرآن.. ـ إنها أسماء لله سبحانه فـ " ألم " معناها : أنا الله العالم . و " ألمر " معناها : أنا الله أعلم و أرى.. ـ إنها أسماء لله مقطعة لو أحسن تأليفها لعلم اسم الله الأعظم ، فـ " ألر و حم و ن ". تصير : الرحمن . و هكذا ـ إن هذه الحروف شريفة لكونها مباني كتبه المنزلة و أسمائه الحسنى و صفاته العليا ، و أصول لغات الأمم.. و قد أقسم الله تعالى بهذه الحروف .
دراسة معمقة تناول فيها العلامة المحقق الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي ( حفظه الله ) معنى التأويل كمصطلح علمي . مرّ التأويل عند المسلمين بأدوار مميزة تركت وراءها أفاعيل بعيدة في التأثير على الذهنية الإسلامية ، و أرقاما كبيرة ساهمت في إثراء الثقافة الإسلامية ، و في تلوين و تنويع مفاهيمها و معطياتها . و إلى التأويل يرجع الكثير من الخلافات المذهبية في الاختلافات حول مسائل الفكر و قضايا العقيدة ، و منه ما نقرؤه في مدونات تفسير القرآن الكريم ، و كتب شروح الحديث الشريف .
بُعث محمدٌ ( صلى الله عليه و آله ) نبياً في يوم الإثنين السابع و العشرين من شهر رجب عام : 13 قبل الهجرة 1 ، و اقترنت بعثته بنزول خمس آيات من القرآن ، و هي الآيات الأولى من سورة العلق ، أي : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ 2 ، فهذه الآيات هي أول ما أنزله الله عَزَّ و جَلَّ على نبيه المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) من القرآن الكريم .
السورة مصطلح قرآني استخدم في القرآن الكريم للتعبير عن الوحدة التي تضمُّ عدداً من الآيات الكريمة ، و قد تكرر ذكر السورة في القرآن الكريم في عدة مواضع ، منها قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ﴾ 1 . قال العلامة المحقق آية الله السيد مرتضى العسكري ( حفظه الله ) في معنى السورة : اختلفوا في أصلها لغة ، منها قولهم : أنّها من سور المدينة لإحاطتها بآياتها و اجتماعها كاجتماع البيوت بالسور . و في المصطلح الإسلامي القرآني : ـ السورة ـ جزء من القرآن يفتتح بالبسملة ما عدا سورة براءة ، و يشتمل على آي ذوات عدد ، و قد جاءت بالمعنى الاصطلاحي في القرآن الكريم بلفظ المفرد تسع مرّات ، و بلفظ الجمع مرّة واحدة ، و إنّ أصغر سور القرآن " الكوثر " و أكبرها " البقرة " 2 .
مما يثار حول القرآن الكريم من الشبهات هو : إذا كان القرآن كتاباً لكل البشرية ، فلماذا أنزله الله باللغة العربية ، و لم ينزله بلغة أخرى غيرها ؟ و في الجواب نقول : من الواضح أن نزول القرآن ـ كغيره من الكتب السماوية ـ كان لا بُدَّ أن يكون بلغة من اللغات الحية التي يتكلم بها الناس عصر نزول القرآن ، و اللغة العربية كانت إحدى أهم تلك اللغات . و من الواضح أيضاً أنه على أي لغة أخرى ـ غير العربية ـ كان يقع الاختيار فإن هذه الشبهة كان يمكن طرحها ، و حينها كان يقال : لماذا نزل القرآن بهذه اللغة ، قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ 1 .
تعتبر المعجزة من الدلائل المهمة التي تثبُت بها نبوة النبي ، و هي بمثابة أوراق اعتماده و هويته التي تؤيد صدق دعواه و ارتباطه بالله تعالى ، فلذلك نرى أن الأنبياء ( عليهم السَّلام ) إلى جانب ما أقاموه من الدلائل و البراهين على صدق دعواهم قد اظهروا معاجز تؤكد صدق ادعائهم و لا تدع مجالا للشك في حقانية نبوتهم .