الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

محرقة غزة ... فرصة المواجهة الكبرى

تستحق غزة كل الدموع الإسلامية ، لكن سبيل الدموع لا يجرف البغي و لا يمحو الظلم المكتوب بالخط العريض تحت سمع و بصر العالم ، إنما يمحو الظلم و يغير الموازين قليل من الدم القاني الذي يبذله أهله مقبلين غير مدبرين ، و شيء من الاقدام و الاقتحام الذي لا يخاف أهله السجون و الموت . فالحرية ليست مجانية ، و هي لا تتحقق بجمل منمقة في هجاء الباغي و مدح المظلوم ، و لا بتجمعات خطابية للتنفيس عن الاحزان و تبرئة الضمير .
هذا المقال دعوة عملية إلى الإمساك بلحظة البغي الحالية لتغيير قواعد اللعبة المؤلمة المستنزفة التي دخلت فيها القضية الفلسطينية منذ عام 1988 ، و الرفع من مستوى المواجهة مع الصهيونية إلى مستوى التحدي ، و ذلك من خلال ثلاث خطوات متوازية :
الخطوة الأولى : توسيع ساحة المواجهة العسكرية مع الصهيونية إلى النطاق العالمي ، فمواجهتنا مع الصهيونية مواجهه عالمية مهما تجاهلنا ذلك ، و هي حرب مفتوحة مهما تمنينا غير ذلك .. إنها حرب مسرحها الكون كله ، و وسائلها السلاح و الكلمة و المال و العلم . فحصر المواجهة مع الصهيونية في الداخل الفلسطيني قبول بقواعد اللعبة التي كتبوها بدمائنا ، و إقرار لخارطة المعركة كما رسموها . لقد آن الأوان للفلسطينيين النبلاء و من آزرهم و نصرهم من العرب و المسلمين عبر العالم ، أن يتخلوا عن قواعد اللعبة التي رسمها العدو ، و أن ينقلوا معركتهم مع الصهيونية إلى ساحتها الحقيقية ، ساحة العالم الفسيح ، حيث يمكنه الالتفاف و الكر و الفر ، و ضرب العدو في مناطقه الرخوة ، و نقل الألم إلى الذين يذبحوننا و هم مرتخون في مقاعدهم الوثيرة بعواصم العالم
و أما الخطوة الثانية : فهي انتفاضة جديدة في الضفة الغربية تزلزل كيان التواطؤ و الخيانة ، فليس من الممكن أن يحقق الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من كرامته ، و زمام أمره في أيدي الذين يتاجرون بآلامه و جراحه .
أما الخطوة الثالثة : فهي واجب الشعوب العربية ، و بدونها لا معنى للندب و الدموع . هذه الخطوة هي الخروج في اعتصامات دائمة من غير توقف ، و إغلاق المدارس و المؤسسات و المنشآتة الحكومية في كافة الدول العربية ـ خصوصا في مصر التي بيدها فك الحصار ـ حتى يتم رفع الحصار عن غزة ، و قطع العلاقات مع دولة البغي .
إن تبني هذه الخطوات العملية بالتوازي سيغير قواعد اللعبة ، و ينقل المعركة إلى حيث ينبغي أن تكون . أما القبول بإدارة الصراع من داخل الطوق الذي ضربه العدو فهو عبث و استنزاف للذات .
إن ذرف الدموع على شهداء غزة و إصدار بيانات الإدانة و الشجب و التنديد شأن الحكام العجزة الذين يريدون التغطية على سوآتهم . أما أبناء الأمة النبلاء فشأنهم غير ذلك ، و ما هم بحاجة إلى الانتظار و البكاء . فلا تضيعوا الفرصة أيها النبلاء ، فهذا وقت صياغة المصير و صناعة التاريخ و المواجهة الكبرى الحاسمة .