حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الكرامات في المشاهد
نص الشبهة:
لماذا نسمع عن الكثير من الكرامات التي تحدث في مشاهد الأئمة عليهم السلام، ومرقد السيدة زينب عليها السلام، بينما لا نسمع عن كرامات حدثت في قبر الرسول صلى الله عليه وآله، أو حتى في بيت الله الحرام؟ نسألكم الدعاء ..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد ..
فإن التوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام هو الأمر الطبيعي، المتوقع خصوصاً من الناس المذنبين الذين لا يجدون ـ عادة ـ في أنفسهم الجرأة للطلب مباشرة ممن سبق لهم أن أذنبوا معه، أو تجرأوا على مقامه وتمردوا عليه وعصوا أوامره ونواهيه .. بل قد يكون حالهم في تهيبهم من الطلب المباشر منه تعالى، حال الطفل الذي يتوسل بأمه لنيل مطالبه من أبيه، مع علمه بحبه له، وعطفه عليه، ورأفته به، رغم أنه قد لا يكون ذلك الطفل قد أساء لأبيه أصلاً ..
ويستجيب الله تعالى طلبهم إذا كانت لهم مصلحة في هذه الاستجابة، ولا يكون في ذلك أي أثر سلبي عليهم ولا على غيرهم ..
وإذا كان دعاؤهم وطلبهم جامعاً لشرائط الإجابة من الإخلاص والخلوص ، وغير ذلك . .
ومن الواضح: أن الوهابيين الذين يسيطرون على بلاد الحجاز هم من أكثر الناس تشدداً في المنع من التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله، والتبرك بقبره الشريف، وبأي من الأماكن المقدسة الأخرى، ويعتبرون ذلك شركاً، وكفراً، ويمارسون ضد من يحاول الاقتراب من القبر الشريف، أو غيره من الأماكن، أشد أنواع الإذلال، والإهانة، وإذا عرفوا أنه شيعي، فإنهم يبادرون إلى البطش بهم بقسوة بالغة ومن دون شفقة أو رحمة ..
ولأجل ذلك .. فإنه قلما يجرؤ أحد على الاقتراب من تلك الأماكن، أو حتى على إظهار أنه يعتقد بأنها مما يمكن أن يكون لها أي تأثير في الشفاء، أو في قضاء الحاجات فإن من يفعل ذلك سيكون مجازفاً بحياته أو بكرامته على أقل تقدير ..
وبعد هذا .. فلو أن الكرامة والمعجزة قد حصلت لبعض الناس بالفعل، فهل تراه يجرؤ على إظهارها، أو على التحدث عنها؟! . .
إنه لا بد أن يتوقع في هذه الصورة أن تنصب على رأسه أعظم الدواهي، وأشد المصائب ، وأعظم النكبات ..
وأما بالنسبة للوهابيين أنفسهم، فإنهم لا يستحقون إظهار الكرامة لهم، وهم في موقع العناد واللجاج، والرفض والتحدي، وسيبادرون إلى تكذيب أية كرامة أو معجزةٍ تحصل أمامهم لأي كان من الناس، لأنها تبطل معتقداتهم وتحرجهم وتجعلهم في موقعٍ لا يحسدون عليه ..
ولو شفي مريضهم، أو قضيت حاجاتهم بالمعجزة والكرامة لصاحب القبر الشريف، فإنهم سوف لا يفهمونها في سياقها الصحيح، بل هي ستضيع سدى .. وربما يكون ضررها أعظم إذا ما استفيد منها في غير سياقها الطبيعي ..
على أنه قد تحصل لكثير من المؤمنين ببركات قبر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وسائر قبور الأئمة صلوات الله عليهم كرامات وألطاف .. وقد يتناقلها الناس في حدود ضيقة، وقد تصل إلى مسامعنا، وقد لا تصل، فإن عدم معرفة أكثر الناس بها، لا يدل على عدم حصولها ..
بل إننا نلاحظ أن الكرامات التي تحصل في مقامات الأئمة لا يكون لها ذلك الانتشار المناسب، خصوصاً إذا كان المهتمون بها هم فئة قليلة من الناس. وهم أولئك الذين يكونون قريبين من الحدث، والذين يتيسر لهم اليقين به أكثر من غيرهم ..
ويتأكد هذا المعنى، إذا لاحظنا:
أن ما يصدر من كرامات لا يكون غالباً مما يراد له أن يتخذ صفة العموم والشمول للناس جميعاً، بل هو لطف إلهي يتوجه غالباً إلى فرد بخصوصه، لإخراجه من شدة، أو تلبية لحاجة ماسة، يحس بها الداعي، وينقطع إلى الله تعالى من أجلها، بعد أن أعيته الحيل، وانقطعت به السبل، وتكون الاستجابة له من موجبات زيادة يقينه، وترسيخ إيمانه.
وربما يستفيد من ذلك أيضاً آخرون ممن يكونون في أجواء ذلك الحدث، حيث يحفظ به إيمانهم ، واعتقادهم أيضاً ..
وربما يكون من فوائد ذلك تعريف الناس بمقامات أهل البيت عليهم السلام، وتأكيد الشعور لديهم بلزوم طاعتهم، حيث يتضح لديهم: أنهم موضع عناية الله، وهم صفوته من خلقه .. وقد يختلف الأمر بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وآله، حيث إنه قد لا تكون في كثير من الأحيان أية ضرورة لإظهار المعجزة عنده ما دام أن جميع المسلمين يؤمنون بنبوته، ويعتقدون بعلو درجته، ولزوم طاعته، إلا إن كان ثمة ضرورة لإزالة آثار تشكيكات الجاحدين، وإبطال شبهات أهل الأهواء، أو غيرهم من الجاهلين ..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 1 . .
لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:
- 1. مختصر مفيد . . (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السابعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (363) .