مجموع الأصوات: 11
نشر قبل 5 أشهر
القراءات: 453

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

نحن والزهراء عليها السلام

بداعي التفاوت في روايات استشهاد الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام نعيش عدة أيام هذه الذكرى الأليمة. والسؤال المطروح الآن هو: أين نحن من سيرة سيدة نساء العالمين التي نعتبرها المعيار والقدوة، لاسيما وأننا نطلب شفاعتها ونؤكد أننا من شيعتها؟ فهل نحن كذلك فعلًا؟ وكيف نكون معها ولا نكون في الجبهة المعادية لها؟

والجواب يبدو واضحاً وجليّاً للغاية، وبإمكاننا معرفته بواسطة مقارنة سلوكنا بأفعالها ومواقفها أولًا، وبمقارنة أقوالنا بأقوالها. والأمر ليس مستعصياً أن يتعرف كلّ واحد منّا على فعل الزهراء، حتى يقيس نفسه بها.

وأقولها بكل صراحة: إنّ من المستحيل أن تتبع أمة من الأمم نهج فاطمة الزهراء وموازينها ثم تكون أمة متخلفة. فأمة تتبع الزهراء لا تستضعف ولا تذل. وعلى ذلك كلّه، فان التخلف والذلّة والاستضعاف إنما منشأه نحن أولًا وأخيراً، وليس في معايير الزهراء.

وتبدو الازدواجية ظاهرة كل الظهور علينا، حيث نعيش هاجس الخوف والرعب من أن تتخطفنا الأمم من حولنا، ومع ذلك ندعي بصلافة بالغة اتباع الزهراء ومحبتها. فهذا هو التناقض بعينه والخرافة بعينها، إذ لا يمكن مطلقاً أن يكون نهج الزهراء نهجاً يحملنا الالتزام به الى التخلف والفرقة والذل.

إن أبرز ما خلدته الزهراء من سيرة فاضلة مجاهدة هو أنها لم تعش لنفسها أو تفكر في نفسها كإنسانة وكصديقة، بل هي عاشت لنهج الإسلام الأصيل؛ دين أبيها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن نماذج هذه الحقيقة أنها حينما عادت من المسجد لاحتجاجها على مصادرة الحق من قبل الخليفة الأول، وجدت أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام جالساً في زاوية من زوايا البيت وقد احتضن ركبتيه حزيناً متفكراً بشأن هذه الأمة التي خالفت رسولها فور وفاته، بالرغم من أن الرسول كان قد أخبره بكل شيء سيحدث بعده ... اشتكت الزهراء لزوجها أمير المؤمنين ظلامتها محرّضة إياه على الأخذ بحقها لاسيما وهو بطل الابطال وصاحب ذي الفقار وفاتح خيبر .. فأجابها أمير المؤمنين بكلمات؛ الغرض منها التهدئة والتخيير بين الأخذ بحقها وبين بقاء الدين. فهي إن أرادت حقّها- الذي يبدو في الظاهر شخصياً- لابد أن تعرف أن لا يبقى للإسلام وجود، وإن هي أرادت بقاء الدين لابد أن تحتسب إلى الله ظلامتها وآلامها. حيث قال عليه السلام: فاحتسبي الله، فقالت عليها السلام: حسبي الله وأمسكت 1 ثم لم تشتكي لأمير المؤمنين أبداً، وهي التي كانت تعلم علم اليقين أنها لو اقترحت عليه الأخذ بحقها للبّى الطلب، إذ هي فاطمة التي جاء فيها" وان الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها" 2.

وإذ تبين لنا أن مصلحة الدين هي الأساس في سلوك الزهراء عليها السلام، لنعد الى أنفسنا وننظر إلى مستوى وجود هذا الأساس والمعيار في سلوكنا، فهل خالفنا مصالحنا الشخصية من أجل مصلحة الدين؟ وهل خالفنا منافعنا لصالح قضية دينية 3؟

 

  • 1. بحار الأنوار، ج 8، ص 112.
  • 2. فرائد السمطين، ج 2، ص 46.
  • 3. کتاب فاطمة الزهراء عليها السلام قدوة الصديقين، لآية الله السيد محمد تقي المدرسي دامت بركاته.