مجموع الأصوات: 15
نشر قبل 9 أشهر
القراءات: 1440

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

حكمة غيبة الامام

ذكرت في الروايات في علّة الغيبة عدّة أُمور من قبيل:

۱ ـ مخافة القتل، كما في حديث عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إنّ للغلام ( للقائم خ ل ) غيبة قبل ظهوره. قلت: ولِمَ؟ قال: يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه، قال زرارة: يعني القتل»1.

۲ ـ أن لا تقع على عنقه بيعة طاغية، من قبيل ما ورد عن ابن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: «كأ نّي بالشيعة عند فقدانهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه. قلت: ولمَ ذلك يابن رسول اللّه؟

قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولمَ؟ قال: لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعةإذا قام بالسيف»2.

۳ ـ امتحان الناس، كما في حديث روي عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) في علّة غيبته: «ليعلم اللّه من يطيعه بالغيب ويؤمن به»3.

٤ ـ أنّ لغيبته حكمة مجهولة لا يكشف النقاب عنها إلاّ بعد الظهور، من قبيل ما ورد عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)يقول: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل. فقلت له: ولمَ جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم. قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ فقال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج اللّه تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلاّ وقت افتراقهما. يابن الفضل إنّ هذا الأمر أمر من أمر اللّه وسرّ من سرّ اللّه وغيب من غيب اللّه، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف لنا»4.

وقد ورد في التوقيع المروي عن إسحاق بن يعقوب قوله: وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... 5 . إنّه لم يكن لأحد من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي 6.

ولعلّ الاستشهاد بقوله تعالى:﴿ ... لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... 5 إشارة إلى العلّة المجهولة التي ورد في الحديث السابق أنّه لم يؤذن لهم (عليهم السلام)في كشفها، ولعلّ ذيل الحديث وهو قوله: «إنّه لم يكن لأحد من آبائي...»إشارة إلى ما مضى ذكره من العلّة الثانية، ولعلّ المقصود به أن وقوع البيعة عليهمن طاغية الزمان يؤثّر اجتماعياً في صعوبة الانتصار، أمّا الخارج عن هذه الدائرة فحينما يخرج على طاغية الزمان يكون لخروجه تأثير أقوى في خلق الرعب في نفوس الأعداء.

وعلى أيّة حال فلعلّ أقرب هذه المضامين إلى الشبهة التي طرحناها هو ما ورد من أنّه (عليه السلام) غاب خشية القتل.

والواقع أنّ شيئاً من هذه المضامين بما فيها التعليل بحفظ الحياة والهروب من القتل لا علاقة لها بتلك الشبهة، فلعلّ غيبته ـ صلوات اللّه عليه ـ كانت لأجل أنّه مدّخر لإقامة الدولة الإسلامية العالمية لملء الأرض قسطاً وعدلابعد ما ملئت ظلماً وجوراً، فكان من الضروري الحفاظ على حياته إلى أن يحقّق هذه المهمّة. وهذا لا ينفي فرضيّة إمكان تحقّق الحكم الإسلامي بشكل جزئي في فترة من الزمان أو في بقعة من البقاع بأيدي المؤمنين وبجهودهم المباركة 7.

  • 1. بحار الأنوار ٥۲: ۹۱، الباب ۲٠ علّة الغيبة، الحديث ۱٥، وكمال الدين: ٤۸۱، الباب ٤٤، علّة الغيبة، الحديث ۹.
  • 2. بحار الأنوار ٥۲: ۹٦، الباب ۲٠ علّة الغيبة، الحديث ۱٤، وكمال الدين: ٤۸٠، الباب ٤٤ علّة الغيبة، الحديث ٤.
  • 3. كمال الدين: ۳۳۱، الباب ۳۲ ما أخبر به الباقر (عليه السلام) من وقوع الغيبة، الحديث ۱٦.
  • 4. بحار الأنوار ٥۲: ۹۱، الباب ۲٠ علّة الغيبة، الحديث ٤، وكمال الدين: ٤۸۲، الباب ٤٤ علّة الغيبة، الحديث ۱۱.
  • 5. a. b. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 101، الصفحة: 124.
  • 6. كمال الدين: ٤۸٥، الباب ٤٥ ذكر التوقيعات، الحديث ٤.
  • 7. المصدر: كتاب ولاية اللأمر في عصر الغيبة، لسماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسيني الحائري دامت بركاته.