مجموع الأصوات: 0
نشر قبل يوم واحد
القراءات: 114

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التفويض عند المعتزلة

معنى التفويض (في اللغة)

التفويض هو إيكال فعل الشيء إلى الآخرين على وجه الاستقلال في التصرّف دون أن يكون للمفوِّض (بكسر الواو) سلطان في فعل المفوَّض إليه (بفتح الواو)، وورد: فوّض إليه الأمر: "صيّره إليه وجعله الحاكم فيه"1.

معنى التفويض (في الاصطلاح العقائدي)

إنّ اللّه تعالى فوّض أفعال العباد إليهم وتركهم لحالهم يفعلون على وجه الاستقلال التام دون أن يكون له تعالى سلطان على أفعالهم 2.

نظرية التفويض 3:

1 ـ خلق اللّه تعالى العالم على أساس نظام الأسباب، وأتمّ عمله بذلك، وكلّ مايحدث بعد ذلك في العالم لا علاقة له باللّه تعالى أبداً.

2 ـ نقل اللّه تعالى القدرة من سلطانه القاهر إلى سلطان الإنسان، وقطع كلّ علاقة بينه وبينها، كما تنقل ملكية المتاع من البائع إلى المشتري، إلاّ أنّه تعالى طلب من الإنسان أن يستعمل قدرته في الخير لا في الشر.

3 ـ خلق اللّه تعالى الإنسان وأقدره على خلق أفعاله وفوّض إليه الاختيار والإرادة، فالعبد مستقل في إيجاد أفعاله وفق مشيئته وإرادته، وتستند أفعاله إليه بشكل تامّ ومستقل 4، ولا توجد أيّة صلة بين فعل الإنسان وبينه تعالى سوى القوة التي أودعها في العبد للمرّة الأُولى.

من أقوال القاضي عبد الجبار :

1 ـ قال في تفسيره لقوله تعالى:﴿ ... فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ... 5: "فقد فوّض الأمر في ذلك إلى اختيارنا"6.

2 ـ "إنّ هذه التصرفات محتاجة إلينا ومتعلّقة بنا في الاحتياج إلى محدث وفاعل، وإنّما احتاجت إلينا لحدوثها"7.

من دوافع القول بالتفويض:

1 ـ الحرص على حريم العدل الإلهي، وتنزيه اللّه تبارك وتعالى عما يصدر من العباد من ظلم وقبائح.

2 ـ رد فعل إزاء انتشار التيار الفكري القائل بالجبر، بحيث أدّى هذا الأمر إلى الإفراط في الدفاع عن اختيار الإنسان، والمبادرة إلى قطع العلاقة بين الإنسان وبين اللّه تعالى.

3 ـ التأكيد على القدرة البشرية وتحمّل مسؤولية الاختيار من أجل استنهاض المظلومين ومواجهتهم للحكومات الجائرة لاسترداد حقوقهم 8.

  • 1. لسان العرب: مادة (فوض).
  • 2. انظر: المصطلحات الإسلامية، مرتضى العسكري: 148.
  • 3. المشهور نسبة هذه النظرية إلى المعتزلة.

    تنبيه: لم أجد في كلام القاضي عبد الجبار المعتزلي مايدل على نفي إضافة أفعال العباد إلى اللّه تعالى بصورة مطلقة، بل قال القاضي عبد الجبار :

    "لا يجوز إضافتها [ أي: إضافة أفعال العباد ] إلى اللّه تعالى إلاّ على ضرب من التوسّع والمجاز، وذلك بأن تقيّد بالطاعات، فيقال أنّها من جهة اللّه تعالى ومن قبله، على معنى أنّه أعاننا على ذلك، ولطف لنا ووفّقنا، وعصمنا عن خلافه".

    شرح الأصول الخمسة، القاضي عبد الجبار: الأصل الخامس، فصل: في القضاء والقدر، ص778 ـ 779.

    وهذا مايدل على اعتقاد القاضي عبد الجبار بتدخّل اللّه في أفعال العباد الحسنة عن طريق إعانتهم وتوفيقهم واللطف بهم وعصمتهم عن خلافه.

  • 4. ورد هذا المعنى في: المواقف، عضد الدين الايجي: ج3، الموقف 5 ، المرصد 6 ، المقصد 1، ص214.
  • 5. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 29، الصفحة: 297.
  • 6. شرح الأصول الخمسة، القاضي عبد الجبار: الأصل الثاني: العدل، ص362.
  • 7. المصدر السابق: ص340.
  • 8. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.