مجموع الأصوات: 8
نشر قبل 7 أشهر
القراءات: 1028

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تأثير المزاج على الأخلاق

للمزاج مدخلية تامة في الصفات:

فبعض الأمزجة في أصل الخلقة مستعد لبعض الأخلاق، وبعضها مقتض لخلافه، فإنا نقطع بأن بعض الأشخاص بحسب جبلته، ولو خلي عن الأسباب الخارجية، بحيث يغضب ويخاف ويحزن بأدنى سبب، ويضحك بأدنى تعجب، وبعضهم بخلاف ذلك. وقد يكون اعتدال القوى فطريا بحيث يبلغ الإنسان كامل العقل، فاضل الأخلاق غالبة قوته العاقلة على قوتي الغضب والشهوة، كما في الأنبياء والأئمة عليهم السلام. وقد يكون مجاوزتها عن الوسط كذلك بحيث يبلغ ناقص العقل ردي الصفات مغلوبة عاقلته تحت سلطان الغضب والشهوة، كما في بعض الناس.
إلا أن الحق - كما يأتي - إمكان زوالها بالمعالجات المقررة في علم الأخلاق، فيجب السعي في إزالة نقائضها وتحصيل فضائلها. وعجبا لأقوام يبالغون في إعادة الصحة الجسمانية الفانية، ولا يجتهدون في تحصيل الصحة الروحانية الباقية، يطيعون قول الطبيب المجوسي في شرب الأشياء الكريهة ومزاولة الأعمال القبيحة، لأجل صحة زائلة، ولا يطيعون أمر الطبيب الإلهي لتحصيل السعادة الدائمة.
وبقاء النفس على النقصان إما لعدم صرفها طلب المقصود لملابسة العوائق والمواقع، أو مزاولة النقيض لتمكن موجبة، أو لكثرة اشتغالها بالشواغل المحسوسة، أو لضعف القوة العاقلة، فإن لم تدركها العناية الإلهية فلا يزال يتزايد النقصان ويبعد عن الكمال الذي خلق لأجله، إلى أن تدركها الهلاكة الأبدية والشقاوة السرمدية، نعوذ بالله من ذلك، وإن أدركته الرحمة الأزلية، فيصرف همه في إزالة النقائص، واكتساب الفضائل، فلا يزال يتصاعد من مرتبة من الكمال إلى فوقها، حتى يصير من أهل مشاهدة الجلال والجمال، ويتشرف بجوار الرب، المتعال ويصل إلى السرور الحقيقي.
الذي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإلى قرة الأعين التي يشير إليها في قوله سبحانه: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ 1 2.