الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

زوجتا عثمان ، هل هما ابنتا النبي صلى الله عليه وآله ؟!

نص الشبهة: 

زوجتا عثمان، هل هما ابنتا النبي صلى الله عليه وآله ؟!

الجواب: 

إننا بالإضافة إلى ما قدمناه آنفاً عن الاستغاثة نذكر:
أولاً: أن مما يدل على عدم كون زوجتي عثمان ابنتين له (صلى الله عليه وآله) ـ عدا عن كون بعض الأقوال تنافي ذلك ـ ما ذكره المقدسي، عن سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، قال:
ولدت خديجة لرسول الله (صلى الله عليه وآله): عبد مناف في الجاهلية، وولدت له في الإسلام غلامين، وأربع بنات: القاسم، وبه كان يكنى: أبا القاسم؛ فعاش حتى مشى، ثم مات، و عبد الله، مات صغيراً، وأم كلثوم، وزينب، ورقية، وفاطمة 1.
وقال القسطلاني بعد كلام له: (وقيل: ولد له ولد قبل المبعث، يقال له: عبد مناف، فيكونون على هذا اثني عشر، وكلهم سوى هذا ولد في الإسلام بعد المبعث) 2.
كما أن بعضهم ينص على أنه قد صح عنده: أن رقية كانت أصغر من الكل حتى من فاطمة (عليها السلام) 3.
وبعد هذا، فكيف نصدق قول من يقول: إنهما تزوجتا في الجاهلية من ابني أبي لهب، ثم جاء الإسلام ففارقاهما؟
يقول المقدسي: (فزوج رسول الله رقية عثمان بن عفان، وهاجرت معه في الهجرتين إلى الحبشة، وأسقطت في الهجرة الأولى علقة في السفينة) 4.
نعم، كيف نصدق هذا، ونحن نعلم: أن الهجرة الأولى إلى الحبشة كانت بعد البعثة بخمس سنين، فكيف تكون رقية قد تزوجت قبل البعثة بابن أبي لهب، ثم فارقها ليتزوجها عثمان، ثم تحمل منه قبل الهجرة إلى الحبشة، وهي إنما ولدت بعد البعثة؟!
إن ذلك لعجيب!! وعجيب حقاً!!.
ثانياً: لقد ذكرت بعض الروايات: (أن أبا لهب قد أمر ولديه بطلاق رقية وأم كلثوم بعد نزول سورة: ﴿ ... تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ... 5 ) 6.
مع أنهم يقولون: إن هذه السورة قد نزلت حينما كان النبي والمسلمون محصورين في الشعب 7، وقد كان ذلك بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة.
ثالثاً: لقد روي: (أن خديجة ولدت للنبي (صلى الله عليه وآله) عبد الله، ثم أبطأ عليها الولد، فبينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكلم رجلاً، والعاص بن وائل ينظر إليه، إذ مر رجل فسأل العاص عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: من هذا؟
قال: هذا الأبتر.
فأنزل الله: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ 8 ) 9.
فظاهر الرواية: أنها حين ولدت عبد الله لم تكن قد ولدت غيره، أو أن من ولدتهم ماتوا جميعاً حتى لم يعد للنبي (صلى الله عليه وآله) أولاد أصلاً، مع أن رقية كانت عند عثمان قبل ولادة فاطمة (عليها السلام )، فلا يصح وصف العاص للنبي (صلى الله عليه وآله) بالأبتر فتنزل الآية.
إلا أن يقال: إن العرب لم تكن تهتم بالبنات، بل الميزان عندهم هو خصوص الذكور، ولأجل ذلك وصفه العاص بالأبتر.
رابعاً: قد تقدم أن هناك من يقول: إن خديجة إنما تزوجت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة بعشر أو بثلاث، أو بخمس سنوات، فكيف تكون رقية وزينب قد ولدتا من خديجة، وتزوجتا قبل البعثة؟!.
وخامساً: أن الدولابي يقول: إن عثمان كان قد تزوج رقية في الجاهلية 10.
وذلك كله يؤكد ويؤيد: أن رقية التي تزوجها عثمان هي غير رقية التي يدعى أنها بنت الرسول (صلى الله عليه وآله)، والتي يقال: إنها ولدت بعد البعثة، وأن التي تزوجها عثمان هي ربيبة النبي (صلى الله عليه وآله)، لا ابنته.
وقد كانت العرب تطلق على ربيبة الرجل أنها ابنته كما قلنا.
وكذلك يقال بالنسبة لأم كلثوم، لأن الفرض أنها قد ولدت بعد البعثة أيضاً 11.

  • 1. البدء والتاريخ ج5 ص16 وج 4 ص139.
  • 2. المواهب اللدنية ج1 ص196.
  • 3. راجع: الإصابة ج4 ص304 عن الجرجاني، والاستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص299، 282. وفي ص281 عن الزبير بن بكار: أن عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية كلهم ولدوا بعد الإسلام، وكذا في البداية والنهاية ج2 ص294. ونسب قريش صفحة 21.
  • 4. البدء والتاريخ ج5 ص17 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص298.
  • 5. القران الكريم: سورة المسد (111)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 603.
  • 6. نسب قريش لمصعب الزبيري ص22 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص293 و298 وأسد الغابة ج5 ص456 والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص299 والدر المنثور ج6 ص409 عن الطبراني.
  • 7. الدر المنثور ج6 ص408 عن أبى نعيم في الدلائل.
  • 8. القران الكريم: سورة الكوثر (108)، الآية: 3، الصفحة: 602.
  • 9. راجع تهذيب تاريخ دمشق ج1 ص294 والدر المنثور ج6 ص404.
  • 10. راجع: المواهب اللدنية ج1 ص197.
  • 11. الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه و آله )، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ. ق، الجزء الثاني، الفصل الثاني.