نشر قبل 7 سنوات
مجموع الأصوات: 130
القراءات: 24646

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

حساب الحيوانات في الآخرة و عقابها

نص الشبهة: 

هل تحاسب الحيوانات في الآخرة ؟ إذا كانت الحيوانات تعاقب ، فلا بد أن تكون عاقلة ، مع أنها ليست كذلك . . ولكن لو كان للموجودات إدراك ، فلا بد أن يكون هناك تكاليف . . و نحن نعلم بأنها ليست مكلفة .

الجواب: 

1 ـ إن بعض الروايات تقول: إنه سوف يقتص في الآخرة للجَّماء من القرناء . . أي أن الحيوان الذي له قرن إذا اعتدى على آخر لا قرون له ، فإنه سوف يقتص له منه في الآخرة . .
وقد يحاول البعض أن يقول: إن هذا الحديث قد جاء على سبيل الكناية عن الإنسان الذي يملك قوى ووسائل قهر للآخرين ، واستفاد منها في هذا الاتجاه ، ضد من هو ضعيف لا يملك قدرات دفع وردع ، فإنه سوف يجازى في الآخرة على فعله هذا . .
ولكننا نقول: إن هذا المعنى لو صح، فإن ذلك لا يسقط دلالة الرواية على عقوبة الحيوانات ، لأن ظاهر الكلام هو أنه جاء على سبيل الترقي ، والانتقال من الفرد الأدنى إلى الأعلى ، أي أنه إذا كان يقتص من الحيوانات لبعضها البعض، فما بالك بالناس العقلاء ، الذين جاءتهم الأنبياء ، بالأوامر والزواجر ، فإنهم إذا اعتدى بعضهم على بعض ستكون عقوبتهم بطريق أولى .
2 ـ وهناك بعض الآيات تشير إلى ذلك أيضاً، كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ 1 . . وذلك لأن هناك نوعان من الوحوش :
أحدهما: ما يكون طعامه لحوم الحيوانات الأخرى ، وتكون حياته قائمة على ذلك بحسب فطرته . فهذا النوع لا يلام على مبادرته للافتراس لأن قوام حياته يكون بذلك، وذلك كالأسد ، وأمثاله . . من الحيوانات والطيور . .
لكن لو اعتدى هذا الحيوان على نظيره الذي لم يجعله الله طعاماً له ، أو اعتدى آكل العشب على الحيوانات الأخرى ، وأراد افتراسها وأكلها ، ولم تجعل من طعامه بحسب فطرته . . فإن الله يعاقبه على ذلك ، ويقتص له منه ، لتجاوزه حدود فطرته . . وهذا التجاوز منه يحتّم جعل الروادع له . .
وواضح: أن الله سبحانه لا يعاقبها في الآخرة إلا إذا كانت تعي الوعيد بالعقوبة ، بحسب ما يناسب حالها ، فيعاقبها الله ثم تعود رميماً ، ولا يكون لها لا جنة ، ولا نار .
وهكذا كان حال الإنسان أيضاً ، فإن الله قد جعل له لحوم بعض الحيوانات طعاماً ، على أن يميتها بطريقة معينة هي التذكية الشرعية ، فإن تجاوز ذلك وأراد التعدي على غيرها ، أو أراد إماتتها بغير الطريق الشرعي ، فإنه سيعاقب على هذا التعدي . . ولكن له جنة وله نار بخلاف سائر الحيوانات .

إذا كانت الحيوانات تعاقب ، فلا بد أن تكون عاقلة ، مع أنها ليست كذلك . .

الجواب

قلت : إنها لا يجب أن يكون لها عقل بمستوى عقول البشر ، بل يجب أن يكون لها درجة من الإدراك ، أو الإحساس بعقوبة آتية تردعها عن التعدي . .
وأما نفي الإدراك عن غير الإنسان بصورة مطلقة ، فلا يصح ، لأن الله سبحانه قد أخبر عن وجود درجات من الإدراك لدى سائر الموجودات ، بدليل أنه سبحانه قد ذكر تسبيح الموجودات لله سبحانه ، فقال : ﴿ ... وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا 2.
فهو قد تحدث عن الموجودات كما يتحدث عن العقلاء ، حيث قال : « تسبيحهم » ولم يقل : «تسبيحها» . كما أن قوله تعالى : « لا تفقهون » دليل على أنها تسبح على نحو الحقيقة ، وليس تنزيهاً بلسان التكوين ، كما يقوله البعض . . لأن التسبيح التكويني ، يدركه الناس ويفقهونه.

ولكن لو كان للموجودات إدراك ، فلا بد أن يكون هناك تكاليف . . ونحن نعلم بأنها ليست مكلفة . .

الجواب

إذا كان المقصود أنها غير مكلفة بما نحن نكلف به ، من صلاة وزكاة وحج وما إلى ذلك ، فقد يكون صحيحاً . .
وإن كان المراد نفي التكليف من أساسه . . فإنه غير سليم ، فقد قال تعالى : ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ 3 فإن إتيانها طائعة إنما جاء بعد تكليفها بالإتيان . .
والحاصل : أن تكليف كل شيء إنما هو بحسبه ، وبما يناسبه . . 4.