آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دامت بركاته
ولد في مدينة كربلاء المقدسة بالعراق عام 1364 ه- الموافق 1945 م.
والده هو سماحة العالم الفقيه العارف آية الله السيد محمد كاظم المدرسي (1329/ 1414 ه-) قدس سره .
التحق بمحافل العلم والمعرفة في حوزة كربلاء المقدسة منذ صغره، فدرس على أيدي كبار أساتذة الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، مثل: والده الله السيد كاظم المدرسي و آية الله الشيخ محمد الكرباسي و آية الله الشيخ محمد الشاهرودي و آية الله الشيخ جعفر الرشتي قدس الله اسرارهم .
تابع دراسة بحث الخارج (البحوث الإجتهادية) على يد الأساتذة الكبار، و بالذات آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي و آية الله العظمى الشيخ يوسف الخراساني البيارجمندي قدس سرهما .
اسس عددا من الحوزات العلمية في أكثر من بلد في العراق و إيران و سوريا و غيرها فتربت أجيال من الطلبة و العلماء و الخطباء في هذه الحوزات المباركة .
هو مرجع شيعي عراقي ايراني معروف في العالم الإسلامي و له مقلدين من كافة الجنسيات .
نقل بعض الرواة أنه اجتاز المأمون بابن الرضا (ع) وهو ما بين صبيان ، فهربوا سواه فقال : عليّ به ، ثم قال له : مالك لم تهرب في جملة الصبيان ؟ قال : مالي ذنب فأفرّ منه ، ولا الطريق ضيق فأوسعه عليك ، سر حيث شئت ، فقال : من تكون أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).
في رحاب الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، ينبغي أن نتعرف على مدى علاقتنا بسيدتنا الكبرى عليها السلام . بل وكيف نستطيع أن نكون من شيعتها حقيقة وقد فطم الله شيعتها من نار جهنم؟ إذ جاء في حديث شريف : " إنما سميت ابنتي فاطمة لأن الله سبحانه وتعالى فطمها وفطم من أحبها من النار ".
صحيح إن فاطمة رحلت عن هذه الدنيا إلى عالم الآخرة قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، إلا أنها لم تسكن في زاوية من زوايا التاريخ، ولم ينحصر ذكرها في أسطر مكتوية في صفحات مطويات، بل هي حاضرة في ضمائر المؤمنين في كل عصر ومصر، كما هي حاضرة في ضمائر الأحرار والحرائر من أبناء آدم وبنات حواء. ذلك لأنها نموذج الحق، وقمة الإيمان، ورمز تحدي الظلم ومواجهة الطغيان ..
أن محور بيت النور هو فاطمة الزهراء سلام الله عليها. فالعلاقة الظاهرية بين جميع أفراد أهل البيت عليهم السلام تلتقي عند الزهراء، اما العلاقة الباطنية- وحسب شهادة القرآن الكريم- فالنبي وأمير المؤمنين نفس واحدة، وعلى أي حال فان التصور الأكبر هو أن آية فِي بيُوتٍ يتجلى فضلها في حق فاطمة الزهراء عليها السلام.
يعتقد الكثير منّا أن الرجل هو الخيمة، وهذا هو ظاهر الأمر، ولكنني اعتقد بأن المرأة هي عمود هذه الخيمة، وهي المحور الذي تلتفّ حوله الأسرة وينجذب نحوه أعضاؤها. فالمرأة- على هذا الأساس- تمثل مركز انسجام الأسرة، بينما الرجل يأخذ منصب الراعي والحامي والمدبّر والمسؤول عن توفير ضرورات العيش والاستمرار.
حينما سُنَّتْ القيمومة للرجل على المرأة وكيان الأسرة عموماً، برز إلى جانب ذلك الفهم السلبيّ المتجسّد بالاستبداد، حيث يفرض الرجل- علناً أو خُفيةً- آراءه وأحكامه الصارمة الظالمة على أعضاء أسرته.
بداعي التفاوت في روايات استشهاد الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام نعيش عدة أيام هذه الذكرى الأليمة. والسؤال المطروح الآن هو: أين نحن من سيرة سيدة نساء العالمين التي نعتبرها المعيار والقدوة، لاسيما وأننا نطلب شفاعتها ونؤكد أننا من شيعتها؟ فهل نحن كذلك فعلًا؟ وكيف نكون معها ولا نكون في الجبهة المعادية لها؟
كان يوم الثامن من ربيع الأول ، لعام 260 هجرية يوماً كئيباً في مدينة سامراء حيث انتشر نبأ استشهاد الإمام العسكري في عنفوان شبابه. عطلت الأسواق وهرع الناس إلى دار الإمام يبكون وشبَّه المؤرخون ذلك اليوم الحزين بيوم القيامة ، لماذا ؟ لان الجماهير المحرومة التي كانت تكتم حبها واحترامها للإمام العظيم خشية بطش النظام .. أطلقت اليوم العنان لعواطفها الجياشة .
لقد انتهت مأساة كربلاء لتبدأ مسيرة كربلاء. مأساة كربلاء انتهت بسفك أزكى الدماء، وسبي أطهر النساء، وفاجعة لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ، وابتدأ من بعد ذلك اليوم مسيرة جديدة، لان هذه المأساة تحولت مع الزمن الى مسيرة، وهذا المسيرة تحولت الى حقائق راسخة توغلت في عمق الانسان حتى اصبحت جزءاً منه وكأنها من سنن الكون.
ان الذين يجاهدون في سبيل الله، يعرفون الطرق المؤدية الى الله سبحانه وتعالى، وهذا هو هدف الانبياء (ع)، وفي كربلاء نجد نماذج من هذه الاستقامة، ومن هذا النوع الجهاد، وأبعاد استقامة الامام الحسين (ع) في يوم عاشوراء من خلال قراءة دعاء عرفة والتدبر فيه، وخصوصاً في كلمته التي يقول فيها: «فان لم تكن غضبت عليّ فلا أبالي سبحانك غيرك ان عافيتك أوسع لي».
حسب الرؤية الاسلامية تنتهي المجتمعات البشرية، وتفنى الحضارات الانسانية بسبب انحرافها عن الحق واختيارها طريق الباطل، ولكن الحق ليس شيئاً واحداً، فكل سنة الهية، وكل فطرة خلقها الله حق، وكل قانون طبيعي سنة، وكل ما أجراه الله على الكون حق، فاذا انحرف الانسان عن القانون الالهي دمر حياته بيده عاجلًا أو آجلًا.
من أهداف رسالات السماء ومصلحي البشر اثارة دفائن العقول، وشحذ وتحريك الارادة والعاطفة، واستخراجها من باطن الانسان الى واقعه، وهذا ما فعلته ملحمة كربلاء تماماً، فقد كانت هي الطليعة والقدوة لجهد الانسان في تفجير مخزونه الارادي والعقلي والعاطفي.
حينما نجلس في مأتم أو في محفل من محافل ذكر الامام الحسين (ع) وثورته الخالدة .. التي هي خلاصة لثورات الانبياء عليهم الصلاة والسلام وامتداد لرسالات الله. فإننا نفعل ذلك لتصفية أنفسنا وتزكية ذواتنا. ان هذه الدموع التي تجري على مصاب الشهيد السبط تغسل قلب الانسان، وتقلع الصفات السيئة من نفسيته...
ان الكلمات القرآنية التي هي محور التشريع الاسلامي ومنار البصيرة الرسالية ومصنع الايمان الصافي يجب أن تفسر وفق السياق القرآني ذاته وما نستنبطه منه، ومن أبرز الكلمات التي تعتبر مفتاحاً لفهم القرآن ومدخلًا لطريق فهم الحياة هي الكلمات التي تؤكد عليها آيات القرآن الحكيم وتجعلها محوراً لسائر الافكار والتشريعات.
ان قيام الامام الحسين (ع) ونهضته الالهية هي امتداد لرسالة الانبياء، وفي كل فصل من فصول كربلاء درس وعبرة قد استلهمت من تاريخ الرسل والانبياء والمصلحين. وما أشبه قيام سيد الشهداء الامام الحسين عليه الصلاة والسلام برسالة موسى (ع) من عدة وجوه ومن عدة نواحي.
حديث الامام الحسين يمتد مع الزمان الى كل عصر وكل مرحلة، ويمتد مع المكان الى كل موقع وكل مصر، لانه حديث الانسان بما له من تحدي وإرادة، وحديث الانسان بما فيه من ضعف وعجز، والانسان بارادته وبايمانه ويقينه يتحدى كل ضعف وعجز في وجوده أو في كيان الآخرين.
كربلاء ليست مدرسة للبطولة الثورية فقط، وانما هي أيضاً مدرسة لبطولة الانسان حينما يخرج من ذاته، من شح نفسه من حدوده الضيقة ليملأ الدنيا شجاعة وبطولة .. كربلاء مدرسة الوفاء، مدرسة التبتل والضراع، مدرسة الحب والتضحية، مدرسة العلم والتقوى، بالإضافة الى أنها مدرسة الجهاد والاستشهاد.
في الثاني من رجب من عام 212 ه-، استقبلت المدينة المنورة ميلاد أول أبناء الإمام الجواد (ع)، و عمَّ البيت الهاشمي فرح عظيم، فسمّاه والده علياً باسم جده الرضا وجده الأكبر أمير المؤمنين، وكناه بأبي الحسن ومشت ألقابه الكريمة تعبر عن محياه الكريم وسيرته الزكيّة، فكان النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل.