ما معنى النمص و ما هو حكمه في الشريعة الاسلامية؟
النَمْصُ هو نتف الشعر من الوجه و أطراف الحواجب، و النامصة هي المرأة التي تُزَيِّن النِّساءَ بالنّمص.
لعن النامصة و المتنمصة في الاحاديث
هناك أحاديث لعنت فيها جماعة من النساء أولاهن النامصة و المتنمصة، ففي الحديث المروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي خَيْرُ الْجَعَافِرِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله النَّامِصَةَ وَ الْمُنْتَمِصَةَ وَ الْوَاشِرَةَ وَ الْمُسْتَوْشِرَةَ وَ الْوَاصِلَةَ وَ الْمُسْتَوْصِلَةَ وَ الْوَاشِمَةَ وَ الْمُسْتَوْشِمَةَ".
قَالَ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ، وَ الْمُنْتَمِصَةُ الَّتِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَ الْوَاشِرَةُ الَّتِي تَشِرُ أَسْنَانَ الْمَرْأَةِ وَ تُفَلِّجُهَا وَ تُحَدِّدُهَا، وَ الْمُوتَشِرَةُ الَّتِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَ الْوَاصِلَةُ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَ الْمَرْأَةِ بِشَعْرِ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا، وَ الْمُسْتَوْصِلَةُ الَّتِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَ الْوَاشِمَةُ الَّتِي تَشِمُ وَشْماً فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَ فِي شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا وَ هُوَ أَنْ تَغْرِزَ يَدَيْهَا أَوْ ظَهْرَ كَفِّهَا أَوْ شَيْئاً مِنْ بَدَنِهَا بِإِبْرَةٍ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ ثُمَّ تَحْشُوَهُ بِالْكُحْلِ أَوْ بِالنُّورَةِ فَتَخْضَرَّ، وَ الْمُسْتَوْشِمَةُ الَّتِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا 1.
معنى النمص
لقد بيَّن الراوي و هو علي بن غراب بعد ذكره للحديث أن المراد من النمص هو نتف الشعر و هو يطابق المعنى اللغوي للنمص.
لكن لماذا حرم الله النمص و لعن فاعله؟ و إذا كان كذلك فيكون تلقيط الحواجب و تنظيف الوجه من الشعر الزائد يكون حراماً على النساء، و هل هو كذلك فعلاً؟! خاصة و أن الأحاديث التي توجب على المرأة الاهتمام بنفسها من حيث النظافة و التزين لزوجها و التطيب له كثيرة جداً، بل و فيها تصريح بجواز حف شعر الوجه الذي هو نمصٌ!
فعَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَخَاهُ مُوسَى 2 بْنَ جَعْفَرٍ عليه السلام عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُفُّ الشَّعْرَ مِنْ وَجْهِهَا؟
قَالَ: "لَا بَأْسَ" 3.
و رَوى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِم عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ 4 عليه السلام أنَّهُ قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَطِّلَ نَفْسَهَا وَ لَوْ تُعَلِّقُ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةً، وَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَدَعَ يَدَهَا مِنَ الْخِضَابِ وَ لَوْ تَمْسَحُهَا مَسْحاً بِالْحِنَّاءِ وَ إِنْ كَانَتْ مُسِنَّةً" 5.
و من الواضح أن من أوليات التزيين عند النساء هو ازالة الشعر الزائد عن الوجه و ترتيب الحواجب، فكيف تكون ملعونة من جانب و مأمورة بالتزين لزوجها من جانب آخر؟!
حكم النمص
الحقيقة إن تلقيط الحواجب و تنظيفها بالنتف أو بغيره و الاهتمام بالتزيين كله حلال للمرأة و الفتاة ما لم يكن تدليساً، و ما لم يكن لغير الزوج، و ما جاء في الأحاديث من لعن النامصة و المتنمصة إنما هو النمص بهدف التدليس و إخفاء العيوب عند ارادة الزواج أي في بداية الامر، أي عندما يريد كل من الرجل و المرأة إختيار الطرف الآخر لحياته الزوجية، و ليست هذه الحرمة مطلقة و الى الأبد، حيث يجوز لكل من الرجل و المرأة إصلاح العيوب بعد ذلك، أو بيان حقيقة الأمر للطرف الآخر قبل الزواج رغم إخفائه بالتزين، أما تنظيف الحواجب بهدف الزينة للزوج و بصورة مطلقة فهو جائز بل قد يكون مستحباً اذا كان بهدف التزين للزوج، و من الواضح أنه لا يجوز إظهار شيء من الزينة أو مفاتن الجسم أمام غير الزوج و المحارم.
لا للتضييق على الناس
إن الدين الاسلامي دين يتوافق مع فطرة الانسان و دين سهل سمح و دين حكيم لا يريد التضييق على الناس، و من المؤسف جداً أن هناك الكثيرون ممن يدعون العلم يجهد ليل نهار للتضييق على الناس و تحريم كل شيء و رمي الناس بالفسق و الفجور و تكفيرهم لا لشيء إلا لأنهم يريدون أن يعيشوا عيشة طبيعية، و قد قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ... ﴾ 6.
فلا عجب إذ نرى هؤلاء المدعين للعلم يحرمون كل شيء خاصة على الفتيات و النساء بحجج واهية تارة و بسوء فهم للدين تارة أخرى، فهم يحرمون عليها أبسط الأمور و يسلبونها حقوقها الشرعية التي لا غنى لها عنها كالتعليم و قيادة السيارة و السفر، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
- 1. معاني الأخبار: 250، طبعة جماعة المدرسين، قم المقدسة/ إيران، سنة: 1403 هجرية. و هو ما ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بـ " الشيخ الصدوق " المولود في سنة: 305 هجرية بقم، و المتوفى سنة: 381 هجرية.
- 2. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)، سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 3. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 17 / 133، للشيخ محمد بن الحسن بن علي الحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، و المتوفى سنة: 1104 بمشهد الإمام الرضا و المدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1409 هجرية، قم / إيران.
- 4. أي الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)، خامس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 5. الكافي: 5 / 509، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
- 6. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 78، الصفحة: 341.