الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما دليل استحباب البكاء على الحسين ؟! هل بكى الائمة ؟!

نص الشبهة: 

يقول الشيعة : إن البكاء على الحسين مستحب! فهل هذا الإستحباب مبني على دليل أم على هوى ؟! وإذا كان على دليل فأين هو ؟! ولماذا لم يفعل ذلك أحد من أئمة أهل البيت الذين تزعمون أنكم أتباعهم ؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
ذكر العلامة الأميني في كتابه المعروف باسم « سيرتنا وسنتنا » روايات كثيرة ، عن مصادر تعد بالعشرات وكثير منها لعلماء ومحدثين من أهل السنة تذكر أن النبي الأعظم « صلى الله عليه وآله » قد ذكر ما يجري على الإمام الحسين في كربلاء في مناسبات كثيرة ، وكان يبكي في كل مرة لمصابه . . فقد قالوا عن تربة الإمام الحسين « عليه السلام » التي جاء بها جبرئيل إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » :
« ولما شمَّها رسول الله « صلى الله عليه وآله » لم يملك عينيه أن فاضتا .
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب « عليه السلام » : دخلت على النبي « صلى الله عليه وآله » ذات يوم وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان ؟!
قال : بل قام عندي جبرائيل قبل ، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات .
قال : فقال : هل أشمَّك من تربته ؟!
قال : قلت : نعم .
فمد يده ، فقبض قبضة من تراب ، فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا 1 .
وقد بكى النبي « صلى الله عليه وآله » على حمزة ، وقال : أما حمزة فلا بواكي له 2 .
وبعد ذلك بكى على جعفر ، وقال : على مثل جعفر فلتبك البواكي 3 .
وبكى على ولده إبراهيم ، وقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب . وبكى كذلك على عثمان بن مظعون ، وسعد بن معاذ ، وزيد بن حارثة ، وبكى الصحابة ، وبكى جابر على أبيه ، وبشير بن عفراء على أبيه أيضاً ، إلى غير ذلك مما هو كثير في الحديث والتأريخ 4 .
فكل ذلك فضلاً عن أنه يدلُّ على عدم المنع من البكاء ، فإنه يدلُّ على مطلوبية البكاء ، وعلى رغبته « صلى الله عليه وآله » في صدوره منهم .
ولكننا نجد في المقابل : أن عمر بن الخطاب يمنع من البكاء على الميت ويضرب عليه؛ ويفعل ما شاءت له قريحته في سبيل المنع عنه ، رغم نهي النبي « صلى الله عليه وآله » عن ذلك ، أي عن ضرب الباكين . ثم هو ينفرد برواية حديث عن النبي « صلى الله عليه وآله » مفاده : أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه 5 .
علماً بأنه لما بلغ عائشة نسبة هذا الكلام إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » من عمر قالت : « لا والله ما قاله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم قط : إن الميت يعذب ببكاء أحد » 6 .
وفي رواية قالت : « والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يعذب المؤمنين ببكاء أحد » 7 .
وقالت عائشة في مورد آخر لتبرير صدور هذا القول من عمر ، ونسبته إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » : « أما إنه لم يكذب ولكنه نسي وأخطأ » 8 .
وفي رواية قالت : « إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين ، ولكن السمع يخطئ » 9 .
مع أننا نجد عمر نفسه قد أمر بالبكاء على خالد بن الوليد 10 .
وقد بكت عائشة على إبراهيم 11 وبكى أبو هريرة على عثمان ، والحجاج على ولده 12 وبكى صهيب على عمر 13 وهم يحتجون بما يفعله هؤلاء .
وبكى عمر نفسه على النعمان بن مقرن ، وعلى غيره 14 وقد نهاه النبي « صلى الله عليه وآله » عن التعرض للذين يبكون موتاهم 15 .
وأما بكاء الأئمة « عليهم السلام » على الإمام الحسين « عليه السلام » ، فقد روي أيضاً ما يدل عليه ، ومن ذلك : ما رواه ابن قولويه عن أبي العباس القرشي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف ، قال : قال أبو عبد الله « عليه السلام » : يا أبا هارون ، أنشدني في الحسين « عليه السلام » .
قال : فأنشدته ، فبكى ، فقال : أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرقة ـ .
قال : فأنشدته :
امـرر علـى جـدث الحـسين *** فقـل لأعظمـه الـزكيـة
قال : فبكى ، ثم قال : زدني .
قال : فأنشدته القصيدة الأخرى ، قال : فبكى ، وسمعت البكاء من خلف الستر .
قال : فلما فرغت قال لي : يا أبا هارون ، من أنشد في الحسين « عليه السلام » شعراً فبكى وأبكى عشراً كتبت له الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى خمسة كتبت له الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت لهما الجنة ، ومن ذكر الحسين « عليه السلام » عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله ولم يرض له بدون الجنة 16 .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 17 .

لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:

  • 1. مسند أحمد ج 1 ص 85 وج 4 ص242 وهامش إحقاق الحق ج 11 ص112 ز 347 عنه ، وعن تاريخ الإسلام للذهبي ج 3 ص 9 وسير أعلام النبلاء ج 3 ص193 وكنز العمال ج 13 ص 122 ومنتخبه (بهامش المسند) ج 5 ص 112 والمعجم الكبير للطبراني ص 144 وج 3 ص 108 ومقتل الخوارزمي ج 1 ص 170 و 162 وذخائر العقبى ص 147 و 148 والصواعق المحرقة ص 119 وتهـذيـب التهـذيب ج 2 ص 346 والتذكرة لابن الجوزي ص 260 ووسيلة المآل ص 182 ومفتاح النجا ص 134 وينابيع المودة ص 319 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص 485 . وطرح التثريب ج 1 ص 41 ومجمع الزوائد ج 9 ص 189 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 71 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 279 ومختصر تاريخ دمشق ج 7 ص 134 .
  • 2. السيرة الحلبية ج 2 ص 254 وتاريخ الخميس ج 1 ص444 عن المنتقى ، وليراجع الكامل في التاريخ ج 2 ص 167 وتاريخ الأمم والملوك ج 2 ص210 ، وليراجع : العقد الفريد ، والبداية والنهاية ج 4 ص 48 ومسند أحمد ج 2 ص 40 و 84 و 92 والإستيعاب ترجمة حمزة . ومسند أبي يعلى ج 6 ص 272 و 293 و 294 ، وفي هامشه عن المصادر التالية : مجمع الزوائد ج 6 ص 120 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 قسم 1 ص 10 وعن سنن ابن ماجة ج 3 ص 95 في السيرة ، وفي الجنائز الحديث رقم 1591 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 195 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 95 و 99 .
  • 3. قاموس الرجال ج 2 ص 603 وشرح أصول الكافي للمازندراني ج 7 ص 190 وعن ذخائر العقبى ص 218 وبحار الأنوار ج 22 ص 276 وج 23 ص 556 والنص والإجتهاد ص 296 وعن أسد الغابة ج 1 ص 289 وأنساب الأشراف ص 43 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 65 و 66 والمصنف للصنعاني ج 3 ص 550 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 15 ص 71 والجامع الصغير ج 2 ص 159 وكنز العمال ج 11 ص 660 وعن فيض القدير ج 4 ص427 والطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 ص 282 وتهذيب الكمال ج 5 ص 61 وينابيع المودة ج 2 ص 96 .
  • 4. راجع : النص والإجتهاد ص 230 ـ 234 والغدير ج 6 ص 159 ـ 167 ودلائل الصدق ج 3 قسم 1 ص 134 و 136 عن عشرات المصادر الموثوقة ، والإستيعاب (بهامش الاصابة) ترجمة جعفر ج 1 ص 211 ومنحة المعبود ج 1 ص 159 وكشف الأستار ج 1 ص 381 و 383 و 382 والإصابة ج 2 ص 464 والمجروحون ج 2 ص92 والسيرة الحلبية ج 2 ص 89 وراجع ص 251 ووفاء الوفاء ج 3 ص 894 و 895 وراجع ص 932 و 933 وحياة الصحابة ج 1 ص 571 والطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 396 وج 2 ص 313 .
  • 5. راجع المصادر المتقدمة ، والغدير وغيره عن عشرات المصادر الموثوقة ، وكذا منحة المعبود ج 1 ص 158 وذكر أخبار أصبهان ج 1 ص 61 عن أبي موسى ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 209 و 346 و 362 . وراجع : تأويل مختلف الحديث ص 245 .
  • 6. صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج 3 ص 43 و (ط أخرى) ج 3 ص232 و 233 ومسند أحمد ج 1 ص 41 و 42 والمستدرك للحاكم ج 1 ص 381 وعمدة القاري ج 8 ص 77 و 78 ومسند ابن راهويه ج 3 ص 663 والجامع لأحكام القرآن ج 17 ص 116 وعلل الدارقطني ج 2 ص 80 .
  • 7. صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج 3 ص 43 و (ط أخرى) ج 3 ص 233 ومسند أبي داود ص 210 والمصنف للصنعاني ج 3 ص 555 وتلخيص الحبير ج 5 ص 272 وراجع : كشف الخفاء ج 1 ص 258 .
  • 8. صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج 3 ص 45 و (ط أخرى) ج 3 ص 234 و مسند أحمد ج 6 ص 107 وسنن الترمذي ج 2 ص 236 وسنن النسائي ج 4 ص 17 والسنن الكبرى للبيهقي ج 4 ص 72 وفتح الباري ج 3 ص 122 وج 3 ص 128 وعمدة القاري ج 8 ص 78 و 82 وصحيح ابن حبان ج 7 ص 394 ومعرفة علوم الحديث ص 88 وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص73 ومعرفة السنن والآثار ج 3 ص 200 والإستذكار ج 3 ص 70 والتمهيد لابن عبد البر ج 17 ص 273 وكشف الخفاء ج 1 ص 258 .
  • 9. صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج 3 ص 43 و (ط أخرى) ج 3 ص 233 وتلخيص الحبير ج 5 ص 272 ومسند أحمد ج 1 ص 42 وسنن النسائي ج 4 ص 19 والسنن الكبرى للبيهقي ج 4 ص 73 وعمدة القاري ج 8 ص 78 ومسند ابن راهويه ج 3 ص 663 والسنن الكبرى لنسائي ج 1 ص 610 والتمهيد لابن عبد البر ج 17 ص 275 وكشف الخفاء ج 1 ص 258 وعلل الدارقطني ج 2 ص 79 وتاريخ مدينة دمشق ج 31 ص 110 .
  • 10. التراتيب الإدارية ج 2 ص 375 ، والاصابة ج 1 ص 415 ، وصفة الصفوة ج 1 ص 655 ، وأسد الغابة ج 2 ص 96 ، وحياة الصحابة ج 1 ص 465 عن الاصابة ، والمصنف ج 3 ص 559 ، وفي هامشه عن البخاري وابن سعد وابن أبي شيبة ، وتاريخ الخميس ج 2 ص 247 ، وفتح الباري ج 7 ص 79 ، والفائق ج 4 ص 19 ، وربيع الأبرار ج 3 ص 330 ، وراجع : تاريخ الخلفاء ص 88 ، وراجع : لسان العرب ج 8 ص 363 .
  • 11. منحة المعبود ج 1 ص 159 .
  • 12. راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج 3 ص 81 وفي الثاني ربيع الأبرار ج 2 ص 586 .
  • 13. الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 362 ومنحة المعبود ج 1 ص 159 .
  • 14. الغدير ج 1 ص 164 و 54 و 155 عن الإستيعاب ، ترجمة النعمان بن مقرن والرياض النضرة المجلد الثاني ج 2 ص 328 و 329 حول بكاء عمر على ابن ذلك الأعرابي حتى بل لحيته .
  • 15. راجع الغدير عن المصادر التالية : مسند أحمد ج 1 ص 237 و 235 وج 2 ص 333 و 408 ، ومستدرك الحاكم ج 3 ص 190 و 381 ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، ومجمع الزوائد ج 3 ص 17 ، والإستيعاب ترجمة عثمان بن مظعون ، ومسند الطيالسي ص 351 .
    وراجع : سنن البيهقي ج 4 ص 70 ، وعمدة القاري ج 4 ص 87 عن النسائي ، وابن ماجة ، وسنن ابن ماجة ج 1 ص 481 ، وكنز العمال ج 1 ص 117 ، وأنساب الاشراف ج 1 ص 157 ، وطبقات ابن سعد ج 3 ص 399 و 429 ، ومنحة المعبود ج 1 ص 159 .
  • 16. كامل الزيارات ص 208 .
  • 17. ميزان الحق . . (شبهات . . وردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م . ، الجزء الثاني ، السؤال رقم (53) .