نشر قبل 6 سنوات
مجموع الأصوات: 92
القراءات: 22141

حقول مرتبطة: 

لماذا حرم الله لحم الخنزير؟

الخنزير حيوان نجس العين محرم أكل لحمه و جميع مشتقاته و كذلك المستحضرات المستخرجة من أجزائه المستخدمة في الطعام و الشراب و الدواء و غيرها، و يجب على المسلم أن يتعامل معها كمادة نجسة و محرمة استعمالها في الأكل و الشرب و في ما يشترط فيه الطهارة كالصلاة و غيرها، و لقد نهى الله عَزَّ و جَلَّ عن أكل لحم الخنزير و حرم ذلك في آيات من القرآن الكريم بشكل صريح لما فيه من الضرر.

قال عز من قائل: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 1.
و قال سبحانه و تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 2.
و قال جل جلاله: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 3.
و قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 4.

سبب تحريم لحم الخنزير

لا شك أن الله عَزَّ و جَلَّ لم يخلق شيئاً إلا لحكمة و كذلك لم يحرم شيئاً إلا لحكمة و مصلحة، و هذا ما أشارت اليه الروايات و الاحاديث:
قال  الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام : "اعْلَمْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ أَكْلًا وَ لَا شُرْباً إِلَّا لِمَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ وَ الصَّلَاحُ وَ لَمْ يُحَرِّمْ إِلَّا مَا فِيهِ الضَّرَرُ وَ التَّلَفُ وَ الْفَسَادُ فَكُلُّ نَافِعٍ مُقَوٍّ لِلْجِسْمِ فِيهِ قُوَّةٌ لِلْبَدَنِ فَحَلَالٌ وَ كُلُّ مُضِرٍّ يَذْهَبُ بِالْقُوَّةِ أَوْ قَاتِلٍ فَحَرَامٌ مِثْلَ السُّمُومِ وَ الْمَيْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ‏ الْخِنْزِير ... " 5.
و عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ 6 عليه السلام: أَخْبِرْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ‏ الْخِنْزِيرِ؟
فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَى عِبَادِهِ وَ أَحَلَّ لَهُمْ سِوَاهُ مِنْ رَغْبَةٍ مِنْهُ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ وَ لَا زُهْداً فِيمَا أَحَلَّ لَهُمْ، وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ عَلِمَ مَا يَقُومُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ وَ مَا يُصْلِحُهُمْ فَأَحَلَّهُ لَهُمْ وَ أَبَاحَهُ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ بِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَ عَلِمَ عَزَّ وَ جَلَّ مَا يَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَبَاحَهُ لِلْمُضْطَرِّ وَ أَحَلَّهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ بَدَنُهُ إِلَّا بِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنَالَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ... وَ أَمَّا لَحْمُ‏ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَسَخَ قَوْماً فِي صُوَرٍ شَتَّى شِبْهِ الْخِنْزِيرِ وَ الدُّبِّ وَ الْقِرْدِ وَ مَا كَانَ مِنَ الْأَمْسَاخِ ثُمَّ نَهَى عَنْ أَكْلِهَا وَ أَكْلِ شِبْهِهَا لِكَيْ لَا يُنْتَفَعَ بِهَا وَ لَا يُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهِ ... " 7.
هذا و لقد أثبت العلم الحديث إثباتا قاطعا أن أكل لحم الخنزير يتسبب في إصابة الإنسان بأمراض كثيرة ذلك لأن الأمراض التي تصيب الخنـزير تبلغ 450 مرضاً، منها 57 مرضاً طفيلياً تنتقل منه إلى الإنسان بعضها خطير و قاتل.
و الخنزير ــ حسب ما توصل اليه العلماء ــ هو المخزن و المصدر الرئيسي لكثير من الأمراض و الأوبئة كتليف الكبد، و تصلب الشرايين، و ضعف الذاكرة، و العقم ، وإلتهاب المفاصل، و السرطانات المختلفة, و غيرها مما اكتشفها الخبراء حتى الآن.
ثم إن الخنزير حيوان تجتمع فيه الصفات السبعية و البهيمية، يأكل القمامات و الفضلات و النجاسات بشراهة و نهم، و هو أيضاً مفترس يأكل الجرذ و الفئران و غيرها كما يأكل الجيف حتى جيف أقرانه.
قال الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام : " ... وَ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِظَةً لِلْخَلْقِ وَ عِبْرَةً وَ تَخْوِيفاً وَ دَلِيلًا عَلَى مَا مَسَخَ عَلَى خِلْقَتِهِ 8، وَ لِأَنَّ غِذَاءَهُ أَقْذَرُ الْأَقْذَارِ مَعَ عِلَلٍ كَثِيرَةٍ " 9.

  • 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 173، الصفحة: 26.
  • 2. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 3، الصفحة: 107.
  • 3. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 115، الصفحة: 280.
  • 4. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 145، الصفحة: 147.
  • 5. فقه الرضا: 254 ، و الكتاب مجموعة فقهية منسوبة للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطبعة الأولى، سنة 1406 هجرية، مشهد / ايران.
  • 6. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 7. المحاسن: 2 / 334 ، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي، المتوفى سنة: 274 أو 280 هجرية، الطبعة الثانية، دار الكتب الإسلامية، قم/إيران، سنة 1371 هجرية.
  • 8. المَسْخ: قَلْبُ الشيء و تحويل صورته إلى ما هو أقبح منها.
    و المُسُوخ: على وزن دُروس و بُخور ، جمع المَمْسوخ.
    و لقد مسخ الله عَزَّ و جَلَّ جماعة من البشر إلى حيوانات و حشرات مختلفة، غير أن الممسوخين لم يبقوا أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتوا و لم يتوالدوا، و الحيوانات التي تُعدُّ اليوم من الممسوخات إنما سُمّيت مُسوُخاً استعارةً ، لكونها على صور أولئك الممسوخين، و لهذه الحيوانات أحكام خاصة في الشريعة الإسلامية.
    و لقد صرّح القرآن الكريم في عدد من الآيات بأن الله عَزَّ و جَلَّ قد غضِب على جماعة من الناس فمسخهم إلى قردة و خنازير.
  • 9. عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 94، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة : 305 هجرية بقم، و المتوفى سنة: 381 هجرية، الطبعة الأولى، سنة: 1420 هجرية، طهران/ايران.