الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الإمام الخميني والعصمة المطلقة

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقولة للإمام الخميني رضوان الله عليه، في كتاب «الآداب المعنوية للصلاة» صفحة 121 يقول رضوان الله عليه: «وأما بعض المعصومين من الأنبياء والأولياء عليهم السلام فليسوا أصحاب العصمة المطلقة ولم يكونوا خالين من تصرف الشيطان..».

مولاي الفاضل: ما حقيقة هذه المقولة؟ وهل هذا هو فعلاً رأي الإمام الخميني رضوان الله عليه؟ وهل أن للإمام رضوان الله عليه، أقوالاً أخرى تنفي هذا الرأي؟ علماً أننا نعرف الإمام الخميني رضوان الله عليه، ولقد علَّمنا كيف نكون موالين حقاً، ونستبعد أن تصدر هذه الشبهات عنه رضوان الله تعالى عليه..

أجيبونا مأجورين..

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن عصمة الأنبياء والأئمة عن الخطأ والسهو والنسيان، وعن ارتكاب الذنوب لهي من الأمور الثابتة غير القابلة للتشكيك، ولا يفيد التمسك بما تشابه من كلمات آية الله العظمى السيد الخميني قدس سره.. ولا تُقْبَلُ نسبة هذا الأمر إليه.
فإن اتباع المتشابه، من صفات أهل الزيغ، الذين يريدون تأييد باطلهم بكل ما يقدرون عليه، ابتغاء البقاء في دائرة الفتنة، كما نطق به الله العلي العظيم في كتابه الكريم..
والذي نريد أن نوجه النظر إليه في إجابتنا هذه، هو الأمور التالية:

  1. إن آية الله العظمى السيد الخميني قدس سره، قد ألّف كتابه: «الآداب المعنوية» في أيام شبابه..
  2. إن الكتاب المذكور مترجم عن الفارسية، ولا ندري مدى دقة المترجِم في نقل المعنى المقصود من المؤلف، فقد تعودنا إخلال المترجمين بمقاصد المؤلفين في كثير من الموارد..
  3. إن للسيد الخميني رحمه الله تصريحات منشورة تخالف مفاد هذه العبارة المنقولة عنه، فقد قال:

«إن كل ما لدى النبي هو من الله، وهو لا يرى إلا الله، وهو فانٍ فيه. وأية حركة يتحركها الأنبياء فهي مطابقة لرضا الله، وهم يتحركون بحركة الله ، وبتحريك الله، وليس لهم أية حركة من قِبَل أنفسهم، وإنما الله هو الذي يحركهم» 1.
وقال رحمه الله:
«الله يبعث للناس هادياً، ويختار لهم أنبياء، وهم أشخاص معصومون لا يصدر منهم من أول عمرهم إلى آخره أي خطأ أو خلل، إنهم موجودات لهم هذه الصفة» 2.
4ـ إن الظاهر هو: أن مراده قدس سره بالعصمة المطلقة ما يشمل إبعاد الشيطان حتى عن التصرف بأبدانهم وأهلهم، إذ إن الله تعالى قد حكى لنا عن نبيه أيوب على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام، فقال:﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ 3.
ولعل ذلك يأتي في سياق إظهار عزم ذلك النبي، وتجلي صبره على المصائب والبلايا، وزيادة مستويات هذا الصبر لديه، ولأجل ذلك استحق النبي أيوب عليه السلام المكافأة على صبره بكشف ذلك الضر عنه.
فقد ورد في الروايات: أن أهله ماتوا جميعاً باستثناء زوجته ، فاستجاب الله تعالى دعاءه، وأحياهم له، وقد أشير إلى ذلك في قوله تعالى:﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ 4.
وأخيراً.. نقول: إن لعلماء العرفان لغتهم الخاصة بهم، ولا مجال لحمل كلماتهم على ظواهرها، بل لا بد من تفسير مصطلحاتهم العرفانية، وفق ما اصطلحوا عليه، ثم تطبيق كلامهم على أصول العقيدة وثوابتها.
وكتاب «الآداب المعنوية للصلاة»، هو من تلك الكتب التي جرى فيها السيد الخميني رحمه الله، وفق مصطلحات علم العرفان، فلا يصح محاكمة كلامه وفق المعاني المتداولة لدى عامة الناس..
غير أن مما لا ريب فيه، أن أمر العصمة للأنبياء من الواضحات، والحق أحق أن يتبع، ولا مبرر لإثارة الشبهات..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 5..

  • 1. صحيفة نور ج 6 ص 237.
  • 2. صحيفة نور ج 12 ص 216.
  • 3. القران الكريم: سورة ص (38)، الآية: 41، الصفحة: 455.
  • 4. القران الكريم: سورة ص (38)، الآية: 43 و 44، الصفحة: 456.
  • 5. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السابعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (362).