مجموع الأصوات: 2
نشر قبل 4 أيام
القراءات: 126

حقول مرتبطة: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مسؤوليتنا تجاه اهل بيت الرسالة

ويقفز الى السطح سؤال ملح جداً؛ والإجابة عليه على درجة بالغة من الخطورة: ما هي مسسؤوليتنا تجاه هذا النور والرحمة الإلهية وأهل بيت الرسالة؟
وبعد مزيد من التفحص يبدو إن الإجابة تكمن عبر تأدية ثلاث مسؤوليات جسام، ومن دون اداء هذه المسؤوليات لن ينفع الإنسان ما يعمل، نظرا لانه سيعمل دون عقيدة صحيحة أو قلب سليم.

المسؤولية الأولى:

التسليم بحق ومنزلة أهل البيت عليهم السلام، وهذا يستدعي تطهير نفوسنا من أمراض الضغينة والحسد والكبر. ان البعض من المسلمين يحاول برأيه الشخصي الصادر عن غير تفكر وإخلاص وحسن نية، بل يسعى البعض الى تجيير وقولبة العقيدة الإسلامية، ولو في الأصول المتفق عليها- حسب ما تمليه عليه رغباته ومصالحه وما وجد عليه آباءه- والأخطر من ذلك وأدهى ان بعض من يحشر نفسه في صف الموالين لفاطمة الزهراء وأهل البيت يحاول بطريقة أو أخرى ان يحذف أو يختصر بعض الأحاديث مداهنة لأعداء الدين، أو جهلًا بعلم الحديث والتفسير، فضلًا عن عدم إلمامه بفصول اللغة والبلاغة التي هي العنوان الأول في شكل وصورة الروايات. ربنا سبحانه وتعالى يؤكد: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 1 فالاعتقاد السليم هو الأساس في العمل الصالح، ومن دونه سيكون العمل مهما كانت صورته صالحة وجميلة سراباً لا حقيقة له، بل الباطل والانحراف والخيال هو الأساس في خداع الإنسان وإضلاله، حتى يفاجأ بمصيره المحتوم، إذ يلقى الله من دون أي رصيد حقيقي صالح.

وما اتعس الإنسان واحقر به ان يستمر في حياته على أساس كذبة تاريخية كبرى تؤدي به في نهاية المطاف الى السقوط في مهاوي جهنم وبئس المصي .. فأن يمشي المرء بطيئاً ويصل الى هدفه في الآخرة، خير من ان يسابق الريح والزمن ولكنه يسير في الانحراف ولا يصل الّا الى ما يكره، وكما تقول الرواية الشريفة عن أبي عبد الله عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام جميعاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عليكم بسنة، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير على بدعة 2.

المسؤولية الثانية:

لكي لا يكون ولاؤنا وارتباطنا بأهل البيت، وبالأخص منهم سيدة نساء العالمين ولاءً وارتباطاً هامشياً او مجرد حلم، لابد ان نعي مقامها وحقها ودورها في العقيدة الإسلامية، فإنه لا يكفي مجرد معرفة انها بنت الرسول او زوجة الوصي او ام الأئمة؛ فالمعرفة الواقعية بفضل فاطمة الزهراء وبقية آل الرسول هي العامل المكرّس للتسليم بأمرهم.

المسؤولية الثالثة:

الاتباع والاقتداء بسيرة فاطمة الزهراء عليها السلام. فنحن اذا نظرنا الى تفاصيل ملحمة مطالبتها بفدك نظرة واعية فستكون أمامنا من الدروس والعبر ما لا حصر لها. فهي أولًا لم تتقاعس عن مطالبتها بحقها او استعراض مظلوميتها، رغم ان الظروف الاجتماعية والسياسية والصحية التي ألمت بها كانت صعبة للغاية.
وهي في طريقها الى المسجد لمباهلة الخليفة الأول التزمت- بما للكلمة من معنى- بشروط العفّة والشرف، وضربت بذلك أروع مثال لجميع نساء العالم ..
ومهما يكن؛ فان سورة النور التي ترسم صورة الأسرة المسلمة الفاضلة، وتحدد نوعية العلاقة بين الزوجة أو الام ببقية أفراد العائلة، إنما هي تبين فضيلة فاطمة الزهراء سلام الله عليها. ولا يخفى ان فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانت المحور لأسرة آل الرسول، فهي البنت والزوجة والام لخير خلق الله.
كما ان علاقة هذه الحوراء الإنسية بالنساء وتأثيرها الإيجابي عليهن كان قمة في الأداء والروعة. فهي كانت تحدثهن حول الفضيلة والعلم ومنزلة العلماء، حتى تزيل الحواجز بينها وبينهن فيستزدن منها المعرفة والإجابات التفصيلية على كل ما يشكل عندهن.
ولا يغيب عنا؛ اننا اذا سمعنا قول الله تعالى: ﴿ ... لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ... 3 فذلك يعني؛ كما لكم في رسول الله أسوة حسنة، كذلك في فاطمة وبعلها وبنيها، لإنهم كلهم نور واحد. وعليه يجب ان نتأسى بهم، ونتبع خطاهم، ونقتدي بهديهم .. وبذلك نحاول ان نتمثل أشخاصهم وسلوكهم في حياتنا، لأن سلوكهم وسيرتهم وكلامهم حجة علينا.
هكذا تجلت الرحمة الإلهية في شخصية فاطمة الزهراء وأبوها وبعلها وبنوها عليهم صلوات الله أجمعين. غير ان ما يؤسف عليه ان المسلمين لم يؤدوا حق هذه الرحمة، الى درجة ان بعض أهل العلم؛ بعض الكتّاب؛ بعض الخطباء .. راح يشيع ان المصائب التي جرت على أهل بيت الرسالة والتي تذكرها كتب التاريخ والتي يرويها الخطباء ويحررها الكتّاب، إنما هي مبالغ فيها. فحسب قول أحدهم: هل من المعقول ان يأتي من يجمع الحطب على باب بيت فاطمة عليها السلام ويضرم فيه النار؟ هل من المعقول ان يفتحوا باب بيت فاطمة عليها السلام عنوة ويعصروها خلف الباب؟ هل من المعقول انهم بفعلهم هذا اسقطوا جنينها؟ هل من المعقول انهم تجرأوا على ضرب فاطمة عليها السلام على مرأى من المسلمين؟ ..
لماذا نستبعد ذلك، وقد نشاهد بأم أعيننا اليوم أعداء أهل البيت كيف عمدوا الى هدم قبورهم في المدينة المنورة، وكيف يحجبون الناس عن مرقد النبي صلى الله عليه وآله ويمنعون الناس من الدنو من مراقد الأئمة المعصومين في البقيع؟؟
وبصراحة أقول: ان ما ذكره المؤرخون لنا من مظلومية أهل البيت عليهم السلام، وما جرى عليهم من اضطهاد ليس إلّا نزر يسير، وما اخفوه اكثر من ذلك واعظم بكثير. وذلك خشية من سطوة الطغاة الحاكمين، وطمعاً بالدنيا وملذاتها ..
وعلى هذا يجب ان نحذر الوساوس الشيطانية، وان نجعل مظلومية هذه السيدة الجليلة الزهراء البتول وأهل بيت العصمة عليهم السلام سواء في الماضي او في الحاضر- منطلقاً الى التمسك بخطها الاسلامي الاصيل وجعلها نبراساً لإيماننا وميزاناً دقيقاً لعقيدتنا 4.