مجموع الأصوات: 24
نشر قبل 10 أشهر
القراءات: 1133

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الإخوة في الجبهة

ذكرنا في البحث السابق أن إحدى صفات أهل النار التفرقة والاختلاف والتنازع فيما بينهم. أما أهل الجنة فإن القرآن الكريم يصفهم بالأخوة: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ 1.

ففي الجنة لا يسمع الكلام العابث واللغو، والفرح يملأ قلوب الجميع والسرور عام لأن الأخوة هي الحاكمة على الجميع.
فمن يريد أن يدخل يف زمرة أهل الجنة عليه أن يجعل محل عمله وجهاده جنة أخرى ويحفظ الأخوة فيها.
فكلما حفظه الأخوة والمحبة، ارتفعت القيم المعنوية، أما إذا حل النزاع وتحطمت أركان الوحدة فإن المآسي والمعاصي ستكون عاقبة الجميع.

عوامل نمو الوحدة والأخوة

من العوامل المؤثرة في حفظ الوحدة وتنمية الأخوة والمحبة والتآلف والاحترام والخدمة. فقد جاء في الأحاديث "أن من أسرَّ أخاه المؤمن فقد أسرّ الله وثواب إدخال السرور أعظم من صيام شهر واعتكافه".
وفي رواية أخرى أيضاً: "قضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف حول الكعبة".
كل هذا لأجل تثبيت أواصر الأخوة والتعاون وحفظ الوحدة والانسجام.

زعزعة الوحدة الإسلامية

من الذنوب العظيمة الإساءة إلى وحدة المؤمنين وتآخيهم. ومن الأعمال التي تؤدي إلى مثل هذا الأمر سوء اللسان والسخرية وإهانة الآخرين والغيبة. وقد توعد الله تعالى كل من يفعلها بالنار. ﴿ ... وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ 2.

سوء الظن والغيبة في القرآن

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ 3.

الغيبة في الروايات

يقول الإمام الحسين عليه السلام: "الغيبة أدام كلاب أهل النار".
أي أن الاستغابة تصبح في جهنم طعاماً للكلاب التي تنهش لحوم فاعليها.
وللإمام الخميني قدس سره شرحاً لهذا الحديث يقول فيه أن الذي يغتاب الآخرين تتغير هويته تدريجياً ليتحول بعدها إلى كلب، ويساق إلى جهنم، وعندما يريد أن يأكل فإن طعامه يكون تلك الاستغابات التي فعلها في الدنيا. تلك اللحوم الميتة والفاسدة. وفي رواية أخرى في وسائل الشيعة (ج8): "الغيبة أشد من الزنا".

سوء اللسان لا يختلف عن الغيبة

التجريح والكلام السيء لا يختلفان عن الغيبة، فالذي يصدر منه كلام يؤدي إلى جرح مشاعر الآخرين هو كمن يقول فيهم في غيبتهم ما يؤذيهم وهذا هو معنى الغيبة. أما إذا ذكر عنه من العيوب ما ليس فيه فهو البهتان وهو الإثم المبين.
والله تعالى يعد الفتنة أعظم من القتل: ﴿ ... وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ... 4.

زوال الاحترام

إن عدم احترام الآخرين سواء في حضورهم أو غيبتهم، وتوهين مقامهم يؤدي إلى نزول العذاب الإلهي والنقمة الكبرى.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ... 5.

الكذب والشائعات

يعتبر الكذب مساوياً لعبادة الأصنام. وفي القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ ... فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ 6.
وإطلاق الشائعات مساوٍ للكذب. علينا أن نتحقق دائماً من أي كلام ننقله. وإذا سمعنا شيئاً ما لا نصدق به فوراً بل نتحقق من صحته. وإذا كان البعض منا ينقلون الأحاديث أو الأخبار بدون دليل شرعي علينا أن ننهاهم ونحذرهم.
وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أن الكذب يشمل الإشاعة أيضاً.
ويصف الإمام الكاظم عليه السلام حال الكذاب يوم القيامة بالصورة التالية: "يدخل في بدن الكاذب يوم القيامة سيخاً من حديد محمى، وبعد أن يفتضح أمام الناس يلقى به في جهنم".

الذنب وآثاره في الجبهة

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج من فم الكذاب ريحاً نتنة ترتفع إلى السماء، فإذا شمتها الملائكة لعنته".
فإذا ارتكبت في الجبهات أفعال الكذب والشائعات والاتهامات فإن الروائح الكريهة سوف ترتفع إلى عالم الملكوت حيث الملائكة تكون قد سعدت برائحة الشهداء الزكية، فتنفر وتبتعد.
فالجبهة محل تجلي الأنوار الإلهية، ومحل عناية إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولا ينبغي أن تشاع فيها مثل تلك الأجواء الفاسدة. لأنها لو حدثت -والعياذ بالله- فسوف تؤدي إلى زوال المغفرة والرحمة.
كلما سمعتم شيئاً من هذا القبيل أطروده. وأيضاً على الأخوة المجاهدين أن يكتموا الأسرار.

قصة عن الإمام

حدث مرة أن اغتاب أحد الطلبة مرجعاً من مراجع التقليد، في حضور الإمام الخميني، فهل تعرفون ماذا أدى ذلك؟! لقد أصابت الحمى سماحة الإمام قدس، وعطَّل درسه ثلاثة أيام، لم يخرج خلالها من المنزل، وعندما عاد إلى التدريس بعد ذلك كان الأذى بادياً عليه بوضوح.
إذا لم يتحرج المؤمن وهو المدعي أنه من جند إمام الزمان من الغيبة وإثارة الشائعات وأمثالها، فليعلم أنه لن يحظى برضا الله والإسلام عنه ولن يشمله برعايته، والويل لنا ثم الويل من اليوم الذي تُرفع فيه يد الرعاية الإلهية ويد رعاية الغيب عنا.

إذا حدث لا سمح الله أن أهان مؤمن مؤمناً، أو استهزأ وسخر مؤمن من أحد المؤمنين، أو أساء بعضهم الظن ببعض، واغتاب بعضهم البعض، وتبادلوا الاتهامات، حينئذ لن تغدو ساحة الجهاد ساحة جند الله، بل ستصبح ساحة الشيطان، وسترفع عنها آنئذ يد الرعاية الإلهية.
ولعل عظمة الذنوب المترتبة عن الكذب وإثارة الشائعات والغيبة والاتهام والبهتان والتسقيط، عظمة تلك الذنوب، ترجع إلى أن هذه الأعمال القبيحة تستأصل روح الأخوة والاتحاد والتضامن من بين الأمة الإسلامية، وتحل محلها الفرقة والنزاع وبالتالي الهزيمة والضعف.
فيا أيها المؤمنون والمجاهدون -قادة وجنداً- اعلموا أنه إذا سخر أو استهزأ وأهان أحدكم أخيه في ساحة الجهاد، فليتيقن من أن ذهابه إلى تلك الساحة لن يحظى برضا الله سبحانه وقبوله.

على جميع أفراد القوات الإسلامية، في الجبهة وغيرها، أن يحرصوا كل الحرص على تعميق الأخوة والاتحاد بينهم، وهذا تكليف إلهي يعتبر شرطاً لقبول أعمالهم وجهادهم عند الله عزَّ وجلَّ.
العياذ بالله من أن يقدم الإنسان ماله وأولاده ونفسه وحياته في سبيل الله في الظاهر، ثم يجد في أول ليلة له في القبر، أن كل ذلك لم يحظ بقبول الله سبحانه وتعالى ولم ينَلْ رضاه عزَّ وجلَّ، فهذه هي الحسرة التي ما بعدها حسرة والندامة والخسران المبين.
العياذ بالله تعالى، من أن يستولي الغرور على قائد فيتجرأ على إهانة أحد من جند الله، إذ ذاك لن تحظى أعماله برضا الله وقبوله.

أيها الأعزاء.. اعلموا أن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يحضر في ساحة الحرب التي لا كذب فيها ولا غيبة ولا بهتان ولا تسقيط و...
وتذكروا أنه وفي بعض الأحيان تسبب غيبة يتجرأ عليها نفر واحد حرمان مئة ألف من نور الله والوجود المقدس لوليه الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف 7.