الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

من هو اول من ارخ بالهجرة النبوية؟

نص الشبهة: 

يقول المؤرخون: إن أول من أرخ بالهجرة النبوية، هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وأكثرهم يذكر: أن اختياره الهجرة مبدأ للتاريخ كان بإشارة علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه (راجع: تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص76، والكامل لابن الأثير ط صادر ج2 ص526، وتاريخ اليعقوبي ط صادر ج2 ص145، والتنبيه والإشراف ص252، ومحاضرة الأوائل ص28، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص23، وفتح الباري ج7 ص209، وتاريخ الخلفاء ص132 و136 و23 وص138 عن البخاري في تاريخه، والبحار ج58 ص350 ـ 351 بعد تصحيح أرقام صفحاته وج40 ص218، وسفينة البحار ج2 ص641، والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص144، عن الطبري ومجاهد في تاريخيهما، والإعلان بالتوبيخ ص80 و81 وعلي والخلفاء ص139 ـ 141، إحقاق الحق ج8 ص220 عن الوسائل للسيوطي ص129، ومحاضرة الأوائل ص28، وسيأتي جانب من المصادر لذلك فيما يأتي.). وبعض منهم يقول: إن المشير عليه بذلك ليس علياً فقط، بل معه بعض الصحابة أيضاً (البداية والنهاية ج7 ص74 والوزراء والكتاب ص20، ومآثر الإنافة ج3 ص336.). وثالث يروي: إشارة بعض الصحابة على عمر بذلك، ولكنه لا يصرح بإسم المشير (صبح الأعشى ج6 ص241 ومآثر الإنافة ج3 ص36 وفتح الباري ج7 ص209، والكامل لابن الأثير ج1 ص10 ط صادر.). وبعض رابع: يسكت عن ذكر الإشارة، ويكتفي بذكر: أنه أول من أرخ بالهجرة (الإستيعاب هامش الإصابة ج2 ص460، والمحاسن والمساوي ج2 ص68، وتاريخ الخميس ج1 ص338 وج2 ص241، وتهذيب التهذيب ج7 ص440 ومآثر الإنافة ج1 ص92 وتحفة الناظرين للشرقاوي هامش فتوح الشام ج2 ص62، وصفة الصفوة ج1 ص276 وطبقات ابن سعد ج3 قسم1 ص202، وتاريخ ابن الوردي ج1 ص145، والأوائل للعسكري ج1 ص223، وتاريخ الطبري ج3 ص277، ومحاضرات الراغب ج1 ص105، والأنس الجليل ج1 ص188، والأعلاق النفيسة ص199، والبحار ج58 ص349 و350، وراجع: الإعلان بالتوبيخ ص79 ونفس الرحمن ص44.). الحكاية كما يرويها المؤرخون: ويحكون السبب في وضع التاريخ على أنحاء مختلفة، ونختار هنا النمق الذي ذكره ابن كثير، وقد وضعناه بين قوسين، وأشرنا خلاله إلى مصادر بعض التوضيحات، فنقول: قال ابن كثير: «قال الواقدي: وفي ربيع الأول من هذه السنة ـ أعني سنة ست عشرة أو سبع عشرة أو ثماني عشرة (الوزراء والكتاب ص20، والبداية والنهاية ج3 ص206 و207.) ـ كتب عمر بن الخطاب التاريخ، وهو أول من كتبه. قلت: قد ذكرنا سببه في سيرة عمر، وذلك أنه رفع إلى عمر صك مكتوب لرجل على آخر بدين، يحل عليه في شعبان، فقال: أي شعبان؟ أمن هذه السنة، أم التي قبلها، أم التي بعدها؟. ثم جمع الناس (أي أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله») فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون به حلول ديونهم، فيقال: إنهم أراد بعضهم (الهرمزان) (صبح الأعشى ج6 ص241 عن تاريخ أبي الفداء، وقد ذكر: أن عمر قد أرسل إليه فاستشاره، وليراجع أيضاً: البحار ج58 ص349 و350 بعد تصحيح أرقام صفحاته، وسفينة البحار ج2 ص641، وتاريخ ابن الوردي ج1 ص145 والأنس الجليل في أخبار القدس والخليل ج1 ص187 والخطط للمقريزي ج1 ص284 وفيه: أن عمر استدعاه.): أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك. ومنهم من قال (وهم بعض مسلمي اليهود) (الإعلان بالتوبيخ ص81، والبحار ج58 ص350 وفي نزهة الجليس ج1 ص22 عن تاريخ ابن عساكر: أن النصارى كانوا يؤرخون بتاريخ الإسكندر. أقول: فأين كان التاريخ الميلادي إذاً؟ ومتى ظهر؟ الجواب: إنه ظهر في هذه القرون الأخيرة كما سيأتي.): أرخوا بتاريخ الروم، من زمان إسكندر، فكرهوا ذلك لطوله أيضاً. وقال قائلون: أرخوا من مولد رسول الله «صلى الله عليه وآله». وقال آخرون: من مبعثه، وأشار علي بن أبي طالب «عليه السلام» وآخرون: «أن يؤرخ من هجرته إلى المدينة، لظهوره لكل أحد، فإنه أظهر من المولد، والمبعث، فاستحسن عمر ذلك والصحابة، فأمر عمر: أن يؤرخ من هجرة رسول الله «صلى الله عليه وآله» (راجع جميع ما تقدم في البداية والنهاية ج7 ص73 و74 وليراجع أيضاً ج3 ص306، وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص75 و76، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص22 و23، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص74، وعلي والخلفاء ص240 عنه ملخصاً، وليراجع أيضاً: الإعلان بالتوبيخ ص79 و80 و81، ومنتخب كنز العمال، هامش مسند أحمد ج4 ص67، والكامل لابن الأثير ج1 ص10 ط صادر، وكنز العمال ج10 ص195 عن المستدرك، وعن البخاري في الأدب، وراجع ص193 عن ابن أبي خيثمة، وذكر في البحار ج58 ص349 بعد تصحيح أرقام صفحاته، ونزهة الجليس ج1 ص21، والطبري ط دار المعارف بمصر ج2 ص388، والوزراء والكتاب ص20، وفتح الباري ج7 ص209، وصبح الأعشى ج6 ص241 عن ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب: أن أبا موسى كتب إلى عمر أنه يأتينا من قبلك كتب لا نعرف نعمل فيها قد قرأنا صكاً محله شعبان فما ندري أي الشعبانين هو: الماضي؟ أو الآتي؟ فجمع الصحابة الخ ما في المتن. وليراجع أيضاً: الأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص223، والكامل لابن الأثير ج1 ص10.). وروي عن سعيد بن المسيب: أنه قال: «جمع عمر الناس فسألهم: من أي يوم يكتب التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب «عليه السلام»: من يوم هاجر رسول الله «صلى الله عليه وآله» وترك أرض الشرك، ففعله عمر رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الأسناد، ولم يخرجاه» (مستدرك الحاكم ج3 ص14، وتلخيص المستدرك للذهبي هامش الصفحة ذاتها وصححه أيضاً، والإعلان بالتوبيخ ص80، وفتح الباري ج7 ص209، والطبري ط المعارف ج2 ص391، وج3 ص144، وتاريخ عمر بن الخطاب ص76، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص23، ومنتخب كنز العمال هامش المسند ج4 ص67، وعلي والخلفاء ص239 و240، وكنز العمال ج10 ص193 و192، وإحقاق الحق ج8 ص219 عن ابن عساكر، والمقريزي في كتاب الخطط والآثار ج1 ص284، والشماريخ للسيوطي ص4 ط ليدن، والتاريخ الكبير للبخاري ج1 ص9، والكامل ج1 ص10 ط صادر.). وقال اليعقوبي في حوادث سنة 16 ه‍: «وفيها أرخ الكتب، وأراد أن يكتب التاريخ منذ مولد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم قال: من المبعث، فأشار عليه علي بن أبي طالب «عليه السلام»: أن يكتبه من الهجرة» (تاريخ اليعقوبي ط صادر ج2 ص145.). إلى غير ذلك من النصوص، التي تؤكد على أن عمر هو أول من وضع التاريخ الهجري الإسلامي.

الجواب: 

الرأي الأمثل

ولكننا بدورنا نشك كثيراً في صحة هذا القول، ونعتقد أن التاريخ الهجري قد وضع من زمن النبي «صلى الله عليه وآله»، وقد أرخ به النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة.
وما حدث في زمن عمر هو فقط: جعل مبدأ السنة شهر محرم بدلاً من ربيع الأول كما أشار إليه الصاحب بن عباد 1.
وقد اختلفوا في ذلك أيضاً، فقال بعضهم: إنهم جعلوا مبدأ السنة الهجرية محرم السنة الأولى، وهو ما ذهب إليه الجمهور، وبعضهم إلى أنهم جعلوا محرم السنة الثانية مبدأ للسنة الهجرية، وألغوا ما قبله، وهو ما حكاه البيهقي، وبه قال يعقوب بن سفيان الفسوى، فراجع 2.

من المشير بمحرم؟!

أما من الذي أشار بمحرم بدلاً من ربيع الأول، فقد اختلفت الروايات في ذلك أيضاً فيقال: إن ذلك كان بإشارة عثمان بن عفان 3.
وقيل: بل ذلك هو رأي عمر نفسه 4.
وبعضهم قال: إن عبد الرحمن بن عوف قد أشار بشهر رجب، فأشار علي «عليه السلام» في مقابل ذلك بشهر محرم، فقبل منه 5.
ويقول آخرون: إن عمر ابتدأ من المحرم، بعد إشارة علي «عليه السلام» وعثمان بذلك 6.
وفريق آخر يقول: فاستفدنا من مجموع هذه الآثار: أن الذي أشار بالمحرم عمر، وعثمان، وعلي «عليه السلام» 7.
ويفهم من كلام العسكري: أن عمر هو الذي ارتأى جعل محرم أول السنة، لتكون الأشهر الحرم في سنة واحدة 8.
ولكننا نستبعد كثيراً: أن يكون علي «عليه السلام» قد أشار بترك ربيع الأول، والأخذ بشهر محرم، الذي كان أول السنة عند العرب 9 بل نكاد نجزم بخلافه، وأنه «عليه السلام» كان مصراً على شهر ربيع الأول مدة حياته صلوات الله وسلامه عليه.
ولم يكن ذلك رأيه وحده، بل كان رأي جمع كبير من المسلمين الأبرار، والصحابة الأخيار، ونستند في ذلك إلى النقاط التالية، فإنها تدل بمجموعها على ذلك:
1 ـ قد تقدم أنه «عليه السلام» قد أشار عليهم بأن يكتبوا التاريخ من «يوم هاجر»، أو من «يوم ترك النبي «صلى الله عليه وآله» أرض الشرك» كما هو صريح رواية ابن المسيب المتقدمة، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول كما هو معلوم.
2 ـ لقد جاء فيما كتبه علي «عليه السلام» على عهد أهل نجران العبارة التالية: «وكتب عبد الله 10 بن أبي رافع، لعشر خلون من جمادى الآخرة، سنة سبع وثلاثين، منذ ولج رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة» 11، وإنما ولجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» في شهر ربيع الأول كما هو واضح، هذا بالنسبة لعلي «عليه السلام».
وأما بالنسبة لسائر الصحابة، فنذكر:
1 ـ أن مالك بن أنس على ما حكاه السهيلي، وغيره، يقول: «أول السنة الإسلامية ربيع الأول، لأنه الشهر الذي هاجر فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» 12.
2 ـ ونقل عن الأصمعي قوله: إنهم «إنما أرخوا من ربيع الأول شهر الهجرة» 12 وكذا عن الزهري.
3 ـ وقال الجهشياري: «روي في خبر شاذ: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما ورد المدينة مهاجراً من مكة يوم الإثنين لاثني عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة من حين نبئ، أمر بالتاريخ» 13.
وسيأتي قوله «صلى الله عليه وآله»: يقتل الحسين على رأس ستين من مهاجري، وثمة روايات أخرى قريبة من هذا المضمون تدل على أن رأس السنة الهجرية قد كان شهر ربيع الأول، لأن الحسين إنما قتل سنة إحدى وستين على تقدير كون أول السنة هو محرم، وهو في أواخر سنة ستين على تقدير كون أول السنة هو ربيع الأول.
4 ـ وسيأتي أيضاً: أن الصاحب بن عباد وغيره يقولون: إن أول السنة كان ربيع الأول، ثم رد إلى محرم.
5 ـ عن سهل بن سعد قال: أخطأ الناس في العدد، ما عدوا من مبعثه، ولا من وفاته، إنما عدوا من مقدمه المدينة 14.
6 ـ وكان الصحابة ـ وتبعهم المؤرخون كما سيأتي ـ يعدون بالأشهر من مهاجره «صلى الله عليه وآله» الذي هو شهر ربيع الأول، إلى أواسط السنة الخامسة للهجرة.
فما تقدم يدل على أن علياً «عليه السلام» ليس فقط لم يشر على عمر بشهر محرم، بل كان من المصرين على أن يبقى أول السنة هو شهر ربيع الأول، الذي خرج النبي «صلى الله عليه وآله» من مكة، أو من الغار، أو ولج المدينة في أول يوم منه، شأنه صلوات الله وسلامه عليه شأن كثيرين ممن لم يرضوا بمثل هذا التغيير، لكنهم غلبوا على أمرهم.
ولا يفوتنا أخيراً التنبيه: على أن جعل علي «عليه السلام» اليوم الذي ولج فيه النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة مبدأ للتاريخ، ربما يؤيد قول من قال: إنه «صلى الله عليه وآله» دخلها في أول يوم من ربيع الأول.
وسيأتي بعض الكلام أيضاً في ذلك، وإن لم يكن هو محط نظرنا في هذا البحث.
فإن ما يهمنا هنا: هو البحث عن أول من أرخ بالسنة الهجرية، وقد قلنا: إننا نعتقد: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان أول من أرخ بالهجرة.

الموافقون على هذا الرأي

وإننا وإن كنا لا نرى كثيرين يوافقوننا على هذا الرأي، ونرى بعضهم يتردد في إصدار حكم جازم في ذلك، وبعضهم ربما يظهر منه الميل إلى الرأي الشائع، إلا أن مرد ذلك كله إلى عدم اطلاعهم على النصوص الكافية للجزم بالأمر، وتكوين قناعة تقاوم ما يرونه قد اشتهر وذاع على ألسنة الرواة والمؤرخين.
ومهما يكن من أمر، فنذكر ممن وافقنا على ما نذهب إليه: السيد عباس المكي في نزهة الجليس، كما سيأتي، ونقله السيوطي عن ابن القماح، عن ابن الصلاح، عن أبي مجمش الزيادي، كما سيأتي أيضاً، أما صاحب المواهب فقد قال: «وأمر «صلى الله عليه وآله» بالتاريخ، وكتب من حين الهجرة.
قال الزرقاني: رواه الحاكم في الإكليل عن الزهري مفصلاً، والمشهور خلافه، وأن ذلك في زمان عمر، كما قال الحافظ» 15.
ونقل ذلك عن الأصعمى وغيره أيضاً كما سيأتي.
وقال الصاحب بن عباد: «ودخل المدينة يوم الإثنين لاثني عشرة خلت من ربيع الأول، وكان التاريخ من ذلك، ثم رد إلى المحرم» 1.
وقال ابن عساكر: «وهذا أصوب» ثم أيده السيوطي ببعض ما يأتي 16.
وقال السيد علي خان، بعد ذكره عهد النبي «صلى الله عليه وآله» لسلمان الفارسي، الآتي:
يستفاد من هذا العهد: أن التاريخ كان من زمن النبي «صلى الله عليه وآله»، وهو خلاف المشهور من أن التاريخ بالهجرة إنما وضعه عمر بن الخطاب في أيام خلافته» 17.
وقال القسطلاني: «وأمر «صلى الله عليه وآله» بالتاريخ فكتب من حين الهجرة، وقيل إن عمر أول من أرخ وجعله من المحرم» 18.
وقال مغلطاي: «وأمر عليه الصلاة والسلام بالتاريخ، فكتب من حين الهجرة.
قال ابن الجزار: ويعرف بعام الأذن، وقيل إن عمر «رض» أول من أرخ وجعله من المحرم» 19.
هذا وقد سميت كل سنة من السنين العشر باسم خاص، والعام الأول أطلق عليه: عام الأذن 20 فراجع.
قال ابن شهرآشوب: «قال الطبري ومجاهد في تاريخيهما: جمع عمر بن الخطاب الناس يسألهم من أي يوم نكتب؟
فقال علي «عليه السلام»: من يوم هاجر رسول الله ونزل المدينة، و (ترك ظ) أرض أهل الشرك.
فكأنه أشار: أن لا تبتدعوا بدعة، وتؤرخوا كما كانوا يكتبون في زمان رسول الله؛ لأنه قدم النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة في شهر ربيع الأول أمر بالتاريخ، فكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه إلى أن تمت له سنة، ذكره التاريخي عن ابن شهاب» 21.
كما أن المجلسي «رحمه الله» قد قال بهذا القول، ورأى: «أن جعل مبدأ التاريخ من الهجرة مأخوذ من جبرائيل «عليه السلام» ومستند إلى الوحي السماوي، ومنسوب إلى الخبر النبوي» 22.

كلام السهيلي

أما السهيلي: فهو يصر على أن التاريخ الهجري قد نزل به القرآن، ويقول ما ملخصه:
إن اتفاق الصحابة على جعل الهجرة مبدأ للتاريخ، إن كان مستنداً إلى استفادتهم ذلك من القرآن، فنعم الاستفادة هي، وذلك هو الظن بهم، وإن كان اجتهاداً ورأياً منهم، فهو أيضاً نعم الاجتهاد والرأي، أشار القرآن إلى صحته من قبل أن يفعلوا.
فإن قوله تعالى: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ... 23.
قد علم: أنه ليس المقصود منه: أول الأيام كلها؛ كما أنه لا يوجد لفظ ظاهر، أضيف إليه لفظ: يوم، فتعين إضافته إلى مضمر، ولا يعقل قول القائل: فعلته أول يوم، إلا بالإضافة إلى عام، أو شهر، أو تاريخ معلوم.
ولا قرينة هنا، لا حالية ولا مقالية، تدل إلا على تقدير: «من أول يوم حلول النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة»، وهو أول يوم من التاريخ.
وقول بعض النحاة: لا بد من تقدير: «من تأسيس أول يوم»، لأن (من) لا تدخل على الزمان، لا يصح، لأنه حتى على هذا لا بد من تقدير الزمان أيضاً، فيقال: «من وقت تأسيس»، فإضمار كلمة تأسيس لا يفيد شيئاً، هذا بالإضافة إلى أن كلمة (من) تدخل على الزمان، وعلى غيره، قال تعالى: ﴿ ... مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ... 24. انتهى كلام السهيلي ملخصاً 25.
وقال الكتاني ما ملخصه: وقد عقب الحافظ في فتح الباري على كلام السهيلي هذا بقوله: كذا قال، والمتبادر أن معنى قوله: من أول يوم، أي دخل النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه المدينة 26.
لكن ابن منير يرى: أن كلام السهيلي هذا تكلف وتعسف، وخروج عن تقدير الأقدمين الذين قدروه: «من تأسيس أول يوم» أي من أول يوم وقع فيه التأسيس، وهذا ما تقتضيه العربية، وتشهد له القواعد.
قال الكتاني: قلت: كلام السهيلي ظاهر المأخذ، فتأمله بإنصاف ترى أنه الحق، ولذا اقتصر عليه معجباً به شهاب الدين الخفاجي، في عناية القاضي، وكفاية القاضي، إلى آخر كلامه 27.
وقال ياقوت الحموي: «إن قوله من أول يوم يقتضي مسجد قباء، لأن تأسيسه كان في أول يوم من حلول رسول الله «صلى الله عليه وآله» دار هجرته، وهو أول التاريخ للهجرة المباركة، ولعلم الله تعالى بأن ذلك اليوم سيكون أول يوم من التاريخ سماه أول يوم أرخ فيه، في قول بعض الفضلاء.
وقد قال بعضهم: إن ههنا حذف مضاف، تقديره: تأسيس أول يوم، والأول أحسن» 28.
هذا، ويلاحظ: أنه نقل عن ابن عباس في تفسير الآية المذكورة نفس ما تقدم عن السهيلي فراجع 29.
وإذا صح كلام هؤلاء، فمن المناسب أن يبادر النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه قبل كل أحد إلى العمل بمقتضى الآية، وهو ما حصل فعلاً، كما سنرى.
وإذا قيل: ما ذكره هؤلاء ـ السهيلي وغيره ـ بعيد في بادئ الرأي.
فإننا نقول: هو على الأقل من المحتملات في معنى الآية الشريفة، وإن لم يكن متعيناً، ونحن إنما ذكرناه استئناساً به وتأييداً، لا لنستدل به، ونستند إليه.

ما نستند إليه

أما ما نستند إليه في اعتقادنا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو أول من أرخ بالهجرة، فهو الأمور التالية:
1 ـ ما روي عن الزهري: من أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما قدم المدينة مهاجراً أمر بالتاريخ، فكتب في ربيع الأول 30.
وفي رواية أخرى عن الزهري قال: التاريخ من يوم قدم النبي «صلى الله عليه وآله» مهاجراً 31.
قال القلقشندي: «وعلى هذا يكون ابتداء التاريخ عام الهجرة» 32 وتقدمت وستأتي كلمات غيره في ذلك.
ولكن البعض قد وصف هذا الحديث بأنه: خبر معضل، والمشهور خلافه 33، ولعله هو الذي وصفه الجهشياري بأنه خبر شاذ 34، ويقرب منه كلام غيره 35.
أما المسعودي فقد أورد عليه: بأنه خبر مجتنب من حيث الآحاد، ومرسل من عند من لا يرى قبول المراسيل، وإن ما حكاه أولاً من أن عمر هو الذي أرخ بالهجرة، بإشارة علي «عليه السلام» هو المتفق عليه، إذ كان ليس في هذا الخبر وقت معلوم أرخ به، ونقل كيفية ذلك 36.
لكن إيراد المسعودي وغيره لا يرد على خبر الزهري، لأن إرساله ـ لو سلم ـ وكونه خبر واحد لا يصحح اجتنابه، بل لا بد من الأخذ به، حتى ممن لا يرى قبول المراسيل، وذلك لوجود روايات وأدلة أخرى في المقام تدل على ذلك، كما سنرى 37.
2 ـ ما رواه الحاكم وصححه، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة، وفيها ولد عبد الله بن الزبير 38.
3 ـ قال السخاوي: «وأما أول من أرخ التاريخ، فاختلف فيه، فروى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أنس، قال: كان التاريخ من مقدم رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة، وكذا قال الأصمعي: إنما أرخوا من ربيع الأول شهر الهجرة» 39، ثم ذكر رواية الزهري المتقدمة.
وذلك يدل على أن واضع التاريخ ليس هو عمر؛ لأن عمر قد أرخ من المحرم كما تقدم.
ثم أورد السخاوي على ذلك بمخالفته للصحيح والمشهور: من أن الأمر به كان في زمن عمر، وأن أول السنة ليس شهر ربيع الأول، وإنما شهر محرم.
ولكن إيراده غير وارد، لأن مجرد كون ذلك خلاف المحفوظ والمشهور لا يوجب فساده، بل لا بد من الأخذ به، والعدول عن المحفوظ والمشهور، حين يقوم الدليل القاطع على خلافه.
ولسوف نرى: أن لدينا بالإضافة إلى ما ذكرنا ما يزيل أي شك، أو ريب في ذلك.
4 ـ إن المؤرخين يقولون: إن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، قد هاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول، ويرى الزهري وغيره: أنه وصلها في أول يوم منه، وجزم ابن إسحاق والكلبي بأنه إنما خرج من مكة في اليوم الأول منه.
وبعضهم يرى: أنه خرج من الغار في أوله 40.
ويمكن تأييد دخوله للمدينة في أول ربيع الأول بما تقدم من كتابة علي «عليه السلام» في كتابه: «منذ ولج رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة»، ولكن هناك ما يؤيد الرأي الآخر أيضاً، وهو إشارته «عليه السلام» بأن يجعل مبدأ التاريخ: منذ ترك الرسول «صلى الله عليه وآله» أرض الشرك أو منذ هاجر، إلا أن يدعى الإجمال في هذه الفقرة، لأنهم كانوا في صدد تعيين السنة التي يبدأون بها، فلا تصادم ظهور الفقرة الأولى فيما قلناه.
المهم في الأمر هنا: أن الهجرة كانت في أول ربيع الأول، فإذا أضفنا إلى ذلك ما تقدم عن مالك، والأصمعي، وكذلك ما رواه الزهري واستظهرناه من علي «عليه السلام»: من أن أول السنة الإسلامية كان ربيع الأول؛ فإننا سوف نطمئن إلى أن التاريخ كان قد وضع قبل زمان عمر، الذي جعل أول السنة شهر محرم، بدلاً من ربيع الأول.
فهذا التغيير من عمر يدل على أنه ليس هو أول من وضع التاريخ الهجري.
ويؤيد ذلك: أن بعض الصحابة كانوا يعدون بالأشهر من مهاجره «صلى الله عليه وآله» الذي هو شهر ربيع الأول إلى أواسط السنة الخامسة.
فأبو سعيد الخدري يقول: إن فرض رمضان، كان بعد ما صرفت القبلة في شعبان بشهر على رأس ثمانية عشر شهراً 41.
ويتحدث عبد الله بن أنيس عن سريته إلى سفيان بن خالد، فيقول: «خرجت من المدينة يوم الإثنين، لخمس خلون من المحرم، على رأس أربعة وخمسين شهراً 42.
ومحمد بن مسلمة أيضاً يقول عن غزوة القرطاء: «خرجت في عشر ليال خلون من المحرم، فغبت تسع عشرة، وقدمت لليلة بقيت من المحرم، على رأس خمسة وخمسين شهراً» 42.
وبعد هذا يبدأ العد بالسنين، كما يظهر من قول سلمة بن الأكوع، وخالد بن الوليد، وغيرهما 43.
لقد كانت تلك هي طريقة الصحابة، وعلى ذلك جرى ديدنهم، وتبعهم المؤرخون على ذلك أيضاً، فأرخوا بالأشهر إلى أواسط السنة الخامسة، بل إلى آخرها، ومنها يبدأون بذكر السنين 44.
وذلك يدل: على أن التاريخ كان قد وضع من أول سني الهجرة، وإلا فلا معنى لأن يسأل صحابي عن واقعة حدثت له في سنة خمس، فيعدل عن ذكر السنة، ويشرع في إجراء حساب، ويقوم بعملية عد تحتاج إلى تفكير وتأمل، وبعد مدة من التأمل والتفكير يعطى الجواب!!
إلا أن يكون ذلك محفوظاً لديه، وجرى ديدنه وطريقته عليه مدة من الزمان، حتى انغرس في ذهنه، وحفظه ووعاه.
كما أن ذلك يعبر عن مدى اهتمام الصحابة في المحافظة على جعل ربيع الأول مبدأ للتاريخ، وإن كانوا قد غلبوا على ذلك فيما بعد.
5 ـ إن بين أيدينا نصاً لعهد النبي «صلى الله عليه وآله» لسلمان الفارسي مؤرخاً بسنة تسع للهجرة.
قال أبو نعيم: عن «الحسن بن إبراهيم بن إسحاق البرجي المستملي، وأخبرنيه عنه محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، قال: سمعته يقول:
سمعت أبا علي الحسين بن محمد بن عمرو الوثابي يقول: رأيت هذا السجل بشيراز، بيد سبط لغسان بن زاذان بن شاذويه بن ماه بنداذ، أخي سلمان.
وهذا العهد بخط علي بن أبي طالب «عليه السلام»، مختوم بخاتم النبي «صلى الله عليه وآله»، فنسخ منه ما صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله، سأله سلمان، وصية بأخيه ماه بنداذ، وأهل بيته، وعقبه.
ثم ساق أبو نعيم الكتاب إلى أن قال في آخره: وكتب علي بن أبي طالب «عليه السلام»، بأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» في رجب، سنة تسع من الهجرة، وحضر أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، و عبد الرحمن، وسعد، وسعيد، وسلمان، وأبو ذر، وعمار، وعيينة، وصهيب، وبلال، والمقداد، وجماعة آخرون من المؤمنين.
وذكر أيضاً أبو محمد بن حيان، عن بعض من عني بهذا الشأن: «أن رهطاً من ولد أخي سلمان بشيراز، زعيمهم رجل يقال له: غسان بن زاذان، معهم هذا الكتاب، بخط علي بن أبي طالب، بيد غسان، مكتوب في أديم أبيض، مختوم بخاتم النبي «صلى الله عليه وآله» وخاتم أبي بكر وعلي «رضي الله عنهما»، على هذا العهد حرفاً بحرف، إلا أنه قال: وكتب علي بن أبي طالب، ولم يذكر عيينة مع الجماعة» 45.
وأورد عليه البعض: بانقطاع سنده وركاكة لفظه، وبأن أول من أرخ بالهجرة هو عمر 46.
ونقول:
إن انقطاع سنده لا يضر ما دام معتضداً بغيره من النصوص والشواهد التي تقدمت وستأتي.
وأما ركاكة لفظه، فهي دعوى غير ظاهرة.
وأما بالنسبة لكون عمر هو أول من أرخ بالهجرة، فهو أول الكلام.
6 ـ كتاب مفاداة سلمان من عثمان بن الأشهل اليهودي، وقد جاء في آخره قوله: «وكتب علي بن أبي طالب الإثنين في جمادى الأولى، مهاجر محمد بن عبد الله رسول الله «صلى الله عليه وآله» 47.
وقد شكك بعض العلماء في هذا الكتاب، وناقش فيه، وقد ذكرنا كلماتهم وأجبنا عنها في كتابنا سلمان الفارسي في مواجهة التحدي ص 25 ـ 30 فليراجعه من أراد.
7 ـ قد أورد البلاذري نصاً للكتاب الذي كتبه النبي «صلى الله عليه وآله» ليهود بلدة «مقنا، وبني حبيبة. وقد صالحهم فيه على ربع عروكهم (خشب يصطاد عليه)، وغزولهم، وربع كراعهم، وحلقتهم، وعلى ربع ثمارهم».
قال البلاذري: «وأخبرني بعض أهل مصر: أنه رأى بعينه في جلد أحمر، دارس الخط، فنسخه، وأملى علي فنسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى بني حبيبة، وأهل مقنا: سلم أنتم، فإنه أنزل علي: أنكم راجعون إلى قريتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا، فإنكم آمنون، ولكم ذمة الله وذمة رسوله».
ثم ساق البلاذري الكتاب إلى أن قال في آخره:
«وليس عليكم أمير إلا من أنفسكم، أو من أهل بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وكتب علي بن أبو طالب «عليه السلام» في سنة تسع» 48.
وقد أورد المعلق على فتوح البلدان، محمد بن أحمد بن عساكر على هذه الرسالة بإيرادين:
أحدهما: أن علياً الذي اخترع علم النحو، حتى لا يختلط بكلام النبط، لا يمكن أن يصدر منه اللحن ويقول: (علي بن أبو طالب) برفع كلمة أبو.
الثاني: أن صلح النبي «صلى الله عليه وآله» لأهل مقنا، كان في غزوة تبوك على ما هو مذكور في كتاب البلاذري، ولا خلاف في أن علياً لم يكن فيها، فكيف يكون علي «عليه السلام» هو كاتب هذا الكتاب 49؟
ونحن نكتفي في الإجابة على هذين الإيرادين بما ذكره العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي، حيث قال ما ملخصه مع إضافات وزيادات في النصوص وغيرها، قد اقتضاها المقام.
أما الجواب عن الأول: فقد ذكر الملا علي القاري في شرحه لشفاء القاضي عياض، نقلاً عن نوادر أبي زيد الأصمعي عن يحيى بن عمر: أن قريشاً كانت لا تغير الأب في الكنية، بل تجعله مرفوعاً أبداً: رفعاً، ونصباً، وجراً.
وفي نهاية ابن الأثير، في لفظ (أبي) وشرح القاري لشفاء عياض: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كتب إلى المهاجر بن أمية: (المهاجر بن أبو أمية)، ثم قالا: ولما كان أبو أمية مشتهراً بالكنية ولم يكن له اسم معروف غيره، تركه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومثل القاري لذلك، فقال: (كما يقال: علي بن أبو طالب).
ونضيف هنا قول الزمخشري: «وكتب لوائل بن حجر: من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبو أمية؛ إن وائلاً..
إلى أن قال الزمخشري: أبو أمية ترك في حال الجر على لفظه في حال الرفع، لأنه اشتهر بذلك، وعرف، فجرى مجرى المثل الذي لا يغير، وكذلك قولهم: علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان» انتهى 50.
وقال العلامة الأحمدي أيضاً: وفي مجموعة الوثائق السياسية عن الصفدي: أن بعضهم يكتب: علي بن أبو طالب بالواو، ويلفظ: أبي، بالياء، وبعد أن نقل في المجموعة عن التراتيب الإدارية، ما تقدم عن نوادر الأصمعي قال: وفوق ذلك كله: إني لما كنت في المدينة، في شهر محرم سنة 1358، وجدت في الكتابة القديمة التي في جنوب سلع: (أنا علي بن أبو طالب).
وقد تكون هذه الكتابة بخط علي «عليه السلام».
وقال في مجموعة الوثائق أيضاً: إنه وجد كلمة: (علي بن أبو طالب) بالواو، في أربعة مواضع في الكتب المقروة عن الشيوخ.
ونزيد هنا قول العسقلاني: «قال الحاكم: أكثر المتقدمين على أن اسمه (يعني أبا طالب) كنيته» 51.
وقال مغلطاي: «وقيل: اسمه كنيته فيما ذكر الحاكم، وفيه نظر» 52.
وذكر المسعودي 53: أنه قد تنوزع في اسم أبي طالب، فمنهم من رأى أن كنيته اسمه، وأن علياً «عليه السلام» قد كتب ليهود خيبر، بإملاء النبي «صلى الله عليه وآله»: (وكتب علي بن أبي طالب)، فإسقاط الألف من كلمة: ابن، يدل على أنه واقع بين علمين، لا بين علم وكنية.
وقال البلاذري: وقال يحيى بن آدم: وقد رأيت كتاباً في أيدي النجرانيين، كانت نسخته شبيهة بهذه النسخة، وفي أسفله: (وكتب علي بن أبو طالب)، ولا أدري ما أقول فيه 54.
وفي كتابه بين ربيعة واليمن نراه قد كتب في آخره ـ وهي الرواية المشهورة ـ: (كتب علي بن أبو طالب) 55.
وقال ابن عنبة: عن محمد بن إبراهيم النسابة: أنه رأى خط أمير المؤمنين في آخره: (وكتب علي بن أبو طالب). وقال: إنه كان في المشهد الغروي الشريف مصحف بخط علي «عليه السلام»، احترق حين احترق المشهد سنة 755 ه‍. يقال: إنه كان في آخره: وكتب علي بن أبو طالب.
ثم ذكر: أن الواو مشتبهة بالياء لتقاربهما في الخط الكوفي، وأن الصحيح هو (علي بن أبي طالب) حسبما نقله له جده وغيره 56.
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
ونستطيع أن نستخلص مما تقدم: أن وجود كلمة: (أبو) لا يضر، ولا يوجب إشكالاً في الرواية، ولا سيما إذا لاحظنا ما نقلوه من لغة قريش المتقدمة، ومن ثم، فإننا لا نحتاج إلى تأويل عمدة الطالب، أو غيره.
وأما الجواب عن الإيراد الثاني: فيقول العلامة الأحمدي: إنه لا صراحة في كلام البلاذري، ولا دلالة له على أن هذا الكتاب قد كتب في تبوك، كما أن الكتاب نفسه ليس فيه ما يدل على ذلك، بل فيه ما يدل على وفادة جماعة منهم إلى النبي «صلى الله عليه وآله» وأنهم سوف يرجعون إلى بلدتهم، فلعل وفادتهم إليه كانت إلى المدينة لغرض تجاري، أو لأجل الحصول على هذا الكتاب، أو غير ذلك، فكتب النبي «صلى الله عليه وآله» لهم هذا الكتاب.
ويلاحظ هنا: أن عدداً من المصادر يكتفي بالإشارة إلى أنه «صلى الله عليه وآله» قد كتب لأهل مقنا كتاباً في سنة تسع 57.
هذا ما ذكره العلامة الأحمدي بزيادات وتصرف وتلخيص، وهو كاف وواف في دفع الإيراد على هذا الكتاب.
8 ـ كتاب صلح خالد بن الوليد لأهل دمشق قال ابن سلام: «حدثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي عن ابن سراقة: أن خالد بن الوليد كتب لأهل دمشق:
«هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق: أني قد أمنتهم على دمائهم، وأموالهم، وكنائسهم، قال أبو عبيد: ذكر كلاماً فيه لا أحفظه، وفي آخره: شهد أبو عبيدة الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وقضاعي بن عامر، وكتب سنة ثلاث عشرة» 58.
واحتمال أن تكون العبارة الأخيرة ليست من أصل الكتاب، وإنما هي من تعابير المؤرخين أو الرواة.
يدفعه: أن ذلك خلاف ظاهر العبارة.
أضف إلى ذلك: أنه قد روي عن الواقدي: أن خالداً لم يؤرخ الكتاب ولكن لما أراد المسلمون النهوض إلى اليرموك، جدد خالد للنصارى كتاب الصلح وأثبت فيه شهادة أبي عبيدة وشرحبيل ويزيد بن أبي سفيان، وأرخه بسنة خمس عشرة في ربيع الآخر 59.
وأضاف ابن كثير إلى الشهود: عمرو بن العاص.
ولا يمنع أن يكون هذا كتاب آخر كتبه لهم فيما يتعلق بكنائسهم حين نهوضه إلى اليرموك، كما ربما يستظهر من عبارة ابن كثير فراجع 60.
وحتى لو كان تاريخ الكتاب هو سنة 15، فإن ذلك لا يضر في دلالته على المطلوب لأن من المتفق عليه أن قضية عمر كانت بعد ذلك، أي في سنة 16 ه‍. أو 17 ه‍.
ولا أحد يدَّعي إطلاقاً: أن وضعه للتاريخ قبل ذلك، ولا سيما بملاحظة: أن فتح دمشق كان أول خلافة عمر، بل قبل أن يصل إلى جند المسلمين في الشام خبر وفاة أبي بكر وتولي عمر.
نقول هذا على الرغم من أننا نرى: أن كلمات أهل المغازي قد اختلفت في وقت فتح دمشق: هل كان في سنة 13 ه‍ أو في سنة 14 ه‍، وفي أن من صالح أهلها: هل هو أبو عبيدة، أم خالد بن الوليد، وكذلك في أن أيهما كان الأمير على جند المسلمين في الشام؟.
وذلك لأن لدينا ما يشبه اليقين بأن فتح دمشق كان قبل وصول الخبر بوفاة أبي بكر في سنة 13 ه‍، أو على الأقل قبل إظهار أبي عبيدة للخبر، وأن الذي صالحهم هو خالد بن الوليد، الذي كان أميراً على الجند آنئذٍ.
فقد نصَّ أبو عبيدة، وابن قتيبة، والواقدي، والبلاذري 61، وكثيرون غيرهم: على أن المصالحة كانت على يد خالد، مما يعني أنه هو الذي كان أمير الجيش إلى حين الصلح.
بل يذكر لنا الواقدي: مشادة عنيفة، حصلت بين أبي عبيدة وخالد، بسبب صلح خالد لهم، تظهر لنا بوضوح مدى عناد خالد في موقفه، وضعف أبي عبيدة معه 62 الأمر الذي ينسجم كثيراً مع ما نذهب إليه، من أن قيادة الجيش كانت لخالد آنذاك.
يضاف إلى ما تقدم: أن البلاذري وغيره قد ذكروا: أن أبا عبيدة كان على الباب الشرقي، فدخلها عنوة، فجاء أهل المدينة إلى خالد، فصالحوه، وكتب لهم كتاباً، وفتحوا له الباب، ثم نقل البلاذري قول أبي مخنف، الذي يعكس القضية، ثم قال: والأول أثبت 63.
ويدل على أن ذلك هو الأثبت: أن أكثر المؤرخين يذكرون أن خالداً كان هو المصالح لأهل دمشق، ومن ثم كان هو أمير الجيش.
وتلك الرسالة المذكورة في أول هذا الكلام ونصوص أخرى، تدل دلالة قاطعة على ذلك أيضاً.
وأما عزل خالد، فقد جاءهم وهم محاصرون لدمشق، فكتمه عنه أبو عبيدة نحو عشرين ليلة، حتى فتحت دمشق، حتى لا يوهن أمر خالد، وهم بإزاء العدو 64.
وقال الواقدي: إن فتحها كان في ليلة وفاة أبي بكر 65.
وقال زيني دحلان: «وقيل: إنما جاء خبر وفاة أبي بكر، بعد فتح دمشق في سنة ثلاث عشرة، وأن وفاة أبي بكر (رض) كانت في الليلة التي دخلوا فيها دمشق، وكان ذلك لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، والقائلون بأن خبر وفاته إنما جاء بعد فتح دمشق هم القائلون بأن وقعة اليرموك كانت بعد فتح دمشق، وأنها سنة خمس عشرة» 66.
وقال ابن كثير: «ظاهر سياق سيف بن عمر يقتضي: أن فتح دمشق وقع في سنة ثلاث عشرة، ولكن نص سيف على ما نص عليه الجمهور من أنها فتحت في نصف رجب سنة أربع عشرة» 67.
وعن عبد الرحمن بن جبير: أن أبا عبيدة نفسه قد ذهب ليبشر أبا بكر بفتح دمشق، فوجده قد توفي وأمره عمر على الناس، فلما عاد إلى دمشق قالوا: «مرحباً بمن بعثناه بريداً فقدم علينا أميراً» 68.
وعلى كل حال، فإن كتاب الصلح المتقدم، وسائر ما قدمناه يشهد: بأن خالداً هو الذي صالح أهل الشام وفاقاً لأكثر المؤرخين.
وقد قلنا: إنه حتى لو كان الكتاب مؤرخاً بسنة 15، أو كان ذلك كتاباً آخر، فإنه أيضاً يدل دلالة واضحة على أن التاريخ كان قد وضع قبل خلافة عمر.
وأما لماذا يعدل الرواة والمؤرخون عن الحقيقة، ألا وهي مصالحة خالد لأهل الشام قبل وفاة أبي بكر، فلعل تقارب الأحداث وتتابعها قد أوقعهم في الخلط والاشتباه، ولعله حين نريد أن نحسن الظن بهم ـ وهم أهل ومحل لذلك!! ـ قد كان لتعمد إظهار: أن عهد عمر كان عهد الفتوحات العظيمة، والتوسع الكبير، ولا بد أن يكون فتح الشام، وهي هامة جداً، في عهده هو لا في عهد أبي بكر.
وأيضاً فثمة اهتمام خاص ظاهر للعيان بإثبات شجاعة خالد وإظهار قوته، وبطولاته في مواقفه، وأنه ـ دون كل أحد ـ رجل السيف والسنان، فلا بد أن يكون قد فتحها عنوة، وأن يكون الذي صالح أهلها غيره!! ولو كان ذلك عن طريق الكذب والدجل والتزوير.
وأما أن أي ذلك الذي ذكرناه هو السبب الحقيقي في العدول عن الحقيقة، فلست أدري، ولعل القارئ الفطن الذكي يدري.
9 ـ ونقل السيوطي عن مجموعة بخط ابن القماح ذكر فيها: أن ابن الصلاح قال: «ذكر أبو طاهر، محمد بن محمش الزيادي في تاريخ الشروط:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أرخ بالهجرة حين كتب الكتاب لنصارى نجران وأمر علياً أن يكتب فيه: أنه كتب لخمس من الهجرة.
قال: فالمؤرخ بهذا إذاً رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعمر تبعه في ذلك» 69.
وقال السيد عباس المكي: «التاريخ سنة ماضية، وطريقة راضية، أمر بها رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين كتب إلى نصارى نجران، فأمر علياً «رضي الله عنه»: أن يكتب فيه: (كتب لخمس من الهجرة)» 70، ثم نقل رواية ابن شهاب المتقدمة.
وقال السخاوي: «فإن ثبت، فيكون عمر متبعاً، لا مبتكراً» 71.
وقال السيوطي أيضاً: «وقد يقال: هذا صريح في أنه يقال: أرخ سنة خمس.
والحديث الأول (يعني رواية الزهري المتقدمة) فيه: أنه أرخ يوم قدوم المدينة.
ويجاب: بأنه لا منافاة، فإن الظرف وهو قوله: «يوم قدم المدينة» ليس متعلقاً بالفعل وهو أمر، بل بالمصدر وهو (التاريخ)، أي أمر بأن يؤرخ بذلك اليوم، لا أن الأمر كان في ذلك اليوم» 72، هذا كلام السيوطي.
ولكن ثمة جواب أوضح وأظهر، وهو: أنه «صلى الله عليه وآله» قد أمر بالتاريخ من أول قدومه، وجعل مبدأه أول ربيع الأول؛ واستعمله النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه حين كتب لنصارى نجران في سنة خمس.
10 ـ خبر الصحيفة السجادية الذي يظهر منه: أن جعل هجرة الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» مبدأ للتاريخ كان مرتبطاً بالمبدأ الأعلى جل وعلا، حيث جاء في الخبر: أن جبرائيل «عليه السلام» قال للنبي «صلى الله عليه وآله»: «تدور رحى الإسلام من مهاجرك؛ فتلبث بذلك عشراً، ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك، فتلبث بذلك خمساً» 73.
11 ـ وعن أم سلمة قالت: «قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقتل حسين بن علي على رأس ستين من مهاجري» 74.
12 ـ وعن أنس قال: «حدثنا أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: لا تأتي مئة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف» 75.
13 ـ وقد ذكر البعض نصاً للكتاب الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة، وجاء في آخره: «وإن غدروا بفعل أو بقول فالذمة منهم بريئة، وكتب في شهر ربيع الأول من سنة اثنتي عشرة» 76.
ومن المعلوم: أن فتح الحيرة على يد خالد كان في زمن أبي بكر، وذلك معناه أن التاريخ كان قد وضع واستعمل قبل خلافة عمر، فكيف يكون عمر هو واضع التاريخ في سنة ست عشرة؟ وقد يمكن تأييد ذلك بما تقدم عن السهيلي وابن عباس، وغير ذلك مما لا مجال لذكره.
هذا، واحتمال أن تكون العبارة الأخيرة من كلام الرواة أو المؤرخين ليس له ما يؤيده، كما ألمحنا.
14 ـ ما رواه الحافظ عبد الرزاق عن أبي هريرة قال: «ويل للعرب من شر قد اقترب على رأس الستين تصير الأمانة غنيمة الخ..» 77.
15 ـ ما رواه عبد الرزاق أيضاً عن ابن مسعود قال: «إذا كانت سنة خمس وثلاثين حدث أمر عظيم، فإن تهلكوا فبالحرا، وإن تنجوا فعسى. وإذا كانت سبعين رأيتم ما تنكرون» 78.
فإن ابن مسعود وأبا هريرة إنما علما ذلك عن طريق النبي «صلى الله عليه وآله»؛ لأنه تنبؤ بالغيب، وهذا يدل على أنه «صلى الله عليه وآله» هو واضع التاريخ الهجري.
16 ـ وفي حديث رواته ثقات: «نعوذ بالله من رأس الستين وفي رواية: من سنة ستين، ومن إمارة الصبيان» 77.
وعن أبي هريرة أنه قال: اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان 79.
17 ـ عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر «رض» مرفوعاً: «إذا كان على رأس السبعين ومئة فالرباط بجدة من أفضل ما يكون من الرباط» 80.

عود على بدء

وبعد كل ما قدمناه، يتضح: أن ما اشتهر بين الناس من أن واضع التاريخ الهجري الإسلامي هو عمر بن الخطاب، مما لا يمكن القبول به ولا المساعدة عليه؛ وأن ما حدث في زمن عمر هو فقط: جعل مبدأ السنة الهجرية شهر محرم، بدلاً من ربيع الأول، إما باقتراح من عمر نفسه، أو بإشارة من عثمان، ومحرم ـ كما هو معلوم ـ كان مبدأ السنة في الجاهلية!! 81.
وليس من البعيد: أن يكون التاريخ الهجري الذي وضعه النبي «صلى الله عليه وآله»، وأرخ به أكثر من مرة، لم يكن قد اشتهر بين الناس، بسبب قلة احتياجهم للتاريخ في تلك الفترة، فجمع عمر الصحابة ليتفقوا على تاريخ، حسبما تقدم بيانه 82.
ولكننا رأينا في الاجتماع دعوات مغرضة لتناسي ذلك التاريخ الذي أمر به ووضعه الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، فهذا يشير بتاريخ الروم؛ وبعض مسلمي اليهود يشير بالتاريخ الذي يرجع إلى زمان الإسكندر والهرمزان، يستشيره عمر ـ مع أن عمر كان يكره الفرس كراهية شديدة ـ فيشير عليه بتاريخ الفرس، كلما هلك ملك أرخوا من ولاية الذي بعده.
ورابع: يشير بجعل مبدأ التاريخ مولد النبي «صلى الله عليه وآله» ـ عام الفيل ـ الذي كان العرب يؤرخون به في جاهليتهم المتأخرة، وهكذا، «وكثر منهم القول وطال الخطب في تواريخ الأعاجم وغيرها» على حد تعبير المسعودي 36.
ولكن علياً «عليه السلام» حافظ الدين ورائد الحق، قد أعلن في الوقت المناسب: التاريخ الهجري الذي وضعه الرسول «صلى الله عليه وآله»، وأرخ به هو نفسه في حياة النبي «صلى الله عليه وآله» العديد من الكتب والمعاهدات.
فلم يكن ثمة بد من قبول رأيه والإذعان لمشورته، لأنها حق، والحق يعلو ولا يعلى عليه.
واتخاذه الهجرة مبدأ للتاريخ دون يوم ولادته ووفاته «صلى الله عليه وآله»، إنما هو لأهمية الهجرة من دار الشرك؛ حيث الذل والهوان إلى دار الإسلام حيث العزة والكرامة، فهي مهمة جداً في صنع التاريخ والإنسانية، كما أنه يكون بذلك «صلى الله عليه وآله» قد أبعد كل المواقف المخزية، والأحداث التي تختص بالطواغيت والظلام عن أن تجعل مبدأ للتاريخ، وعن أن تصبح في جملة الرواسب والمرتكزات، التي يعتادها الإنسان ويألفها، وتستقر في وعي الناس كجزء من التراث، والثقافة، والحياة.

والتاريخ المسيحي إذاً لماذا؟

وبعد.. فإننا نسجل هنا بكل أسف وأسى حقيقة: أن الغربيين وغير المسلمين يحافظون على تراثهم وعلى خصائصهم، مهما كانت تافهة وحقيرة، وغير ذات أهمية، ولا يتنازلون عنها في أي من الظروف والأحوال، بل هم يطمحون إلى بثها وترسيخها لدى غيرهم من الجماعات والأمم، ولو على حساب تدمير تاريخ وتراث تلك الجماعات؛ فنجد أنهم عندما يكتبون عن الشؤون والتواريخ الإسلامية يصرون على تحوير التاريخ الهجري، الذي ضبطت به الحوادث إلى الميلادي الشمسي، مهما كان ذلك موجباً لضياع كثير من الحقائق، والغلط والخلط فيها نتيجة للاختلاف فيما بين التاريخين.
أما نحن: فإننا نتنازل عن كثير من الأشياء التي قد يكون الكثير منها رئيسياً وأساسياً، بدعوى التقدمية والرقي، وغير ذلك من ألفاظ خلابة، وشعارات براقة، تخفي وراءها الكثير الكثير من المهالك والأخطار، بل لقد تخلت بعض البلاد الإسلامية حتى عن الخط العربي، واستبدلته بالخط اللاتيني، بالإضافة إلى تخليهم عن كثير من شؤونهم الحياتية حتى زيهم ولباسهم، وحتى طريقة عيشهم أيضاً.
وهكذا كان حالنا بالنسبة للتاريخ الهجري، حيث قد تخلينا عنه، وبكل يسر وسهولة رغم أنه من موجبات عزتنا، وعليه يقوم تاريخنا وتراثنا، فاستبدلناه بالتاريخ المسيحي الشمسي، المستحدث بعد ظهور الإسلام ببرهة طويلة، لأن النصارى كانوا يؤرخون برفع المسيح «عليه السلام» 83، لا بميلاده، وعلى حسب نص آخر: إنهم كانوا يؤرخون بعهد الإسكندر ذي القرنين 84، حتى إن ابن العبرى، وهو من اليعاقبة المسيحيين، وقد بلغ إلى درجة تعادل درجة الكاردينال، وتوفي سنة 685 ه‍. لم يؤرخ في كتابه بتاريخ المسيح أصلاً، بل اعتمد تاريخ الإسكندر في مواضع عديدة في كتابه فراجع.
فلو كان تاريخ المسيح شائعاً أو معروفاً في عصره لم يعدل عنه.
ويظهر من كلام السخاوي المتقدم، والمتوفى سنة 902 ه‍ أن التاريخ بميلاد المسيح لم يكن متداولاً إلى أوائل القرن العاشر الهجري.
وها نحن نرى العديد من الدول التي تطلق على نفسها اسم الإسلام، قد اتخذت هذا التاريخ المسيحي، لا الفارسي ولا الرومي اللذين سبق أن اقترحا على الصحابة في الصدر الأول.
نعم، لقد اعتمدوا التاريخ المسيحي، بدعوى الحضارة والتقدمية، وما إلى ذلك من شعارات، وتركوا ما هو مصدر عزتهم، وما عليه يقوم تاريخهم وتراثهم، كما تنازلوا عن الكثير الكثير مما هو أعظم وأهم، والتنازل عنه أخطر، وأدهى.
ملاحظة:
قيل لأبي عبد الله «عليه السلام» فيما روي: إن النصارى يقولون: إن ليلة الميلاد في أربعة وعشرين من كانون؟
فقال: كذبوا، بل في النصف من حزيران، ويستوي الليل والنهار في النصف من آذار 85.
والملاحظ: أن الآية قد صرحت بوجود الرطب في وقت ميلاد عيسى «عليه السلام» قال تعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ 86، إلا أن يدعى: أن وجود الرطب كان على سبيل الإعجاز.
ومن جهة أخرى نقول: إن مريم قد انتبذت من أهلها مكاناً قصياً وشرقياً أيضاً، وكان في مكان الولادة نخل ورطب..
وهذا يشير إلى صحة الروايات التي تقول: أنها ولدت عيسى في مسجد براثا في بغداد فراجع..

دعوة مخلصة

فنحن ندعو الأمم الإسلامية إلى اعتماد التاريخ الهجري القمري في تقاويمهم وتواريخهم، لأن ذلك يصل ماضيهم بحاضرهم، ويذكرهم بسر مجدهم وعزتهم، وهو هذا الدين الذي اختاره الله لهم وللإنسانية جمعاء.
مضافاً إلى أنه لو كان المفروض جعل أعظم الحوادث مبدأ للتاريخ، فأي حادثة أعظم من ظهور نبي الإسلام، وما تلا ذلك من الحوادث العظام؟.
قال العلامة المجلسي: «والعلة الواقعية في ذلك، يمكن أن تكون ما ذكر من أنها مبدأ ظهور غلبة الإسلام والمسلمين، ومفتتح ظهور شرائع الدين، وتخلص المؤمنين من أسر المشركين، وسائر ما جرى بعد الهجرة من تأسيس قواعد الدين المبين» 87.
نقول ذلك للأمم الإسلامية جمعاء وللعرب على الخصوص، فإننا حتى لو تنزلنا عن ذلك من حيث الدين، فإن عليهم أن يلتزموا به بما أنهم عرب، وأذكرهم هنا بالكلمة القوية التي أطلقها الحسين سيد الشهداء «عليه السلام» حينما قال: «إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم، إن كنتم عرباً كما تزعمون» 88.
نسأل الله أن يعيد إليهم صوابهم، ويجعلهم يسترشدون بعقولهم وضمائرهم.
وإذا كانوا يقلدون غيرهم في كل شيء تحت ظل مثل تلكم الشعارات، فليقلدوهم في هذه النقطة أيضاً، أي في عدم التنازل عن الخصائص الخيرة، والتراث العظيم، ثم الاستجداء من الآخرين والأخذ منهم ما قد يكون ـ بل هو كائن فعلاً ـ ضرره أكثر من نفعه.
﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... 8990.

  • 1. a. b. عنوان المعارف وذكر الخلائف ص11.
  • 2. البداية والنهاية ج3 ص94.
  • 3. نزهة الجليس ج1 ص21، وفتح الباري ج7 ص209، والإعلان بالتوبيخ ص80، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج4 ص67، والشماريخ ص10 ط سنة1971، وكنز العمال ج17 ص145 عن ابن عساكر وج10 ص193 عن أبي خيثمة في تاريخه.
  • 4. الإعلان بالتوبيخ ص79، وليراجع الوزراء والكتاب ص20، وفتح الباري ج7 ص209، ومآثر الانافة ج3 ص337.
  • 5. الإعلان بالتوبيخ ص81 ط القاهرة. وقال ص82: إن الديلمي في الفردوس، وولده قد رويا ذلك عن علي، وإحقاق الحق ج8 ص220 عن الإعلان.
  • 6. تاريخ الخميس ج1 ص338، ووفاء الوفاء ج1 ص248.
  • 7. الإعلان بالتوبيخ لمن يذم التاريخ ص80، وإرشاد الساري ج6 ص234، وفتح الباري ج7 ص209 ـ210.
  • 8. الأوائل ج1 ص223.
  • 9. البداية والنهاية ج3 ص207، والبحار ج58.
  • 10. الظاهر أنه: عبيد الله.
  • 11. الخراج لأبي يوسف ص81، وجمهرة رسائل العرب ج1 ص82 رقم53 عنه.
  • 12. a. b. البداية والنهاية ج3 ص207، وأشار إليه أيضاً في ج4 ص94.
  • 13. الوزراء والكتاب ص20.
  • 14. الخطط للمقريزي ج1 ص184.
  • 15. التراتيب الإدارية ج1 ص181، وليراجع المواهب اللدنية ج1 ص67.
  • 16. الشماريخ في علم التاريخ للسيوطي ج10 ط سنة1971.
  • 17. الدرجات الرفيعة ص207.
  • 18. المواهب اللدنية ج1 ص67.
  • 19. سيرة مغلطاي ص35 ـ 36.
  • 20. نفس الرحمن ص44، وراجع: الإعلان بالتوبيخ ص82.
  • 21. المناقب ج2 ص144، وراجع: البحار ج40 ص218، وراجع: علي والخلفاء ص241.
  • 22. راجع: البحار (ط مؤسسة الوفاء) ج55 ص351.
  • 23. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 108، الصفحة: 204.
  • 24. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 4، الصفحة: 404.
  • 25. الروض الأنف ج2 ص246 ط سنة1972، وإرشاد الساري ج6 ص234 عنه، وفتح الباري ج7 ص208 ـ 209 عنه أيضاً، ووفاء الوفاء ج1 ص248، وأشار إليه في البداية والنهاية ج3 ص207.
  • 26. ليراجع فتح الباري ج7 ص209.
  • 27. التراتيب الإدارية المسمى بـ: نظام الحكومة النبوية ج1 ص181 ـ182.
  • 28. معجم البلدان ج5 ص124.
  • 29. تنوير المقباس هامش الدر المنثور ج2 ص224.
  • 30. فتح الباري ج7 ص208، وإرشاد الساري ج6 ص233، والتنبيه والإشراف ص252، وتاريخ الطبري ط دار المعارف ج2 ص388، ونزهة الجليس ج1 ص21، ومناقب آل أبي طالب ج2 ص142، والبحار ج40 ص218 عنه، وعلي والخلفاء ص241 عن البحار، وصبح الأعشى ج6 ص240، والتراتيب الإدارية ج1 ص180، وحكاه الأخيران عن النحاس في صناعة الكتاب، وتاريخ الخميس ج1 ص338، والشماريخ في علم التاريخ ص10 ط سنة1971 عن ابن عساكر عن يعقوب بن سفيان، ووفاء الوفاء للسمهودي ج1 ص248، والمواهب والزرقاني وغيرهم حكوه عن الحاكم في الأكليل مفصلاً، والكامل لابن الأثير ج1 ص10 ط صادر، وفي المواهب اللدنية ج1 ص67: ذكر ذلك من دون أن ينسبه إلى الزهري وراجع الإعلان بالتوبيخ ص78.
  • 31. الشماريخ في علم التاريخ ص10.
  • 32. صبح الأعشى ج6 ص240.
  • 33. فتح الباري ج7 ص208، وإرشاد الساري ج6 ص233 عنه، ووفاء الوفاء ج1 ص248.
  • 34. الوزراء والكتاب ص25.
  • 35. الإعلان بالتوبيخ ص78، وتاريخ الخميس ج1 ص338.
  • 36. a. b. التنبيه والإشراف ص252.
  • 37. وللزهري رواية أخرى تدل على أن التاريخ كان من زمن النبي «صلى الله عليه وآله» ففي تهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص21: أن الزهري قال: (إن قريشاً كانوا يعدون بين الفيل والفجار أربعين سنة، وكانوا يعدون بين الفجار وبين وفـاة هشام بن المغيرة ست سنين، وبين وفـاته وبين بنيـان الكعبة تسع سنين، وبينهما وبين أن خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة خمس عشرة سنة، منها خمس سنين قبل أن يوحى إليه ثم كان العدد (يعني: بعد التاريخ) فيظهر من هذه العبارة الأخيرة: أنهم أعرضوا عن السابق وبدأوا يؤرخون بالهجرة، لكن يبقى في الرواية إشكال، وهوأن المعروف: هو أن بين الفيل والفجار عشرين سنة لا أربعين كما صرح به الطبري ج2، والبداية والنهاية ج2 ص261، وتاريخ الخميس ج1 ص196، وابن الأثير والمسعودي، لكن قول الزهري: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ولد بعد عام الفيل بثلاثين سنة، كما نقله عنه في البداية والنهاية ج2 ص262، يدل على أن الزهري قد تفرد بالقول بأن بين الفجار والفيل أربعين سنة مخالفاً بذلك المعروف والمشهور، لكن كل ذلك لا يضر في دلالة كلامه على ما نقول كما لا يخفى.
  • 38. مستدرك الحاكم ج3 ص13 و14 وصححه على شرط مسلم وتلخيص المستدرك للذهبي هامش نفس الصفحة، ومجمع الزوائد ج1 ص196 عن الطبراني في الكبير، والإعلان بالتوبيخ ص80، وفي ص81 رواية أخرى عنه تشير إلى ذلك أيضاً، والطبري ج2 ص389 ـ390 بسندين، وج3 ص144، والتاريخ الكبير للبخاري ج1 ص9، والشماريخ ص10 عن البخاري في التاريخ الصغير، والخطط للمقريزي ج1 ص284.
  • 39. الإعلان بالتوبيخ لمن يذم التاريخ ص78.
  • 40. راجع تاريخ الخميس ج1 ص324 و325، والإستيعاب هامش الإصابة ج1 ص29، والروض الأنف ج2 ص245، وكذلك لا بأس بمراجعة دلائل النبوة ج2 ص226، والمواهب ج1 ص67.
  • 41. تاريخ الخميس ج1 ص368.
  • 42. a. b. مغازي الواقدي ج2 ص531 ـ 534 على الترتيب.
  • 43. راجع: مغازي الواقدي ج2 ص537، وصفة الصفوة ج1 ص652.
  • 44. راجع: طبقات ابن سعد ج2 قسم1 في غزواته «صلى الله عليه وآله» لا سيما ص56 منه في غزوة بواط، ومغازي الواقدي ص9 و11 و363، والوفاء بأخبار المصطفى ج2 ص673 و674 و675، والبداية والنهاية ج4 ص61، وتاريخ الخميس وغير ذلك.
  • 45. ذكر أخبار أصفهان لأبي نعيم ج1 ص52 و53، والدرجات الرفيعة ص206 و207، وطبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص231، 234 ونفس الرحمن ص44 عن تاريخ گزيدة.
  • 46. راجع تعليقات البلوشي على طبقات المحدثين ج1 ص234.
  • 47. راجع ذكر أخبار أصبهان ج1 ص52، وطبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص226 و227، وتاريخ بغداد ج1 ص170، وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص199، ونفس الـرحمن في فضائل سلـمان ص20 و21 عن تاريخ گزيدة ومجموعة الـوثـائق السياسية ص328 عن الخطيب وأبي نعيم، وعن جامع الآثار في مولد المختار، لشمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي، ومكاتيب الرسول ج2 ص209، والرحلة في طلب الحديث (مقدمة نور الدين عتر) ص53.
  • 48. فتوح البلدان للبلاذري ص67 ط سنة1318 ه‍. ولا بد من التأمل في تخصيصه الولاية بأهل بيته، وليس ذلك إلا دليلاً واضحاً على أن خراج هذه البلدة وهي التي أخذت صلحـاً دون أن يوجـف عليهـا بخيل ولا ركـاب، وهـو المسمى بالفيء الذي هو لله ولرسوله قد أعطاه النبي «صلى الله عليه وآله» لأهل بيته «عليهم السلام»، وهي تدل أيضاً على أن آل الرسول (صلى الله عليه وآله) هم أولو الأمر للمسلمين وأهل الذمة على حد سواء.
  • 49. هامش ص67 من فتوح البلدان للبلاذري.
  • 50. الفائق ج1 ص14.
  • 51. الإصابة ج4 ص115.
  • 52. سيرة مغلطاي ص10.
  • 53. مروج الذهب (ط بيروت) ج2 ص109.
  • 54. فتوح البلدان ص72.
  • 55. شرح النهج لابن ميثم البحراني ج5 ص321.
  • 56. عمدة الطالب (ط النجف) ص20 و21.
  • 57. راجع: مكاتيب الرسول «صلى الله عليه وآله» ج1 ص288 ـ289 ـ290. ولمعاهدة مقنا نص آخر مؤرخ بسنة خمس للهجرة بخط علي «عليه السلام»، ولكنه لا يخلو من بعض الإشكالات التاريخية، وإن كان يمكن الإجابة عنها كلا أو بعضاً فراجع: مكاتيب الرسول «صلى الله عليه وآله» ج1 ص293 ـ 294 وهناك عهد للنصارى مؤرخ في الثانية للهجرة، بخطه أيضاً «عليه السلام»، وعهد آخر لهم مؤرخ في السنة الرابعة يقال: إنه بخط معاوية، وكلا العهدين محل إشكال لا سيما الثاني منهما‍، لأن معاوية لم يسلم إلا عام الفتح، فراجع: مكاتيب الرسول «صلى الله عليه وآله» أيضاً ج2 ص637 و634 وغير ذلك.
  • 58. الأموال ص297، وذكره البلاذري في فتوح بلدانه ص128 بدون تاريخ مع بعض اختلاف.
  • 59. راجع: فتوح البلدان ص130.
  • 60. البداية والنهاية ج7 ص21.
  • 61. المعارف لابن قتيبة (ط سنة1390هـ بيروت) ص79، وفتوح الشام ج1 ص58 ـ 59، وفتوح البلدان ص128 ـ 131 وغير ذلك.
  • 62. فتوح الشام ج1 ص58 ـ 60.
  • 63. فتوح البلدان ص129، وليراجع أيضاً: البداية والنهاية ج7 ص21 ونقله عن آخرين.
  • 64. البداية والنهاية ج7 ص23، وفتوح البلدان ص127 ـ 129.
  • 65. فتوح الشام ج1 ص58 و59.
  • 66. الفتوحات الإسلامية ج1 ص47.
  • 67. البداية والنهاية ج7 ص22.
  • 68. البداية والنهاية ج1 ص24.
  • 69. راجع: الشماريخ في علم التاريخ للسيوطي ص10، والتراتيب الإدارية ج1 ص181 عنه.
  • 70. نزهة الجليس ج1 ص21.
  • 71. التراتيب الإدارية ج1 ص181.
  • 72. الشماريخ ص10.
  • 73. البحار ج58 ص351 بعد تصحيح أرقام صفحاته، وسفينة البحار ج2 ص641، والصحيفة السجادية ص10، وقد روي هذا عن النبي «صلى الله عليه وآله» بطرق أخرى ذكرها في البداية والنهاية ج6 ص206 ـ 207، وج7 ص219 وص275 ـ 276 عن أحمد وأبي داود وابن داود، ولكن باختلاف وتصرف وحذف فراجع، وراجع: سنن أبي داود نشر دار الكتاب العربي ج4 ص159 ـ 160 وغير ذلك.
  • 74. مجمع الزوائد ج9 ص190 عن الطبري، ولم يطعن في سنده إلا في سعد بن طريف وليس ذلك إلا لتشيعه حسبما صرحوا به، وترجمة الإمام الحسين «عليه السلام» من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص185 وفي هوامشه عن مصادر أخرى، وتاريخ بغداد ج1 ص142، والإلمام ج5 ص299، وكنز العمال ج13 ص113 ط حيدر آباد، وميزان الإعتدال ج1 ص212 عن الطبراني، والخطيب، وابن عساكر، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج5 ص111، ومقتل الحسين «عليه السلام» للخوارزمي ج1 ص161، وإحقاق الحق ج11 ص354 عن بعض ما تقدم، وعن مفتاح النجا ص136 مخطوط، وعن المعجم الكبير للطبراني.
  • 75. مجمع الزوائد ج1 ص197 عن أبي يعلى، وله ألفاظ وطرق عديدة كثيرة أخرى لكن بلا ذكر كلمة: من الهجرة.
  • 76. هي الدكتورة سعاد ماهر محمد، في كتابها: مشهد الإمام علي في النجف الأشرف ص104 ـ 105.
  • 77. a. b. مصنف عبد الرزاق ج11 ص373 و375.
  • 78. تطهير الجنان واللسان ص66 سنة1375، وكنز العمال ج11 ص113 عن أحمد وغيره.
  • 79. الإتحاف بحب الأشراف ص65 عن ابن أبي شيبة وغيره.
  • 80. لسان الميزان ج2 ص79.
  • 81. البداية والنهاية ج3 ص206 و207، والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص288 و289.
  • 82. احتمل ذلك العلامة المحقق السيد مهدي الروحاني في مقال له نشرته مجلة الهادي في سنتها الأولى عدد4 ص48.
  • 83. الإعلان بالتوبيخ لمن يذم التاريخ ص83.
  • 84. نزهة الجليس ج1 ص22، وراجع: كنز العمال ج10 ص195 عن المستدرك، وعن البخاري في الأدب.
  • 85. البحار ج75 ص36، وتحف العقول، ومختصر التاريخ لابن الكازروني ص67 ومروج الذهب ج2 ص179 و180.
  • 86. القران الكريم: سورة مريم (19)، الآية: 25، الصفحة: 306.
  • 87. البحار ج58 ص351.
  • 88. اللهوف ص50، ومقتل الحسين للمقرم ص335 عنه.
  • 89. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 108، الصفحة: 248.
  • 90. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله)، العلامة المحقق السيى جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ. ق، الجزء الخامس.