حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الرجال وخدمة العيال
بفعل الأنفة يستنكف الكثير من الرجال عن خدمة أسرهم وأولادهم، فهي لا تليق بمقام الرجل ومكانته كأب للأسرة كما يتصورون.
وأحيانا يكون المانع من مساهمة الآباء في خدمة الأبناء والأسرة في المنزل ، هو الفكرة القائلة ان شأن الرجل ما هو خارج الدار من أمور وتكاليف وعمل، وعلى المرأة كل ما هو داخل الدار من طبخ وتربية لأولادها وعناية بزوجها، وهذه فكرة قد تكون سليمة لكنها لا تعني عدم المساهمة (التي هي مدار المقالة) في الخدمة المنزلية.
يمكنني القول علاوة على كل ذلك أن فكرة مساهمة الرجل في خدمة عائلته وأسرته يعترضها الكثير من الاستهجان والنقد من الأقارب أو الأصدقاء باعتبارها تدخلا غير محبذ في مهام الطرف الآخر (الزوجة).
يمكننا هنا الإشارة إلى بعض الفوائد التي تتأتى للأسرة وللأب بسبب مساهمته في خدمة العيال بما في ذلك الزوجة التي تستحق الخدمة كما تخدم هي عائلتها وأولادها وزوجها.
1/ الخدمة تعني وقتا يوفره الأب ليكون في المنزل مع أولاده وأسرته، وهذا يجعل العلاقة وثيقة بين الأبناء ووالدهم، خصوصا في زمن يتجه أغلب الآباء فيه ليصرف أغلب أوقاتهم خارج المنزل، ويبتعدون عن أولادهم وعيالهم في أغلب ساعات اليوم.
2/ الخدمة تؤكد إحسانا ملموسا في نفوس الأبناء من قبل الآباء، فأغلب الأبناء لا يلمسون إحسان والدهم لهم، وكل الأمور التي يتصورها الأب أنها موارد واضحة للإحسان، قد لا تكون كذلك في قلوب الأبناء لعدم إحساسهم بها، ولو أخذنا مثلا بسيطا لولد عمره 8 سنوات، وقلنا له إن أباك هو السبب بعد الله في خلقك فلن يعني ذلك عنده أمرا ذا قيمة، وكذلك إذا قلنا له إن أباك هو الذي يأتي لك بالمال والنقود ويصرف عليك، لأنه لا يدري بمعاناة والده في كسب المال والتعب من أجل تحصيله.
الخدمة المنزلية للعائلة بما فيها من أولاد وزوجة تجعل الإحسان محسوسا فينعكس ذلك في رفع قيمة الأب وعلو منزلته في نفوس أبنائه.
3/ الخدمة توصل للمزيد من انفتاح الأبناء على آبائهم، لأن طبيعة الإحسان توجد المحبة، وقد ورد في المأثور (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها) وأقرب الطرق لترجمة المحبة هو التعاطي والانفتاح بأريحية منقطعة النظير بين الأب وأبنائه.
4/ وأخيرا الخدمة توجد نوعا من التوازن مع القسوة والأوامر والنواهي التربوية التي يوجهها الأب دائما لأولاده، فيكون الولد قابلا ومتحملا لأي زجر أو نهي من قبل والده.
لقد تدخلت في بعض المشاكل التي وصلتني بين بعض الأولاد وآبائهم، وفوجئت بهم وهم يصرحون: أن آباءهم هم مجرد مكائن لإنتاج الأوامر والنواهي وأنهم يجيدون معهم لغة الضرب والإهانة والتقزيم.
ختاما: الخدمة هي التي تولد الطاعة عند الأبناء لآبائهم فسيد القوم دائما هو خادمهم1.
- 1. الشيخ محمد الصفار * صحيفة اليوم 17 / 12 / 2010م - 11:14 م-العدد: 13700، نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله.