حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الاصل الكريم ( للسيدة فاطمة الزهراء )
﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ... ﴾ 1
محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله رسول الله وخاتم النبيّين وسيّد المرسلين، هو والد فاطمة عليها السلام، وأَعْظِمْ به رسولًا، وأَكْرِمْ به أباً.
وخديجة بنت خويلد، أم المؤمنين، والسابقة إلى الإسلام، والمحامية عن دين الله والمضحية في سبيل الرسالة، هي أمّ فاطمة عليها السلام.
في أجداد النبي صلى الله عليه واله شخص يُسمى (لؤي بن غالب)، إليه يسمو نسب خويلد، والد خديجة. فهو ابن أسد بن عبد العزى بن قصي ابن كلاب بن كعب بن غالب.
ولقد كان خويلد من سادة قريش ومن أثرياء مكة، وكان له من الأبناء ثلاثة: العوّام وهالة وخديجة.
العوّام هو والد زيد بن العوّام، وصهر سيد قريش، عبد المطلب- جدِّ النبي صلى الله عليه واله-، فمن ذلك كان لزيدٍ صِلَتَانِ بفاطمة عليها السلام في النسب: فهو من جهة ابن خال، ومن جهة ابن عمّة فاطمة عليها السلام.
وأما هالة بنت خويلد، أخت خديجة عليها السلام فإنها بقيت في الحياة إلى ما بعد الهجرة، وكانت تتردد أحياناً على النبي صلى الله عليه واله في المدينة، فكان الرسول صلى الله عليه واله يبدي لها احتراماً بالغاً نظراً إلى نسبتها إلى خديجة- الزوجة الحانية والحامية- للرسول، وكان يأخذ عائشة زوجة الرسول ما يأخذ النساء من أمر ضرّاتهن. بيد أن النبي صلى الله عليه واله كان ينهرها، مشيداً بمواقف خديجة ومآثرها التي تقتضي تكريم النبي صلى الله عليه واله لها في احترام أختها.
كان من المنتظر أن تتزوج خديجة في شبابها بابن عمها «نوفل بن أسد» ولكنّ الزواج لم يتم، لأن نوفل كان من الحكماء في الجزيرة فشغله البحث عن الحقيقة عن الزواج. وتقدّم بعد نوفل سيد من زعماء بني تميم للزواج بخديجة وكان يسمى ب- «هند بن بناس»، ولكن هذا الزواج لم يسعد إذ توفّي هند في شبابه، وترك خديجة أرملة غنيّة.
وكان عتيق بن عابد من مشاهير كرماء العرب، فتقدّم إلى الزواج بخديجة، ورُزق منها ابنة سمَّاها ب- «هند»، غير أنه مات هو الثاني وترك هنداً ابنته يتيمة في بيت خديجة.
وكان مولد خديجة خمسة عشر عاماً قبل الحدث التاريخي لهجوم أبرهة على مكة، الذي كان مبدأ تاريخ العرب. واشتهرت تلك السنة ب- «عام الفيل».
ومع ذلك فقد تزوّجها النبي صلى الله عليه واله ثالث ثلاثة، نظراً لرغبتها في ذلك، ولِمَا عرفه الرسول في نفس خديجة من حب الخير والدفاع عن الحق، ولِمَا اتَّصف به من الحكمة، والخلق الفاضل. أمّا هي فقد أحبت النبيَّ صلى الله عليه واله بعد سفرة تجارية ارتحل بها النبي صلى الله عليه واله إلى الشام في مال خديجة، لِمَا رأت هي وَلِمَا أخبرها به عبدُها- الذي رافق النبي صلى الله عليه واله في الرحلة- من مكارم الخلق، وبشائر النُّبوغ، والعظمة. ولعلها كانت قد علمت بنبوة الرسول صلى الله عليه واله، فرغبت في الزواج به.
وتمّ وسعد الزواج الجديد بين محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وخديجة، وكان من أكثر الزيجات بركةً في الإسلام. وقد أنجبت خديجة للنبي أولاداً صالحين، هم:
1- القاسم: الذي وُلد قبل البعثة، وتوفي قبلها أيضاً. وبه كُنِّيَ النبي صلى الله عليه واله بأبي القاسم.
2- عبد الله: الذي كان كأخيه في الميلاد والوفاة قبل البعثة، على القول المشهور.
3- الطاهر: الذي وُلد في الإسلام. وبذلك سمّي «الطاهر» ولكنه توفي أيضاً.
4- زينب: وكانت أكبر بنات الرسول. وتزوجت بابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وأنجبت له بنتاً، وولداً. وهما «أمامة وعلي». أما أمامة فقد حظيت- في يوم من الأيام- بالزواج من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعد فاطمة الزهراء عليها السلام وبوصية منها. وأمّا عليّ فقد وافاه الموت طفلًا.
وتُوفِّيت زينب- أكبر بنات النبي صلى الله عليه واله- في السنة الثامنة للهجرة.
5- رقيّة: وتزوجت بابن عمها عتبة بن أبي لهب. ولكنه كان عدوًّا شديد العناد للإسلام، مثل والده أبي لهب المعروف بعدائه الشديد للدِّين الجديد. وحيث إنه سبّب مشاكل للنبي صلى الله عليه واله ولسير الدعوة الإسلامية فقد دعا عليه الرسول، واستجيبت دعوته حين مزَّقته أسود الحجاز، وظلّت رقيّة أرملة.
ثم تزوجها عثمان بن عفان، ورُزق منها ولداً سماه «عبد الله» إلا أنه توفي في الطفولة، ولم يرزق منها ولداً غيره. حتى لبَّت رقيّة دعوة ربها. فماتت في الوقت نفسه الذي كان الرسول يجاهد كفار قريش عند آبار بدر.
6- أم كلثوم: التي سُمِّيت «آمنةً» باسم أمّ النبي صلى الله عليه واله «آمنة بنت وهب»، وتزوّجت بابن عمها أبي لهب الذي كان يُدعى ب- «عُتيبة» ولكن الزواج لم يُسعد؛ نظراً للخلاف القائم بين الزوجين حيث أصرَّ أبو لهبٍ على عناده، وأجبر ولده على طلاق زوجته، بنت النبي، أذيّة له وتنكيلًا به.
وتزوجها بعد فراق عُتيبة عثمان بن عفان؛ لأن رقية كانت قد تُوفِّيت في ذلك الوقت، ولكن أمّ كلثوم ماتت هي الأخرى في السنة التاسعة للهجرة.
7- فاطمة الزهراء عليها السلام:
كانت خديجة ملكة الحجاز، في ثرائها العريض، وتجارتها الواسعة. وكانت مشهورة بحسن الخلق ورجاحة العقل. وحينما تزوّجت بالنبي صلى الله عليه واله كانت الزوجة المثالية في إدارة الحياة داخل البيت وخارجه وفي تربية السلالة الطيبة.
وحينما بُعث النبي صلى الله عليه واله بالرسالة، استجابت للدعوة، قبل كل أحد، ورضخت لتعاليم الإسلام، وطبّقتها على نفسها، وأبدت نشاطاً واسعاً في تبليغها ونشرها، كما أنها جعلت كلّ ثروتها في خدمة النبي ينفقها في سبيل الله حيث يشاء، وحيث وجد الإسلام- أول الأمر- أُذناً واعية بين أبناء الطبقة الفقيرة، وفي تحرير العبيد سواء بصورة مباشرة أو عبر وسطاء كأبي بكر الذي كان ثريًّا ولم يكن شراؤه للعبيد يثير شبهة عند أثرياء قريش؛ لأنه إنما كان يفعل ذلك من أموال خديجة وبأمر الرسول صلى الله عليه واله.
وقد حدا هذا العطاء اللامحدود من خديجة للإسلام، حدا بالنبي صلى الله عليه واله الذي لم يكن ينطق عن الهوى، بكلمة واحدة إلى أن يبيِّن الحقيقة التي أصبحت وساماً على كتف التاريخ الرسالي بأنه: «قَامَ الإِسْلَامُ بِسَيْفِ عَلِيٍّ وَمَالَ خَدِيْجَةَ». فلقد كانت ثروة خديجة المالية، بمثابة الحجر الأساس لبناء الأمة اقتصاديًّا، كما كان سيف عليّ بمثابة الدرع الحصين لبنائها السياسي. فإذا اجتمعا إلى جانب الرسول صلى الله عليه واله الذي كان صاحب الوحي، ومهبط الرسالة الإلهية، تكاملت شروط بناء الأمة الرسالية الحنفية ثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.
كما أن تكامل خديجة النفسي وتفاعلها الفكري مع الرسالة الإسلامية. في كل بنودها النازلة حتى ذلك الوقت على الرسول صلى الله عليه واله، حدا بالنبي الكريم صلى الله عليه واله إلى أن يجعل خديجة في مصاف النساء الأربع الكاملات كما جاء عنه صلى الله عليه واله إذ قال:
«كُمُل مِنَ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلَ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعٌ:
- آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ.
- مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ.
- خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ.
- فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ» 2.
وكان ذلك أيضاً سبباً في أن يكون لموت خديجة أثر بالغ في فؤاد النبي صلى الله عليه واله لتأثيره في انتشار الدعوة، تأثيراً بالغاً، حتى سُمِّي ذلك العام الذي تُوفيت خديجة فيه ب- «عام الحزن»، فقد ورد على النبي صلى الله عليه واله فيه مصيبتان كبيرتان: وفاة أبي طالب كفيله ونصيره في كل موقف، وموت خديجة بنت خويلد زوجته المدافعة عنه وعن دعوته 3.