الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الحروف المقطعة في القرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين .
السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون و رحمة الله و بركاته .
و بعد..
موضوع البحث ، هو :
( الحروف المقطعة في فواتح السور من وجهة نظر قرآنية ) .
فلقد كثر الحديث عن الحروف المقطعة الواردة في فواتح السور القرآنية ، و تعددت ، و تشعبت الأقوال و الآراء حولها . حتى عد المفسرون ما يقرب من عشرين قولاً حول المراد منها..
فقيل:
ـ هي من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله سبحانه .
ـ هي أسماء للسور التي وقعت في أوائلها .
ـ إنها أسماء لمجموع القرآن..
ـ إنها أسماء لله سبحانه فـ " ألم " معناها : أنا الله العالم .
و " ألمر " معناها : أنا الله أعلم و أرى..
ـ إنها أسماء لله مقطعة لو أحسن تأليفها لعلم اسم الله الأعظم ، فـ " ألر و حم و ن ". تصير : الرحمن . و هكذا
ـ إن هذه الحروف شريفة لكونها مباني كتبه المنزلة و أسمائه الحسنى و صفاته العليا ، و أصول لغات الأمم.. و قد أقسم الله تعالى بهذه الحروف .
ـ إنها إشارات إلى آلائه سبحانه ، و بلائه ، و مدة الأقوام و أعمارهم و آجالهم .
ـ إنها إشارة إلى بقاء هذه الأمة بحسب حساب الجمل..
ـ إنها تسكيت للكفار الذين تواصوا فيما بينهم أن : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ 1 .
فكانوا إذا سمعوا هذه الحروف استغربوها ، و تفكروا فيها ، فيقرع القرآن مسامعهم .
ـ إنها للإشارة إلى معان في السورة فكلمة ﴿ ن ... 2 إشارة إلى ما تشتمل عليه السورة من النصر الموعود و كلمة ﴿ ق ... 3 إشارة إلى القرآن أو إلى القهر .4
إلى غير ذلك من أقوال لا مجال لتتبعها...
و لعل آخر ما يمكن أن يعتبر رأياً في هذا المجال.. هو ما ذكره بعض المتأخرين ، و اعتبر بمثابة " إعجاز مدهش جديد للقرآن الكريم يكتشفه عالم مصري " .
و هو يعني : أن هذه الحروف المقطعة تدخل كعنصر هام و حاسم في موضوع الإعجاز العددي للقرآن..
و نحن لا نريد أن نسيء الظن فيما يتعلق بهذا الرأي ، على اعتبار أنه يعتمد الرقم ( 19 ) و يتخذه محوراً في مجمل استنتاجاته ، و هو الرقم المقدس عند طائفة البهائية الضالة..
كما أننا لا نريد المبالغة في التشاؤم إلى حد أن نعتبر ذلك يهدف إلى صرف الأنظار عن دقائق المعاني القرآنية الباهرة إلى الاهتمام بالظواهر و القوالب اللفظية..
لا... لا نريد ذلك... فإننا نأمل أن يكون ثمة قدر كبير من حسن النية ، و سمو الهدف.. و إنما نريد أن نؤكد على أن بعض الباحثين 5 قد تتبع هذه النظرية بالبحث و التمحيص ، حتى خرج بنتيجة حاسمة ، مفادها : الجزم بخطأ هذه النظرية ، و ذلك لعدم صحة الأرقام التي قدمتها ، و اعتبرتها أساساً صالحاً للتدليل على قيمتها العلمية .
فقد قال هذا المحقق الذي رمز لنفسه بـ ( أبو محمد ) :
قولهم : كلمة ( اسم ) تتكرر 19 مرة بالضبط . أقول : ذكر في المعجم المفهرس عدد 19 تحت كلمة اسم . و ذكر أن كلمة ( بسم ) تكررت ثلاث مرات في قوله تعالى: ﴿ ... بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا ... 6 و ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 7 و ﴿الحمد﴾ و ﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 8 .
و ذكر كلمة " اسمه " و قال إنها تكررت خمس مرات .
قولهم : إن كلمة ( الرحيم ) تتكرر 114 مرة . و نقول : بل تتكرر 115 مرة بالضبط .
و قالوا : إن حرف ﴿ ن ... 2 قد تكرر في سورة القلم 133 أي 19 × 7 .
و نقول : بل يتكرر 129 مرة فقط . و لو كررنا المشددات مثل أن ، فإن المجموع يصير أكثر من ذلك بكثير..
و قالوا : إن حرف ( ص ) يتكرر في كل من : سورة الأعراف التي أولها ﴿ المص 9 و سورة ( ص ) و سورة مريم التي أولها ﴿ كهيعص 10152 أي 19 × 8 .
و نقول : إن عدد الصادات في سورة الأعراف ( 90 ) صاداً ، و لعله قد اشتبه على واحد أو اثنان . و في سورة مريم ( 24 ) و في سورة ص ( 27 ) مرة فليس المجموع 152 و لا في كل واحدة منها 152 أيضاً .11
أما العلامة الطباطبائي ( قُدِّسَ سِرُّه ) ، فقد أورد على الأقوال التي سلفت باستثناء هذا الأخير ، حيث لم يذكره ... بأن :
دعوى كون الحروف المقطعة من المتشابهات لا يصح ، و ذلك لأن التشابه من صفات الآيات التي لها دلالة لفظية على مداليلها ، و ليست الحروف المقطعة من هذا القبيل .
و أما سائر الأقوال ، فإنما هي تصويرات لا تتعدى الاحتمال ، و لا دليل يدل على شيء منها ، و أما الروايات التي ربما يستظهر منها بعض التأييد لبعض تلك الأقوال ، فقد ردها رحمه الله تعالى لضعف السند تارة و لضعف الدلالة أخرى ، حيث لا يوجد فيها تقرير من النبي ( صلى الله عليه و أله ) لما فهمه الآخرون منها... أو لأن مفاد الرواية أن هذه الحروف من قبيل الرمز لمعان تكرر بيانها ، و لا حاجة لاستعمال الرمز في التعبير عنها .
ثم استظهر رحمه الله تعالى : أن هذه الحروف هي رمز بين الله سبحانه و بين رسوله ، خفية عنا ، لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها و بين المضامين المودعة في السور ارتباطاً خاصاً ، حيث وجد رحمه الله تشابهاً في سياق و في مضامين السور التي اشتركت حروف معينة في فواتحها ، كالطواسين و الحواميم ، و الميمات و الراءات و نحو ذلك .
و نحن لا نستطيع الموافقة على ما ذكره رحمه الله تعالى ، فإن القرآن ليس كتاب ألغاز ، أو أحاجي ، و إنما أنزله الله تعالى : ﴿ ... هُدًى لِّلنَّاسِ ... 12 ، ﴿ ... لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ... 13 ، ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ 14 ، ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 15 ، ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 16 .
و قد لاحظ بعض المحققين : أن تعقيب هذه الأحرف بأن هذا الكتاب مبين و واضح ، و أنه قرآن عربي لقوم يعلمون ، أو لعلكم تعقلون ، لا يناسب كون تلك الألفاظ رموزاً ، أو من قبيل الألغاز و الأحاجي ، قال تعالى في سورة يوسف : ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 17 .
و مهما يكن من أمر : فإن لدينا من الشواهد و الدلائل ما يكفي لإعطاء فكرة عن المراد من هذه الحروف . و نستطيع بيان ذلك في ضمن النقاط التالية :
1 ـ إننا في نفس الوقت الذي نعتبر فيه أن ما سنذهب إليه ليس هو المقصود الأول من هذه الأحرف ، فإننا نؤكد على أننا لا نستبعد إرادة سائر المعاني ، مما ذكر أو لم يذكر منها ، إذا دل الدليل على إرادتها أيضاً ، فإن للقرآن ظهراً و بطناً ، و لعل لاختلاف الأزمنة ، و تقدم الفكر و العلم ، تأثير كبير في فهم الكثير من المعاني الأخرى ، التي يمكن أن تكون هذه الأحرف مشيرة إليها ، أو دالة عليها ، بنحو من أنحاء الإشارة و الدلالة...
2 ـ إننا نلاحظ : أننا لم نجد في التاريخ ما يشير إلى أن أياً من الصحابة أو من غيرهم من المشركين أو من أعداء الإسلام قد تصدى للسؤال أو الاستفهام عن معاني هذه الأحرف ، و عما ترمي إليه... و لو سلمنا جدلاً أن سكوت الصحابة يمكن أن يكون ناشئاً عن إيمانهم العميق ، و عن وصولهم إلى درجة التسليم و الخضوع لكل ما يأتي به النبي ( صلى الله عليه و أله ) نتيجة لما رأوه من الآيات الباهرة ، و المعجزات القاهرة ـ رغم أن ذلك لا ينطبق على كثيرين غيرهم... و رغم عدم منافاة ذلك للسؤال الاستفهامي عن أمر كهذا ـ فإننا لا نستطيع أن نفسر سكوت المشركين و غيرهم من أعداء الإسلام عن أمر كهذا ، و هم في موقع التحدي و المجابهة ، و يحاولون التشبث و لو بالطحلب للطعن في الإسلام و النبوة و القرآن .
فسكوتهم هذا ـ و الحالة هذه ـ لا يعني إلا أنهم قد فهموا منها معنى قريباً إلى أذهانهم و ان ذلك المعنى الذي فهموه كان يكفي للإجابة عما يمكن أن يراود أذهانهم من تساؤلات..
3 ـ إننا نجد : أن هذه الحروف قد وردت في تسع و عشرين سورة ، ستة و عشرون منها نزلت في مكة ، و ثلاث منها نزلت في المدينة . و حتى هذه السور التي نزلت في المدينة يلاحظ : أن اثنتين منها قد نزلتا في أوائل الهجرة ، حيث كان الوضع الديني و الإيماني فيها لا يختلف كثيراً عنه في مكة ، و لاسيما مع وجود اليهود و شبهاتهم و مؤامراتهم إلى جانب المشركين فيها...
و واحدة منها و هي سورة الرعد قد نزلت بعد أن كثر الداخلون في الإسلام رغباً أو رهباً ، و كثر المنافقون حتى ليرجع ابن أبي بثلث الجيش في غزوة أحد.. و أصبح اليهود و غيرهم ممن وترهم الإسلام يهتمون بالكيد للإسلام من الداخل ، بعد أن عجزوا عن مقاومته عسكرياً و فكرياً ، و عقائدياً بشكل سافر.. فجاءت سورة الرعد لتكرر التحدي بهذه المعجزة : القرآن ، كأسلوب أمثل لبعث عمق عقيدي و إيماني جديد في المسلمين ، و مواجهة غيرهم بالواقع الذي لا يجدون لمواجهته سبيلاً إلا بالتسليم و البخوع و الانقياد له .
و هذا ما يفسر لنا السر في أننا نجد أسلوب و أجواء سورة الرعد لا تختلف كثيراً عن أجواء و أسلوب غيرها من السور المكية ، و أن هناك توافقاً فيما بينها في إدانة و ضرب كل أساليب التضليل أو التزوير ، و الصدود عن الحق...
و نستطيع بعد كل ما تقدم أن نصل إلى النتيجة التالية ، و هي :
أن ورود هذه الحروف في خصوص السور المدنية ، و في ثلاث سور نزلت في أجواء لا تختلف كثيراً عن أجواء مكة ليدل دلالة قاطعة على أنها إنما جاءت في مقام التحدي للمشركين ، و لأعداء الإسلام... و إن عدم اعتراض هؤلاء ، أو حتى عدم سؤالهم ، و كذلك عدم سؤال أي من الصحابة المؤمنين عن معاني هذه الحروف إنما يشير إلى أنهم إنما فهموا منها معان قريبة إلى أذهانهم ، كافية للإجابة على ما ربما يختلج في نفوسهم من أسئلة حولها . و ليس ذلك إلا ما ذكرنا من التحدي بهذا القرآن ، المركب من أمثال هذه الحروف التي هي تحت اختيار الجميع ، مع أنه يعجز عن مجاراته و الإتيان بمثله و حتى بسورة من مثله الجميع .
4 ـ إننا إذا راجعنا الآيات التي وقعت بعد هذه الحروف ، فإننا نجد :
أ ـ إن جميع السور التي وقعت الحروف المقطعة في فواتحها باستثناء سورتين أو ثلاث نجد الآيات التي وقعت بعد هذه الحروف تتحدث عن الكتاب و آياته ، أو القلم أو القرآن ، أو نحو ذلك ، كقوله تعالى :
﴿ المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ 18 .
﴿ الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ 19 .
﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 20 .
﴿ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ 21 .
﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ 22 .
﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ 23 .
﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ 24 .
وحتى تلك السور الاثنتان أو الثلاث يمكن أن يكون في تلك القصة ، أو التنبؤات ، أو الحكم التي تذكر بعد هذه الحروف ـ فيها ـ من الإعجاز ما يكفي لأن يجعل تركيبها من أمثال تلك الحروف المذكورة ، و عجز الغير عن الإتيان بمثلها كافياً عن التصريح في ذلك...
ب ـ إننا نجد أن بعض الآيات التي وقعت بعد الأحرف المقطعة قد جاءت باسم الإشارة ليكون خبراً عن الحروف المقطعة ، لأنه إشارة لما قبله . و لا يصح أن يكون إشارة لما بعده لأن ما بعده ليس فيه الألف و اللام ليكون بدلاً أو عطف بيان له.. و ذلك مثل قوله تعالى:
﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 17 .
﴿ الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ 25 .
﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ 26 .
و كذلك الحال بالنسبة لسورة الرعد ، و الحجر و غيرها من السور .
أما مثل قوله تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ 27 ، فالكتاب بدل أو عطف بيان .
ج ـ ما هو من قبيل قوله تعالى :
﴿ حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 28 . فإن قوله تنزيل خبر لقوله : ﴿ حم 29 كما قاله الفراء ، و كما هو الظاهر... و جعل كتاب خبراً لتنزيل لا يستسيغه الذوق السليم ، و لا ينسجم مع المعنى المقصود ، و لاسيما مع تنوين كلمة تنزيل و تنكيرها و كذلك الحال في قوله تعالى :
﴿ الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ 30 .
﴿ حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 31 .
و كذا الحال فيما ورد في أول سورة الجاثية و الأحقاف..
و قد أعرب المفسرون ، و غيرهم هذه الموارد على أن كلمة تنزيل خبر لمبتدأ محذوف ، أو نحو ذلك من أن إعرابها على النحو الذي ذكرناه هو الأنسب و الأظهر ، و إن كان إعرابهم لا ينافي ما ذكرناه أيضاً ، فإن تقدير كلمة ( هو ) أو كلمة : ( هذا ) المقدرة مبتدأ ظاهرها الإشارة إلى ما قبلها أيضاً..
د ـ قوله تعالى :
﴿ حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 32 .
فإن قوله {كذلك} يشار بها في القرآن عادة إلى ما قبلها . أي كتلك الحروف التي سبقت يوحي إليك الله تعالى . أي أن آيات الله هي من جنس هذه الأحرف .
هـ ـ و بعد فلقد جاء في رواية عن الإمام العسكري صلوات الله و سلامه عليه أنه قال : " كذبت قريش و اليهود بالقرآن ، و قالوا : سحر مبين تقوله . فقال الله : ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ 27 أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها ( ألف ، لام ، ميم ) و هو بلغتكم و حروف هجائكم ، فائتوا بمثله إن كنتم صادقين ، و استعينوا على ذلك بسائر شهدائكم . ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا 33 . 34 و ضعف هذه الرواية لا يضر ما دامت مؤيدة بما قدمناه من الشواهد و الدلائل... هذا على الرغم من أننا نجد في كلام المجلسي ما يشير إلى إمكان الاعتماد على روايات تفسير العسكري... مع أننا لا نجد ما يبرر الوضع و الجعل في أمر كهذا...
و الحمد لله و صلاته و سلامه على عباده الذين اصطفى محمد و آله الطيبين الطاهرين .35