إذا أراد كل إنسان ومسلم أن يرضي الله، فعليه أن يفعل ما يُرضي فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). إذا ما أُخذت توصيات تلك السيدة الجليلة ودروسها توجهاتها ومشاعرها بالحسبان، وجرى الالتزام والاعتناء بها، فإن الله المتعالي سوف يرضى؛ حقاً أيّ فضيلة أعلى من هذه يمكن افتراضها للإنسان سواء أكان امرأة أم رجلاً.

الاعتقاد بحجية مريم ومقامها احدى خصوصيات دين الاسلام الحنيف، الذي تؤكد تعظيم مقام المرأة وامكانها بلوغ الكمال والرشد، وذلك بفضل الطاعة لله تعالى والتقوى والعفّة، ولا يكتفي الاسلام بالشعارات التافهة التي ترفعها الحضارة الغربية والتي لم ترَ أدنى قابلية الرشد والكمال للمرأة كما تراه الاسلام في نماذجه الطاهرة العفيفة، كمريم بنت عمران وفاطمة الزهراء عليهما السلام.

واذا خصّ الله عيسى برسالته وهو نبيّه، فانّ مريم ابنت عمران اشتركت في نعم الله السابغة مع نبيّه، أي تكون الاشتراك في النعمة دالّة على القرب الى الله ورفيع المنزلة والكرامة لديه، مما يعني وجود اشتراك في سنخية المهمة بين عيسى ومريم ابنت عمران.

روى الحاكم عن الضحاك في قوله تعالى: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ﴾ 1 قال: علي وفاطمة ﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ 2 قال: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ 3 قال: الحسن والحسين.

• 1. القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 19، الصفحة: 532.
• 2. القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 20، الصفحة: 532.
• 3. القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 22، الصفحة: 532.

لم تزل مريم ابنت عمران تحضى برعاية الرب ورضوانه طالما نذرت نفسها لطاعته وعبادته وانقطاعها اليه، فيغدقها بالرحمة ويحبوها بالكرامة ومن ثم يصطفيها لحجيته ويطهرها على نساء العالمين. ولم يكن الاصطفاء إلا بعد مراحل تتدرج فيها مريم ابنت عمران فقبولها من قبل الله قبولاً حسناً وانباتها إنباتاً حسناً.

أن محور بيت النور هو فاطمة الزهراء سلام الله عليها. فالعلاقة الظاهرية بين جميع أفراد أهل البيت عليهم السلام تلتقي عند الزهراء، اما العلاقة الباطنية- وحسب شهادة القرآن الكريم- فالنبي وأمير المؤمنين نفس واحدة، وعلى أي حال فان التصور الأكبر هو أن آية فِي بيُوتٍ يتجلى فضلها في حق فاطمة الزهراء عليها السلام.

﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴾ 1
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كادوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكادوا عليا (عليه السلام)، وكادوا فاطمة (عليها السلام) ".

• 1. القران الكريم: سورة الطارق (86)، الآية: 15، الصفحة: 591.

وحجية مريم صرّح بها القرآن بقوله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ... ﴾ 1 والآية هي الحجة أي جعلنا عيسى وأمّه حجة، عن يحيى بن أبي القاسم عن أبي عبدالله(عليه السلام) في قول الله عزّوجل ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ... ﴾ 1 قال:أي حجّة 2، فحجيّتها (عليها السلام) في عرض حجية ولدها نبي الله، بل حجيتها سبقت حجية عيسى، كما أن حجية عيسى تلت حجيتها زماناً واقتضاءً.

• 1. a. b. القران الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 50، الصفحة: 345.
• 2. البرهان 3: 113.

قوله تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ 1