الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

من الذي حرر سلمان ؟

نص الشبهة: 

من الذي حرر سلمان ؟

الجواب: 

هناك نصوص كثيرة تفيد : أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي حرر سلمان من الرق .

  1. فقد عده كثير من العلماء والمؤرخين من موالي رسول الله «صلى الله عليه وآله» 1 .
  2. وعن بريدة : «كان لليهود ؛ فاشتراه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكذا وكذا درهماً ، وعلى أن يغرس له نخلاً ، ويعمل فيها سلمان حتى تطعم ، فغرس رسول الله «صلى الله عليه وآله» النخل» 2 .
  3. وسئل الشعبي : هل كان سلمان من موالي رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؟ قال : نعم ، أفضلهم . كان مكاتباً ؛ فاشتراه ، فأعتقه 3 .
  4. وقال الخطيب البغدادي : «أدى رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتابته ، فهو إلى بني هاشم» 4 .
  5. وقال المبرد : «وكان «صلى الله عليه وآله» أدى إلى بني قريظة مكاتبة سلمان ، فكان سلمان مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال علي بن أبي طالب «عليه السلام» : سلمان منا أهل البيت» 5 .
  6. وقال أبو عمر : «وقد روي من وجوه : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» اشتراه على العتق» 6 .
  7. وتقدم كتاب المفاداة ، الذي ينص على أن ولاء سلمان هو لمحمد بن عبد الله رسول الله ، وأهل بيته ، فليس لأحد على سلمان سبيل .
  8. وفي مهج الدعوات ، في حديث حور الجنة وتحفها ، مسنداً عن فاطمة عليها السلام : «فقلت للثالثة : ما اسمك ؟ قالت : سلمى . قلت : ولم سميت سلمى ؟ قالت : خلقت أنا لسلمان الفارسي ، مولى أبيك رسول الله» 7 .
  9. وفي رسالة سلمان إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، كتب له سلمان : من سلمان مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» 8 .
  10. وروى الحاكم أن علي بن عاصم ذكر في حديث إسلام سلمان : أنه كان عبداً ، فلما قدم النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة ، أتاه ، فأسلم فابتاعه النبي «صلى الله عليه وآله» وأعتقه 9 .
  11. وفي حديث سلام سلمان على أهل القبور ، قال «رحمه الله» : سألتكم بالله العظيم ، والنبي الكريم إلا أجابني منكم مجيب ، فأنا سلمان الفارسي : مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» 10 .
  12. وعن ابن عباس قال : رأيت سلمان الفارسي «رحمه الله» في منامي ، فقلت له : يا سلمان ، ألست مولى النبي «صلى الله عليه وآله» ؟ قال : بلى ، فإذا عليه تاج من ياقوت الخ . . 11 .
  13. هذا بالإضافة إلى الحديث الذي يقول سلمان في آخره : فأعتقني رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وسماني سلماناً 12 .

ابو بكر و عتق سلمان

وبعد كل ما تقدم ، فإننا نعرف : أن دعوى : أن أبا بكر قد اشترى سلمان فأعتقه 13 لا يمكن أن تصح بأي وجه .
ويكفي في ردها حديث كتاب المفاداة المتقدم ، بالإضافة إلى النصوص الآنفة الذكر ، إلى جانب النصوص الأخرى ، التي تدَّعي : أنه قد أعانه الصحابة ورسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى أدى ما عليه من مال الكتابة ، وإن كان سيتضح أنها غير خالية عن المناقشة .

لماذا يكذبون ؟

ولعل أهمية سلمان ، وعظمته وجلالته في المسلمين ، قد جعلت البعض يرغبون في أن يجعلوا للشخصيات التي يحترمونها ، ويهتمون في حشد الفضائل لها ، نصيباً في هذا الرجل الفذ ، وفضلاً لها عليه ، حتى ولو كان ذلك على حساب كرامات وفضائل رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه ، فإن الإغارة على بعض فضائله وكراماته «صلى الله عليه وآله» ، ونسبتها إلى غيره ، لا تنقص من شأنه ـ بزعمهم ـ شيئاً ، إذ يكفيه شرفاً : أنه النبي الهادي لهذه الأمة ، وأنه رسول الله «صلى الله عليه وآله» .
كما أن ذلك يمكن أن يكون ردة فعل على تلك الرواية التي لا يجدون دليلاً ملموساً على ردها وتكذيبها ، والتي تقول :
إنه أسلم في مكة ، وحسن إسلامه ، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» شاوره ـ امتحاناً له ـ فيمن يبدأ بدعوته في مكة ، فجال سلمان في أهل مكة يخبرهم ، ويشيرهم ، ويجتمع مع النبي «صلى الله عليه وآله» وأبي طالب لهذا الغرض ، ثم أشار بدعوة أبي بكر ؛ لأنه معروف بين العرب بتعبير الأحلام ، وهم يرون فيه ضرباً من علم الغيب ، مع معرفته بتواريخ العرب وأنسابها بالإضافة إلى أنه معلم للصبيان ، ويطيعه ويجله من أخذ عنه من فتيانهم ، ولكلامه تأثير فيهم ؛ فإذا آمن فلسوف يكون لذلك أثره ، ولسوف تلين قلوب كثيرة ، لا سيما وأن معلمي الصبيان راغبون في الرئاسة ، فاستصوب النبي «صلى الله عليه وآله» وأبو طالب ذلك ، وشرع سلمان في دلالة الرجل ، وإدخاله في الإسلام 14 .
فلعل سلمان ـ كما تدل عليه هذه الرواية ، ويظهر من غيرها ـ كان في بدء أمره في مكة وأسلم هناك ، ثم انتقل إلى المدينة .
وعن تقدم إسلام سلمان ، نجد عدداً من الروايات تشير إلى ذلك 15 ومن ذلك : أن أعرابياً سأل النبي «صلى الله عليه وآله» عنه قال : أليس كان مجوسياً ، ثم أسلم ؟!
فقال «صلى الله عليه وآله» : يا أعرابي ، أخاطبك عن ربي ، وتقاولني ؟! إن سلمان ما كان مجوسياً ، ولكنه كان مضمراً للإيمان ، مظهراً للشرك 16 17 .

  • 1. رجال ابن داود ص175 وخلاصة الأقوال للعلامة الحلي ص41 والفهرست للشيخ الطوسي ص158 وتاريخ الأمم والملوك طبع الإستقامة ج2 ص419 . وراجع المصادر التالية : ذكر أخبار إصبهان ج1 ص54 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص34 ومصابيح الأنوار ج1 ص356 عن القرطبي ، والإستيعـاب بهامش الإصابة ج2 ص57 وقاموس الرجال ج4 ص433 عنه ، والبحار ج22 ص390 وحلية الأولياء ج1 ص195 ونفس الرحمن ص20 و21 عن بعض من تقدم ، والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص171 .
  • 2. مجمع الزوائد ج9 ص337 عن أحمد والبزار ، ورجاله رجال الصحيح ، وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص35 . وشرح الشفاء لملا علي القاري ج1 ص384 .
  • 3. أنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ج1 ص487 وقاموس الرجال ج4 ص429 عنه .
  • 4. تاريخ بغداد ج1 ص164 و163 .
  • 5. الكامل ج4 ص14 .
  • 6. الإستيعاب ، بهامش الإصابة ج2 ص57 .
  • 7. نفس الرحمن ص21 .
  • 8. الإحتجاج ج1 ص185 ونفس الرحمن ص21 عنه .
  • 9. معرفة علوم الحديث ص198 .
  • 10. نفس الرحمن ص21 عن فضائل شاذان بن جبرائيل القمي .
  • 11. روضة الواعظين ص281 ونفس الرحمن ص21 عنه .
  • 12. روضة الواعظين ص278 والبحار ج22 ص358 والدرجات الرفيعة ص203 وإكمال الدين ص165 . ورواه في نفس الرحمن ص6 عن بعض من تقدم ، وعن قصص الأنبياء للراوندي وعن الحسين بن حمدان وعن الدر النظيم .
  • 13. تاريخ الخميس ج1 ص469 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص199 عن البيهقي ونفس الرحمن ص21 عن المنتقى ومستدرك الحاكم ج3 ص599 ـ 602 .
  • 14. راجع : نفس الرحمن ص48 عن بعض الكتب المعتبرة وص 27 و 28 عن كتاب الكشكول فيما جرى على آل الرسول للعبيدلي .
  • 15. راجع : ذكر أخبار أصبهان ج1 ص51 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص193 والبحار ج22 ص355 ـ 359 ، وإكمال الدين ص162 ـ 165 وروضة الواعظين ص275 ـ 278 والدرجات الرفيعة ص203 ونفس الرحمن ص5 ـ 6 عن بعض من تقدم وعن غيرهم .
  • 16. الإختصاص ص222 والبحار ج22 ص347 وقاموس الرجال ج4 ص429 ونفس الرحمن ص4 .
  • 17. الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء الثامن .