الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما الذي اجبر أبا بكر على مرافقة النبي في هجرته؟ فلو كان منافقاً فلماذا يهرب من مكة؟

نص الشبهة: 

ما الذي أجبر أبا بكر على مرافقة النبيّ (صلى الله عليه وآله) في هجرته؟ فلو كان منافقاً فلماذا يهرب من مكة؟ وإن كان نفاقه لمصلحة دنيوية، فما هي مصلحته من مرافقة النبي؟

الجواب: 

لا شكّ في أنّ سفر أبي بكر لم يكن مجبراً عليه، وأنّه اختار هذا السفر بمحض إرادته، إلاّ أنّ كيفيّة سفره نقلت بثلاثة وجوه:

  1. أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ذهب إلى منزل أبي بكر وأخبره بمسألة الهجرة إلى المدينة، وأنّ أبا بكر أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه مستعدٌّ للذهاب، وهذا الحديث تنقله ابنته عائشة 1.
  2. بعد أن أنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام) في فراشه، جاء أبو بكر إلى منزل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ففوجئ برؤية عليّ (عليه السلام) نائماً في فراش النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسأل عليّاً (عليه السلام) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بأنّه توجّه إلى بئر ميمونة، فلحق به أبو بكر هناك 2.
  3. يعتقد البعض أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما غادر المدينة رأى أبا بكر في الطريق فاصطحبه معه.

وعلى كلّ حال، فالله سبحانه هو المطلع على الضمائر والنوايا، فلو كان هذا السفر لوجه الله، فهو يُعدّ فضيلة. إلاّ أنّ الآية التي نزلت حول حادثة الغار تشير إلى أنّ السكينة والطمأنينة نزلت في حق الرسول خاصّة، قال سبحانه:﴿ ... إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ... 3.
فالمسلّم أنّ هذا النوع من الإمداد الغيبي كان مختصاً بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يشمل صاحبه، فنزلت عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) السكينة وأمدّه الله بجيش لا يُرى.
فإذا كانت المصاحبة فضيلة، فلماذا يتجاهل الكثيرون فداء عليّ (عليه السلام) في تلك الليلة ويعتبرونه أمراً هيّناً، فخروج أبي بكر من المدينة حفاظاً لنفسه هل يتساوى مع المبيت في فراش النبي، فأي الموقفين أخطر وأهم؟
ولنفترض أنّ هذه المصاحبة فضيلة، فهل هذا يصبح سبباً في أن يصير هذا الشخص عادلاً ومعصوماً إلى آخر يوم من أيّام حياته، بحيث لا يمكننا أن ننتقد أيّ عمل من أعماله! 4.

  • 1. مسند أحمد: 2 / 376.
  • 2. تاريخ الإسلام للذهبي: 1 / 318 ; السيرة النبويّة لابن هشام: 2 / 98 ـ 99.
  • 3. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 40، الصفحة: 193.
  • 4. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته، السؤال 91.