مجموع الأصوات: 93
نشر قبل 4 سنوات
القراءات: 5580

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الموضوعية تجاه الافكار الجديدة

هناك اسباب وعوامل تحول دون قبول الأفكار الجديدة وانتشارها في ‬المجتمعات ومن أبرزها:

١. ‬الاسترسال

حيث ‬يتمثل كثير من الناس مقولة: ﴿ ... إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ 1. ‬فيعيش هؤلاء حالة من القناعة والإشباع بما لديهم من الأفكار والقناعات بشكل لا ‬يشعرون معها بالحاجة إلى الجديد، ‬فيسترسلون مع الحالة الموجودة في ‬المجتمع، ‬ولكن هذه الحالة خطأ، ‬لأنه ليس دائما ما هو سائد صحيح، ‬وقد ‬يكون صحيحا في ‬زمن أو ظرف معين، ‬والأزمنة والظروف تتغير فتحتاج الأفكار والقناعات إلى تجديد وتغيير وإصلاح.‬
من هنا كانت المجتمعات البشرية في ‬حاجة دائمة إلى التجديد والإصلاح، ‬في ‬أفكارها ‬وآرائها وأنماط حياتها، ‬لأن البقاء على وضع وحالة معينة ليس شيئا سليما، ‬فطبيعة الحياة فيها تغير وتطور، ‬ولذلك نرى تعدد الأنبياء فمع تغير الزمان والمجتمعات ‬ينزّل الله تعالى شرائع جديدة، ‬وكذلك الحال في ‬تعاليم الإسلام نجد أن باب الاجتهاد مفتوح، ‬لتغير وتطور طبيعة الحياة مما ‬يستدعي ‬حدوث تغير وتطور في ‬بعض الآراء والأفكار.‬
ولو تأملنا لوجدنا في ‬أوضاعنا الدينية آراء كانت سائدة، ‬وعندما طرحت آراء جديدة رفضت في ‬البداية، ‬ولكن بعد مدة من الزمن تلاشى الرأي ‬السابق، ‬وأصبح الرأي ‬الجديد الذي ‬كان مرفوضا هو السائد. ‬ومن الأمثلة على ذلك: ‬صلاة الجمعة، ‬إذ لم تكن متعارفة عند مجتمعاتنا الشيعية، ‬فالرأي ‬السائد كان ‬يرى أن صلاة الجمعة لا تقام إلا بحضور الإمام المعصوم، ‬أو بوجود حاكم شرعي ‬مبسوط اليد، ‬وكان هناك من الفقهاء من ‬يرى حرمة إقامة صلاة الجمعة زمن الغيبة، ‬أما الآن وخلال الربع الأخير «‬أي ‬بعد انتصار الثورة الإسلامية في ‬إيران» ‬تجلى وضع جديد فأقيمت صلاة الجمعة في ‬إيران، ‬وشيئا فشيئا بدأت تنتشر في ‬مختلف المناطق والبلدان، ‬بالطبع ووجه هذا التغيير بالاستنكار والاستغراب بادئ الأمر ولكنه أصبح واقعا الآن.‬

٢. ‬عدم الثقة بالنفس..

الكثير من الناس لا ‬يسعى للانفتاح على الآراء والأفكار الجديدة، ‬لعدم ثقتهم بأنفسهم لتقويم هذه الأفكار ومناقشتها، ‬بعكس ما عليه الحال من ثقة الجميع بأنفسهم فيما ‬يرتبط بالأمور المادية من أكل وشرب ولباس وغيرها. ‬وفي ‬المجال الفكري ‬ينبغي ‬أن ‬يكون وضع الناس كذلك، ‬فقد منح الله تعالى الإنسان عقلا، ‬فعليه أن ‬يعمل بالأسلوب الصحيح، ‬ولا ‬يعني ‬هذا أن ‬يقبل الإنسان كل فكرة جديدة دون دراسة وبحث، ‬وإنما عليه البحث والتمحيص، ‬ليحدد موقفه من أي ‬فكرة، ‬والله تعالى ‬يصف المؤمنين بقوله: ‬﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ... 2، ‬ولفظة ﴿يستمعون﴾ ‬تفيد تقصد الاستماع لا أن ‬يكون ذلك مجرد صدفة، ‬و﴿القول﴾ ‬تعني ‬الآراء والأفكار، ‬﴿فيتبعون أحسنه﴾ ‬من خلال إعمالهم عقولهم.‬

٣. ‬الخوف من الاعتراض

قسم من الناس قد ‬يقتنعون بصحة الأفكار الجديدة، ‬ولكنهم ‬يخشون من إعلان اقتناعهم لمعارضة الناس لها، ‬وبالتالي ‬يضطر هؤلاء ألا ‬يتعاطوا مع الأفكار الجديدة خوفا من مواجهة الاعتراض الموجود عند الناس.‬
وهذا ما واجهه كثيرون في ‬بداية الدعوة الإسلامية ولكن الواعين تجاوزوا هذه الحالة، ‬وفي ‬طليعة أولئك مصعب بن عمير ‬«رضي ‬الله عنه» ‬وهو من أفضل الشباب الذين كانوا يتمتعون بالدلال والرفاه من قبل أسرهم، ‬وكان معروفا بأنه أعطر فتى في ‬قريش، ‬ولما سمع عن الإسلام أصبح ‬يبحث عنه ويتقصاه إلى أن أسلم، ‬مع أن أباه وأمه كانا من أشد أعداء الإسلام في ‬ذلك الوقت، ‬لذلك أخفى عنهما إسلامه، ‬ولكن هناك من أفشى أمره إلى أبيه، ‬فواجهته أمه بالحقيقة، ‬فاعترف لها بذلك، ‬وانهالت عليه توبيخا وتقريعا وهدددته بأنها لن ترضى عنه، ‬فقال لها: ‬يا أماه لا تشقي ‬على نفسك، ‬فإني ‬قد آمنت ولن أترك الدين الحق، ‬فلم تقبل أمه منه ذلك، ‬وسجنوه في ‬البيت، ‬وقتروا عليه في ‬الطعام، ‬ولكنه أصر على موقفه، ‬وبعد ذلك هرب من بيت والديه. ‬وذات ‬يوم كان رسول الله صلى الله عليه و آله ‬جالسا مع أصحابه وقد أقبل مصعب ‬يلبس ثوبا باليا، ‬ويظهر عليه آثار الجوع، ‬فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه و آله ‬وتأثر الأصحاب، ‬وقال صلى الله عليه و آله: ‬كان مصعب وما في ‬مكة ولد أعز منه على أبويه، ‬ولكنه ترك كل ذلك حبا لله ولرسوله.‬
إن الإنسان الواعي ‬يتحمل الضغوط ويلتزم بالحق، ‬بعيدا عن رضا الناس أو عدمه. ‬،في ‬دعاء الإمام الحسين عليه السلام ‬في ‬يوم عرفة نقرأ هذه الفقرات الرائعة: ‬«ماذا وجد من فقدك، ‬وماذا فقد من وجدك» ‬فالإنسان الذي ‬يصل إلى الحق والحقيقة باقتناع. 3