حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
في رحاب العزة
نص الشبهة:
﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ من الثوابت المسلم بها إن من أسمى تطلعات الإنسان حصوله على العزة، وكذلك كان من أسوأ ما يمكن أن يبتلى به المرء تعرضه للهوان. فما هي العزة؟ وكيف يستطيع الإنسان الوصول إلى ما تصبو إليه نفسه من العزة؟
الجواب:
إن العزة حالة ذات بُعدين، بُعد قائم في أعماق النفس والقلب والفكر، وبعد آخر قائم في الخارج، وله واقعه الخاص به.
فالعزة النفسية هي إحساس الإنسان برفعة شخصيته، وأن يكون في نفسه محترماً لنفسه. أما حينما يحس بالهوان والضعة والصغار ولا يكن لنفسه الاحترام، فمثل هذا لن تنفعه العزة الظاهرية، ويكون كما لو كان قذراً بدنه نظيفة ثيابه، وما نفع نظافة الثياب مع قذارة البدن؟
أما كيف يعيش المرء العزة النفسية الحقيقية؟
إنه يعيشها حينما يعرف نفسه، ولن يعرف الإنسان نفسه حتى يعرف ربه؛ أي حينما يعرف أنه مخلوق خلقه الله تبارك وتعالى ليكرمه ويعزه، وأنه لا شيء في هذه الحياة بمقدوره إهانته ما دام متصلاً برب العزة والملكوت؛ ملكوت السماوات والأرض..
أما البعد الآخر للعزة؛ أي العزة الظاهرية، فهي كون الإنسان غير محتاج إلى الآخرين، لاسيما الأشرار والدنيئين منهم. فقد جاء في المأثور عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: (استغن عمن شئت تكن نظيره). كما أنه عليه السلام سمع أحد المؤمنين يدعو ربه بألا يجعله محتاجاُ لأحد من الناس، فنصحه أمير المؤمنين أن يستثني منهم الأخيار المؤمنين..
نعم؛ إن العزة الظاهرية هي ألا يتكبر الإنسان على أحد، وألا يقبل أنه يتكبر عليه أحد. فلا تسمح لنفسك بقبول الهوان من أحد، ولاسيما من المجرمين ـ وهم كثير ـ الذين يحاولون وضعك في قفص الإتهام، أو ملاحقتك بالسب وتوجيه تافه القول.. لا تسمح لأحد أن يذلك أبدا. ولعلك قد سمعت بالحديث الشريف القائل: (إن الله سبحانه وتعالى لم يدع للمؤمن أن يذل نفسه).
اذن؛ فالعزة الباطنية هي معرفة قيمة النفس، أما ظاهر العزة هي أن تحترم نفسك وأن لا تقبل الهوان لها..
ومن هنا؛ قال ربنا سبحانه: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ... ﴾ 1، ثم يعطف بالقول الكريم: ﴿ ... إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ... ﴾ 1فالكلمة الطيبة والعمل الصالح كأنهما جناحان يسمو بهما المؤمن ويحلق إلى ما شاء من العزة الإلهية المطلقة 2.