مجموع الأصوات: 13
نشر قبل 11 شهراً
القراءات: 1005

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

فاطمة عليها السلام فوق مقام الأبرار

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا 1.

وصفٌ لحال الأبرار الذين نعموا برضوان الله تعالى وكرامته وبيان لمقامهم، وأظهر مصاديق هذا المقام الكريم انّهم يشربون كأساً صفته ممزوج بكافور.

ثم تنتقل الآية الى وصف هذه العين التي هي شراب المقربين، وهي عين يتولى أمرها عباد الله اذ يفجرونها تفجيراً، فمن هم هؤلاء الذين يتولون تفجير هذه العين وأمرها، ومن ثَمَ يسقون منها الابرار؟

ان الآية تكفّلت ببيان هؤلاء المتولين لأمر هذه العين وهم عباد الله الذين صفاتهم :

1 - يوفون بالنذر.

2 - يخافون يوم القيامة الذي يكون شره مستطيراً مهولاً.

3 - يطعمون المسكين واليتيم والأسير لله تعالى عطاءً خالصاً لا يرجون من غيره جزاءً ولا شكوراً.

فمن هؤلاء اذن؟

اتّفق الفريقان أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).

فقد أورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بأربع وعشرين طريقاً أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) وخلاصة القصة انّهم(عليهم السلام) السلام نذروا إن عوفي الحسنان أن يصوموا لله تعالى ثلاثاً، فلمّا عوفيا، وفوا بنذرهم فجاءهم في اليوم الاول مسكين فأعطوه طعامهم وسألهم في اليوم الثاني يتيم فأعطوه طعامهم ووقف ببابهم أسير فأعطوه طعامهم فباتوا ثلاثاً طاويين فانزل الله بهم هذه الآيات، فثبتت صفة عباد الله الذين يفجرون هذه العين لهم(عليهم السلام). فاذن هم الذين يفجرون عين الكافور ويفيضون منها على الابرار ليمتزج شرابهم بقليل من العين أي أنها واسطة فيض على الابرار ولهم القيمومة التامة على ذلك، وهذا يطابق قيمومتهم على الابرار وانّهم المقرّبون في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ 2.

فشهادة كتاب الابرار من قبل المقربين دليل على قيمومة المقربين على الابرار وشهادتهم عليهم، فالمقربون هم الشهداء على كتاب الابرار أي أعمالهم، ولذلك ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة "أنتم الصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء.." وفي موضع اخر من الزيارة "شهداء على خلقه وأعلاماً لعباده" هذه هي شهادة المقربون وهيمنتهم على الابرار، والمقرّبون هؤلاء هم السابقون الذين وصفتهم الآية بقوله تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ 3 مع أن سورة الدهر لم تزل في سياقات وصف المقربين وهم الذين يوفون بالنذر ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا 4 هذا حال المقربين، ويطابق هذا الوصف لعباد الله وارتفاع مقامهم عن الابرار ما في سورة المطففين من قوله تعالى ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ 5 فهذه الآيات تشير ايضاً الى أن المقربين واسطة فيض للابرار وهم الذين يمزجون شراب الابرار بشيء من التسنيم، ولأنهم وسطاء فيض فهم يشهدون اعمال الابرار، وهذا يتطابق مع ما تقدم من أن المطهرين في هذا الشرع المقدس، المعصومين يمسون الكتاب في اللوح المحفوظ المكنون الذي يستطر فيه كل غائبة، ومنها أعمال العباد، فالمطهر هو المقرّب، وهم عباد الله الذين يسقون الابرار من عين يفجرونها تفجيرا، وهذه العين هي عين الكافور، وهي عين فوق مقام الابرار، والسلسبيل الذي هو مصدر المقربين والعين التي يسقون منها هو رسول الله(صلى الله عليه وآله) اذ هو القيّم على المقربين الذين هم أهل البيت(عليهم السلام) وهو مصدرهم.

فتلّخص اذن أن الابرار يُسقون كأساً ممزوجة بالكافور، والمقربون هم مصدر الابرار، والسلسبيل مصدر المقربين التي يسقون ويُسقوْنَ منها، على أن السقاية من العين وتفجيرها، تعني أن المقرّبين هم واسطة افاضة على الابرار، الذين يفيضون بالنور والعلم والحكمة والهداية على الابرار، وهؤلاء المقرّبين وهم علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)يُفاض عليهم من عين السلسبيل بواسطة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فعلومهم وراثة من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كما في الروايات الواردة عنهم، مما يعني أن المقربين هم في مقام الحجية والقيمومة المهيمنة على الخلق اذ قيمومتهم تصدر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي ينص على حجيتهم وامامتهم بأمر الله تعالى.

وبذلك يتّضح مقام فاطمة(عليها السلام) وكونها إحدى وسائط الافاضة على الخلق النابعة من مصدر إلهي يمثله رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وظهر أنّها شاهدة للّه على الخلق، وأنّها هادية لهم، وأنّها من الراسخين في العلم الذين يمسون الكتاب المكنون في اللوح المحفوظ، فهي من الذين أوتوا العلم وأثبت في صدورهم وأنها ممّن يُعرض عليها أعمال العباد6.

 

الاعتقاد بحجية مريم ومقامها من خصوصيات الدين الاسلامي

الوسط الاسلامي...والتطرف المسيحي

التشابه بين مقامي مريم وفاطمة عليهما السلام