نشر قبل 8 سنوات
مجموع الأصوات: 118
القراءات: 6724

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما هو سبب اختلاف العلماء في الفتوى رغم اتحاد مصادرهم ؟

نص الشبهة: 

علماء الفقه ، الذين يهتمون بعلم الحديث وعلم الرجال بمرحلة نجد أن كل واحد منهم يفتي اعتماداً على هذا الحديث أو الحادثة التاريخية ، فيعارضه الثاني أو يختلفان في الاحتياط الوجوبي والاستحباب . . فما هو السبب ؟!

الجواب: 

قد قلت : إن بعض الباحثين قد لا يلتفتون لوجود خلل في الحديث الذي يستندون إليه في أحكامهم ، مثلاً ، لو قرأ شخص قصة ذي الشمالين التي تقول : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد سها في صلاته ، وسلم على ركعتين . فقال له « ذو الشمالين » : قَصُرَتِ الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : كل ذلك لم يكن . ثم سأل النبي ( صلى الله عليه وآله ) الناس عن ذلك ، فأجابوه بالإيجاب . فسجد ( صلى الله عليه وآله ) سجدتي السهو ، وأكمل صلاته .
هذه القضية قد يقرؤها إنسان فيحكم من خلالها بأنه يمكن أن يسهو النبي ( صلى الله عليه وآله ) في صلاته ، لأنها تدل على ذلك ، ثم يحكم من خلال ما ذكرته الرواية من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد تكلم بانياً على سهوه وقال ( صلى الله عليه وآله ) : [كل ذلك لم يكن] ، ثم أتم صلاته ، ويحكم بأن التكلم المبني على السهو لا يبطل الصلاة ، فيستخلص من هذه القضية أحكاماً شرعية عديدة ، ثم يأتي باحث آخر ، فيقول له : إن هذه القضية كاذبة ، لأنها تعارض الحكم العقلي الثابت : أن النبي لا يسهو ولا يخطئ ولا يعصي ، فلا يصح لأحد أن يفتي استناداً إلى هذه الرواية . أو أن هذا الباحث الآخر يلفت نظر الباحث الأول إلى أن هذه القضية غير صحيحة ، لأن ذا الشمالين قد قتل في حرب بدر ، فكيف يكون موجوداً بعد خمس سنين منها في غزوة خيبر ؟!
وقد يختلف الباحثون في توثيق رجال الرواية ؛ فيوثقه شخص اعتماداً على نصوص لديه ، ويضعفه آخر اعتماداً على نصوص أخرى ظفر بها هو ، ولم يطلع عليها ذاك ، فتختلف النتائج في الأخذ والرد تبعاً لذلك .
ومن جهة أخرى نلاحظ أن قدرة الإنسان على تتبع النصوص واستخراجها من المصادر لها مدخلية في طبيعة استنتاجاته ، فقد يكون الإنسان عالماً ومحققاً ، ولكن لم تتوفر لديه المصادر الكافية التي توفرت لباحث آخر ، فاكتفى بالأخذ من مصادر قريبة المأخذ ، وربما يطمئن إلى عدم وجود شيء آخر فيما عداها ، فيبادر إلى الإفتاء بمضمونها .
ولكن قد يكون هناك فقيه آخر قد ساورته الشكوك بوجود أمور أخرى في مصادر أخرى ، فإذا تتبع النصوص والجزئيات ، ومختلف الدقائق واستخرجها وأفتى بمضمونها ، فتختلف فتواه عن فتوى ذاك الأول . . وللاختلاف في الفتوى أسباب ومناشئ أخرى ليس هنا محل إيرادها .
والحمد لله رب العالمين 1 .

  • 1. كتاب : مقالات و دراسات ، الباحث التاريخي ، مقابلة مجلة بقية الله العدد 54 السنة الخامسة ـ بيروت مع السيد جعفر مرتضى العاملي .