نشر قبل 19 سنة
مجموع الأصوات: 231
القراءات: 55608

السائل: 

جاسم محمد علي الجبران

العمر: 

22

المستوى الدراسي: 

الدولة: 

المدينة: 

الأحساء

لماذا خالف ائمة المذاهب الاربعة الامام جعفر بن محمد الصادق؟

السوال: 

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قد علمنا أن المنهل العلمي للمذاهب الأربعة مصدره الامام الصادق ( ع ) وقد علمنا أقوالهم في وصف الامام عليه السلام من الاحترام والتوقير ولكن لماذا لم يتبعا نهجه خصوصاً أنهم كان منهم من يعارض الخليفة في وقته ومنهم من سجن مثل الشافعي ومنهم من عذب ؟

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد : نعم إن مما يثير الاستغراب و يبعث على التساؤل هو أن أئمة المذاهب الأربعة رغم إعترافهم بالمنزلة العلمية و الدينية الرفيعة للإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ، و رغم معرفتهم بأنه حفيد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و من جملة آل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) الذين لا يأخذون تعاليمهم إلا من جدهم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) مباشرةً ، و أما جدهم النبي ( صلى الله عليه و آله ) فكل ما نطق به أخذه من الله عَزَّ و جَلَّ عن طريق الوحي ، قال الله جَلَّ جَلالُه : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } ، ( سورة النجم : الآية : 3 و 4 ) . فأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) سندُ أحاديثهم متصل بالوحي مباشرة حيث كانوا يقولون حدثني أبي عن جدي عن جبريل عن الباري ، فمذهبهم هو مذهب الرسول ( صلى الله عليه و آله ) لا يختلف عنه في شيء أبداً . و الغريب أننا نجدُ أن أبا حنيفة [1] إمام المذهب الحنفي و أستاذ بقية أئمة المذاهب الأخرى رغم تتلمذه على الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، و رغم إعترافه الصريح بأهمية ما تلقاه من الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، فإنه مع كل ذلك قد خالف أستاذه الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) و لم يتَّبعه في منهجه الفقهي و العلمي . يقول الآلوسي : و هذا أبو حنيفة و هو هو بين أهل السنّة كان يفتخر و يقول بأفصح لسان : " لولا السنتان لهلك النعمان " يريد السنتين اللتين صحب فيها - لأخذ العلم - الإمام جعفر الصادق عليه السلام [2] . و يقول مالك بن أنس [3] : اختلفتُ إلى جعفر بن محمد زماناً فما كنت أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال : إما مصلّياً و إما صائماً و إما يقرأ القرآن ، و ما رأيته قط يُحدِّثُ عن رسول الله إلاّ على الطهارة ، و لا يتكلم بما لا يعنيه ، و كان من العلماء العبّاد و الزهاد الذين يخشون الله [4] و ما رأت عين و لا سمعت اُذن و لا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً و عبادة و ورعاً [5] . و هنا يكرر السؤال طرح نفسه : إذاً لماذا لم يتبع أبو حنيفة أستاذه الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ؟ و الجواب واضح يتفطن إليه كل من أراد الحقيقة بعيداً عن الإنتماءات ، و السبب الأول و الأخير في هذا الأمر و في غيرها من الموارد الأخرى المشابه ليس إلا السياسة و حب الرئاسة و و ... و يكفيك دليلاً على صحة هذا القول موقف أبي حنيفة من أستاذه و تعاونه مع السلطان للنيل منه ، يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد ، لما أقدمه المنصور بعث إليَّ . فقال : يا أبا حنيفة إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ـ فهيّئ له من المسائل الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر المنصور و هو بالحيرة ، فدخلت عليه و جعفر بن محمد جالس عن يمينه ، فلما بصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور ، فسلمت و أومأ فجلست . ثم التفتَ إليه قائلاً : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة . فقال : نعم أعرفه . ثم التفت المنصور فقال : يا أبا حنيفة القِ على أبي عبد الله مسائلك . فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول : أنتم تقولون كذا و هم يقولون كذا و نحن نقول كذا ، فربّما تابعنا و ربّما تابعهم و ربّما خالفنا حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ما أخلّ منها مسألة واحدة . ثم قال أبو حنيفة : أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس [6] . و هذه القضية تدل بوضوح على حب الرجل للرئاسة حيث حاول إرضاء المنصور و التقرب إليه حتى بواسطة النيل من الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، الأمر الذي لم يوفق له . ---------------------------------------- [1] الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ولد سنة 80 هـ في نسا، وتوفي سنة150 هـ في بغداد. [2] مختصر التحفة الاثني عشريّة : 8 . [3] مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبعي ولد سنة 93 بالمدينة وتوفي سنة 179. [4] مالك بن أنس، للخولي: 94، كتاب مالك لمحمد أبو زهرة: 28، نقلاً عن المدارك للقاضي عياض: 212، وأيضاً الى هنا عبارة التهذيب وما بعدها زيادة في كتاب المجالس السنية: ج5 وقد ذكر ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة: 52 ط2 هذه العبارة في جملة طويلة في ضمنها هذه الجملة. [5] التهذيب : 2 / 104 . [6] مناقب أبي حنيفة للموفق : 1/173، وجامع أسانيد أبي حنيفة: 1/252، وتذكرة الحفاظ للذهبي: 1/157.

تعليق واحد