الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره

بعض تلك العوامل يرجع إلى شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وبعضها يرجع إلى الرسالة نفسها ، وبعضها يعود إلى أمور أخرى ، خارجة عن هذا وذاك ، ويمكن أن نلخص ما نريد الإشارة إليه في الأمور التالية :

1 ـ منطلق الدعوة: مكة

أ ـ إنه يلاحظ أن الإسلام قد انطلق من أقدس بلدٍ لدى الإنسان العربي ، بل ولدى غيره أيضاً ، وهو المكان الذي تهوي إليه ثمار الأفئدة من كل مكان ، وهو ملتقى لكل العواطف ، ومحل آمال الناس ، وغاية رجائهم .
ب ـ يقول البوطي : (البقعة الجغرافية للجزيرة العربية ترشحها للقيام بعبء مثل هذه الدعوة ؛ بسبب أنها تقع ـ كما قلنا ـ في نقطة الوسط بين الأمم المختلفة التي من حولها ، وهذا مما يجعل إشعاعات الدعوة الإسلامية تنتشر بين جميع الشعوب والدول المحيطة بها في سهولة ويسر) 1 .
وطبيعي : أن هذا الدين لو كان ظهر في بلاد كسرى ؛ فإن أتباع قيصر لا يتبعونه ، وكذلك العكس ؛ وذلك بسبب المنافسة القائمة بين الإمبراطوريتين والحواجز النفسية الحاكمة والمهيمنة على الأمتين .
ج ـ لقد بدأ (صلى الله عليه وآله) دعوته في مكان بعيد عن نفوذ الدولتين العظيمتين : الرومان ، والفرس ، وغيرهما من الدول ذات القوة .
إذن ، فلا قوة قاهرة تستطيع أن تضرب الضربة الحاسمة ، وتقضي على دعوته في مهدها ؛ وذلك لأن المحيط الذي بدأ فيه دعوته ، والحجاز عموماً ، كانت تسيطر عليه الروح القبلية ، ويطغى عليه التعصب القبلي ، والقوى فيه متكافئة تقريباً ، وكانت القبائل المتعددة كثيرة ـ فبطون قريش وحدها كانت عشرة أو تزيد ـ يرقب بعضها بعضاً ، ويخشى بعضها بأس بعض .
هذا كله ، عدا عن أنها كانت تعرف : أنها إذا أرادت أن تنتهك حرمة الحرم ، ويحارب بعضها بعضاً ؛ فإن مكانتها واحترامها ـ وبالتالي مصالحها الحيوية سوف تتعرض لدى سائر العرب لنكسة قاسية ، إن لم تكن قاضية .

2 ـ خصائص شخصية الرسول صلى الله عليه و آله

أ ـ لقد كان صاحب هذه الدعوة : محمد (صلى الله عليه وآله) من قريش ، أعظم قبائل العرب خطراً ، وقوة ، ونفوذاً ، والتي كان ينظر إليها ـ كل أحد ـ بعين الإجلال والإكبار ، وبالأخص هو من البيت الهاشمي منها ، الذي كان يمتاز بالنزاهة والطهر ، وله السيادة والزعامة ، والسؤدد في مكة ، وله الشرف الرفيع الذي لا يدانيه ولا ينازعه فيه أحد .
فمحمد (صلى الله عليه وآله) إذن ليس بحاجة إلى الشرف والزعامة ليجعل من ادّعاء النبوة وسيلة للوصول إليها ، والحصول عليها ، وقد كان واضحاً ـ لو قيست الأمور بالمقاييس العادية ـ أن دعواه تلك لسوف تجر عليه الكثير من المتاعب والمصائب ، ويكون بذلك قد فرط بكل ما لديه من رصيد اجتماعي في هذا المجال ، فاستمراره في دعوته مع وضوح أخطارها له يعتبر أمراً غير منطقي ، لو كان ما يدعيه لا واقعية له .
كما أن كل أحد يكون على استعداد لقبول الدعوة من بني إسماعيل ، الذين هم مهبط الوحي ، ومعدن الطهر ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث عرض الرسول (صلى الله عليه وآله) دعوته على القبائل ، أنه لما عرض دعوته على بني عامر بن صعصعة ، ورفضوا إلا أن يجعل الأمر فيهم بعده ، ورفض هو ، وعادوا إلى بلادهم ، وتحدثوا بما كان لشيخ لهم ، وضع ذلك الشيخ يده على رأسه ، ثم قال :
يا بني عامر ، هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده ، ما تقوّلها إسماعيلي قط ، وإنها لحق ؛ فأين رأيكم كان عنكم؟ 2 .
ب ـ تلك الخصائص والمميزات في الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه ، والتي أشار إليها جعفر بن أبي طالب بقوله :
(بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته وعفافه) .
حتى لقد لقب ب‍ (الصادق الأمين) فقد كان لذلك أثر كبير في ظهور دعوته ، وانتصار وانتشار رسالته ، وقد كان تحليه (صلى الله عليه وآله) بهذه المواصفات ضرورياً ، لأن فقدانها موجب لريبهم ، كما قال تعالى : ﴿ ... إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ 3 .
هذا كله ، بالإضافة إلى ما قد تمدّحه الله عليه من خلقه العظيم ، فقال : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ 4 5 .
ومع ذلك فإننا نود أن نخص بالذكر هنا ما يلي :
1 ـ إننا نجد البعض يسلم استناداً إلى شهادة الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه ، فقد ورد أن رجلاً دخل على جمل ؛ فأناخه في المسجد ، وعقله ، ثم قال لهم : أيكم محمد؟ والنبي (صلى الله عليه وآله) متكئ بين ظهرانيهم .
فقلنا : هذا الرجل الأبيض المتكئ .
فقال له الرجل : ابن عبد المطلب ؟
فقال له (صلى الله عليه وآله) : قد أجبتك .
فقال الرجل : إني سائلك فمشدد عليك في المسألة ؛ فلا تجد علي في نفسك .
فقال : سل عما بدا لك .
فقال : أسالك بربك ورب من قبلك ، أالله أرسلك إلى الناس كلهم؟
فقال : اللهم نعم .
فقال : أنشدك بالله ، أالله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ .
قال : اللهم نعم .
قال : أنشدك الله . .
إلى أن قال : فقال الرجل : آمنت بما جئت به ، وأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنا ضمام بن ثعلبة الخ . . 6 .
فإن عدم قدرة ضمام على تمييزه (صلى الله عليه وآله) عن أصحابه ، لخير دليل على خلق النبي العظيم ، وعلى أن الإسلام لا يعترف بتلك الفوارق المصطنعة بين الحاكم ورعيته ، ولا يعتبر أن الحكم يعطي للحاكم امتيازاً ، وإنما هو مسؤولية .
كما أن إسلام ضمام استناداً إلى شهادة النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه ليعتبر الذروة في الثقة به (صلى الله عليه وآله) ، وتأثير هذه الثقة في قبول دعوته ، وانتشار رسالته .
2 ـ هذا مع ما كانت تعرفه قريش فيه ، من وفور العقل ، وحسن التدبير ، وأصالة الرأي ـ وقد تقدمت قضية رفع الحجر الأسود إلى موضعه عند بناء البيت ، وحلّه (صلى الله عليه وآله) المشكلة التي كانت تواجههم .
ثم ما ظهر له من الآيات والبراهين ، حين ولادته ، وبعدها ، وكونه ابن الذبيحين ، الأمر الذي جعل له قدسية خاصة في نفوس الناس .
نعم ، إن كل ذلك قد وضع قريشاً ، وسائر الناس أمام الأمر الواقع ، فكان كل من يحاول تكذيبه (صلى الله عليه وآله) يجد نفسه أمام صراع داخلي ، ووجداني ؛ لأن وجدانه وضميره كان يقول له :
أنت الكاذب الحقيقي ، وهو الصادق الأمين ، وهو محل الثقة المطلقة ، وأنت مظنة الخيانة ، وهو صاحب الرأي والتدبير ، والعقل الكبير ، وأنت القاصر المقصر في ذلك ، وهكذا الحال في سائر صفاته الغر ، وأخلاقه الفضلى .
3 ـ وقد عزز ذلك وقوَّاه : أن كل أحد كان يعرف أميته (صلى الله عليه وآله) 7 ، وأنه لم يتلق العلم والمعرفة من أحد ، وها هو لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يدعي المعرفة بجزءٍ مما جاء به ، فضلاً عن بيئته المتناهية في الجهل والضياع ، فلم يكن ثمة مجال للارتياب في صدقه ، وصحة دعوته ، إلا من مكابر ، لا يرى إلا نفسه ، ولا يفكر إلا فيها .
وحتى لو كان قارئاً ، فماذا عساه يجد في كتب السابقين ، وهل يمكن أن يقـاس ذلـك بما جـاء به (صلى الله عليه وآله) من المعارف العالية ، والتشريعات المعجزة ، بلسان القرآن ، الذي يعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله؟!
4 ـ ثم هو لم يسجد لصنم قط ، فلا يستطيع أحد أن يعترض عليه بأنك أنت كنت بالأمس تسجد للأصنام ، وتعبد الأوثان ؛ فلماذا تكفر بها اليوم؟! . فإن كانت عبادتها تخالف العقل والفطرة ، فأين كان عنك عقلك ، ولماذا شذت بك فطرتك؟! .
5 ـ ثم يأتي بعد ذلك أسلوب دعوته المتطور ، على وفق الحكمة ، وعلى حسب مقتضيات الأحوال ، وفي حدود الأهداف الرسالية ، التي لا بد من التقيد بها ، وفي حدودها .
6 ـ ثم هناك إصراره ، وصبره ، وتحمله لكل المشاق والآلام ، ورفضه لكل المساومات ، حتى إنهم لو وضعوا الشمس في يمينه ، والقمر في شماله على أن يترك هذا الأمر ، ما تركه ، بل هو لا يقبل منهم أن يسلموا شرط أن يعطيهم فرصةً زمنية للتزود من عبادة أوثانهم ، مما أوضح لهم : أن المسألة تتجاوز حدود اختياره ، وأن رب السماء هو الذي يرعى هذا الأمر ، ويريده منهم .

3 ـ الحالة الاجتماعية

ويأتي بعد ذلك كله ، دور الحالة الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك ، حيث كان الناس يعيشون حياة الشقاء والبلاء ، بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، كما دلت عليه كلمات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) المتقدمة في أوائل هذا الجزء عن الحالة الإجتماعية عند العرب ـ وهي لا تختلف كثيراً عما عند غيرهم ـ ونضيف إلى ذلك هنا : ما قاله جعفر (رحمه الله) لملك الحبشة ، حينما ذهب عمرو بن العاص ليخدعه عنهم:
(كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف) 8 .
فهذه الحالة الاجتماعية القاسية التي كانت تهيمن على الأمة ، وذلك الضياع الذي يسيطر عليها قد هيأ الإنسان الجاهلي نفسياً لقبول الحق ، والتفاعل معه ، وجعله يتطلع للدعوة التي يجد فيها الحق والخير ، ويعرف أنها تستطيع أن تخفف من شقائه وآلامه ، وتنقذه من واقعه المزري والمهين ذاك .
وقد عبر جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) عن ذلك ، لملك الحبشة ، بعد عبارته المتقدمة ، فقال :
(فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته ، وعفافه فدعانا إلى الله ؛ لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه ، من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة الخ . .) 9 .
وقد عبر أهل المدينة على لسان أسعد بن زرارة عن أملهم في أن يحل (صلى الله عليه وآله) بدعوته تلك مشاكلهم المستعصية ، حيث يذكر المؤرخون :
أن الأوس والخزرج ما كانوا يضعون السلاح في ليل ولا نهار 10 ، فمن الطبيعي إذن أن يشتاقوا إلى الخروج من وضع كهذا إذ نعمتان مجهولتان : الصحة والأمان .
وسيأتي الحديث عن ذلك حين الكلام على دخول الإسلام إلى المدينة .
هذا ، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الاندفاع نحو الإسلام ، إنما كان ظاهراً وقوياً في جملة الضعفاء والعبيد ، والفقراء ، أما أولئك المستغلون والمستكبرون وأصحاب الأموال ، والأطماع ، من أمثال :
أبي جهل ، وأبي سفيان ؛ فقد كانوا هم الذين يهتمون بالقضاء على الدعوة ، ومنعها من الانتشار ، وإن المطالع لتاريخ الإسلام في مكة ليجد الكثير الكثير من الشواهد التي تؤيد ما ذكرناه هنا ، مع تأكيدنا على أن ذلك لا يختص بما جرى بالنسبة لنبينا (صلى الله عليه وآله) بل هو ينسحب على غيره من الأنبياء السابقين ، وقد عبر القرآن عن هؤلاء المخالفين من الطبقة الأرستقراطية ب‍ (الملأ) في أكثر من مورد ، وأكثر من مناسبة .

4 ـ نوع معجزته صلى الله عليه و آله

ومما ساعد على انتشار الإسلام وانتصاره نوع المعجزة التي جاء بها (صلى الله عليه وآله) فإن هذا القرآن قد حيَّر العرب ، ليس فقط بما يتضمنه من قوانين عامة وشاملة ، ومن معان وإخبارات غيبية ، ومن قصص فيها العبر والعظات ، رأى فيها غير المسلمين تصحيحاً دقيقاً لما جاء منها في كتبهم ، وغير ذلك من علوم ومعارف ، وإنما قهرهم وبهرهم فيما كانوا يعتبرون أنفسهم ، ويعتبرهم العالم بأسره قمة فيه ، إكمالاً للحجة ، وحتى لا يبقى مجال لأي خيار ؛ لأن خروجه (صلى الله عليه وآله) في بيئة كهذه ، بحجة كهذه ، لا بد أن يجعلهم يذعنون وينقادون للحق ، وإلا فلسوف يراهم كل أحد ، ويرون أنفسهم أيضاً معاندين للحق ، ومناصرين للباطل .
نعم ، لقد بهرهم هذا القرآن وحيَّرهم ، ولم يترك لهم مجالاً للخيار فإما الجحود على علم ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ... 11 ، وإما الإيمان والتسليم .
وإذا كنا نعلم : أن من مميزات العربي ، وبحكم حياته وطبيعته :
أنه كان يعيش حياة الحرية بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، ولم تلوث فكره وعقله الأفكار والشبهات والآراء المصطنعة ـ كما كان الحال بالنسبة لسائر الأمم ، كالرومان والفرس وغيرهما ، الذين كانوا يحاولون فلسفة أديانهم البعيدة عن الفطرة ، والمنافرة لها ، وإظهارها بمظاهر معقولة ومقبولة ـ .
إذا كنا نعلم ونرى ذلك ، فإن هذا القرآن قد جاء منسجماً مع فطرة العربي ، ومتلائماً مع طبعه وسجيته ، ومع صفاء نفسه وقريحته ، تماماً كما كانت الدعوة نفسها منسجمة مع فطرته وروحه ، ويستجيب لها عقله ، وضميره ووجدانه ، لأنه كان يعيش على الفطرة ، والإسلام دين الفطرة : ﴿ ... فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ... 12 .
ولذلك نراه سرعان ما صار يبذل ماله ، وولده ، ودمه في سبيل هذه الدعوة ، ويقتل حتى أباه وأخاه من أجلها ، ولسوف نتحدث إن شاء الله تعالى عن سر إعجاز القرآن فيما يأتي من فصول .

5 ـ بشائر اليهود والنصارى به صلى الله عليه و آله

وأيضاً ، فان بشائر أهل الكتاب بقرب ظهور نبي في المنطقة العربية ، قد سهل هو الآخرقبول دعوته ، وانتشار رسالته .
فقد جاء في التوراة المتداولة : (وهذه هي البركة ، التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته ، فقال : جاء الرب من سيناء ، وأشرق لهم من ساعير ، وتلألأ من جبل فاران) 13 .
فالمجيء من سيناء كناية عن تكليم الله لموسى (عليه السلام) في سيناء ، وساعير هي جبال فلسطين ، وهو إشارة لعيسى (عليه السلام) .
وفاران اسم قديم لأرض مكة 14 ، التي لم يظهر فيها إلا نبينا الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) ، الذي أنزل عليه القرآن .
والنبي محمد (صلى الله عليه وآله) هو من نسل إبراهيم (عليه السلام) ، الذي جعلها أرض غربته ، تقول التوراة : (وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك ، كل أرض كنعان ، ملكاً أبدياً) 15 .
فالمقصود بأرض غربة إبراهيم خصوص مكة ، لأنها هي التي أسكن أهله فيها .
وأرض كنعان وإن كانت هي بلاد الشام ولكن المقصود فيها هنا عموم بلاد العرب ، بضرب من التجوز ، لأن إبراهيم لم يهاجر إلى الشام ، ولا أسكن أهله فيها 16 .
وجاء في الإنجيل قوله : (وهذه شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ؛ ليسألوه : من أنت؟
فاعترف ، ولم ينكر ، وأقر : إني لست أنا المسيح .
فسألوه : إذن ماذا؟ إيليا؟
فقال : لست أنا ، النبي أنت؟
فأجاب : لا) 17 .
فالمراد بإيليا ليس إلياساً ـ كما ربما يدعى ـ وذلك لأنه قد كان قبل عيسى بقرون ، فلا بد أن يكون المقصود به رجلاً يأتي بعد عيسى . وكذلك الحال بالنسبة إلى النبي الذي سألوه عنه .
ومن المعلوم أنه لم يأت بعد عيسى غير نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) ، وأوصيائه (عليهم السلام) فلعل المقصود بالنبي هو محمد (صلى الله عليه وآله) وبإيليا وصيه علي (عليه السلام) .
هذا ، وبشارات العهدين به (صلى الله عليه وآله) كثيرة جداً ، فمن أرادها فليراجع الكتب المعدة لذلك 18 مع الأخذ بعين الاعتبار :
أن التوراة والإنجيل الموجودين فعلاً قد نالتهما يد التحريف والتزوير ، كما يظهر لمن راجع كتاب : الهدى إلى دين المصطفى ، والرحلة المدرسية ، للمرحوم البلاغي وإظهار الحق لرحمة الله الهندي ، وغير ذلك .
ويكفي أن نذكر هنا : أن القرآن قد قرر : أن أهل الكتاب ﴿ ... يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 19 .
وقال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ... 20 .
ولو أن أهل الكتاب كان يمكنهم إثبات خلاف هذا النص القرآني ، لبادروا إليه ، ولما عرَّضوا أنفسهم للحروب والبلايا في سعيهم الدائب لإطفاء نور الله ، هم ومشركو مكة ، الذين كانوا يتعاونون معهم تعاوناً وثيقاً.
بل إن أهل الكتاب أنفسهم كانوا يتوعدون العرب ، ويقولون لهم : (ليخرجنَّ نبي ، فيكسرنَّ أصنامكم ، فلما خرج رسول الله كفروا به) 21 .
ويقول مغلطاي : (إنه لما شاع قبل ولادته : أن نبياً اسمه محمد ، هذا إبان ظهوره ، سمى جماعة أبناءهم محمداً ، رجاء أن يكون هو ، منهم محمد بن سفيان بن مجاشع الخ . . ثم عد جماعة من المسمين بهذا الاسم) 22 .
ولما دعا رسول الإسلام بعض المدنيين ـ قبل الهجرة ـ إلى الإسلام ، قال بعضهم لبعض :
يا قوم ، إن هذا الذي كانت اليهود يدعوننا به ، أن يخرج في آخر الزمان ، وكانت اليهود إذا كان بينهم شيء ، قالوا : (إننا ننتظر نبياً يبعث الآن يقتلكم قتل عاد وثمود ، فنتبعه ، ونظهر عليكم معه إلخ . .) 23 .

مناطق سكنى أهل الكتاب

وبعد ، فإن النصارى لم يتوغلوا في قلب الجزيرة العربية ، بل كانوا يسكنون على أطرافها : الحيرة ، وبلاد الشام ، وكانت بعض القبائل العربية تدين بالنصرانية ، دون أن يلتزموا بطقوسها الدينية إلا بصورة ضعيفة كما سنرى .
أما اليهود ، فقد كانوا أولاً هم حكام يثرب ، بعد أن قدموها من بلاد فلسطين ، فراراً من الاضطهاد الذي حاق بهم ، ثم قدمها الأوس والخزرج القحطانيون من اليمن ، وتغلبوا عليها ، وحصروا اليهود ـ وهم ثلاث قبائل : بنو النضير ، وقينقاع ، وقريظة ـ في مناطق معينة في المدينة وأطرافها ، وكانوا يسكنون فدكاً وتيماء أيضاً .
ويذكر هيكل : أنه كان يحظر على اليهود والنصارى سكنى مكة ، إلا أن يكون أجيراً ، لا يتحدث بشيء من أمر دينه ومن أمر كتابه ، ثم يستثني في موضع آخر : العبيد منهم 24 .
ولكننا نجد : أنه كان يسكنها المتنصرة من العرب كورقة بن نوفل وأضرابه ، وعلى كل حال ، فإن هذا الأمر لا يهمنا تحقيقه كثيراً .
أهل الكتاب وهيمنتهم العلمية على العرب :
وما يهمنا هنا : هو الإشارة إلى أن العرب كانوا ينظرون إلى أهل الكتاب نظر التلميذ إلى معلمه ، ويعتبرونهم مصدر الثقافة والمعرفة لهم ، حتى إننا لنجد في التاريخ :
أن العربي كان إذا أراد الإسلام يستشير حبراً ، أو راهباً في ذلك ، بل نجد قبيلة بكاملها تذهب إلى يهود فدك وتسألهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن عرض دعوته عليهم 25 .
كما ويعرض الإسلام على كندة ؛ فيأبونه ؛ فيستدل بعضهم على صدق هذا النبي بأن اليهود قد قالوا :
إنه سوف يظهر نبي من الحرم قد أظل زمانه 26 .
وإسلام أهل المدينة كان في مبدئه مستنداً إلى نظير هذه الحجة ، كما أشرنا ، وسنشير إليه إن شاء الله تعالى 27 .
وعن ابن عباس ، قال : (كان هذا الحي من الأنصار ـ وهم أهل وثن ـ مع هذا الحي من اليهود ، وهم أهل كتاب ، فكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم ، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم) 28 .
وقد أسلم وفد أهل الحيرة ، وكعب بن عدي ، فلما توفي (صلى الله عليه وآله) ارتابوا ؛ فثبت كعب على الإسلام ، قال : ثم خرجت أريد المدينة ، فمررت براهب كنا لا نقطع أمراً دونه 29 ، إلى آخر كلامه ، الذي ذكر فيه حصول اليقين له ، بسبب كلام الراهب .
وليلاحظ بدقة قوله : (كنا لا نقطع أمراً دونه)!
وأيضاً ، فقد تقدم في الفصل الأول من هذا الجزء وسيأتي 30 :
أن أبا سفيان قد سأل كعب بن الأشرف عن : أن أي الدينين أرضى لله تعالى ، دينه أم دين محمد؟!
وقالت قريش لبعض يهود بني النضير ، وهم : سلام بن أبي الحقيق وحييّ بن أخطب وكنانة بن الربيع ، حين ذهبوا إلى مكة ليحرضوا الأحزاب على حرب المسلمين ، قالت لهم قريش :
(يا معشر اليهود ، إنكم أهل الكتاب الأول ، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد ؛ أفديننا خير أم دينه؟
قالوا : بل دينكم خير من دينه ، وأنتم أولى بالحق منه .
فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ، ونشطوا لما دعوهم إليه الخ . .) 31 .
ونحن وإن كنا نعلم أن زعماء قريش كانوا يعلمون الحق ، ولكنهم كانوا يكتمونه عناداً واستكباراً لقوله تعالى : ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ... 11 .
ولكن الذي يلفت نظرنا : هو هذا الاستغلال لنفوذ اليهود ، وهيمنتهم العلمية ، واعتبارهم مصدراً للمعارف الدينية .
وبالمناسبة فإن التاريخ يعيد نفسه ، فإن نظرة المسلمين إلى الأوروبيين الآن تشبه تماماً ما كانت عليه في الجاهلية .
وأخيراً ، فقد قال الحلبي وابن هشام : (لا يخفى : أن كفار قريش بعثوا النضر بن الحرث ، وعقبة بن أبي معيط ، إلى أحبار اليهود بالمدينة ، وقالوا لهما :
إسألاهم عن محمد ، وصفا لهم صفته ، وأخبراهم بقوله ؛ فإنهم أهل الكتاب الأول) 32 ثم ذكر ما جرى بينهم وبين اليهود ، ثم ما جرى لهم مع النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة .
والخلاصة : أن إخبارات أهل الكتاب تلك قد غرست في ذهن العربي أن نبياً سوف يخرج من منطقته ، مما سهل عليه قبول دعوته (صلى الله عليه وآله) ، والإذعان للحق الذي جاء به ؛ لأن الناس ـ باستثناء أصحاب المطامح والأهواء ، والطواغيت منهم ـ لصفاء وسلامة طباعهم ، وكونهم أقرب إلى الفطرة ، وعدم تلوث فكرهم بالشبهات والفلسفات المعقدة كانوا يتقبلون الحق ، ويذعنون له ، وقبليتهم وعاداتهم إنما كانت تمنع فقط من انقياد بعضهم لبعض ، بسبب غلظتهم ، وانفتهم ، وبعد هممهم ، ولكن لم يكن ذلك يمنعهم من قبول الحق ، والإذعان لإرادة السماء 33 .

6 ـ الفراغ العقائدي والسياسي

أ ـ الفراغ العقائدي

لقد كان العرب يعانون من فراغ عقائدي هائل ، عبَّر عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله المتقدم : (بعثه ، والناس ضلال في حيرة ، وحاطبون في فتنة ، حيارى في زلزال من الأمر ، وبلاء من الجهل) .
ويكفي أن نذكر : أنهم حتى عبادتهم للأصنام قد كانت ملونة باللون القبلي ، فلكل قبيلة بل لكل بيت وثن ، وطريقة .
وكثيراً ما كانت دوافعهم إلى عبادة تلك الأصنام عاطفية ، بعيدة عن أساليب التبرير العقلي ، والمنطقي ، فارتباط العربي بهذا الصنم إنما هو لأن هذا الصنم مرتبط بتاريخ أبيه أو جده ، فالعربي يعتز بنسبه بحسب طبعه ، وبما ينسب إليه ، قال تعالى حكاية لذلك عنهم : ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 34 .
ومما يدل على أن عبادتهم للأصنام لم تكن عن تعقل وقناعة : هو أن الذين كانوا يرجعون إلى فطرتهم ، وإلى عقولهم سرعان ما يدركون منافرتها للفطرة ، ولأحكام العقل السليم ، ويرغبون بالخروج من هذا الجو ، ولذلك نجد المؤرخين يذكرون : أن عبد المطلب قد رفض عبادة الأوثان .
كما ويذكرون : أن ورقة بن نوفل ، وعثمان بن الحويرث ، وزيد بن عمرو بن نفيل ، وعبيد الله بن جحش قد تبرموا من عبادة الأوثان ، وعبروا عن ضعف ثقتهم فيها ، فاجتمعوا وتشاوروا فتنصر الأولان ، وبقي الآخران في حيرتهما وشكهما 35 .

ب ـ الفراغ السياسي

إن أرض العرب القاحلة ، والجو الحار الذي تتميز به ، وحياتهم المتنقلة من مكان إلى مكان ، وقدرتهم على تحمل المشاق ، قد جعل السيطرة عليهم شبه مستحيلة حسبما قدمنا ، بل جعلهم بحسب طبيعة ظروفهم الحياتية قادرين على توجيه الضربات القاصمة لكلِّ دخيل ، وجعله في رعب دائم ، وخوف مستمر ، الأمر الذي أسهم بشكل فعال في إبعاد أطماع المستعمرين عن منطقتهم ، مع قناعة المستعمر بأنه سوف لا يجني الكثير من النفع في مقابل الكثير من الضرر الذي سوف يتعرض له ، ولا سيما مع علمه بأن حب الانطلاق في البادية بلا رقيب ولا حسيب مغروس في دم العربي ، وفي روحه ، وفي أعماق أعماقه ، ولا يتنازل عن ذلك بأي ثمن كان .
فكل ذلك قد جعل المنطقة في فراغ سياسي محسوس ، بل إن شمالي الجزيرة العربية لم يتعرض لأي حكم أجنبي أصلاً . .
نعم ، قد تعرض جنوبها وهو اليمن لسلطة الأحباش لفترة قصيرة 36 .
وهذا الفراغ السياسي قد جعلها بعيدة عن نفوذ الأديان الكبرى بشكل فعال ، ولو بفرض من السلطة الحاكمة ، كالنصرانية والزرادشتية ، وحتى عن التأثر باليهودية التي كانت تعيش بينهم ومعهم ، فبقيت المنطقة بعيدة عن الشبهات والأفكار الغريبة والدخيلة ، وإن كان قد تسرب إليها بعض اليهود فراراً من الرومان ، ولكن لم يكن لهم أي نشاط ديني ، أو لعله كان ، ولكنه لم يثمر ، إذ لم يكن ثمة سلطة تدعمه سياسياً وإعلامياً ، ولذلك فقد أشرنا إلى أنهم يذكرون أن نصارى تغلب ما كانوا يتمسكون من النصرانية إلا بشرب الخمر 37 بل إن جميع نصارى العرب كانوا كذلك 38 .
وما ذلك إلا لأن النصرانية بعيدة عن عقل وفطرة الإنسان ، ولا تستطيع أن تتصل بروحه ووجدانه لتفرض هيمنتها على أفعاله ، وسلوكه .
أما الإسلام ، دين الفطرة ، الذي استطاع بفترة وجيزة أن يصنع أمثال أبي ذر ، وعمار ، وسلمان ، فـإنـه يتصل أولاً بعقل الإنسان ، ثم بروحه ووجدانه ، حتى يحوله إلى إنسان إلهي بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، وقد استطاع أن يجعل من هؤلاء المتوحشين إلى الأمس القريب ، والذين لا يلتزمون بنظام ، ولا يحكمهم قانون أكثر الأمم اتباعاً للنظم ، وأشدها إيماناً وإخلاصاً للقانون الإلهي .
كما ويلاحظ : أن من رباهم النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) في فترات وجيزة جداً ، مع محدودية إمكاناتهم لم تستطع الحكومات الأخرى ، حتى التي تنسب نفسها إلى الإسلام أن تأتي بأمثالهم ، رغم توفر كل الإمكانات لها ، الأمر الذي يشير بوضوح إلى الدور الكبير الذي يضطلع به القائد والحاكم الحق في تربية المجتمع ، وفي تزكيته .
قال المعتزلي : (والغالب على أهل الحجاز الجفاء والعجرفية ، وخشونة الطبع . ومن سكن المدن منهم ، كأهل مكة ، والمدينة ، والطائف ؛ فطباعهم قريبة من طباع أهل البادية بالمجاورة .
ولم يكن فيهم من قبل حكيم ولا فيلسوف ، ولا صاحب نظر وجدل ، ولا موقع شبهة ، ولا مبتدع نحلة الخ . .) 39 .

وخلاصة الأمر

أن صفاء نفوس عرب الحجاز وعدم تلوثها بالأفكار ، والانحرافات والشبهات الغريبة عن الفطرة ، بالإضافة إلى الفراغ العقائدي ، وعدم معقولية شركهم ، وعبادتهم للأوثان ، ثم الحالة الاجتماعية السيئة التي كانوا يعانون منها ، كل ذلك قد أسهم إسهاماً كبيراً في نشر الدعوة الإسلامية وقبولها .
ولذلك ترى أن كثيراً منهم كانوا يسلمون بمجرد سماعهم كلامه (صلى الله عليه وآله) ، واطلاعهم على أصول دعوته وأهدافها ، أو بمجرد أن يتلو عليهم القرآن .
وإذا ما رأينا ساداتهم وكبراءهم ـ عموماً ـ كانوا يجحدون بهذه الدعوة الحقة ، فليس ذلك لأنهم لم يجدوا فيها ما يقنعهم ، بل لأنهم وجدوها تضر بمصالحهم الدنيوية ، وتصدهم عن مطامعهم اللاإنسانية ؛ فهم مصداق لقوله تعالى : ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ... 11 .
ولذلك نلاحظ : أن الناس مـا كانوا يتطلبون الاستدلال على التعاليم والأفكار الدينية كثيراً في أول الأمر ؛ لأن صفاء نفوسهم ، وسلامة فطرتهم ، وعدم إرباكها وإرهاقها بالأفكار ، والفلسفات ، والشبهات كان كافياً لإدراك حقانية الدعوة ، وسلامة أفكارها . وكانت الآيات إنما تحاول إرجاعهم إلى الفطرة وتدعوهم إلى التفكير ، والتعقل .
ولكن بعد أن دخلت الفلسفات والأفكار الغريبة ، والشبهات المغرضة ، إلى فكر وعقل هذا الإنسان ، وحجبت فطرته ، وأربكت تفكيره وأرهقت عقله ، صار الناس يحتاجون أكثر فأكثر إلى الأدلة ، ويتطلبونها من الأئمة (عليهم السلام) ، بحسب نسبة تلوث فطرتهم بالشبهات والأفكار الغريبة .

7 ـ الحياة الصعبة ، والتضحية بالنفس

وكانت بدائية العرب ، وحياتهم الصعبة التي يعانون منها ، قد جعلتهم أكثر اقداماً على التضحية في سبيل الدعوة التي يؤمنون بها عن قناعة وجدانية راسخة ، ويتفاعلون معها تفاعلاً روحياً خالصاً .
وذلك لأنهم لم ينعموا بحياة النعيم والرفاهية ، التي لا تعب فيها ولا نصب ، ولا آلام ؛ ليصبح لهم تعلق شديد بالحياة ، وحب ، بل وعشق لها ، فإن من الملاحظ : أنه كلما كانت الحياة رخية ناعمة مرفهة ، كلما ازداد تعلق الإنسان بها ، وحبه لها ، وكلما كان العكس ، سهل عليه تركها ، والتخلي عنها .
كما أن الدعوة التي سوف يتعرض أفرادها لمختلف أنواع الضغوط النفسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية وأقساها ، بحاجة ماسة إلى جماعة قادرين على مواجهة تلك الضغوط ، وتحمل تلك الآلام ، والصبر على التعذيب ، والجوع والاضطهاد ، بمختلف أنواعه .
وقد كان العرب ـ عموماً ـ كذلك ؛ لأنهم قد عانوا من مشاق الحياة والطبيعة ما عانوا ، وأصبحت الآلام والمتاعب والمصاعب هي الصفة المميزة لحياتهم بل هي خبزهم اليومي وغير ذلك هو الاستثناء ، فهم أقدر من غيرهم على تحمل ما ينتظر أتباع هذه الدعوة ؛ لأن المنعمين لا يستطيعون عادة تحمل المشاق ، ومواجهة الصعوبات فإن الشجرة البرية أصلب عوداً ، وأبطأ خموداً ؛ ولذلك نجد :
أن بعض المسلمين كانوا يودون لو يجعلون امتيازاً لأحدهم ، وهو ابن عمير لأنه كان منعما قبل أن يسلم ، وحينما أسلم تعرض للمشاق والآلام ، فذلك جعلهم يشعرون بأنه قد تحمل من المصاعب والآلام ما يوجب الرثاء والرحمة له ؛ وما ذلك إلا انطلاقاً من الناحية التي أشرنا إليها آنفاً .

8 ـ بقايا الحنيفية في العرب

وبعد ، فإن مما ساعد على ذلك أيضاً ، وجود بقايا الحنيفية ـ دين إبراهيم كالحج وآدابه ـ في الجزيرة العربية ، وفي مكة بالذات ؛ لأن العرب ، وهم أولاد إسماعيل ، قد توارثوا عنه الدين الحق وكانوا يعتزون بذلك ، وقد قال الله تعالى لهم : ﴿ ... مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ... 40 .
ولكنهم على مر السنين بدؤوا يخلطون هذا الحق بكثير من الباطل ، شأن سائر الأمم ، عندما يغشاها الجهل ، وتستبد بها الأهواء ، والانحرافات .
ثم تسرب إليهم الشرك ، وعبادة الأوثان ، حسبما قدمنا ، ثم الكثير من الأمور الباطلة ، والأخلاق الذميمة ، والفواحش ، حتى أصبحوا في الجاهلية العمياء ، وحتى أدى بهم الأمر إلى الحالة التي وصفها لنا أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما تقدم ، غير أن بقية منهم ـ وإن كانت قليلة جداً ـ قد بقيت متمسكة بعقيدة التوحيد ، وترفض عبادة الأوثان ، وتعبد الله على حسب ما تراه مناسباً ، وقريباً إلى تعاليم دين إبراهيم ، مع التزام بعضهم الآخر بدقة بدين الحنيفية ، ومن هؤلاء عبد المطلب ، وأضرابه ، من رجالات بني هاشم الأبرار .
وكان من بقايا الحنيفية تعظيم البيت ، والطواف به ، والوقوف بعرفة ، والتلبية 41 وهدي البدن ، وإن كانوا يطبقون ذلك مشوهاً وممسوخاً ، ويقحمون فيه ما ليس منه ، وكانت هذه المعالم تضعف رويداً رويداً مع الزمن ، حتى لم يبق منها إلا الأسماء ، والرسوم الشوهاء .
وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما مفاده : إن العرب كانوا أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس ؛ فإن العرب يغتسلون من الجنابة ، والاغتسال من خالص شرايع الحنيفية ، وهم أيضاً يختتنون ، وهو من سنن الأنبياء ، كما أنهم يغسلون موتاهم ، ويكفنونهم ، ويوارونهم في القبور ، ويلحدونهم ، ويحرمون نكاح البنات والأخوات ، وكانوا يحجون إلى البيت ويعظمونه ، ويقولون : بيت ربنا ، ويقرون بالتوراة والإنجيل ، ويسألون أهل الكتب ، ويأخذون منهم ، وكانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس 42 .
إذن ، فقد كان ثمة ذكريات بعيدة في ضمير ووجدان الإنسان العربي ، تربطه بالحنيفية السهلة السمحاء ، دين آبائه وأجداده ـ وهو الذي يعتز بالأنساب وصفائها ، بحكم ما يتعرض له من الغزو والسبي الموجب للتهمة أحياناً ـ وإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بعث ليتمها ؛ فمن الطبيعي أن يكون لهذه الذكريات أثر في نظرة كثير من الناس إليه ، وإلى ما جاء به بإيجابية وواقعية .

9 ـ الخصائص والعادات العربية

ولقد كان لبعض الخصائص ، والأخلاق ، والعادات العربية ، أثر كبير في نشر دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، التي هي دعوة الحق والخير وشمولها ، وإن كان الإسلام الذي استفاد من تلك الخصائص والعادات والأخلاق قد حاول إلى جانب ذلك تركيزها من حيث المنطلقات والأهداف على أسس صحيحة ومقبولة ، وأما إن كانت مرفوضة إسلامياً ، فإنه ـ وإن كانت قد أفادته تلقائياً ، ومن دون أن يتطلب هو ذلك ـ كان يحاول القضاء عليها ، واستئصالها بالحكمة والموعظة الحسنة ، كلما سنحت له الفرصة ، وواتاه الظرف .
فمثلاً : لقد استفاد الإسلام كثيراً من شجاعة العربي ، واستهانته بالصعاب ، في الدفاع عن الإسلام .
وأيضاً ، فقد كان للتعصب القبلي بعض الفوائد الهامة ، حتى ليذكرون أنه بعد الهجرة إلى المدينة ؛ كان الأوس والخزرج : (يتصاولان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصاول الفحلين ، لا تصنع الأوس شيئاً فيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) غناء إلا قالت الخزرج : والله ، لا يذهبون بهذه فضلاً علينا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الإسلام ؛ فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها ، قال : وإذا فعلت الخزرج شيئاً قالت الأوس مثل ذلك) 43 .
وأما قبل الهجرة في مكة ، فقد كان للقبلية أثر كبير في منع قريش وغيرها مدة طويلة من المضايقات لكثير ممن اعتنقوا الإسلام ، ثم من محاولة الاعتداء على حياته (صلى الله عليه وآله) ، أو على حياة أكثر المسلمين آنذاك ، وإن كانت تواجههم بالمضايقات أحياناً ، وأحياناً بالتعذيب القاسي ، إن لم يكن لهم عشيرة يرهب جانبها ، حتى أذن الله تعالى لهم بالهجرة إلى المدينة .
ولذلك نلاحظ : أن أبا طالب (رحمه الله) قد استفاد كثيراً من العامل القبلي ، حتى إن بني هاشم مسلمهم وكافرهم قد قبلوا بمحاصرة قريش لهم ، وكانوا معه في شعب أبي طالب كما سيأتي .
وتجد في شعر أبي طالب الكثير من التأكيد على عامل القرابة بين بني هاشم وطوائف من قريش ، الأمر الذي كان له أثر كبير في حفظ حياته (صلى الله عليه وآله) من كيد أعدائه كما قلنا .
بل إننا نجد المشركين حتى في عدائهم له (صلى الله عليه وآله) ، وحتى حينما تآمروا عليه ليقتلوه ـ وكان ذلك هو سبب هجرته (صلى الله عليه وآله) ـ قد أخذوا بعين الاعتبار العلاقات القبلية ، وردّات الفعل التي سوف تنجم عنها فاختاروا عشرة أشخاص ، من كل قبيلة رجلاً ، ليضربوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيوفهم في آن واحد وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى .
وفي المدينة أيضاً كان ثمة أثر كبير لكرم ضيافة العربي ، ولوفائه بالعهد والذمار ، ولحسن الجوار ، ولحريته ، وحميته ، وأنفته وعزته ، واعتداده بنفسه ، وقوة إرادته ، وللشجاعة ، والإقدام ، وحتى لصفات القوة والغلظة ، التي ولدتها فيهم حياة الغزو والحرب ، وجعلتهم قادرين على التخلي عن العواطف في سبيل دينهم وعقيدتهم ، حتى لقد كانوا يقتلون أبناءهم ، وآباءهم ، وإخوانهم .

10 ـ دور أبي طالب عليه السلام

يجب أن لا ننسى الدور الذي اضطلع به الرجل العظيم ، أبو طالب شيخ الأبطح (عليه السلام) ، الذي وفر للنبي (صلى الله عليه وآله) حمايته المطلقة من كل أعدائه ومناوئيه .

11ـ أموال خديجة عليها السلام

ثم هنالك العامل الاقتصادي الذي وفرته له زوجته أم المؤمنين خديجة صلوات الله وسلامه عليها ، والتي كانت تمتلك ـ حسبما يرى البعض ـ عصب الاقتصاد في الجزيرة العربية كلها .
وقد أنفقت كل تلك الأموال على المسلمين ، في الظروف الحرجة التي واجهوها ، إبان اضطهاد قريش وحصارها الاقتصادي لهم .
ومما يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يتولى الإنفاق على المسلمين ، من أموال خديجة وأبي طالب 44 قول أسماء بنت عميس لعمر 45 حين عيّرها بأنه سبقها بالهجرة ، وإنها حبشية حجرية ـ على ما نقل عن صحيح مسلم وغيره ـ قالت له :
(كنتم مع النبي (صلى الله عليه وآله) يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم) 46 .

12ـ جهاد علي عليه السلام

وأخيراً ، فيجب أن لا ننسى دور وصي وأخي النبي (صلى الله عليه وآله) ، أمير المؤمنين (عليه السلام) ، حسبما سيظهر إن شاء الله ـ ولو بنحو محدود ـ في مطاوي هذه السيرة العطرة .
نعم ، لقد كان لكل ذلك دور هام في حفظ الدعوة ، وانتصارها ، وانتشارها ، كما لا يخفى على الناقد البصير ، والمتتبع الخبير .
وثمة أسباب أخرى قد ساعدت على ظهور الإسلام ، وانتشاره ، وانتصاره ، يمكن استجلاء بعضها من مطاوي التاريخ الإسلامي .
ونحن نكتفي هنا بهذا القدر ؛ لنوفر الفرصة لعرض حياة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بعد البعثة ، وبشكل موجز وواضح قدر الإمكان .

تنبيه هام وضروري

إن كل ما ذكرناه آنفاً لا يعني : أن ظهور الإسلام ، وانتشاره في الجزيرة العربية قد كان أمراً طبيعياً ، بحيث إنه لو توفرت هذه العوامل لأي دعوة أخرى ، فإنها تستطيع أن تحقق نفس النتائج التي حققها الإسلام ، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً ، فإن ظهور الإسلام ، وانتصاره في هذه المنطقة هو بذاته معجزة له ، ودليل على حقانية الإسلام ؛ وذلك لأن اليهودية قد كانت موجودة ، وكانت هذه الظروف أيضاً موجودة ، ولكنها لم تستطع أن تؤثر أثراً يذكر في عقلية العربي ، ولا في سلوكه ، وتصرفاته 47 .
وكذلك الحال بالنسبة للنصرانية ، التي كانت تهتم في تنصير كل من تقدر على تنصيره ، ثم هناك الزرادشتية وغيرها من الأديان .
وهذا معناه : أن لنفس المبدأ ، والرسالة ، والقائد دوراً هاماً جداً ، بل والدور الأول والأساس في عملية التغيير وفي النجاح وفي استمراره ، وبدون ذلك ، فإن كل نجاح ـ لو كان ـ فلسوف يكون محدوداً جداً ، ولظروف معينة ، ولسوف ينتهي بمجرد انتهاء تلك الظروف .
وقد رأينا الإسلام رغم ما عاناه من مصائب وبلايا حتى على أيدي أبنائه ، كان ولا يزال يزداد قوة وفعالية على مر الزمن ، وفي مختلف الظروف والأحوال ، ولم يؤثر فقدان تلك الظروف والعوامل ، ولا تحولها وتقلبها لا في الإسلام ، ولا في فعاليته ، إن لم نقل : إنه قد زاد في ذلك بشكل ظاهر .
والذي يفسر لنا هذه الظاهرة ، هو ما ذكرناه آنفاً من أن الإسلام يستطيع أن يستوعب طاقات الإنسان ، ويحولها ويطورها في مصلحة الرسالة والحق ، كما إنه يستطيع أن يتلاءم مع الظروف المختلفة ، فهو يملك لكل داء دواء ، ولكل مشكلة حلاً ، ولكل ظرف ما يناسبه ، على عكس غيره من الدعوات الجامدة ، والمحدودة .
ولذلك ، فإن الإسلام عندما نجح في الجزيرة العربية ، وإن كان قد استفاد من بعض الظروف ، وحوّل وطوّر الأوضاع السائدة في صالحه ، إلا أنه كان في نفس الوقت لا يجد في المنطقة التي ظهر فيها الكثير من المميزات الهامة التي من شأنها أن تساعده في مهمته ، ولولاها فإن أي دعوة أخرى لا تستطيع أن تنجح ، ولكن فقدها لم يؤثر على الإسلام ، كما أن امتلاك أعدائه لها لم يؤثر عليه أيضاً .
وهذا أحد أسرار عظمة الإسلام وسموِّه .
وفقنا الله للعمل في سبيله ، والاهتداء بهديه ، إنه ولي قدير 48 .

  • 1. فقه السيرة ص35 .
  • 2. سيتأتي مصادره في الجزء الرابع من هذا الكتاب ، في فصل : حتى بيعة العقبة .
  • 3. القران الكريم: سورة العنكبوت (29)، الآية: 48، الصفحة: 402.
  • 4. القران الكريم: سورة القلم (68)، الآية: 4، الصفحة: 564.
  • 5. وثمة احتمال آخر في الآية الشريفة . راجع مقالاً لنا بعنوان : فلسفة الأخلاق في الإسلام في كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام .
  • 6. البخاري هامش فتح الباري ج1 ص139 ـ 141 ، وليراجع فتح الباري نفسه أيضاً ، للاطلاع على العديد من المصادر ، والبداية والنهاية ج5 ص60 عن ابن إسحاق وتاريخ الأمم والملوك ، للطبري ج2 ص384 .
  • 7. لنا بحث حول المراد من كونه (صلى الله عليه وآله) أمياً . . وأن المراد أنه أمي بحسب معرفة الناس به ، ولكنه كان قارئاً وكاتباً بالإعجاز الذي فاجأهم وبهرهم ، راجع : مختصر مفيد ج1 ص10 .
  • 8. راجع تاريخ الخميس ج1 ص290 وقاموس الرجال ج2 ص371 والبداية والنهاية ج3 ص73 و74 .
  • 9. تاريخ الخميس ج1 ص290 وراجع : البداية والنهاية ج3 ص73 و74 .
  • 10. البحار ج19 ص8 و 9 و 10 وإعلام الورى ص55 .
  • 11. a. b. c. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 14، الصفحة: 378.
  • 12. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 30، الصفحة: 407.
  • 13. سفر التثنية ، الإصحاح 33 الفقرة 1 .
  • 14. معجم البلدان للحموي ج4 ص225 .
  • 15. سفر التكوين الإصحاح 17 الفقرة 8 .
  • 16. كما يفهم من مراجعة تاريخ حياته في كتب التاريخ؛ فراجع على سبيل المثال كتاب : قصص الأنبياء لطبارة .
  • 17. إنجيل يوحنا الإصحاح الأول ، الفقرة 19 ـ 21 .
  • 18. راجع كتاب : أنيس الأعلام (فارسي) ، والرحلة المدرسية والهدى إلى دين المصطفى ، ورسول الإسلام في الكتب السماوية ، وغير ذلك .
  • 19. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 146، الصفحة: 23.
  • 20. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 157، الصفحة: 170.
  • 21. البحار ج15 ص231 .
  • 22. راجع : سيرة مغلطاي ص7 .
  • 23. الثقات ، لابن حبان ج1 ص90 .
  • 24. راجع : حياة محمد ، لمحمد حسنين هيكل ص65 و 66 .
  • 25. راجع : البداية والنهاية ج3 ص145 ، ودلائل النبوة لأبي نعيم ص102 .
  • 26. دلائل النبوة لأبي نعيم ص103 .
  • 27. سيأتي ذلك في الجزء الرابع في فصل : حتى بيعة العقبة حين الكلام حول دخول الإسلام إلى المدينة .
  • 28. الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص109 عن أبي داود وقال : وانظر تفسير ابن كثير ج1 ص261 .
  • 29. الإصابة ج3 ص298 عن البغوي ، وابن شاهين ، وابن السكن ، وابن يونس في تاريخ مصر ، وأبي نعيم .
  • 30. سيأتي ذلك في فصل : غدر اليهود ، والاغتيالات عن البداية والنهاية ج4 ص6 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص11 .
  • 31. سيرة ابن هشام ص225 ـ 226 . وستأتي بقية المصادر في غزوة الخندق .
  • 32. السيرة الحلبية ج1 ص310 ، وسيرة ابن هشام ج1 ص321 .
  • 33. راجع : البيان والتبيين للجاحظ ج3 ص127 .
  • 34. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 22، الصفحة: 490.
  • 35. راجع : البداية والنهاية ج2 ص237 ـ 238 وحياة محمد لهيكل ص89 ، وغير ذلك .
  • 36. راجع : مختصر تاريخ العرب ، للسيد أمير علي ص8 .
  • 37. المصنف للصنعاني ج6 ص72 وج 7 ص186 والسنن الكبرى ج9 ص284 .
  • 38. المصنف للصنعاني ج6 ص72 و73 وج7 ص186 والسنن الكبرى ج9 ص217 .
  • 39. شرح النهج للمعتزلي ج7 ص51 .
  • 40. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 78، الصفحة: 341.
  • 41. ذكر اليعقوبي في تاريخه (ط صادر) ج1 ص254 ـ 257 تلبيات كل قبيلة ، وأعطى نبذة عن شعائرهم في مكة ، فمن أراد فليراجع .
  • 42. راجع : الاحتجاج ، للطبرسي ج2 ص91 ـ 92 والبحار ط مؤسسة الوفاء ج78 ص8 .
  • 43. تاريخ الطبري ط الاستقامة ج2 ص184 د وراجع الكامل لابن الأثير ط صادر ج2 ص146 .
  • 44. البحار ج19 ص16 وأموال خديجة أمرها أشهر من أن يذكر فراجع أمالي الشيخ الطوسي ج2 ص81 ـ 82 والبحار ج19 ص61 و 62 .
  • 45. ستأتي مصادر ذلك في فصل : هجرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، حين الكلام حول ثروة أبي بكر .
  • 46. قاموس الرجال ج10 ص380 وحياة الصحابة ج1 ص361 والبداية والنهاية ج4 ص205 وصحيح مسلم ج7 ص172 وفتح الباري ج7 ص372 وصحيح البخاري (ط سنة 1309 ه‍ ) ج3 ص35 وكنز العمال ج22 ص206 عن أبي نعيم ، والطيالسي ، ومسند أحمد ج4 ص395 والأوائل ج1 ص314 .
  • 47. وإن كان دين اليهود مقصوراً عليهم ولا يتعداهم إلى غيرهم من الأممم .
  • 48. الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه و آله ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء الثاني .