حرص الإسلام في تشريعاته وتعاليمه المتعلقة بمسألة الزّواج وتكوين الأسرة الحرص الشديد على أنْ يكون رباط الزّوجيّة الواقع بين الرّجل والمرأة بموجب عقد النّكاح الشّرعي رباطًا وثيقًا وقويًّا حفاظًا على علاقتهما هذه من الانحلال، وتفكك وانهيار الأسرة التي كوّناها.
إنّ من ضروريات الدّين عند الشيعة الإمامية أفضلية النبي محمد "صلى الله عليه وآله" على جميع المخلوقين بمن فيهم الأئمة من أهل البيت "عليهم السلام"، وبهذه العقيدة صرّح علماء الشيعة، فقال العلامة الملا زين العابدين اﻟكلبايكاني: (والمتحقق عندنا أفضلية نبيّنا من جميع المخلوقين)1.
إن عثمان الخميس يزعم في كلامه السالف أنهم لا يفرّقون بين من يقول بالتحريف ومن ينصب العداء لأهل البيت عليهم السلام ومن يطعن في الصحابة، وهذا غير صحيح، بل العكس هو الصحيح، فتفريقهم بين ظاهر، فهم يمجدّون النواصب مبغضي أهل البيت عليهم السلام ويوثقونهم ويقبلون مروياتهم ويرتضون عن قتلة بعض الصحابة وأعدائهم كترضيهم عن معاوية وعمرو بن العاص وغيرهم ممن قتلوا العديدين من أجلاء الصحابة في الجمل وصفين.
فحديث الثقلين حتى بلفظ مسلم صريح وواضح في أن النبي صلى الله عليه وآله إنما أمر فيه المسلمين بالتمسك بالكتاب والعترة معاً وليس بخصوص الكتاب كما يزعم عثمان ومن قبله ابن تيمية، وهذا ما فهمه العلماء من هذا الحديث، فهم لا يفرقون بين ألفاظ هذا الحديث وغيره في دلالتها على لزوم التمسك بالكتاب والعترة الطاهرة، وهذه نماذج من أقوالهم:
أولا: إن هذه الرواية لم تثبت ولم تصح عن النبي صلى الله عليه وآله وجميع طرقها ضعيفة، فهي مروية عن ابن مسعود وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وحذيفة بن اليمان وأبي الدرداء وجدة عبد الله بن أبي هذيل.
أولاً: إن صاحبنا يخلط بين مفهوم أهل البيت عليهم السلام في آية التطهير الذي له معنى خاص وبين مفهوم أهل البيت بمعناه العام، الذي يندرج تحته أقرباء النبي صلى الله عليه وآله ممن حرمت عليهم الصدقة!
لم تنحصر رواية حديث الكساء من طريق عائشة وليست هي الراوي الوحيد له، بل رواه كثيرون غيرها من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله منهم: أم سلمة روت حديث الكساء.
1- إن القول بأن الله سبحانه وتعالى قد أذهب الرجس عن زوجات النبي صلى الله عليه وآله وعن جميع بني هاشم يعني إثبات العصمة لكل هؤلاء فالرجس في لغة العرب هو (القذر) فيشمل كل أنواع القذرات المعنوية منها والمادية، قال الألوسي في روح المعاني: (والرجس في الأصل القذر... وقيل يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسة وعلى النقائص، والمراد فهنا – أي في آية التطهير – ما يعم ذلك) 1.
أن هذه الرواية موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وآله حيث لم ترد بسند صحيح، بل هي من مختلقات السياسة المعادية لأهل البيت عليهم السلام وقد أغنانا العلامة السني الشيخ حسن بن علي السقاف عن البحث في أسانيدها وبيان ضعفها ووضعها حيث قال في كتابه "صحيح صفة صلاة النبي":
مما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى أراد لكل مسلم أن يطهر نفسه من جميع الأرجاس المادية والمعنوية، وذلك بامتثاله التكاليف الشرعية المتوجهة إليه، وذلك مراد له سبحانه وتعالى بإرادته التشريعية. أما الإرادة في آية التطهير فقد أسلفنا أنها إرادة تكوينية، لأنه سبحانه حصر فيها إذهاب الرجس عن خصوص المخاطبين فيها وهم أهل البيت عليهم السلام، وحددهم النبي صلى الله عليه وآله بالأسماء والكساء!.
وبهذا أضاف الخميس مزعومة أخرى إلى مزاعمه السابقة وهي دعواه بأن الله قد أذهب الرجس أيضاً عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأثبت لهم العصمة وهذا لا قائل به من المسلمين ولا من الكافرين! خاصة أن سيرة هؤلاء الصحابة وما ارتكبه الكثير منهم من مخالفات شرعية دليل على بطلان هذه المزعومة، كما أن هناك كثيراً من الأحاديث الصحيحة في مصادر أهل السنة تنص على أن جماعة ليست بالقليلة من هؤلاء الصحابة سيغيرون ويبدلون بعد النبي صلى الله عليه وآله وسيدخلون النار يوم القيامة، وهذه نماذج منها:
ليس الشيعة وحدهم من ذهب إلى اختصاص آية التطهير بأصحاب الكساء «عليهم السلام»، وإنما جمهور علماء أهل السنة قالوا بذلك، قال ابن حجر في كتابه الصواعق: (أكثر المفسرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين لتذكير ضمير عنكم وما بعده)1.
أقول : يشنع عثمان الخميس هنا على الشيعة لقولهم بالتقية ، وكأن القول بها من مختصات الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، لم يشاركهم في القول بها غيرهم من المسلمين ، وكأنه لم يأت بها الدين الحنيف ، ولم ينزل من الله عزّ وجل في تشريعها شيء.
أقول : لقد أثبتنا بالأدلة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وأقوال علماء أهل السنة أنّ التقية تشريع إلهي شرّعها الله عزّ وجل في كتابه وعلى لسان نبيّه الأكرم صلى الله عليه وآله ، فلا ضير على المسلم إذا مارسها في مواردها ، فعمله هذا جائز شرعاً لم يرتكب فاعلها مخالفة شرعية ، بل إنّها في بعض مواردها واجبة ، وعثمان الخميس يلمح هنا إلى الاختلاف الواقع بين فقهاء الشيعة رحم الله الماضين منهم وأيد الباقين وأطال في أعمارهم في بعض الروايات الصادرة عن بعض الأئمة الطاهرين عليهم السلام ، وهل أنّها صدرت منهم في مورد التقية أم لا ، محاولاً التشنيع على الشيعة من خلال هذه المسألة ، ومن يتتبع أقوال فقهاء الشيعة
أقول : هذه كلها دعاوى ومزاعم من الخميس والكاتب لا أساس لها من الصحة ، فقد بيّنا أنّ التقية مبدأ إسلامي أتى بها دين الإسلام الحنيف لها أدلتها من الكتاب والسنة الشريفة وقال بمشروعيتها علماء الفريقين سنة وشيعة ، فليس هي من مختلقات الشيعة واختراعاتهم ، وإنّما اشتهر الشيعة وأئمتهم باستخدامها ومارسوها في تلك الحقبة من الزمن بشكل واسع جداً لما لاقوه من ظلم واضطهاد من مخالفيهم وأئمتهم من حكام الجور وظلمة السلاطين ، وليس في مذهب الشيعة الإمامية الذي هو مذهب أهل البيت عليهم السلام ما يزعمه عثمان الخميس من تناقضات ، وأكبر دليل على بطلان كلامه أنّه لم يأت بشاهد واحد على هذه التناقضات المزعومة ، وأمّا د
ونقل ـ أي عثمان الخميس ـ كلاماً للطبرسي من كتابه الاحتجاج يزعم فيه هذا المزعم ، وهذا ادّعاء ومزعم باطل وغير صحيح ، وهو خطأ واشتباه من صاحب الاحتجاج ، فإن عقيدة الشيعة الإمامية الإثني عشرية أن لا تحريف في القرآن الكريم ، وهو مصون من الزيادة والنقيصة ، ومحفوظ بحفظ الله له من أن تناله يد التبديل والتغيير والتحريف ، ومن شذّ منهم ومن غيرهم وزعم وقوع التحريف في كتاب الله عزّ وجل فهو مخطئ مشتبه ، لا اعتداد عندهم بقوله ولا قيمة لكلامه عندهم ، وسبق أن نقلنا أقوال جمع من علماء الشيعة ممن صرّحوا بنفي التحريف عن الكتاب المجيد في ردّنا عليه تحت عنوان ( رد أباطيل عثمان الخميس حول اتهامة الشيعة بالقول بتح