حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
أدعية الامام زين العابدين لولده الامام الباقر
أما أدعية الامام على وجه العموم فانها تمثل جانبا أصيلا ومشرقا من جوانب التربية الاسلامية ، وهي من افضل الوسائل لتهذيب النفوس ، وتقويم الاخلاق.
لقد رأى الامام العظيم الأمة ـ في عصره ـ قد غمرتها سحب قاتمة من التدهور الديني والخلقي والاجتماعي فوضع أدعيته التي عرفت ب ( السجادية ) ليعالج بها الأمراض النفسية ، ويعيد للأمة ما فقدته من أرصدتها الروحية والفكرية ، وهي من اثمن الثروات الاسلامية بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة.
ان ادعية الامام (ع) تتفجر بالعلم والحكمة ، وتفيض بروح الايمان والاسلام ، وتمد الأمة بما تحتاجه من التعليم لضمان توازنها الاجتماعي والفردي ، .. وكان من بين ادعيته الشريفة هذا الدعاء الذي خص به ولده يقول (ع) :
« اللهم ومنّ علي ببقاء ولدي ، وباصلاحهم لي ، وبامتاعي بهم ، الهي : امدد لي في اعمارهم ، وزد في آجالهم ، ورب لي صغيرهم ، وقولي ضعيفهم ، واصح لي أبدانهم واديانهم ، واخلاقهم ، وعافهم في أنفسهم وفي جوارحهم وفي كل ما عنيت به من أمرهم ، وادرر لي وعلى يدي ارزاقهم ، واجعلهم ابرارا اتقياء ، بصراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك محبين مناصحين ولجميع اعدائك معاندين ومبغضين آمين.
اللهم أشدد بهم عضدي ، وأقم بهم أودي ، وكثر بهم عددي ، وزين بهم محضري ، واحي بهم ذكري ، واكفني بهم في غيبتي ، واعني بهم على حاجتي ، وأجعلهم لي محبين ، وعلى حدبين مقبلين ، مستقيمين لي مطيعين غير عاصين ، ولا عاقين ولا مخالفين ، ولا خاطئين ، واعني على تربيتهم وتأديبهم ، وهب لي من لدنك معهم أولادا ذكورا ، واجعل ذلك خيرا لي ، واجعلهم لي عونا على ما سألتك ، واعذني وذريتي من الشيطان الرجيم ، فانك خلقتنا وأمرتنا ونهيتنا ، ورغبتنا في ثواب ما أمرتنا ورهبتنا عقابه ، وجعلت لنا عدوا يكيدنا سلطته منا على ما لم تسلطنا عليه منه اسكنته صدورنا ، واجريته مجاري دمائنا ، لا يغفل ان غفلنا ، ولا ينسى ان نسينا ، يؤمننا عقابك ، ويخوفنا بغيرك ، إن هممنا بفاحشة شجعنا عليها ، وان هممنا بصالح ثبطنا عنه ، يتعرض لنا بالشهوات ، وينصب لنا بالشبهات ... إن وعدنا كذبنا ، وإن منانا اخلفنا ، وإلا تصرف عنا كيده يضلنا وإلا تقنا خباله يستزلنا.
اللهم : فاقهر سلطانه عنا بسلطانك حتى تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك فنصبح من كيده في المعصومين بك ... اللهم فاعطني كل سؤلي ، واقض لي حوائجي ، ولا تمنعني الاجابة ، وقد ضمنتها لي ، ولا تحجب دعائي عنك وقد امرتني به ... وامنن عليّ بكل ما يصلحني في دنياي وآخرتي ما ذكرت منه وما نسيت ، أو أظهرت او اخفيت ، أو اعلنت أو اسررت ، واجعلني في جميع ذلك من المصلحين بسؤالي اياك ، المنجحين بالطلب إليك غير الممنوعين بالتوكل عليك ، المعوذين بالتعوذ بك ، والراغبين في التجارة عليك ، المجارين بعزك ، الموسع عليهم الرزق الحلال من فضلك ، الواسع بجودك وكرمك ، المعزين من الذل بك ، والمجارين من الظلم بعد لك ، والمعافين من البلاء برحمتك ، والمغنين من الفقر بغناك ، والمعصومين من الذنوب والزلل والخطأ بتقواك ، والموفقين للخير والرشد والصواب بطاعتك ، والمحال بينهم وبين الذنوب بقدرتك ، التاركين لكل معصيتك ، الساكنين في جوارك.
اللهم : اعطنا جميع ذلك بتوفيقك ورحمتك واعذنا من عذاب السعير واعط جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات مثل الذي سألتك لنفسي ولولدي في عاجل الدنيا وآجل الآخرة انك قريب مجيب ، سميع عليم ، عفو ، غفور ، رءوف رحيم ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار .. »1.
لقد وضع الامام العظيم مناهج التربية ، واخلاق الاسلام بهذا الدعاء الشريف الذي هو من نفحات النبوة ، ومن عبقات الامامة ، ومن الصفحات المشرقة من تراث أهل البيت (ع) ، فقد عنى فيه الامام بتربية ابنائه تربية تقوم على تهذيب الاخلاق ، وتطهير النفوس من الزيغ والآثام ... لقد دعا لهم بالصحة في الأديان ، والمعافاة من اقتراف ما حرمه الله ، ودعا لهم بالاستقامة والتوازن في سلوكهم ليكونوا قرة عين له ، وعونا له على شئون هذه الحياة ، ومن الطبيعي أن الأب إنما يسعد بولده فيما إذا استقامت اخلاقه وكان صالحا في هديه وسلوكه ، وأما إذا شذ عن ذلك فانه يحول حياة أبويه الى جحيم لا تطاق2.