الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

امتداد واعية الحسين (عليه السلام) على مرّ العصور

إنّ واعية الحسين (عليه السلام) لم تنقطع يوم عاشوراء.. إنّ واعية الحسين حيث إنّها واعية رساليّة وليست واعيةَ شيخِ عشيرة أو قبيلة، فواعية الرسالة لا تنقطع مادامت الأخطار تكتنف هذه الرسالة، وقد قال هذا الإمام الشهيد الصادق: إنّه «ما سمع واعيتَنا شخصٌ ولم ينصرنا إلّا أكبّه الله على وجهه يوم القيامة» 1.

نحن يجب علينا أن نعرف أنّ هذه الواعية نواجهها اليوم كما واجهها عبيدالله بن الحرّ الجعفي. إن لم نواجهها من فم الحسين (عليه السلام) فنواجهها من دم الحسين، ومن تاريخ الحسين، ومن بطولة الحسين يوم عاشوراء ومواقفه المتعدّدة، نواجه هذه الواعية من كلّ الأخطار التي تكتنف الرسالة، وتكتنف الإسلام، وتكتنف الاُمّة الإسلاميّة من كلّ صوب وحدب.
كلّ هذا الضياع في القيم والأخلاق، في المبادئ والمثل، كلّ هذا التميّع، كلّ هذا هو واعية الإسلام.
نحن نواجه هذه الواعية في كلّ مكان، في كلّ زمان، من كلّ صوب وحدب.
إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) حينما ثار وحينما بدأ يبذل دمه في سبيل الإسلام كان يواجه بداية خطٍّ من الانحراف، هذا الخطّ نحن الآن نعيش قمّته، نعيش أزمته، نعيش كلّ تصوّراته، كلّ أبعاده. إذاً، فواعية الإسلام اليوم أوسع وأكبر.

ونحن، وأيّ فرد من المسلمين، لا يزال اليوم مدعوّاً ـ كما كان عبيدالله بن الحرّ الجعفي مدعوّاً ـ أن يغضّ النظر عن مصالحه، عن وجوده، عن كيانه، عن شهواته، عن رغباته الشخصيّة؛ في سبيل أن يساهم في إنقاذ الإسلام، في إنقاذ المسلمين، في إعادة الإسلام إلى الحياة، في رفع هذا الوهن عن وجوه المسلمين، وعن كرامات المسلمين.
إنّ كلّ مسلم قادرٌ على أن يساهم في هذه العمليّة بقليل أو كثير، في حدود إمكانيّاته وقابليّاته.
المساهمة ليس شكلها الوحيد حمل السيف، وحمل السيف لا يمكن أن يكون إلّا بعد مساهمات طويلة الأمد.. إذاً، فهناك نوعٌ من المساهمة قبل حمل السيف.
ولو أنّ كلّ واحد منّا يقول بأ نّي لا أستطيع أن أحمل السيف ـ إذاً فأنا لا تكليف عليَّ ولا مسؤوليّة عليّ ـ فمعنى هذا أنّه سوف لن يمكن حمل السيف في يوم من الأيّام.
إنّ حمل السيف هو شكلٌ من أشكال المساهمة، وهو شكل أعلى من أشكال المساهمة، ولا يمكن أن يوجد هذا الشكل فجأة. لابدّ لكلّ واحد مسلم أو مسلمة أن يساهم بقدر إمكانه وظروفه الفكريّة والعلميّة والاجتماعيّة في جواب هذه الواعية، في الردّ على هذه الواعية، في إنقاذ هذا الجريح الذي يُضرَب في كلّ يوم، ويُستَهزَأ منه في كلّ يوم، وتُتَحدّى أحكامُه في كلّ يوم، وتُضْرَبُ تشريعاتُه عرضَ الحائط في كلّ يوم.
اللّهمّ اجعلنا من شيعة الإمام الحسين، والسائرين في خطّه والمجيبين لواعيته 2.
 

  • 1. «فوالله! لا يسمع واعيتنا أحدٌ ثمّ لا ينصرنا إلّا هلك». الفتوح ٥:۷٤ بحسب الطبعة الاُولى لدار الأضواء ببيروت.
  • 2. المصدر : كتاب النهضة الحسينية ، لآية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري.