حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
سب الشيعة لعائشة والخلفاء الثلاثة
نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم ماذا عما يقال عن سب الشيعة لعائشة والخلفاء الثلاثة ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
إن هناك فرقاً بين السب ، وبين عدم الرضا بالأمر الواقع ، الذي فرض بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وتخطئة الخلفاء فيما أقدموا عليه وكذلك عائشة .
فإن السب يختزن معنى التجريح بالشخص على سبيل الإهانة والانتقاص لشخصه ، وقد نهى علي أمير المؤمنين عن هذا الأسلوب ، فقال حين سمع أصحابه يسبون أهل الشام :
" إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر . .الخ " 1 .
ولكن المشكلة هي أن هناك قضايا هامة وحساسة ، لابد من الحوار العلمي الصريح حولها . وهذه القضايا هي الأعظم خطراً وأكثر أهمية وأبلغ أثراً في جمع شمل الأمة وحل مشكلاتها ، وفي بعث الحياة والنهوض بها ، وفي رسم معالم السعادة لها ، لو أن الأمة اجتمعت عليها ، واتفقت كلمتها حولها وأزالت مواضع الشبهة فيها . .
كما أن أي خلل في فهمها ، وأي اختلاف في طريقة التعاطي معها سوف يكون له أعظم الأثر ، وأكبر الخطر على وحدة الأمة ، وعلى حياتها وعلى مستقبلها .
فلابد من التعرض لبحثها لمعرفة الصواب من الخطأ والحق من الباطل فيها . ولكن المشكلة هي أنه حتى هذا المقدار من التعرض لمثل هذه القضايا ، ومجرد التفكير فيها على خلفية أن ثمة صواباً وخطأ ، يواجه بكثير من العصبية والانفعال ، والتهمة والتشكيك والاتهام .
فالمسلمون الشيعة يشعرون أنهم مضطهدون من الناحية الفكرية ، لأن مجرد التفكير بوضع رموز معينة في دائرة البحث العلمي والموضوعي عن الصواب والخطأ ، يواجه من بعض المتعصبين بالتكفير وبالاتهام بالتشهير . .
فالسب مرفوض في قاموس الشيعة ، ولكن المبدأ الذي يرتكز عليه الفكر الشيعي هو أن كل القضايا يجب أن تبحث على أساس الضوابط الصحيحة وبصراحة وبموضوعية ، وأن هناك من أخطأ وهناك من أصاب ، فلماذا لا يتحمل المخطئ نتائج خطئه ولماذا لا يكافأ المحسن على إحسانه ، فنكون مع من أحسن ، ونرفض خطأ من أخطأ ولكن هناك من يواجههم بالقيود والسدود والحدود والموانع كما قلنا وهذا هو الذي يؤلمهم . .
إن الشيعة يعتقدون أن ثمة حقاً قد أضيع ، في أمر الخلافة ، وأن ثمة خطأ قد ارتكبه الذين حاربوا علياً في الجمل وصفين والنهروان ، فلماذا لا ندل الناس على من أخطأ ، ونحمله نتائج أخطائه ، ونتعامل معه على أساس ما رسمه الشرع ، وأثبتته الأدلة الصحيحة .
والمسلمون الشيعة يعتقدون أن إعلانهم بالتخطئة لمن أخطأ ليس سباً ، ولا يتضمن أية إهانة ، بل هو محض الإنصاف للحق ، والنصرة للدين ، والحفظ والأداء الصحيح للأمانة ، التي هي في عنق كل المسلمين . .
والذي يزيد في دهشة المسلمين الشيعة هو أنهم في نفس الوقت الذي يتَّهمنون فيه بأمر يرون أنفسهم في موقع البراءة منه ، يكون هناك من يدافع عن الحكم الأموي ورموزه ، الذين استمروا في سب علي ألف شهر على منابر الإسلام ، حتى شب على ذلك الصغير وهرم عليه الكبير . هذا عدا عما يصدر عن بعض العلماء فضلاً عن العوام . عبر التاريخ وإلى يومنا هذا مما يدخل في دائرة الانتقاص من علي وأهل البيت عليهم السلام .
غير أن الشيعة يعلمون : أن العوام من الناس من جميع الفئات ومن جميع المذاهب لا يلتزمون كثيراً بأحكام الشرع ، ولا يقفون عند حدود الدين في تعاملهم مع القضايا .
كما أنهم يعلمون : أن ما يصدر عن بعض العلماء في مذهب لا يمكن مؤاخذة جميع المنتسبين لذلك المذهب به ففي كل جماعة شاذ من العلماء ، ومتجرأ من العوام ، خارج عن حدود الاعتدال والتوازن . .
ولكن ليس من حق العلماء أن يسدوا أبواب الحوار العلمي والموضوعي مع إخوانهم ، وليس لهم أن يقيدوهم بقيود ، وأن يحدوا حركتهم بحدود في مجالات الحوار والمناظرة . .
فإن الحدود والقيود والسلوك ، إنما هي في مجالات السلوك بعد حسم الأمور من الناحية العلمية والفكرية .
وهذا هو منطق القرآن حتى مع غير المسلمين، فإنه قد سمح لنبيه أن يحاور الآخرين بدءاً من نقطة الصفر على قاعدة ﴿ ... وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ 2 ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . 3 .